هل ضحى الصدر بالكاظمي وما الثمن؟
علاء اللامي
هل ضحى الصدر بالكاظمي مقابل ثمن مجزٍ من خصومه وما السيناريوهات الممكنة بعد اجتماع الصدر بقوى الإطار التنسيقي اليوم؟ إن النقاط الست التي أعلنها حسن العذاري القيادي في التيار الصدري وقال إن مقتدى الصدر ناقشها، والتغريدة التي أعقبت الاجتماع تؤكد أن الصدر لا يزال مصرا وصامدا “حتى الآن” على مطلبه بتشكيل “حكومة أغلبية وطنية”. ولا نعرف على وجه اليقين ما معنى “وطنية” هنا، وهل هي مجرد حشو إنشائي أم انها تنطوي على مقدمة للتراجع عن “حكومة الأغلبية النيابية” لتشكيل حكومة “توافق وطني”؟ نوري المالكي بدورة هرع بعد الاجتماع مع الصدر والآخرين إلى الاجتماع بكتلته “دولة القانون” وكرر مطلبه “بالإسراع في تشكيل حكومة توافقية” متناسيا أنه رفع شعار تشكيل “حكومة أغلبية سياسية” لعدة سنوات وفشل في الاقتراب من تحقيقه فشلا ذريعا. الإطاريون نجحوا كما يبدو من خلال التسريبات في إسقاط الرؤساء الثلاثة، وفي مقدمتهم مصطفى الكاظمي. هذا الأخير استقبل الصدر بوجه شاحب بعد قليل من انتهاء اجتماعه بقوى الإطار، ولم يتسرب شيء عن هذا الاجتماع ومن المرجح ان يكون الصدر قد جاء لترضية الكاظمي وتطييب خاطره بمنصب كبير ودسم لاحقا إذا صح أنه قد أسقط من قائمة المرشحين للرئاسة! ولكن ماذا سيطلب الصدر من الإطاريين مقابل هذه الخطوة؟ طبعا، مايزال الشد والجذب متواصلا وقد يستمر ويتصاعد وقد ينزلق إلى صدامات حادة فما هي السيناريوهات الممكنة في ضوء ما حدث حتى الآن؟
السيناريو الأول: يتراجع الصدر تدريجيا عن تشكيل حكومة “أغلبية وطنية” ويشكل حكومة توافقية عادية من نوع حكومات ما بعد الاحتلال سنة 2003 مع بعض “الحباشات” والاستثناءات الصغيرة من قوى الإطار، وهذا السيناريو يطالب به جميع الساسة الكرد والسنة والشيعة إلا الصدر وبعض النواب المستقلين. ولهذا سيكون من الصعب على الصدر أن يقترب من هدفه ويشكل حكومة أغلبية قبل أن ينجح في شق تماسك وتضامن الأحزاب الكردية والأحزاب السنية المدعومة أميركيا كلا على انفراد، فحكومة التوافق مطلب أميركي بالدرجة الأولى، رغم أن واشنطن تتمنى أن ينجح الصدر بقصقصة أجنحة حلفاء إيران في العراق، ولكن حكومة التوافق تبقى الخيار الأفضل أميركيالأنها تضمن استمرار حالة التفسخ والاستنقاع والفساد وتدمير العراق وطنا وشعبا وثروات لمدة أربع سنوات أخرى وهو بلا جيش ولا صناعة ولا زراعة ولا مياه ولاسيادة!
السيناريو الثاني: يفشل الصدر في تشكيل حكومة أغلبية فينتقل إلى المعارضة لوحده ويسمح لأحزاب المنظومة الطائفية السياسية بتشكيل حكومة! وهذا خيار وطني جذري لا اعتقد أن الصدر يقدر على اجتراحه لأنه سيواجه ضغطا وتمردا داخل قيادات تياره الفاسدة والتي لا يمكنها التفريط بمناصبها ومصالحها الطبقية والانتقال الى المعارضة لتتفرج على الاخرين وهم ينهبون ويخمطون ثروات العراق، أما إذا استطاع الصدر الصمود في موقع المعارضة فالحكومة التي شكلت بدونه لن تستمر أكثر عام، وهو سيكسب شعبية هائلة تجعل انتصاره في الانتخابات القادمة كبيرا ومفاجئا للجميع. ولكنني لا أعتقد أن الصدر سيستم طويلا في المعارضة وقد يتخلى عنها .
*أما السيناريو الثالث فيتمثل في استمرار حالة الشد والجذب والمفاوضات اللامبدئية لعقد صفقة تشكيل الحكومة لزمن قد يطول فيستمر الوضع العراقي العام في حالة التفسخ والاستنقاع والفساد وقد تحدث خلال حالة الفراغ الحكومي حالات انفجار اجتماعي وجرائم تفجيرات وصدامات يقوم بها من أدمنوا على ارتكاب هذه الجرائم لتحقيق أهدافهم السياسية المشبوهة ومحاولة فتح الانسداد السياسي الذي وصلت إليه عمليتهم السياسية المريضة أصلا والقائمة على دستوري يؤدي الى هذه الكوارث تلقائيا لأنه مصمم أميركيا “تصميم المتاهة التي لا مخرج منها إلا بكسرها” لتحقيق هذا الهدف الإجرامي لتدمير ما تبقى قائما في العراق …
الخلاصة هي : حين أراد المالكي “حكومة أغلبية” ورفع شعارها باستماتة قبل بضع سنوات فقد كان يريد إقصاء الصدر من وليمة الحكم الفاسد، واليوم يريد الصدر حكومة أغلبية لإقصاء المالكي وجماعته! إن الطائفية السياسية لا تعطي ديموقراطية، والطائفيون الفاسدون ليسوا جديرين بها، ولو كانا ديموقراطيين لتحالفا وعدلا الدستور وشكلا حكومة أغلبية ديموقراطية وكافحا الفساد .. ولكن الطائفي سياسيا طائفي والديموقراطي سياسيا ديموقراطي لا علاقة تشابه وتماثل بينهما أبدا!
و #لاحل_إلابحلها ..