نادين نجيم ضحية حرف القاف… أزمة الموز في تركيا ولاجئون قيد الترحيل… وصخر «الهيبة»: ندمان يا سيدي.
بيدر ميديا.."
نادين نجيم ضحية حرف القاف… أزمة الموز في تركيا ولاجئون قيد الترحيل… وصخر «الهيبة»: ندمان يا سيدي
لم يكن اللجوء ليكون مذلاً لولا المهانة التي يتعرّض لها اللاجئ في البلد الجديد، إذا غضضنا الطرف أساساً عن المسيرة الطويلة المذلة والمروّعة في الطريق. في السنوات العشر الفائتة تحمّل السوريون صنوفاً لا حصر لها من السخرية والإيذاء، أولاً من أبناء بلدهم، شركائهم في ذلك البلد المنكوب، وصولاً إلى «أزمة الموز» في تركيا، حيث يصوّر تقرير متلفز حواراً بين سوريين وأتراك في الشارع، فحواه الغضب من اللاجئين السوريين، واتهامهم بالرفاهية على حساب المواطنين الأتراك. إنهم يأكلون الموز، فيما لا تتزحزح نساؤهم من صالونات التجميل!
يصوّر تقرير متلفز حواراً بين سوريين وأتراك في الشارع، فحواه الغضب من اللاجئين السوريين، واتهامهم بالرفاهية على حساب المواطنين الأتراك: إنهم يأكلون الموز، فيما لا تتزحزح نساؤهم من صالونات التجميل!
أحسد تلك البنت، التي واجهت وحدها جيش الغاضبين في الشارع، أولئك الذين رموها بعبارات مثل: «سنخرجهم من بلادنا» و»يجب أن يعودوا إلى بلادهم» وحمّلوا اللاجئين السوريين والأفغان كل أزماتهم، من ارتفاع أسعار إيجارات البيوت، إلى عدم قدرتهم على شراء سلع من بينها الموز.
شعرتُ بالقهر بالنيابة عن تلك البنت، كدتُ أردد مع شاعر:
«يجي يوم ونردّ لأهلنا/
يجي يوم ونلمّ حزن الأيام وثياب الصبر/
ونرد لأهلنا..».
كدتُ، لكن لم أقل، أعرف جيداً أن لا سبيل بعد إلى تلك البلاد. وأعرف أكثر أن لا سبيل للشفاء من عنصرية أصيلة لا تتزحزح عند معظم البشر.
توقيف وترحيل!
العنصرية ليست فعلاً مستغرباً من البشر، لكل الناس حججهم في النظر إلى أنفسهم كمتفوقين جينياً على آخرين، ولن تكون أزمة الموز في تركيا آخر مظاهرها، كذلك ستستمر الحملات الانتقادية التي تذكرّ بحقوق الإنسان ما دامت الإهانات مستمرة. ولا شك بأن هناك أتراكاً هزّتهم هذه الإهانة للاجئين السوريين، أما أن تعتزم السلطات التركية ترحيل سوريين بعد توقيفهم إثر حملة ساخرة رداً على حكاية الموز فهو فعلاً لا يصدق من بلد كبير ومتنوع مثل تركيا، حتى أن المرء يشكك بأن خبر التوقيف والترحيل مزيف، لولا «تريندنغ» في «بي بي سي» في حلقة بعنوان «سخرية بالموز تدفع تركيا إلى ترحيل سوريين» حيث نقلت الخبر عن «مديرية الهجرة التركية».
يبقى أن على الإعلام، العربي والتركي، نقل وقائع ومواقف تركية مناهضة للعنصرية ولتوقيف وترحيل أجانب لمجرد التعبير، كي نؤمن أن هناك تركيا خارج هذين الفعلين.
الممثل العربي
لا يكفّ تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، عن مفاجأة جمهوره؛ بعد مفاجأة إطلاق روايته «تشيللو» ثم بيع عشرين ألف نسخة منها في معرض واحد، بعد وعد بفيلم سينمائي عنها يخرجه أهم المخرجين العالميين، ها هو يطلّ منذ أيام مع التغريدة التالية: «في أجواء سرية، وعلى مدى سنتين من الكتابة والاتصالات والغوص في عالم السينما من مخرجين ومنتجين وشركات، انتهيت أمس من تصوير آخر مشهد من فيلمي الأول (تشيللو) الذي استغرق الإعداد له شهوراً، وتم تصويره في 8 أسابيع. 70 في المئة من الفيلم تم تصويرها في السعودية بين الرياض وضرما والعلا».
في إمكان المرء أن يتوقع إلى حدّ بعيد قيمة فيلم سينمائي من إخراج آل الشيخ، وكذلك من بطولة الممثل السوري غسان مسعود.
إذاً فإن الفيلم المنتظر هو من إخراج آل الشيخ نفسه، هو الذي لم يعرف عنه اشتغال سابق في مجال السينما، ولا في مجال الرواية والأدب كذلك، لكن ليس هذا هو الأمر المهم، فهنالك دائماً نقطة بداية، ما يهم هو هذه الخيبة المبكرة بفيلم عالمي، والأحكام المسبقة هنا ليست عاطلة، إذ في إمكان المرء أن يتوقع إلى حدّ بعيد قيمة فيلم من إخراج آل الشيخ، وكذلك من بطولة الممثل السوري غسان مسعود.
ما من عاقل يأتي بمسعود لفيلمه، وليس من فراغ أن الدراما السورية، بكل محسوبياتها، لم تغامر بظهور كبير للرجل في أعمالها، إذ كان بإمكانه دائماً أن يدمّر أي خفّة دم محتملة لمشهد تمثيليّ.
يحاول المرء أن يتخيل ما هو رأي مسعود (في قرارة نفسه) في السعودية ومواقفها، وبهذا الرجل الرسميّ السعودي، وبعملية التلفيق الجارية لروائي ومخرج سينمائي.
في الواقع، قلّما أثبت الممثل العربي أن التمثيل مهنة محترمة.
الندم
أويس مخللاتي، صخر في «الهيبة» صحا بعد أربعة أجزاء من المسلسل ذائع الصيت، قال إنه «ندمان على دوره في المسلسل» وتساءل: «ما هي هذه الثقافة التي نقدمها للجيل! رسالة غير جيدة للأجيال. فالفن رسالة، والمسلسل يقدم تاجر سلاح، فاراً من العدالة، جاهزاً لإطلاق النار».
مخللاتي يحمّل المسؤولية للكاتب، وشركة الإنتاج، ومن يقوم بدراسة النص، والقناة التي تعرض على «عمل غير مسؤول تجاه الطفل».
يصعب أن يصدق المرء أن الممثل السوري الشاب نادم بالفعل، وأن ضميره تعرّض إلى هزّة أيقظته فغيّرت مسار تفكيره وحياته. وإلا كان عليه أن يبذل جهداً واضحاً في محو الأثر (على الأقل محاولة) الذي تركتْه أجزاء «الهيبة» في ملايين الشباب والمراهقين، حيث المسلسل نموذجي في تمجيد العنف والقتل والسلاح وتجارة الحشيش والخروج عن القانون. انعطافة الفنان إلى تصوير برنامج للطبخ لا توحي أن لديه مشاريع مناهضة.
لا يصدق المشاهدون أن نجومهم المعبودين ليسوا سوى آلهة من تمر، تُنسى بشاهدة قبر كرتونية.
لا ينفي الفنان أن خلافاً مع الشركة المنتجة دفعها للاستغناء عنه وقتْله في المسلسل عُبّر عنه بشاهدة قبر تحمل اسم صخر. الندم ليس صادقاً إذاً، إنه ندمُ من لا يحصل على العنب فيقول حصرم.
لا يصدّق الممثلون أن مسلسلاً بُني على زيف وتلفيق ومطمطة لن يصعب عليه أن يستغني عنهم. ليس أسهل من الذرائع. ستمضي الأمور بهم أو من دونهم. الجمهور الذي قبل كل هذا الهراء المسمى «الهيبة» سيتسلى بقصص الندم وشواهد القبور.
كذلك لا يصدق المشاهدون أن نجومهم المعبودين ليسوا سوى آلهة من تمر، تُنسى بشاهدة قبر كرتونية.
لغةٌ إذا وقعتْ
قد لا يبدو مقنعاً للكثيرين (شخصياً صدّقْتُها) تفسير الممثلة اللبنانية نادين نجيم ودفاعها عن نفسها بأنها أرادت أن تصف أفكاراً تلفزيونية بالـ «خراقية» إلا أن لسانها، كلبنانية، لم يسعفها بنطق حرف القاف، فانزلقت إلى كلمة أخرى نابية، ما أدى إلى حملة وتعليقات ضدها لم تنته حتى الساعة.
لكن ماذا لو قصدت نجيم أن تستخدم فعلاً تلك الكلمة؟ أي مصيبة تكون قد حلّت، وأي جرح للغة والمشاعر والأفكار!
تعالوا انظروا إلى الفرنسية، هذه اللغة العذبة، وكيف لا يتردد الناطقون بها على الشاشات والإذاعات من حشر مفردات غاضبة ويومية بين العبارة والأخرى، من دون أن يسقط العالم.
ثم من يستطيع إنكار أن تلك الأفكار التلفزيونية «خوارقية» بالفعل!