محاولة لاستشراف وتوقع نتائج الانتخابات الوشيكة
علاء اللامي*
هذه الانتخابات ليست إلا محاولة للتنفيس عن أزمة منظومة حكم طائفية عرقية محمية بتوافق دول أجنبية مهيمنة، منظومة حكم مناقضة لطبيعة المجتمع العراقي التعددي المتنوع والذي هو أحوج ما يكون إلى نظام حكم مواطني اندماجي على أرضية الهوية العراقية الرئيسية؛ والهدف الثاني لهذه الانتخابات المبكرة منذ طرحت فكرتها من خارج انتفاضة تشرين هو تفريغ الانتفاضة من محتواها الوطني الاستقلالي الذي لخصه أول وأهم شعاراتها “نريد وطنا”، وتحويلها إلى مجرد ذكرى لمجزرة!
*هي إذن ليست حلا لأزمة الحكم والدولة والمجتمع بل لإدارة هذه الأزمة / الأزمات بما يضمن بقاء العراق ضعيفا تابعا مفككا منهوبا من قبل لصوص الطوائف والعرقيات والعشائر بحماية وتوافق أميركي إيراني.
*الهدف الرئيس، إذن، هو إعادة انتاج المنظومة الحاكمة بعد أن تهرأت واجهتها وحوصرت مؤسساتها ورموزها بشعارات وتضحيات انتفاضة تشرين، وتثبيت صيغة الحكم القائمة على “المشاركة والتوافق والتوازن” بين زاعمي تمثيل المكونات الذين يجب أن يشاركوا في الحكم وتقاسم الغنائم جميعا فلا وجود للأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة.
*أما الأهداف الفرعية من هذه الانتخابات فكثيرة ومنها محاولة كل طرف طائفي تكبير حصته من كعكة الحكم على حساب حصص الأطراف الأخرى، دون السيطرة الفعلية على حكم العراق كله، لأن السيطرة الكاملة والفعلية لحزب أو تكتل واحد هدف مستحيل الحدوث؛ والسبب هو خطة “المتاهة” التي أقامت واشطن منظومة الحكم على أساسها والتي لا يمكن أن تخرج الفئران منها إلا بكسرها، ومعروف أن الفئران ليس من عادتها كسر المتاهات والمصائد.
*وقد نتج عن هذه الخطة / المتاهة تكريس وجود دولة مستقلة لا ينقصها سوى عضوية الأمم المتحدة وخارج سيادة الدولة فعليا وواقعا في شمال شرقي العراق “إقليم كردستان”، ومنطقة متمردة أخرى في الغرب والشمال الغربي وصولا إلى الحدود الإيرانية شرقا، حدث فيها تمردان مسلحان دمويان خطيران “القاعدة وداعش” تحت شعارات وقيادات تكفيرية وبعثية سابقة، ولكنها من حيث الجوهر ذات نزوع طائفي لا ينكر، هو في جزء كبير منه رد فعل ونتاج لتفرد زاعمي تمثيل الطائفة الأكبر بقيادة الحكم والسلطة التنفيذية ورفض للفتات الذي تقدمه. وأخيرا فقد نتج عن حكم هذه “المنظومة/ المتاهة” دويلة فاسدة ثالثة في الجنوب والوسط تزعم حكم العراق كله ولكنها تنازلت عن سيادة الدولة في الإقليم لحكم عائلتين عشائريتين مستبدتين، فيما تتفرد هي باسم الأغلبية السكانية الطائفية بسرقة ونهب ثروات البلاد ممثلة بالريع النفطي فيما جماهير الطائفة نفسها تعيش في مدن القرون الوسطى البائسة!
*الهدف الأميركي من الانتخابات العراقية بشكلها الحالي لا يختلف عن الهدف الإيراني، هو إنتاج نسخة حكم مُعدلة قليلا، ولا بأس – أميركيا – بأن تكون بواجهة صدرية مدعومة من قائمتي العبادي والحكيم، وتكون لهم رئاسة الحكومة وقد تعطى ولاية ثانية لكاظمي نفسه رغم ضعف هذا الاحتمال لانعدام كفاءة هذا الأخير وهشاشة شخصيته ومشبوهية ماضيه. أما الهدف الإيراني هو تقليل خسائر أصدقائه في أحزاب ومليشيات الفساد إلى الحد الأدنى بعد جرائم الفساد والقمع الدموي التي ارتكبتها ومحاولة اقتناص رئاسة الحكومة أو محاولة تقاسمها مع الطرف الآخر.
*الدوائر الانتخابية المتعددة وإجراءات الحيطة لمنع التزوير الداخلي قد تسمح بالحد من هذا التزوير الحزبي، ولكن التزوير والتحكم الخارجي بسيرفرات أجهزة فرز وعدِّ الأصوات وتقديم النتائج النهائية ونسب المشاركة فسيبقى الخطر الأكبر والأكيد.
*قرار مفوضية الانتخابات باحتساب نسبة المشاركة من أعداد الذين تسلموا بطاقات التصويت البايومترية وليس ممن لهم حق التصويت هو بداية علنية لا دستورية لتزوير نسبة المشاركة ويعني حذف بين ملونين إلى ثلاثة ملايين صوت انتخابي لمواطنين لم يستلموا بطاقاتهم أو حذفوا من المشاركة لأنهم في خارج العراق. وهذا يعني أن على المراقبين أن يحذفوا من عشرة بالمئة إلى 15 بالمئة من النسب الرسمية التي ستعلن والتي ستكون مبالغا بها كالعادة.
*يمكن من حيث المبدأ، في حال تم فعلا الحد من التزوير والتهكير الداخلي، توقع واستشراف انهيار انتخابي كبير لحزب آل الطالباني وتقدم معارضيه في السليمانية، وربما سيخسر حزب البارزاني جزءا من مقاعده الحالية في أربيل ودهوك، ويبدو أن سنجار والكتلة الناخبة اليزيدية قد خرجت تماما من عباءة البارزاني ولهذا يشن عليها إعلامه هجوما مركزا هذه الأيام، وقد يحافظ بصعوبة على المتحقق منها اليوم.
*النتائج التي ربما ستحصل عليها الأحزاب “الشيعية” وخصوصا الفتح ودولة القانون ستكون أقل مما توقعته كثيرا، وربما أقل من نتائجها في انتخابات 2018. وربما لن يحافظ العبادي والحكيم على ما لديهما من مقاعد مع احتمال أن يتقدم العبادي قليلا على الحكيم. أما التيار الصدري فنتائجه محكومة بأداء ماكنته الحزبية القوية وبنسبة المشاركة الحقيقية فإذا كانت المشاركة واسعة من جمهور الحاضنة الشيعية بعد دعوة السيستاني الى المشاركة الواسعة فسيفشل التيار الصدري في الحصول على ما كان يتمناه من عدد كبير من المقاعد يقترب من المئة كما قال بعضهم، وربما كان هذا هو سبب امتعاض الصدريين من بيان السيستاني، أما إذا كانت نسبة المشاركة الفعلية واطئة فحظوظ التيار ستكون أكبر بفعل انضباط وفاعلية مكانته الحزبية والمليشياوية.
*وضع الأحزاب والقوائم الانتخابية في مناطق العرب السنة غامض ومتداخل، ولكن المرجح أن يصعد حلفاء تركيا في نينوى -الموصل خاصة- وبعض جهات الأنبار، ويسيطر حلفاء دول الخليج على غالبية مقاعد الأنبار وصلاح الدين. ويبقى الانشقاق داخل كتل هذه المنطقة ليس بالتأثير المهم ويمكن إدارته بحركات وإجراءات وصفقات تصالحية كالعادة بين أطرافه.
*محتمل جدا أيضا أن تتمخض الانتخابات عن ولادة كتلتين شيعيتين متقاربتين في عدد المقاعد تحاول كل منهما أن تقصي الثانية وتنفرد بالحكم، وكل واحدة منهما تطمح إلى كسب بيضة القبان الكردستانية والعرب سنية. هذا السيناريو حدث بعد انتخابات 2018. وهذا يعني أن كل كتلة شيعية ستكون أكثر كرما في الوعود والهدايا من غنائم الحكم وفي مقدمتها كركوك وحقول نفطها من الكتلة المقابلة، بمعنى أن تحكم “بيضة القبان” بثروات البلد وقراراته السيادية المهمة سيستمر، ومحتمل أيضا أن تبالغ كتل “بيضة القبان” بمطالبها وعندها تتوحد الكتلتان الشيعيتان تحت ضغط خطر فقدان هيمنة ساسة الطائفة الأكبر للحكم! لا شيء مستبعدا، ولا شيء جديد تماما، تحت سماء الطوائف والهويات الفرعية!
*يبقى مصير ونتائج القوى والمجموعات المستقلة المناهضة لنظام المحاصصة الطائفية كتجمع “الفاو زاخو” بقيادة الوزير السابق عامر بعد الجبار محدودا جدا وقد تحقق نتائج متواضعة إذا كانت نسبة المشاركة الفعلية واطئة.
*وأخيرا فمن المرجَح أن نظام الدوائر المتعددة – الذي سيزيد من الشروخ والتمزقات المجتمعية – سيساعد على وصول شيوخ عشائر ومقاولين ووجهاء كثيرين الى البرلمان على أساس فردي أو مدعوم من قبل الأحزاب الكبيرة. وسيكون هذا الأمر سببا ودافعا لحالة اضطراب سياسي واجتماعي شديد في الفترة القادمة. فلنستعد لفترة الاضطراب الكبير التي قد تؤدي الى نشوب اقتتال بين أحزاب ومليشيات المنظومة الحاكمة أو إلى انتفاضة شعبية جديدة تضع حدا لهذا العبث الكارثي.. و #لاحل_إلابحلها.
*هي إذن ليست حلا لأزمة الحكم والدولة والمجتمع بل لإدارة هذه الأزمة / الأزمات بما يضمن بقاء العراق ضعيفا تابعا مفككا منهوبا من قبل لصوص الطوائف والعرقيات والعشائر بحماية وتوافق أميركي إيراني.
*الهدف الرئيس، إذن، هو إعادة انتاج المنظومة الحاكمة بعد أن تهرأت واجهتها وحوصرت مؤسساتها ورموزها بشعارات وتضحيات انتفاضة تشرين، وتثبيت صيغة الحكم القائمة على “المشاركة والتوافق والتوازن” بين زاعمي تمثيل المكونات الذين يجب أن يشاركوا في الحكم وتقاسم الغنائم جميعا فلا وجود للأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة.
*أما الأهداف الفرعية من هذه الانتخابات فكثيرة ومنها محاولة كل طرف طائفي تكبير حصته من كعكة الحكم على حساب حصص الأطراف الأخرى، دون السيطرة الفعلية على حكم العراق كله، لأن السيطرة الكاملة والفعلية لحزب أو تكتل واحد هدف مستحيل الحدوث؛ والسبب هو خطة “المتاهة” التي أقامت واشطن منظومة الحكم على أساسها والتي لا يمكن أن تخرج الفئران منها إلا بكسرها، ومعروف أن الفئران ليس من عادتها كسر المتاهات والمصائد.
*وقد نتج عن هذه الخطة / المتاهة تكريس وجود دولة مستقلة لا ينقصها سوى عضوية الأمم المتحدة وخارج سيادة الدولة فعليا وواقعا في شمال شرقي العراق “إقليم كردستان”، ومنطقة متمردة أخرى في الغرب والشمال الغربي وصولا إلى الحدود الإيرانية شرقا، حدث فيها تمردان مسلحان دمويان خطيران “القاعدة وداعش” تحت شعارات وقيادات تكفيرية وبعثية سابقة، ولكنها من حيث الجوهر ذات نزوع طائفي لا ينكر، هو في جزء كبير منه رد فعل ونتاج لتفرد زاعمي تمثيل الطائفة الأكبر بقيادة الحكم والسلطة التنفيذية ورفض للفتات الذي تقدمه. وأخيرا فقد نتج عن حكم هذه “المنظومة/ المتاهة” دويلة فاسدة ثالثة في الجنوب والوسط تزعم حكم العراق كله ولكنها تنازلت عن سيادة الدولة في الإقليم لحكم عائلتين عشائريتين مستبدتين، فيما تتفرد هي باسم الأغلبية السكانية الطائفية بسرقة ونهب ثروات البلاد ممثلة بالريع النفطي فيما جماهير الطائفة نفسها تعيش في مدن القرون الوسطى البائسة!
*الهدف الأميركي من الانتخابات العراقية بشكلها الحالي لا يختلف عن الهدف الإيراني، هو إنتاج نسخة حكم مُعدلة قليلا، ولا بأس – أميركيا – بأن تكون بواجهة صدرية مدعومة من قائمتي العبادي والحكيم، وتكون لهم رئاسة الحكومة وقد تعطى ولاية ثانية لكاظمي نفسه رغم ضعف هذا الاحتمال لانعدام كفاءة هذا الأخير وهشاشة شخصيته ومشبوهية ماضيه. أما الهدف الإيراني هو تقليل خسائر أصدقائه في أحزاب ومليشيات الفساد إلى الحد الأدنى بعد جرائم الفساد والقمع الدموي التي ارتكبتها ومحاولة اقتناص رئاسة الحكومة أو محاولة تقاسمها مع الطرف الآخر.
*الدوائر الانتخابية المتعددة وإجراءات الحيطة لمنع التزوير الداخلي قد تسمح بالحد من هذا التزوير الحزبي، ولكن التزوير والتحكم الخارجي بسيرفرات أجهزة فرز وعدِّ الأصوات وتقديم النتائج النهائية ونسب المشاركة فسيبقى الخطر الأكبر والأكيد.
*قرار مفوضية الانتخابات باحتساب نسبة المشاركة من أعداد الذين تسلموا بطاقات التصويت البايومترية وليس ممن لهم حق التصويت هو بداية علنية لا دستورية لتزوير نسبة المشاركة ويعني حذف بين ملونين إلى ثلاثة ملايين صوت انتخابي لمواطنين لم يستلموا بطاقاتهم أو حذفوا من المشاركة لأنهم في خارج العراق. وهذا يعني أن على المراقبين أن يحذفوا من عشرة بالمئة إلى 15 بالمئة من النسب الرسمية التي ستعلن والتي ستكون مبالغا بها كالعادة.
*يمكن من حيث المبدأ، في حال تم فعلا الحد من التزوير والتهكير الداخلي، توقع واستشراف انهيار انتخابي كبير لحزب آل الطالباني وتقدم معارضيه في السليمانية، وربما سيخسر حزب البارزاني جزءا من مقاعده الحالية في أربيل ودهوك، ويبدو أن سنجار والكتلة الناخبة اليزيدية قد خرجت تماما من عباءة البارزاني ولهذا يشن عليها إعلامه هجوما مركزا هذه الأيام، وقد يحافظ بصعوبة على المتحقق منها اليوم.
*النتائج التي ربما ستحصل عليها الأحزاب “الشيعية” وخصوصا الفتح ودولة القانون ستكون أقل مما توقعته كثيرا، وربما أقل من نتائجها في انتخابات 2018. وربما لن يحافظ العبادي والحكيم على ما لديهما من مقاعد مع احتمال أن يتقدم العبادي قليلا على الحكيم. أما التيار الصدري فنتائجه محكومة بأداء ماكنته الحزبية القوية وبنسبة المشاركة الحقيقية فإذا كانت المشاركة واسعة من جمهور الحاضنة الشيعية بعد دعوة السيستاني الى المشاركة الواسعة فسيفشل التيار الصدري في الحصول على ما كان يتمناه من عدد كبير من المقاعد يقترب من المئة كما قال بعضهم، وربما كان هذا هو سبب امتعاض الصدريين من بيان السيستاني، أما إذا كانت نسبة المشاركة الفعلية واطئة فحظوظ التيار ستكون أكبر بفعل انضباط وفاعلية مكانته الحزبية والمليشياوية.
*وضع الأحزاب والقوائم الانتخابية في مناطق العرب السنة غامض ومتداخل، ولكن المرجح أن يصعد حلفاء تركيا في نينوى -الموصل خاصة- وبعض جهات الأنبار، ويسيطر حلفاء دول الخليج على غالبية مقاعد الأنبار وصلاح الدين. ويبقى الانشقاق داخل كتل هذه المنطقة ليس بالتأثير المهم ويمكن إدارته بحركات وإجراءات وصفقات تصالحية كالعادة بين أطرافه.
*محتمل جدا أيضا أن تتمخض الانتخابات عن ولادة كتلتين شيعيتين متقاربتين في عدد المقاعد تحاول كل منهما أن تقصي الثانية وتنفرد بالحكم، وكل واحدة منهما تطمح إلى كسب بيضة القبان الكردستانية والعرب سنية. هذا السيناريو حدث بعد انتخابات 2018. وهذا يعني أن كل كتلة شيعية ستكون أكثر كرما في الوعود والهدايا من غنائم الحكم وفي مقدمتها كركوك وحقول نفطها من الكتلة المقابلة، بمعنى أن تحكم “بيضة القبان” بثروات البلد وقراراته السيادية المهمة سيستمر، ومحتمل أيضا أن تبالغ كتل “بيضة القبان” بمطالبها وعندها تتوحد الكتلتان الشيعيتان تحت ضغط خطر فقدان هيمنة ساسة الطائفة الأكبر للحكم! لا شيء مستبعدا، ولا شيء جديد تماما، تحت سماء الطوائف والهويات الفرعية!
*يبقى مصير ونتائج القوى والمجموعات المستقلة المناهضة لنظام المحاصصة الطائفية كتجمع “الفاو زاخو” بقيادة الوزير السابق عامر بعد الجبار محدودا جدا وقد تحقق نتائج متواضعة إذا كانت نسبة المشاركة الفعلية واطئة.
*وأخيرا فمن المرجَح أن نظام الدوائر المتعددة – الذي سيزيد من الشروخ والتمزقات المجتمعية – سيساعد على وصول شيوخ عشائر ومقاولين ووجهاء كثيرين الى البرلمان على أساس فردي أو مدعوم من قبل الأحزاب الكبيرة. وسيكون هذا الأمر سببا ودافعا لحالة اضطراب سياسي واجتماعي شديد في الفترة القادمة. فلنستعد لفترة الاضطراب الكبير التي قد تؤدي الى نشوب اقتتال بين أحزاب ومليشيات المنظومة الحاكمة أو إلى انتفاضة شعبية جديدة تضع حدا لهذا العبث الكارثي.. و #لاحل_إلابحلها.