بعثرة حروف…
الروائي/عبد الجبار الحمدي
كلما بعثرت مكعبات الحروف… الطفلة التي بداخلي تسعى جاهدة كي ترصف كلمة احبك مثل كل مرة دون كلل فأمنحها وصلك، فأنت وحدك كل قوتي وضعفي، العالم الوحيد الذي لا أتركه خلفي، يا طفلي المدلل، يا من اول ما تعلمت الكلام نطقت بحرف يا جملة أحبها أن تكون خالية من الظرف، كل ما عليك ان تبعد هالة غيوم الشك والهم التي لا تسقط مطرها إلا عليك… استغربت كثيرا!!! صدقني مرات عديدة رايتها تحوم حولك تُلبد سماءك الزرقاء الصافية التي اعرف بهالات سوداء لكني ودعني اقولها بصراحة… سأبقى أملأ جرار وهمك بالحب علك تستيقظ وتدرك أني أحبك يا شك ِ الذي اعشق، ماذا تريد مني بعد أن أقول؟ أظنها كلمات تفي بأن تجعلك تطرد أشباح إرثك الجاهلي فلا معني ان تبني تلال وهم من الرمال التي تجذرت بداخلك، فرمال وهمك مثل رمال الصحراء لاشك تعمد الى ذرها في عينيك توهمك بكل ظنون الخوف تبيح لك أن تفسر ما لا تراه بأنك رجل مخدوع… يا لأسفي عليك إن جعلت عقدة الثقة بيني وبينك تنفك على يد قطاع طرق الإشاعات.. نعم يا حبيبي إن من يريد التفرقة بيني وبينك قاطع طريق للسعادة همه أن يظفر بهجرك لي وتعاستي، أرجوك فكر ولو للحظة هل شربت كأس عهد الثقة معي أم لا؟ حينها قلت لي أنك رجل كلاسيك لا تحب التحضر او التمدن تعتبرها متاهات لسلوكيات غير معنونة لكنك نسيت أن طَرق الذهب لا يعيبه حتى وأن غيرت من شكله فهو ذهب خالص… ثمين بأي صورة كان هكذا كنت اتمنى أن تنظر لي كما أنظر لك بكل الثقافات المختلطة والمشوشة بداخل التأريخ، لذا آليت أن أكون اليد التي تبين لك أني أنثى… إمرأة بمعنى الكلمة وما زادني التحضر إلا ان أكون أكثر إتقادا مما كنت عليه فالعالم الذي نعيش هو تكملة لنفس الطريق الذي بدأه آدم وحواء، طريق مليء بالرمال دون تعبيد، مع مرور الوقت في كسب الثقافة والتحضر والتمدن بات مُعَبدا بكل وسائل الراحة… أنظر لي كيف أصيغ عباراتي فقط كي أبين لك ان الطريق المؤدي الى الحقيقة واضح جلي غير أنه مثل باقي الطرق ربما فيه تفرعات او محطات توقف لكن لا يعني أن من استوقفته الظروف او تجربة فاشلة أن يعممها على الجميع فالرجال مثل النساء محطات استراحة البعض منها تشعرك بالراحة النفسية ما ان تتوقف عندها والبعض الآخر بمجرد رؤيتك لمن فيها يشعرك بالخوف فترحل… هكذا هي حياتي معك شعرت بالراحة في نفس اللحظة التي توقفت فيها محطتك لا اخفي عليك شعرت بداية الأمر بأنك رجل صعب المراس منغلق انطوائي وكوني إمرأة تمتلك الفارسة قبلت التحدي خضت تجربة الحب معك فالحب عندي شعور متبادل عنوانه التحرر والحب عندك تَمَلُك وعبودية… تلك يا حبيبي كانت بالنسبة لي كارثة… العبودية كلمة مقيتة بمجرد ان تسمعها لا أن تحسها او تشعر بها تجعلك تصرخ بكل شدة أن الموت أهون من قيودها… ها أنا بحت لك بما اشعر به تجاهك برغم معاناتي والتوتر الذي ينتابني كلما أراك منطويا لا أعرف ما الذي تنوي عليه؟ كم حقدت على وحدتك التي تتحاور معها بعيدا عني، تشعرني بالضيق، أود الإنتقام منها لكن كيف؟ وهي من أراها تؤنسك رغما عني، يا الله!!! لقد جعلتني اتسربل بأوهامك لولا اني ابتعدت عنك لفترة كي أراك من خارج الموقف… كم تمنيت ان ترى ما أراه؟ فعالمك يحيط به اشباح تلبس لباس أعراب البعض منهم جعلك تشاهد قتله للبنات والبعض الآخر جعلك تشاهده وهو يدسهن في التراب، أي عالم تحيط به نفسك؟ أخرج من تلك القوقعة إلبس عقال الثقة، تحدث بما لا تخاف فليس عيبا ان تكون ذكرا لكنك تعشق الحرية بمعايير لا تجعلك تفلت زمام رجولتك، فالمرأة مثل الرجل تملك ربما اكثر منه قيودا لكنها لا تحيطه بها إلا واحدا فقط… الغيرة تلك هي هالة الوهم التي لا يمكنها ان تستغني عنها إلا من خلال الثقة… لذا يا حبيبي سأترك باب الصلح مواربا سأنتظر لأكثر مما تتصور، فأنت بالنسبة لي فارسا امتطى صحراء الربع الخراب ليثبت أنها لا تمنعه من الوصول الى واحتى التي بنيت فيها خيمتي، سانتظرك لتعيش معي عالمك ولكن على طريقة بعثرة الحروف وكسر قيود الشك.
القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي