الضحايا لا يفصحن عن سبب الإنتحار الإ نادراً
زنا المحارم في العراق ملف مغلق ومسكوت عنه
علياء عبود الحسني
رافقت والدتي، الى طوارئ مستشفى الكاظمية التعليمي، منتصف ليلة شتائية، العام 2015، فرأيت جريمة لم تتناولها مناهجنا الأكاديمية، التي درستها في كلية القانون.. صبية ذات 16 ربيعا، أدخلتها والدتها شعبة الجراحة النسائية، مستغيثة بالشرطة.. حرس بناية المستشفى، وهي ناقمة من زوجها.
لم افهم الربط بين حالة الصبية الصغيرة، ذات الجمال الذي ما زال يقاوم تشوهات عصرات الالم، وبين هستيريا غضب الأم من زوجها.. والد الفتاة.استفهمت من ممرضة؟ فأجابتني ببرود: “أبوها مغتصبها” وكأن ما صعقني، ظاهرة مألوفة لها.. اعتادت سماعه ورؤيته، بين ردهات المستشفى!بقيت علامات التعجب اكبر من حجم صدمتي بما رأيت!؟
شذوذ
زنا المحارم شذوذ عن قواعد الطبيعة البشرية وخروج عن فطرة منسقة، وواحد من أبشع انواع العنف. قبل عام ونصف، زارتني سيده في مكتبي وتحدثت لي عن حالتها بالتفصيل؛ طالبة مني ان أنقذها بأسرع وقت من زواج، كان يجب له أن ينتهي، قائلة: “زوجي مو أمين على بناتي” وانفجرت غاضبة، تبكي، لتخبرني بما رأت وتكرر إمامها، مرات عدة: “زوجي يعاشر بناتي .. وهو أبوهن؛ يجب إن أتخلص منه، واهرب بهن بعيدا عنه”.حالة هذا الأب، لا تختلف عن زوج امرأة قابلتها في محكمة “ذات السلاسل” بالكرخ، طلبت ان تبثني موضوع.. وصفته بـ “الحساس”.تطلقت خلعيا من زوجها، طالبة إن اصدقه قانونيا؛ نتيجة علاقة زوجها بأمها.. يعاشرها باستمرار…”.
دولاب دم
كثيرات طلبن الانفصال على البقاء مع أرحام، لا حدود لدونية رغبتهم، كحال عبير، الشابة التي طلبت من محاميتها التوكل عن دعوى حقوق زوجية في محكمة “بغداد الجديدة” بعد إن انفصلت عنه، برغم حبها له؛ إذ تجرأت في مرافعة مغلقة، على التصريح بسبب إنهاء لم يشهد خلافا ولا توترا ولا مشكلة: “استيقظت من قيلولة صيفية، على والد زوجي، وهو يداعب مناطق حساسة في جسدي، لحظتها تداركت الفضيحة بالكتمان، مكتفية بطلب الطلاق؛ كي لا يدور دولاب الدم بين عشيرتي وعشيرة زوجي”.
وكلتني سيدة من “المنصور” في اذار 2014، بدعوى اسقاط حضانة زوجها عن ابنتهم بالرقم 133/ محكمة “الكرخ” الشرعية، شذت عن قواعد علم الاجتماع حيث ان وضع الاب الاجتماعي فوق الممتاز، يشغل وظيفة مرموقة، لكنها تعرضت لازمة نفسية بعد إن ايقظها صراخ ابنتهما لتجده يحاول الاعتداء جنسيا على صغيرتهم ذات السنتين.
أخريات آثرن الصمت، في مجتمع لا يصغِ لآلامهن، إذ لا توجد إحصائيات لدى المحاكم تبين أعداد ضحايا هذه الظاهرة، بسبب سكوتهن، وفي أجرأ الحالات يلجأن للقضاء مشترطات “الستر” الامر الذي يحول دون معالجة الجريمة، التي باتت آفة تلتهم المجتمع.
اجتماعيون وأطباء
مختصون بعلم الاجتماع وصفوا مرتكبي هذا النوع من الزنا، بأنهم بمستوى نفـــــــسي و اجتماعي منحط وانهم ينظرون لأنفسهم نظرة دونية، واغلـــبهم من مدمني المسكرات.
لمست بطء ملاحقة الجناة، والاكتفاء بتأهيل الضحايا، في زيارتي لجمعية “نساء بغداد” كونها واحدة من أهم مراكز رصد المعنفات في العاصمة بغداد لأجد عدة حالات تم رصدها وملاحقة مرتكبيها قانونياً؛ إذ تولت تأهيل الضحايا نفسياً وصحياً، تلافيا للانتحار، كما هو معتاد في اغلب حالات زنا المحارم، حيث يلجأن الى حرق انفسهن، هذا ما بينته لنا احدى الباحثات في المركز.”يمكن تمييز الانتحار عن لاحتراق الواقع قضاء و قدر، من رائحة النفط.. عادة تملأ جسد الضحية وحروق النيران تبدأ من أعلى الرأس لكن المصابة بحادث غير مقصود، عادة ماتكون إصابتها بمناطق اليدين،أو الجوانب” هذا ما ذكره د. محمد جاسم.. رئيس قسم الحروق، بمستشفى الكرخ في العطيفية، مضيفا: “أغلب الضحايا لا يفصحن عن سبب الانتحار،الا نادرا، فقبل أسابيع أسعفنا شابة مصابة بحروق جسيمة، تصرخ بهستيريا: “أخي اغتصبني” سجل المحققون إفادتها، وتوفيت بعد ثلاثة أيام”.في مركز “الهدى” لرصد النساء المعنفات، بالغزالية، حضرت جلسة تأهيل نفسي، حيث سجلت المؤسسة حالات، منها شابة أرملة يعاشرها والدها لمدة سنتين، ويهددها برمي ولديها الى الشارع لو اعترضت، حتى أفصحت للمركز، متلقية التوجيهات، بتسجيل شكوى ضد والدها؛ فهرب بعد صدور أمر إلقاء القبض ضده.توجهت لمحكمة جنايات الرصافة، أتابع أوراق، مدان، من سكنة “الامين” بعد ثبوت جريمة مواقعة ابنته القاصر.. ذات الستة عشر عاما، وفق أحكام المادة 393/1/2/ب/و من قانون العقوبات المعدلة بالقرار 488 في 11/4/1978 وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت؛ لمواقعته إبنته في شهر تموز 2014 ، مرات عدة؛ أدت الى حملها سفاحاً؛ فأخذها الى طبيبة زرقتها بإبرة، أدت الى إسقاط الجنين، وقد دل الشرطة على مكان الجنين.
قانونيون
قانونيون يطالبون بتشديد العقوبة، برغم كون النص العقابي لهذه الجريمة التي اوردتها مواد قانون العقوبات رقم 111 لسنة1997المعدل ، في المواد ( 393 )/2 ب ،م 369 فقره 2، م 397، الا ان الملاحظ من القانون اعتبرها جرائم جنايات اسوه بباقي الجنايات ولم يفرد لها فصل مختص واكتفى ان أضاف مده سنتين أو اكثر على العقوبة ونعتبر ذلك معالجه معيبة لهذا الموضوع طالب المحامي قيس حمزة بتشديد العقوبة كون الجرم يمس كيان نواة المجتمع.
دعارة
نتائج تفاقم هذه الظاهرة ستؤدي بلا شك إلى أن تتجه الفتاة بعد تعرضها للاغتصاب من قبل ذويها، للانتقام منهم بالحط من قدره وتشويه سمعته، عبر ممارستها الرذيلة والاتجاه لسلك طرق الدعارة، فكثيرات ممن امتهنها تعرضن للاغتصاب والتحرش من قبل ذويهن،كحال فتاة، غالبا ما اراها، تقف قرب الاشارة الضوئية في احدى شوارع حي المنصور المعروفة، سألتها عن سبب لجوئها لهذه المهنة؟ قالت: “انا لا أجيد أي عمل” فهي لم تكمل دراستها، وتابعت: “إنهزمت من ظلم زوج أمي وضربة و…” صمتت لتتابع: “كنت في الصف الخامس الابتدائي حين اعتدى علي، وأمي خارج المنزل، عندما عادت وأخبرتها؛ ضربتني وسحلتني؛ إضطررت للهروب من جحيمهم؛ لأجد جحيما آخر بانتظاري، مذلة الترفك لايت وإرضاء رغبات الرجال.. لعد منين أعيش..” أكملت عبارتها الأخيرة، وهي تنظر صوب عجلة فارهة، كانت بانتظارها لتستقلها، ودعتني مهرولة نحو الزبون صاحب الـ “سنتافيا 2015 .