اﻷمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، ذيميتريس كوتسوباس
كلمة خلال المؤتمر المنعقد عن بعد للمبادرة الشيوعية الأوروبية
الموضوع: الشيوعيون في طليعة الصراع الشعبي العمالي ضد البربرية الرأسمالية” الخضراء “و” الرقمية “من أجل إرضاء الحاجات الشعبية المعاصرة و المنفذ الفعلي، الاشتراكية
الرفاق و الرفيقات الأعزاء،
نواصل صراعنا في ظروف صعبة، حيث يتفشى الوباء في العديد من البلدان بما فيها اليونان، مع عواقب مأساوية على الشعوب، التي تعاني من سياسة الدول والحكومات البرجوازية المناهضة للشعب، والوضع البائس لأنظمة الصحة العامة المُسلَّعة و الغير محصَّنة.
و يثبت خطر ظهور طفرات جديدة أن مع استمرار كون اللقاح سلعة ذهبية تخدم أرباح ومزاحمة مجموعات اقتصادية كبيرة و دول رأسمالية، سيتم تأخير التطعيم وسيستمر المسار المميت للوباء. حيث تتمثل ضحايا هذه المزاحمات على وجه الخصوص في شعوب البلدان الأكثر فقرا، و التي لا تتجاوز حالياً نسبة التطعيم بها 6٪ من إجمالي سكانها.
و لذلك، يغدو من الراهني -إلى جانب الحاجة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحماية من الوباء، وخاصة دعم نظام الصحة العامة – هو مطلب إلغاء كل “براءة اختراع” على اللقاحات والأدوية، والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالملكية الرأسمالية الطفيلية والخطرة.
إننا نُعرب عن تضامننا الأممي ونرسل التمنيات الرفاقية من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بالصحة إلى جميع أحزاب المبادرة الشيوعية الأوروبية، و تمنياتنا لكم بالعزم في النضال من أجل مصالح و حاجات شعوبنا.
اسمحوا لي أن أباشر مداخلتي هذه بالتشديد على يوم الغد للتضامن اﻷممي مع الشعب الفلسطيني، و أن نُعرب و لمرة أخرى عن دعمنا الكامل لكفاحه العادل المستمر لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. إن النضال العادل المديد اﻷعوام و البطولي للشعب الفلسطيني يُلهم الصراع الشعبي العادل في كل العالم. إننا ندين إحتلال دولة إسرائيل و عدوانيتها بحق الشعب الفلسطيني و هي التي تجري بدعم متواصل من جانب الولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي.
بإمكان نضال شعب فلسطين أن يجد إحقاقه من خلال تعزيز الصراع ضد التدخلات اﻹمبريالية و مخططات الطبقات البرجوازية في المنطقة و مع تعزيز التضامن و العمل الأمميين.
إننا نواصل النضال من أجل:
· إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتداعياته.
· إقامة دولة فلسطينية واحدة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، مع الشعب سيداً في وطنه.
· حق العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين، بناءاً على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
· الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الفلسطينيين وغيرهم من المعتقلين السياسيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.
الرفاق الأعزاء،
باستطاعتنا في مؤتمر اليوم المنعقد عن بُعد للجلسة العامة للمبادرة الشيوعية الأوروبية، أن نتبادل الآراء والخبرات حول نضال أحزابنا ضد استراتيجيتين أساسيتين، هما مساران رئيسيان لرأس المال الكبير على كِلا المستويين الأوروبي والدولي، أي ما يسمى “النمو الأخضر” “والتحول الرقمي.
إن المواجهات التي تمظهرت في ما يسمى بقمة المناخ الأخيرة (COP26) في غلاسكو، تفرد طياتها فوق أرضية المزاحمات و التناقضات الإمبريالية المحتدمة حول اقتسام الأسواق والسيطرة عليها.
و يسعى الاتحاد الأوروبي وحكومات بلدانه الأعضاء عبر ذرف دموع التماسيح على المناخ، وكذلك منافسوهم أي الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند، الذين يتحملون جميعاً مسؤولية كبيرة عن تدمير البيئة الجاري من قبل الاحتكارات، إلى”ذر الرماد في أعين الشعوب”، و لتضليلها عن اتجاههم المشترك المتمثل في وضع أوزار مالية جديدة على عاتق العمال من أجل تعزيز ربحية الاحتكارات “الخضراء”.
وكل هذا في ظروف حيث تشتد حرب الشركات الكبرى حول استخدام التقنيات القديمة والجديدة وتطبيق المعايير الصناعية المقابلة لها.
و يشكِّل البيان المشترك للولايات المتحدة والصين بشأن المناخ، توافقاً مؤقتاً من أجل المضي قدماً في الأعمال الخضراء على الرغم من مزاحماتهما المتصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
و في كل حال، فإن هدف رأس المال الكبير، والإتحادات والحكومات التي تخدمه، هو استخدام ما يسمى بـ “الصفقة الخضراء الجديدة” لمواجهة مشكلة الحجم الهائل من رأس المال المفرَط تراكمه، والذي نشأ من استغلال الطبقة العاملة.
إنهم يدركون أن تعافي الاقتصاد الرأسمالي، بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العميقة التي سرَّعها الوباء، هو تعافٍ غير مستقر وغير مؤكد.
إنهم يعتمدون كثيراً على تبعات عملية تخفيض منضبط لقيمة رأس المال الثابت، مثل عملية إغلاق محطات الليغنيت الجارية، وسحب وسائل النقل التقليدية، واستبدال شبكات الطاقة، وما شاكلها.
و تتواجد في مركز اهتمام الاحتكارات والحكومات التي تخدمها، مصادر الطاقة والثروة الباطنية، والنقل والاستخدام الواسع للرقمنة وما يسمى بـ “الثورة الصناعية الرابعة” وتوسيع العمل عن بعد، و السيطرة في المنافسة الجارية على شبكات الجيل الخامس ولكن أيضاً من اجل إعداد شبكات الجيل السادس، و من أجل الحصول على ميزة في الحرب الإلكترونية وكذلك في أسلحة الذكاء الاصطناعي، و ذلك مع استهدافهم دائماً للشعوب.
و تتمثل أداة و دعامة هذه الخطط “الخضراء” والرقمية للاحتكارات، في المذكرة الكبرى لصندوق التعافي الأوروبي، التي تكشف عن الحاجة إلى قيام تدخل كبير للدولة في الاقتصاد الرأسمالي.
وهذا و تتابع التطورات بقلق تلك القوى المتأخرة نسبياً فيما يتعلق بالتقنيات والاستثمارات “الخضراء”، كروسيا والهند، وتدعو إلى “ألا يغدو الانتقال إلى التقنيات الخضراء أداة للمنافسة غير الحميدة أو عاملاً رادعاً لنمو البلدان”.
إن تبعات هذا التطور هي ثقيلة على الشعوب. فهي تدفع مقدماً ثمناً باهظاً لمخططات الاستثمار هذه.
إنها المخططات التي تُرسم من قبل اﻷركان القومية المقابلة، و يجري إقرارها بعد ذلك في خضم تناقضات عاتية في الوقت الحالي داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك في الولايات المتحدة والصين، إي من قبل القوى التي غدت سباقة في مجال التقنيات ذات الصلة. إننا بصدد رزمات مليارات ستدفع الشعوب كلفتها لعقود.
إن الأهداف التي يضعها الرأسماليون لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون و الميثان لا علاقة لها بتدمير البيئة وتدهورها. و بنحو مُغرض تُبرز نتائج تغير المناخ وتدمير البيئة، باعتبارها سبب المشكلة، و ذلك من أجل التستر على السبب و المذنب الفعلي، أي نمط الإنتاج الرأسمالي، وأنشطة المجموعات الاحتكارية و مطاردة الربح.
و من المؤشر على ذلك، هو تزامن “استثمار” الشركات الأوروبية والأمريكية والروسية والصينية الكبيرة، للمليارات في إزالة الغابات مع دعايتها ﻠ “سياسات لمنع إزالة الغابات”.
هذا و تتعلق التناقضات المسجلة في “قمة المناخ” الأخيرة بين الولايات المتحدة – الاتحاد الأوروبي والصين – روسيا – أستراليا – الهند، بالجدول الزمني ووتيرة ما يسمى بانتقال الطاقة الخضراء. إنها تتعلق بالجداول الزمنية المتواجدة في صالح الدول الرأسمالية العاتية وكل مركز إمبريالي، من أجل ضمان ربحية مجموعاتها على حساب منافسيها، وهي التي لا تشكك على الإطلاق في اتجاهها المناهض للشعب والضار بالبيئة.
إننا سنصر على المسألة التالية، لأنها تمتلك اليوم أهمية مسيطرة، لأنها عبارة عن “لعبة مغشوشة”:
إن مختلف “الأهداف المناخية” التي حددها الاتحاد الأوروبي والحكومات البرجوازية، كما و منافسوها، تعبِّر عن توافقات في مزاحمتها البينية الجارية من أجل مجالات ربحية “ذهبية” جديدة، وهي تحقق هدفاً مزدوجاً: تحرير رؤوس المال المتراكمة نحو استثمارات رأسمالية مربحة، إلى جانب تخفيض قيمة رأس المال الموجود وتدمير جزء منه.
هذا هو الجوهر. و على هذا الأساس يجري الترويج لإلغاء محطات توليد الكهرباء من الليغنيت، و الشبكات التقليدية لنقل الكهرباء، والطائرات والمركبات ذات الوقود التقليدي، أي البنزين والديزل.
و تتمثل أداة تحقيق هذا اﻹلغاء في آليات كبورصة الملوثات، التي تحول – من خلال الغرامات والرسوم التي تفرضها- أشكالًا رخيصة لإنتاج الطاقة، مثل الليغنيت، إلى أشكال باهظة الثمن.
هذا و ينتهي أمر الضرائب “الخضراء” الجديدة لانبعاثات الكربون على الكهرباء، وكذلك تمويل مصادر الطاقة المتجددة، بجملتها في شكل تعرفة الكهرباء التي لا تستطيع أسر الطبقة العاملة دفع كلفتها.
و ينطبق الشيء نفسه على الغاز الطبيعي المستورد الأغلى ثمناً، والذي له خسائر كبيرة أثناء نقله بالإضافة إلى العبء المترتب على البيئة أثناء استخراجه.
أما بالنسبة “للزراعة الأحادية” لمصادر الطاقة المتجددة الباهظة الثمن وغير المستقرة، التي يتحد حولها الاتحاد الأوروبي وجميع القوى البرجوازية، كما هو الحال في اليونان مع حزب الجمهورية الجديدة و سيريزا و حركة التغيير، فإن الترويج لها جارٍ سلفاً و هو ذي تأثيرات هائلة على الغابات والجبال ومناطق الجمال الطبيعي النادر.
إن “رهف مشاعر” الرأسمال الكبير ومديري الاستغلال الرأسمالي، هو نفاق كبير للغاية ونريد طرح بعض الأسئلة المهمة:
أحقاً، ما مدى “خُضرة” عمليات القصف التي ينفذها الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي تقتل وتسمم الشعوب وتدمر البيئة؟ ما مدى “خُضرة” تجارب الأسلحة النووية الحديثة؟ ما مدى “خُضرة” تلويث أنهار بأكملها في سيبيريا من قبل الاحتكارات الروسية؟ ما مدى “خُضرة” قناة اسطنبول” الجديدة التي خططت لها القيادة التركية؟ ما مدى “خُضرة” استخراج الغاز الصخري في الولايات المتحدة؟ ما مدى “خضرة” بناء عشرات الجزر التقنية من قبل الصين في البحر الشرقي؟
إلى أي مدى يكون حرق القمامة “أخضراً” أو تلزيم إعادة التحريج لمؤسسات خاصة، مقابل مصادرة الغابات واستغلالها تجارياً لمصالحها الخاصة؟
ما مدى “خُضرة ” اعتبار دراسات الأثر البيئي “عقبات وبيروقراطية” بحجة الاستثمارات السريعة، حيث تتابع ذلك حكومة حزب الجمهورية الجديدة على خطى سيريزا تنفيذاً لممارسات الاتحاد الأوروبي من أجل اكتناز مجموعات الأعمال دون عوائق؟
ما هو مقدار “خضرة” السياسة التي تترك الشعب والغابات والبيئة الطبيعية دون حماية وتحول إلى جريمة عن سبق إصرار للنظام الرأسمالي وحكوماته في عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة الحرائق والزلازل والفيضانات التي تخلف وراءها العشرات من القتلى، والمنازل المتضررة، والبنى التحتية، و حياة للسكان مع البطالة وعدم اليقين، و بيئة طبيعية مع كوارث ضخمة، في حين يتم إنشاء آليات مثل ما يسمى RESC-EU لإدامة عري توظيف الكوادر والبنى التحتية و وسائل الإنقاذ في الدول الأعضاء ؟
و يستخدم تغير المناخ هنا أيضاً كذريعة لغسل المذنب الفعلي، أي النظام الرأسمالي، و لإلقاء الذنب على الشعب من خلال ما يسمى بالمسؤولية الفردية، التي تبرئ الاحتكارات الكبرى المسؤولة عن تدمير البيئة.
لماذا يترك الاتحاد الأوروبي مشاريع الطاقة الكهرومائية التي باستطاعتها معالجة مشكلة الطاقة بنحو أرخص بكثير، بينما تعالج أيضاً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؟ لماذا لا يفضل استخدام وحدات الليغنيت لخفض الدورة المركبة مع استخدام التطبيقات التكنولوجية الحديثة؟
إن الإجابة على كل الأسئلة أعلاه هي في كون المعيار المعتمد هو الربح الرأسمالي وليس المصالح الشعبية وحماية البيئة.
تعاني الشعوب من موجة غلاء لا تطاق. و ليس ارتفاع الأسعار بظاهرة مؤقتة. إن ما يسمى بالتحول الأخضر وتحرير الطاقة هما العاملان اللذان يرفعان سعر الطاقة ويرفعان أسعار سلع الاستهلاك الشعبي.
إن الضرائب “الخضراء”، و المنتجات والخدمات الخضراء تأتي في ترابط إما مع “سوط” الإفراط في فرض الضرائب على الوقود القديم، أو مع “جزرة” تمويل شراء السيارات والأجهزة الكهربائية باهظة الثمن، على سبيل المثال، و هي التي تؤدي إلى نشوء أعباء جديدة لا تطاق.
إن جملة أدوات الاتحاد الأوروبي، وإجراءات التعويضات الحكومية، لا تقارب حتى و بالكاد حجم الخسائر الفادحة للأسر العمالية الشعبية التي تضاعفت أربع مرات في كلفة الكهرباء وحدها.
و ليس من قبيل المصادفة أن تتكثف مخاوف الحكومات والأركان البرجوازية بأن: “الاتفاقية الخضراء قد تكون ذات تكاليف اجتماعية واقتصادية وسياسية و جيوسياسية هائلة. بإمكانها أن تخلق توترات هائلة في المجتمع وبين الحلفاء، و أن تفتح الأبواب أمام الجذريين”.
الرفاق الأعزاء،
تشكل أنظمة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية مجالاً للربحية العالية لمجموعات الأعمال الأوروبية وفي نفس الوقت ميدان مزاحمة شرسة مع خصومها، وخاصة من الولايات المتحدة والصين.
و مع هذه الأهداف يُسعى إلى استخدام أموال الدولة والاتحاد الأوروبي لتقليل المخاطر التجارية لرأس المال و لتحميلها على كاهل ميزانيات (الدول والاتحاد الأوروبي) التي تدفع الشعوب كلفتها بصيغة ضرائب قاسية.
إن صندوق الإنعاش وبرامج: “أوروبا الرقمية” و “أفق أوروبا” و “ربط أوروبا” وغيرها، تمتلك شرطاً أساسياً هو توجيه أموالها لدعم المجموعات الاقتصادية من أجل الاستثمارات.
يحاول الاتحاد الأوروبي الظهور كـ “رائد” في وضع المعايير في “التنظيم” المفترض للمخاطر الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في تعميم التجارة الإلكترونية، و مسائل البيانات الشخصية، وتطبيق ما يسمى بالخوارزميات، في حرب مفتوحة بين منصات ومحركات البحث الأمريكية والصينية والأوروبية.
تهدف الرئاسة الفرنسية المقبلة للاتحاد الأوروبي، مع صياغة قانونها الخاص بالسوق الرقمية إلى تأمين مجال نشاط للاحتكارات الأوروبية في خضم الصراع على الصدارة بين مجموعات أمريكية وصينية.
و يكشف عن ذلك الصراع الجاري بين المجموعات من أجل السيطرة على شبكات الجيل الخامس أو مدى الاكتفاء في الرقائق الدقيقة للصناعات الخاصة بها، على حساب منافسيها.
حيث تشكل التصريحات الخاصة بـ “حماية المواطنين” وحقوقهم و بياناتهم الشخصية، عملية خداع كبيرة من أجل تقديم الاتحاد الأوروبي كقوة “أخلاقية” في سياق مسائل التكنولوجيا من خلال لائحة البيانات العامة الرجعية (GDPR.
إن امتلاك رأس المال للتقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي هو العامل الذي يحدد استخدامها لمصلحتها الخاصة وعلى حساب العمال.
هذا ما تؤكده حياة العمال ذاتها في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. حيث يرى العمال استخدام إمكانيات التكنولوجيا من أجل تعظيم استغلالهم و تعميم النهب الضريبي، و ذلك ساعة قيامها بمضاعفة إمكانيات التهرب الضريبي لرأس المال رقمياً.
إن العمل عن بعد، والعمل من خلال منصات الإنترنت، يعظِّم تكثيف وتيرة العمل، ويزيل الحدود بين وقت العمل والوقت الحر، ويحاول سحق حقوق العمل المتبقية. حيث يُخفي الجدل الجاري حول “حق فصل اﻹتصال” لوسائل العمل عن بعد، أفخاخاً عديدة.
ففي الممارسة يشترط حق “الفصل” و في المقام اﻷول إضفاء الشرعية على “توصيل” الموظفين و على تطبيق جميع الأساليب التكنولوجية الحديثة لتكثيف الوتيرة و ممارسة إرهاب رب العمل ضدهم، كمثال تطبيق مستشعرات لوحة المفاتيح، والخوارزميات، وأنظمة تحديد الموقع الجغرافي، وكاميرات التعرف على الوجوه و رصد العواطف. حيث يجري سلفاً الترويج لتنفيذ هذه التجارب في الجامعات على طلاب الدراسات العليا، و ذلك – من بين أمور أخرى- عدا إذلال الشخصية البشرية المحقق. و تم الإبلاغ عن هذه التجارب من قبل طلاب السنة الثانية لدراسات عليا في اليونان من أجل إجراء امتحاناتهم في جامعة قبرص لشهر كانون الثانييناير.
و يخطط الاتحاد الأوروبي لدمج واقع الكابوس هذا للعمل الرقمي عن بعد في تشريعاته، بمباركة من اتحاد الصناعيين الأوروبي (“BusinessEurope”) والأرستقراطية العمالية التي باعت ذمتها و هي تلك المنضوية في كونفدرالية النقابات الأوروبية (ETUC).
كما و يُستخدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية من قبل الآليات القمعية للمراقبة الجماعية، و ممارسة أرباب العمل للترهيب، و لممارسة مراقبة منهجية لأي صوت جذري و لكل مقاومة للسياسة المناهضة للشعب، و من أجل تشديد القمع من خلال استخدام تقنيات كالتعرف على الوجوه ضد المتظاهرين، كما و البيانات البيومترية أيضاً و معالجة الملف الشخصي، بالإضافة إلى ما يسمى بالأسلحة الفتاكة.
و في مركز الاهتمام يتواجد التطبيق المتزايد باستمرار للذكاء الاصطناعي وتقنيات الحرب الحديثة، والحرب الإلكترونية القائمة بين الدول الرأسمالية، و بين مجموعات الأعمال من أجل الطائرات بدون طيار وما يسمى بـ “الأسلحة الفتاكة”.
و على هذا النحو، فإن دعوات الاتحاد الأوروبي لـ “الاستخدام الرشيد للذكاء الاصطناعي” في مجال العمليات العسكرية هي ذات أهداف متعددة. كغسيل و تبييض دور الاتحاد الأوروبي القذر في المخططات الإمبريالية، بينما يسعى إلى عرقلة تسليح منافسيه، بذريعة ما يسمى بـ “حساسياته الإنسانية”، لكي يكتسب مع دوله الأعضاء ميزة في إنتاج ” أسلحة فتاكة “تستخدم الذكاء الاصطناعي.
الرفاق الأعزاء،
إن طابع الدولة البرجوازية، وتوجهها المناهض للشعب وطبيعتها ، ليست نتيجة الإرادة السياسية لهذه الحكومة أم سواها. إن دورها و رسالتها هي دعم رأس المال في كفاحه من أجل تحقيق أرباح أكبر.
حيث يتطلب ضمان ربحية الاستثمارات “الخضراء” والرقمية و بنحو أشمل للمجموعات الاحتكارية، تحقيق زيادة درجة استغلال العمال، وتوسيع علاقات العمل المرنة، و وجود قوة عمل رخيصة و قابلة للتلاعب بها.
إن النمو الرأسمالي، سواء أكان “أخضر” أم لا، رقمياً أم تقليدياً، يشترط مسبقاً سحق الحقوق والحاجات العمالية الشعبية. إن النسخة “الخضراء” و الرقمية للرأسمالية لا تشكل منعطفاً تقدميا للشعوب. و لا تستطيع مواجهة التناقضات المتأصلة في النظام الرأسمالي و الآخذة في التعاظم.
و يتمثل وهم خطير في الزعم بإمكانية وجود “انتقال عادل” أو “عدالة مناخية” مع مزيج مختلف للإدارة البرجوازية، و خيار آخر لمزيج الطاقة، دون إسقاط سلطة رأس المال، كما تدعي قوى اشتراكية ديمقراطية و انتهازية.
يتصدَّر الحزب الشيوعي اليوناني تنظيم صراع الشعب في اليونان، ويكشف عن بربرية الرأسمالية “الخضراء”، مطالباً ﺒ:
– حماية الغابات وإتاحة مساحات حرة للشعب خالية من أي عمل تجاري.
– اتخاذ إجراءات ضد حوادث التلوث الصناعي الكبير.
– إقامة بنى تحتية و دعمها عبر توظيف طواقم في المرافق المختصة لحماية الشعب والبيئة من الحرائق والفيضانات والزلازل.
– تدابير من أجل صحة وسلامة العمال في مواقع العمل، و هي التدابير التي برزت ضرورتها في المعركة البطولية المنتصرة الأخيرة لعمال ميناء بيرياس ضد احتكار Cosco.
– مواجهة التحول الرقمي الرأسمالي، حيث نقوم بتشديد الصراع ضد تثبيت العمل عن بعد، و من أجل عمل مع حقوق، و مفاوضة جماعية وإلغاء جميع أشكال العمل “المطاطي”.
حيث نموذجي هو مثال إضراب عمال منصة e-food المتعددة الجنسيات ضد ابتزاز أرباب العمل القائل:”إما أن تصبح رجل عمل حر أو أو سنسرحك من عملك”، و لم يمر هذا، حتى أن نضال العمال و التضامن الشعبي الذي تلقوه، انتزع عقود عمل لأجل غير مسمى و هم يكافحون الآن بعد تشكيل نقابتهم، من أجل توقيع عقد عمل جماعي.
إن هذا الصراع المنظم ينير الطريق. و يسلط الضوء على الخصم الفعلي للطبقة العاملة، و على الدافع الفعلي المتمثل في الربح، و يسلط الضوء على السلطة الرأسمالية والسياسة البرجوازية وكل دعاتها.
إنه ينير الجوهر الذي يحتويه شعار الحزب الشيوعي اليوناني القائل: وحده الشعب هو القادر على إنقاذ نفسه و على إنقاذ حقوقه والبيئة وكوكب الأرض!
إن الرأسمالية تعيق إمكانية قيام علاقة متوازنة بين النشاط البشري والصناعي والطبيعة، في صالح الحاجات الشعبية. حيث لا يمكن للجاني أن يتحول إلى “مُنقذ”!
وحدها الاشتراكية فقط، هي القادرة على ضمان اﻹرضاء المترابط للحاجات الشعبية و الإرتقاء المستمر لمستوى المعيشة وتحسين ظروف العمل وتقليل التأثير على البيئة الطبيعية، فوق قاعدة الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج المركزة والأرض، والتخطيط العلمي المركزي للاقتصاد والخدمات الاجتماعية.
باستطاعة الإنتاج الاشتراكي احتساب جميع التأثيرات على البيئة، لأنه ينظم الإنتاج بنحو مخطط إجمالي. حيث يمكنه تحديد الموقع المناسب له، على أساس الملكية الاجتماعية للأرض، وتحديد الأنشطة و مدى فائدتها وضرورتها، أو عدم ضرورتها و مدى إضرارها بالإنسان والرفاه الاجتماعي.
إن طابع الإنتاج الاشتراكي هذا، المختلف جذرياً، هو الذي يسمح له بالرد على مشاكل الشعب فيما يتعلق بالبيئة.
و بنحو مقابل، بالإمكان تحقيق التحول الرقمي للمجتمع في صالح المصالح الشعبية، إذا ما تم اجتثاث مشكلة المشاكل الفعلية المتمثلة في معيار الربح والاستغلال الرأسمالي.
و مع أداة التقنيات الرقمية، سيعمل الموظفون وقتاً أقل، ويتقاضون رواتب أعلى، مع تحرير المزيد من وقتهم من أجل مشاركتهم في الحياة الاجتماعية.
بالإمكان تحقيق هذا عبر إسقاط نظام الاستغلال البربري، و امتلاك السلطة العمالية، والمجتمع الاشتراكي، بهدف إرضاء جميع الحاجات العمالية الشعبية المعاصرة.