«الشاب خالد» في أصيلة… فقط لمن لا يريد أن يفهم… و«جو النعسان» يلهم المغردين!
لا يحتاج «الشاب خالد» إلى دليل للتأكيد على صلته الوطيدة في المغرب، فهو حريص على الإقامة فيه وتكرار زياراته إليه باستمرار، تجسيدًا للقيم الإنسانية المشتركة بين الفنانين الجزائريين ونظرائهم المغاربة، وبين الشعبين الجارين عامّة؛ بعيدًا عن مساعي بعض وسائل الإعلام لبثّ الضغينة والبغضاء بين الإخوة.
شُوهِد صاحب أغنية «دي دي» مساء الأربعاء، وهو يدلف إلى إحدى المنشآت الثقافية الكبرى في مدينة أصيلة، قبيل انطلاق ندوة دولية حول «الديمقراطية الانتخابية».
صحيح أن الزيارة لم تكن رسمية، بل اكتست طابعا خاصا، لكنّ تزامن زيارة «الشاب خالد» لمدينة أصيلة ولمركزها الثقافي مع ذلك النشاط الذي شاركت فيه شخصيات سياسية وفكرية مغربية وعالمية، أعطى للحدث مدلوله الرمزي العميق، خاصة وأن الفنان المذكور حرص على التقاط صور فوتوغرافية مع بعض المسؤولين المغاربة هناك.
ولئن كان خالد قد تفادى الإدلاء بأي تصريحات أو أحاديث صحافية، فواضحٌ أن توقيت الزيارة ومكانها يعنيان الشيء الكثير: فأن يتزامن حضور الفنان الجزائري مع انطلاق «منتدى أصيلة» الذي يناقش قضيتي «الديمقراطية الانتخابية» و»مستقبل العروبة» يعني بالضرورة انخراطه في هذا التصور الفكري الذي يدافع، من جهة، عن أهمية المشاركة السياسية للمواطنين، كما ينتصر للحلم العربي من جهة أخرى.
يضاف إلى ذلك أن زيارة «الشاب خالد» جاءت متساوقة مع الحملة الإعلامية الشرسة التي تقودها الجزائر ضد المغرب، مُسخّرةً صحفها الورقية والإلكترونية وقنواتها التلفزيونية والإذاعية وشبكات التواصل الاجتماعي، من أجل تشويه صورة البلد الجار، وجعله في مرتبة العدو اللدود، وشغل الناس عن معاناتهم اليومية مع لقمة العيش.
هذه الأيام، يحاول الإعلام الجزائري أن يصوّر المغرب كما لو أنه يعيش انتكاسة اقتصادية واجتماعية جرّاء قرار «قصر المرداية» إيقاف تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية، حيث يختلق ذلك الإعلام قصصا حول الأزمة الاقتصادية للمغاربة نتيجة ذلك، مع أن الرباط أضحت أن تأثير القرار المذكور على إنتاج الكهرباء ضئيل جدا.
ويتذكر مُشاهدو القنوات الجزائرية السلوكَ غير المهني الذي لجأت إليه قناة «الشروق» منذ بضعة أسابيع، حين قدمت تقريرا مُصوّرا تدّعي من خلاله وجود أزمة غاز «البوطان» في المغرب، وأدرجتْ مشاهد لأناس كثيرين يسارعون إلى حمل القنينات.
والحال أن تلك المشاهد لمواطنين لبنانيين قاسوا الأمرين نتيجة شحّ الغاز المنزلي في ضوء الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة هناك!
غفوة بايدن!
من جديد، تذكّر الناس الوصف الشهير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على خلفه جو بادين، وهو «النعسان»؛ والمناسبة كانت قمة المناخ العالمية في غلاسكو، حيث تركت عدة قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية النقاشات الدائرة حول الخطر الداهم الذي يهدد الكرة الأرضية، وركزت على الرئيس جو بايدن الذي أخذته غفوة، فأغمض عينيه لحوالي 30 ثانية، وراح في خدر يبدو أنه كان لذيذا، رغم تحمل الرّجل لاتفاقيات المناخ، على عكس سلفه ترامب.
الصور نقلتها أيضا قناة «بي بي سي عربي» وبثتها في برنامج «ترندينغ» ورصدت تدخل أحد مساعدي بايدن الذي دنا من رئيسه، فأيقظه من غفوته. كما أوردت عيّنات من تعليقات المغرّدين، منهم مَن قال إن مثل تلك الغفوة شيء طبيعي في الاجتماعات، فيما كتب أحدهم «بايدن نائم، لكنكم تحبّون الأجانب» وتساءل آخر عمّا إذا كان الرؤساء لا يتعبون ولا ينامون.
أحيانا، يتحول النواب في بعض البرلمانات العربية إلى «نُوَّم» مستحضرين قول الشاعر العراقي الراحل معروف الرصافي: «ناموا ولا تستيقظوا… ما فاز إلا النُّوم»!
«جواز التطعيم» بين الأغلبية والأقلية
تحوّل «جواز التطعيم» في المغرب إلى قضية رأي عام، وقضية حقوقية، وقضية حرية شخصية. الرافضون لإجبارية حمل الجواز يرددون «جسدي حريتي» والحكومة تشدد على أن الأقلية مطالبة بالرضوخ للأغلبية، وسياسيون آخرون اعتبروا أنه كان من اللازم مرور القرار عبر المؤسسة التشريعية للمصادقة عليه أو رفضه، لا أن تفرضه الحكومة وتحدد غرامات مالية في حق مَن لا يحمل الجواز.
عبارة «الأقلية والأغلبية» التي جاءت على لسان وزير الصحة المغربي، خالد أيت طالب، ووثقها النقل التلفزيوني المباشر لجلسات البرلمان، لم تمر مرور الكرام، بل كانت فرصة للهجوم على الوزير نفسه، باعتباره لم يأت من حزب سياسي صوّت عليه المواطنون، وإنما أُسقِط بالمظلات على رأس الوزارة. وحتى حين أُبعِد عنها في التشكيلة الوزارية الجديدة، وحلت محله وزيرة امرأة، سرعان ما أبعدت هذه الأخيرة بقدرة قادر، وأرجع الوزير السابق إلى منصبه، فكتب أحد المدونين أنه من حق نبيلة الرميلي أن تطالب بإدراج اسمها في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، باعتبارها لم تمكث في المنصب الوزاري سوى ستة أيام فقط!
«الجزيرة» والبركة الآسنة
احتفلت قناة «الجزيرة» بمرور 25 سنة على انطلاقتها، وارتأت أن تتوّج الاحتفال بتجديد شكلها، وإطلاق برامج متنوعة تستحضر الذكرى التي اختير لها اسم «نهج فريد».
طيلة ربع قرن، استطاعت القناة القطرية المذكورة أن تتبوأ مكانة متميزة في المشهد الإعلامي العربي، وأن يكون لها تأثير في العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية التي غطّتها وواكبتها بمهنية عالية. كما أوجدت فضاءات للحوار، عملا بمبدأ «الرأي والرأي الآخر».
حازت على إعجاب الملايين، كما ناصبها العداء خصوم كثر، ومن بينهم حكومات ودول، حيث أصبحت قناة «الجزيرة» موضوع نقاش في الدوائر الضيقة لأصحاب القرار.
تعرضت لضغوط كثيرة، فكانت تنحني أحيانا كي تمر العاصفة، لكنها لم تستسلم بالمطلق. أُغلِقتْ مكاتبها في دول عربية، جرى التضييق على عدد من مراسليها، اعتقل البعض منهم، وقتل البعض الآخر في حروب ومعارك. ومع ذلك، ظلّت الرقم الصعب في المعادلة الإعلامية العربية.
حاولت بعض الأنظمة العربية تقليدها أو على الأقل منافستها، ورصدت لذلك إمكانيات مادية هائلة، لكن القنوات الإخبارية اللاحقة لم تستطع أن تقترب من قيمتها وتميزها. وبقيت «الجزيرة» تحتل الصدارة على مستوى التلفزيونات العربية، بل وعُدّت من كبريات القنوات العالمية.
ما يثير الانتباه في «الجزيرة» أن طائفة من السياسيين العرب تجاهر بانتقادها وإبراز «مساوئها» في نظرهم، لكنهم يتابعونها باستمرار، ويتمنون أن تستضيفهم يوما ما.
قبل 25 سنة، دخل الإعلامي أحمد الشيخ إلى الاستوديو، وقرأ بصوته الآية الكريمة «قال ربِّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي».
رئيس التحرير السابق في «الجزيرة» أطلق وصفا بديعا على هذه القناة عندما استضافته خديجة بن قنة، حيث قال إنها «جوهرة ألقيت في بركة الواقع العربي الآسن في ذلك الوقت، فتحركت فيه دوائر تتسع رويدا رويدا، أثرت في الواقع العربي السياسي والاجتماعي، فكانت منارة وعي، تتكلم والناس ساكتون، كما أثرت في الواقع الإعلامي العربي». والمطلوب منها، باعتقاده، الحفاظ على المضمون الجيد بجانب الإبهار الجمالي الموجود على مستوى الشكل.