أتسوّل خبراً مفرحاً!
لم أطالع من زمان خبراً محزناً كهذا الخبر الموثوق في مصدره. ويتحدث الخبر عن اضطرار بعض اللبنانيين واللاجئين السوريين لبيع أعضائهم البشرية نظراً للوضع الاقتصادي المالي في لبنان؛ أي باختصار: الفقر!
وثمن الكلية حوالي عشرة آلاف دولار.. وهكذا حين يعجزُ المرء عن إطعام أطفاله يطعمهم جسده بالمعنى الرمزي.. كنت أسمع عن أشخاص يرحلون إلى أقطار آسيوية فقيرة لشراء كلية تزرع لهم، لكنني لم أتخيل أن الفقر في لبنان صار يضطر البعض إلى بيع بعض أعضائه كالكلية.. وأظن أن صاحب الكلية يجب أن يحتفظ بها وأن يدفع ثمنها له الذين قاموا بإفقار بعض اللبنانيين واللاجئين السوريين.. ألهذا المدى انحدرنا مالياً في لبنان؟
ستعيش 130 سنة!
يؤكد بعض العلماء أنه من الممكن أن يتخطى عمر الإنسان 130 سنة، ولكنهم لا يقولون في أي حال سيكون الإنسان يومئذ. وما قيمة الحياة إذا كنت مضطراً للنوم في سريرك بدلاً من النهوض صباحاً وممارسة الحياة بالمعنى الحقيقي لها، أي المشي ومغادرة السرير والذهاب إلى العمل والكفاح من أجل متابعة الحياة الطبيعية التي نعيشها ونحن نعرف أننا سنموت قبل قرن من ولادتنا.. وما قيمة الحياة إذا كان المرء شبه مشلول في سريره، ولكن قلبه ما زال ينبض؟ أهذه هي الحياة التي يبشروننا بطولها دونما عمق؟ وهل الإنسان دمية لإثبات بعض النظريات الطبية؟ وما قيمة أن نعيش إذا لم نحيَ حقاً؟
حق الموت لا الحياة 130 سنة!
في المقابل، ثمة من يطالب بحق الموت حين يصير الجسد غير صالح لأداء وظائفه.. وهكذا تنطلق في فرنسا حملة لا للحياة 130 سنة، بل للموت الرحيم حين يصير المرء غير قادر على أن يحيا.. ويعيش فقط لإثبات نظريات العلماء.. وها هي النجمة الفرنسية لين رينو التي تجاوزت سن التسعين، تريد أن تموت في فرنسا بلدها بدلاً من السفر إلى بلجيكا أو سويسرا للموت، لأن حق الموت هناك متاح للمسنين الذين يعانون من أمراض أليمة وسيموتون على أي حال بعد فترة من الأوجاع الأليمة.. في فرنسا من غير المسموح بعد، مساعدة المريض بمرض لا شفاء منه، بالموت بلا ألم حين يختار هو ذلك.. وهكذا فالبعض يريد الحياة 130 سنة والبعض الآخر يريد الحصول على حق الموت في فرنسا دون أن يضطر للسفر إلى بلجيكا أو أي بلد يباح فيه ذلك.
أبحث عن خبر مفرح!
لا أحب أن أسكب فوق رأس القارئ الأخبار المحزنة كسطل من قطع الثلج.. ولكنني تعثرت بخبر آخر محزن عن طفل فلسطيني يمثل أمام المحقق الإسرائيلي لتنفيذ مذكرة استدعاء! طفل في الرابعة من العمر يحمل، كأي طفل في يده، زجاجة عصير وكيس بطاطا الشيبس. وجريمته أن ألقى حجراً صوب إحدى الدوريات الإسرائيلية في القدس المحتلة!! أما التهمة الموجهة للطفل فهي إلقاء حجر على دورية إسرائيلية. الصحافة العالمية؟ من الطبيعي أن تسخر من إسرائيل حتى المنحاز إليها.. وهكذا تمت لملمة الفضيحة الإسرائيلية أمام وسائل الإعلام التي لم تعثر من قبل على خبر استدعاء ابن 4 سنوات إلى مركز الشرطة للتحقيق معه!!
وهكذا فشلت أنا أيضاً في إيجاد خبر واحد مفرح للقارئ..
تلك الأسماء، متى نعربها؟
في طريق عودتي إلى بيتي في باريس، أمر في طريقي تحت «جسر ألما» حيث اصطدمت سيارة الأميرة ديانا منذ أكثر من عقدين وقتلت برفقة صديقها دودي الفايد، ابن المليونير محمد الفايد، الذي لم يحصل حتى الآن على الجنسية البريطانية.. رغم نشاطه الاقتصادي الاستثنائي.
دودي الفايد؟ لماذا واسمه الكامل هو عماد الدين محمد الفايد؟ هل تسميته في الصحافة العالمية تدعو إلى مزيد من التعاطف مع حب الأميرة ديانا له لو لم يقتلا في حادث الاصطدام إياه مع العمود رقم 13 في نفق جسر ألما الباريسي؟
أما المغنية الشهيرة التي يدعونها شاكيرا، فأود قراءة اسمها بالعربية: شكيرة. أما ريهانا فاسمها بالعربية ريحانة. ونقرأ في الصحافة العربية أيضاً اسم جومانا، بدلاً من جمانة. وأتساءل لماذا؟ ولماذا دودي بدلاً من عماد الدين محمد الفايد، حتى أن القارئ العربي صار يجهل أن العشيق الأخيرة للأميرة ديانا عربي الاسم المسلم؟ وهي والدة ملك بريطانيا الآتي وليم.. هل يخافون من أن يكون اسم زوج أم ملك بريطانيا الآتي مسلماً، هو عماد الدين؟
نبش رفاتهم للتأكد من أبوّتهم!
في موناكو أقيم معرض إحياء لذكرى وفاة الفنان السيريالي سلفادوردالي (وأنا أحب معظم أعماله)، وكان قد توفي عام 1989.
ثم أمر القضاء الإسباني مؤخراً بنبش رفاته للتأكد من احتمال أن يكون الأب البيولوجي لامرأة إسبانية. فقد قدمت طلباً للاعتراف بها طالبة ذلك بعد نبش رفاته والحصول على عينات من رفاته.
سلفادور دالي ليس الوحيد الذي وجد أبناء أو ابنة تدّعي أنه الوالد. ففي موناكو نفسها اعترف أميرها ألبير الحالي بأنه الأب الشرعي لشاب وفتاة من امرأتين مختلفتين، ويقال إن زوجته الأميرة بطلة السباحة هجرته وعادت إلى وطنها في جنوب إفريقيا بسبب اكتشاف أولاد له غير ولديها الصغيرين. وأظن أنه بدلاً من نبش رفات الأموات للتأكد من أبوتهم لهذا أو ذلك، كما يحدث لسلفادور دالي (وبالتالي ميراث الأولاد المالي)، ربما كان من الأفضل الاحتفاظ في الوزارات الصحية بنماذج من DNA التي تثبت أو تنفي أبوتهم لذلك أو ذاك. والطمع في الميراث هو غالباً سبب إعلان البعض أنهم الأبناء لهذا الشهير أو ذلك الأمير أو ذاك.. ومعذرة من القراء لأنني لم أجد خبراً واحداً مفرحاً يشرح القلب اليوم، ونبش رفات هذا أو ذاك ليس من بينهما!
يعيش الموت!
يظل الخبر المحزن حقاً الخبر الآتي من لبنان، فهو يفترس قلبي؛ فمن المروع حقاً أن يبيع الناس في «سويسرا الشرق» بعض أعضائهم بسبب الفقر.. هل يمكن أن نغفر يوماً للمسؤولين عن حالهم وحال لبنان؟ في شوارع بيروت لوحات وبعض الصور لهذا أو ذاك، وعلى جدران بعض شوارعها نقرأ بعض العبارات عن «يعيش فلان» ومعظمهم مسؤول عن خراب لبنان واغتيال كل من يرفع صوته محتجاً على ما يدور.
ومن الجميل إصدار كتاب فيه صور الشعارات التي تمت كتابتها على جدران بيوت بيروت في مختلف أحيائها. ومن طرفي، سأكتب بحرية على الجدران «يعيش الموت»!
فهو وحده السيد الحقيقي في لبنان