وثائق سويدية وعراقية مخفية آن الأوان لإطلاقها محمد السعدي كشف المؤلف ماتس إيكمان في كتابه ( صفحة 84) . طبيعة وحجم التعاون الوثيق بين جهاز المخابرات العراقي في بغداد والدكتور ( ف.ط ) طبيب من الموصل يعمل في شمال العاصمة السويدية بمدينة ( أوبسالا ) وبالتعاون مع مسؤول تنظيمات حزب البعث في السويد ( ع.م.ت) ) الذي يشرف على خلايا التنظيم للبعث ومنها خلية ( إستوكهولم ) والتي كانت تضم بين صفوفها ( ص.س) ، (ن.ب) ، (ح.غ) ، (هـ.ح) طبيب جراح دماغ ، وطبيب بيطري أسمه (ج) وآخرين ). نقطة مهمة في صفحة رقم (208) يتوقف المؤلف ماتس إيكمان عند نقطة مهمة حول ما يسمى ( إستئصال الرحم ) . كلمة السر في تنفيذ العملية ، وبعد ثلاثة أيام من عملية أزالة الورم الخبيث ، هكذا أطلقوا عليها بعد تنفيذها بنجاح ، أي تنفيذ العملية بنجاح بتقطيع جسد (م.ح) في العاصمة السويدية في يوم 4 أذار العام 1985 . حصل أتصال هاتفي مع (م.ع) على رقم هاتف البيت الذي يعيش فيه 653073. وكان يسكن شقة في الطابق السابع في إستوكهولم وهو يمارس عملاً تجارياً أيضاً، وهو قريب جداً من حادثة القتل المذكورة وهو يعمل بنفس خلية تنظيم البعث في بغداد . أجابت زوجة (م.ع) على رنات الهاتف الأرضي ( ج.ن ) ، وبادرتهم بالجواب بأن (م) في الحمام الآن . أذن أبلغيه يتصل بنا بعد خروجه من الحمام فوراً ) . لأمر هام ومهم يتعلق بطبيعة عملنا وشغلنا ، لقد وجدت جثة الرجل الذي أختفى مقطعة ومتروكة في الشارع . لم يتصل (م) بالجماعة المتصلة في ذلك اليوم ، وانما أتصل في اليوم الثاني ، وكان قلقاً ومتوتراً وصوته مبحوحاً ، وتوالت عليه الأتصالات في الأيام الأخيرة من عدة مؤسسات وجهات مختلفة وبأرقام سرية أحياناً . وأتصل به أكثر من صحفي وصحيفة لمعرفة معلومات عن الموضوع وجريمة القتل لكنه لم يجب ولا يرد على أسئلتهم واستفساراتهم ، باعتباره القائم بأعمال السفارة ووجهها المكشوف وممثلها الدبلوماسي المعترف به في السويد ، وظل يلف ويدور ويماطل الا أن وجد له مخرجا مؤقتا ، حيث أصطحب زوجته في سفرة سريعة داخل أوربا لعدة أيام عسى ولعل تهدأ الامور ، متنقلاً بين عدة بلدان مجاورة لعل الصحافة السويدية ومنابر الأعلام الاخرى تكف عن نشراتها اليومية في متابعة ملف هذه القضية والتي باتت لغة الشارع وحديث المحللين والصحفيين وتساؤلات الناس وحديث الصحافة ومتابعة التلفزة عن تفاصيل ما حدث عن واقعة مروعة هزت هدوء طبيعة المجتمع السويدي ، فمن الطبيعي أن القتلة قد غادروا السويد وبدون رجعة بتخطيط مسبق ومدروس وبوثائق يكفلها العرف الدبلوماسي في تجاوز حدود البلد ، كما تأكد من ملفات التحقيقات السويدية التي أعلنتها فيما بعد بجزئها المهم أمام الرأي العام ، أنهم غادروا بنفس يوم الجريمة ، وتركوا الاراضي السويدية بعدة إتجاهات ومن ذلك اليوم ولم يعد أثراً لهم يذكر ، وما زالت السلطات السويدية تخاطب العراق من أجل تسهيل مهمتها في التحقيق مع موفق عبود لإنهاء هذا الملف الشائك والمعلق في أضابير أروقة الشرطة السويدية ، ومن أجل الحصول على معلومات أضافية حول اللقاء الذي تم بين ( أولف بالمه ) رئيس الوزراء في الحكومة الاشتراكية وبين محمد سعيد الصحاف و(م.م.ع) ، الذي صادف بنفس اليوم الى اغتيال رئيس الوزراء ( أولف بالمه ) ومازال ملفه مفتوح ولم يغلق . تحاول الشرطة السويدية بين الحين والآخر بأثارته لكنها لم تحصل على نتائج كافية ومعلومات كاملة بسبب ممانعة العراق في التعاون مع هذا الملف من قبل النظام السابق والنظام الحالي على حد سواء. ولد أولف بالمه عام 1927 لأسرة من الطبقة الثرية في مدينة إستوكهولم ، وتمكن في بداية مشوار حياته أن يتقن أربع لغات بطلاقة الى جانب لغته الأم السويدية ، وهي الإنكليزية ، الفرنسية ، الألمانية . كما كان ملماً بقواعد اللغة الإسبانية . أصر بالمه على إبقاء النموذج الاقتصادي السويدي مصمماً خصيصاً لتلبية أحتياجات الشعب والوطن ، لذا فقد عارض الدعوات الى عسكرة الاقتصاد السويدي ، ودعا أولف بالمه في عام 1982 إلى تطبيق سياساته الاقتصادية الاشتراكية التي تسعى لتحقيق دولة الرفاه الاجتماعية لجميع أبناء الشعب السويدي . كان أولف بالمه كذلك من أشد المعارضين لدخول السويد في مجموعة السوق الاوربية المشتركة مبرراً موقفه بالحفاظ على الحياد الذي تميزت به السويد لسنوات طويلة قبل دخولها الاتحاد الأوربي في منتصف التسعينات من القرن الماضي ، لكن بالمه كان يسعى في نفس الوقت لتمتين أواصر الصداقة والعلاقات الطيبة بين دول السوق نفسها ، لأنه كان يدرك الذنوب الأخلاقية للأنظمة الاستعمارية ، فقد كان من أوائل من طالبوا عبر البرلمان السويدي بدعم الشعوب والدول الفقيرة بمشاريع التطوير والبناء والتنمية . ويتذكر العرب أولف بالمه باعتباره مناصراً للقضية الفلسطينية ومن الأمور التي جلبت غضب قوى غربية له دعوته لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لزيارة إستوكهولم عام 1983. لقد جعل بالمه الولايات المتحدة تغضب عندما أنضم الى تظاهرة ضد حرب فيتنام مع سفير فيتنام الشمالية في ستوكهولم عام 1968، وليؤكد على مواقفه المبدئية متصدراً مظاهرة شعبية مشابهة في مدينة مالمو ثاني أكبر مدن السويد ، وكانت التظاهرة هذه المرة ضد دخول جيوش الاتحاد السوفيتي مع قوات حلف وارسو إلى تشيكوسلوفاكيا ، كما ساند كفاح شعب أفريقيا لإنهاء نظام الفصل العنصري ، وكان الرئيس أولف بالمه يوصف في أفريقيا بأنه صوت السويد في عالم الرجل الابيض . في منتصف ليل الثامن والعشرين من ( شباط ) عام 1986 وكان أولف بالمه لازال يشغل منصب رئيس الوزراء وزعيم في الحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي يعتبر من أقدم الأحزاب السويدية في مملكة السويد ، وأثناء خروجه من دار السينما في شارع ( سفيافاجين ) ليستقل قطار الانفاق المحلي بالعاصمة إستوكهولم برفقة زوجته ومن دون حراسه ، تعرض أولف بالمه للإغتيال بطلقتين من مسدس قديم عمره أكثر من نصف قرن . القاتل بقى مجهولاً الى يومنا هذا ، وكلما فتح باب الاتهامات والنظريات حول جريمة الاغتيال تعود وتغلق حسب الادعاء السويدي بعدم توفر الأدلة . وأن المتهم الرئيسي في الاغتيال ( كريستر بيترسون ) تم إطلاق سراحه بعد عام من الاغتيال بسبب عدم كفاية الأدلة رغم تعرف أرملة أولف بالمه ( ليزبت ) عليه أثناء المحاكمة باعتباره الشخص الذي أطلق النار على زوجها وهي برفقته ، وحفظت ملامح وجهه وهو يطلق النار على زوجها ، ليلقي مصرعه لاحقاً في ظروف غامضه في عام 2004 ولا سبب يذكر أو أعلان على موته المجهول ، وهذا يدخل ضمن سيناريوهات عمل المخابرات الدولية ونظرية المؤامرة ، أن سياسات أولف بالمه كانت تقف في تلك الفترة الحساسة في العلاقات الدولية بشكل واضح الى جانب الحقوق المشروعة للشعوب حول العالم . مما رجح نظريات المسؤولية عن الاغتيال طابعاً دولياً باتهام جهات عدة صاحبة مصلحة في أبعاد بالمه عن مسرح السياسة الدولية مرة واحدة والى الابد . ويعتبر ملف قتل الضابط ماجد حسين من أقدم الملفات في أضابير الشرطة السويدية الذي لم يغلق الى يومنا هذا بسبب ضياع الخطوط المهمة في الملف ووضع العراق الحالي المرتبك سياسياً زاد من عمليات التعقيد في متابعة الملف وتحقيق خطوات تذكر ، رغم أن هناك أكوام من الاوراق حبيسة في أدراج خزانة المخابرات السويدية ووزارة الخارجية ولنشاط محطات المخابرات العراقية وسطوتها وقوة أنتشارها في أوربا ، الى مستوى من الاهمية طالما أستعانت المخابرات السوفيتية KGB بالمخابرات العراقية في كشف القواعد الامريكية وحجمها في أسبانيا ، بسبب طبيعة العلاقات المتوترة بين الاتحاد السوفيتي ودولة أسبانيا ضمن سيناريوهات الحرب الباردة والتي كانت تحدد طبيعة وألية العلاقات بين الشعوب والأمم ، كان من الصعوبة على المخابرات السوفيتية التحرك على الاراضي الاسبانية فاستعانت بالمخابرات العراقية لحجم قوتها في أوربا . كان برزان التكريتي مدير المخابرات يتباهى فيما وصل له حال العراقيين في الخارج من مشهد تراجيدي ، وقد نقل على لسان ضابط عراقي عن قول برزان التكريتي عندما كان مديراً للمخابرات العراقية ’’ يكفينا فخراً أن المعارض العراقي الموجود في واحدة من مقاهي باريس أو براغ ، عندما يحاول أن ينتقدنا سيلتفت يميناً أو شمالاً خوفاً من وجود ضابط مخابرات عراقي بجانبه ’’. وهذا هو حال الواقع الذي كان ينتهجه العراق تجاه معارضيه بالقتل والاغتيال وشراء الذمم ، وفي المقابل هناك صمت مطبق عالمياً وعربياً ومن مؤسسات مدنية معنية بحقوق الانسان . السويد نموذج كانت تغض النظر عن تلك التحركات ضد حقوق الانسان مقابل المقايضة في مصالح تجارية وأرباح عمل شركات . الكاتب السويدي ماتس إيكمان، ينقل عن وثائق المخابرات السرية السويدية ، أن أكثر من 100 عميل، كانت قد جندتهم مخابرات صدام ليعملوا في السويد وحدها خلال فترة السبعينيات وحتى سقوط حكم البعث 2003. ويطرح الكتاب جملة تساؤلات حول تقاعس حكومة السويد في الحد من نشاط شبكة مخابرات صدام، بسبب العلاقات التجارية والمصالح المشتركة . النظام العراقي السابق بنى منظومته وأجهزته المخابراتية ومحطات القتل بأموال طائلة درت على العراق في مطلع السبعينيات من عائدات النفط المتدفقه بعد تأميمه من الشركات الاحتكارية ، وهذا جاء منسجماً مع عقلية وسياسة النظام ونهجه في الحكم وأساليبه في أدارة دفته . في تجربة شخصية لي العام 1987 . كنت معتقلاً في بناية الشعبة الخامسة التابعة الى مديرية الاستخبارات العسكرية لانتمائي الشيوعي ، وكان الذي يجري تحقيقاً معي في ساعات متأخرة من الليل الموحش والمخيف ( خليل العزاوي ) , وكما عرفت لاحقاً ومن خلال الوثائق التي سربت ونشرت بعد إحتلال العراق , كان رجلاً مهماً ومدير الاستخبارات العسكرية في لحظات الخوف والموت بدهاليز الشعبة الخامسة ، لا اعرف الى الان كيف لاح أسمه في ذاكرتي وطفر الى مخيلتي أنه أحمد العزاوي وليس خليلا في جلسات التحقيق والتعذيب الليلية الرهيبة . هناك أطنان من الوثائق تركها النظام مركونه ومغبرة في دهاليز الاعتقال والموت فسيطر عليها الامريكان في دوائر القمع ونقلوه الى خارج العراق ، وبعد سنوات من حكرها والأستفادة من المفيد منها رجعوا وعادوها الى العراق مرة أخرى وسلموها الى الاحزاب التي أتت تحت أجنحتهم أنها تحوي على أسرار وصفقات وعمالات خطيرة تهم عمل المعارضة العراقية السابقة وحجم الاندساس ووكلاء أمن ومخابرات واستخبارات داخل تنظيمات أحزاب المعارضة وبعضهم ممن تبوأ مراكز قيادية مهمة وشاركوا في إعدام ناس وتحطيم عوائل كاملة وتدمير عقلية مجتمع كامل وهو يئن تحت سيطرة الخوف والرعب مما حطمو من بنائه الداخلي في قوته الايجابية وبناء مجتمع سليم ومعافى . افراج وثائق لماذا لم تطالب منظمات مجتمع مدني ودوائر حقوق أنسان ولجان نزاهة وأحزاب سياسية بالإفراج عن تلك الوثائق المخفية والمخيفة وفضح محتوياتها الخطيرة امام الملأ ؟؟. مازال محشوراً في يومياتي ذات مساء يوم صيفي رطب ، كنت منهكاً من اليوم الذي سبقه وما لاقيته من تعذيب وحش ومرعب ولئيم ، حيث نقلت الى مديرية الأمن العامة مقيد اليدين معصوب العينين حاملاً معي خيبات الزمن اللعين وأفاق التجربة ، في ذات الغرفة المربعة أجلسوني على كرسي غير مريح ، وظهر أمامي شخصان خلف طاولة خشبية بنية اللون ، تتكدس فوقها أضابير وأوراق مبعثرة على طولها ينظران لي من خلفها بأمعان بعد أن رفعوا الغطاء عن عيني ، كانت عبارة عن خرقة سوداء ونتنة ربما رائحتها النتنة هي التي دعتهم أن يرفعوها عني ، ومباشرة فتحوا معي أضبارة جديدة بتحقيق جديد لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بأساليب ورعب ومعلومات التحقيق في الشعبة الخامسة في مدينة الكاظمية ، فكانت ألية وعمل تلك الاجهزة مركبة على بعضها وتسعى كل واحدة منها على حساب الاخرى بتحقيق أنجازات على حساب قتل الانسان وإرضاء مرؤوسيهم وطمعاً في التكريمات والمناصب والهدايا . فهذه التركيبة المخابراتية المعقدة في أليات عملها وتحركاتها أمتدت الى محطاتهم المزروعة في دول العالم ، فاكثر من جهاز ومديرية تتحرك على أرض بلد معين ولا هناك حد معين من تنسيق ما بينهم أو نوع من الصداقة والعلاقة بينهم ، بل لايسمح أن يتعارفوا على بعضهم ، وان تمت ذلك سوف يقومون باجراءات التنقلات اللازمة لتفادي الفضيحة وتحسباً لأي طاريء . مره سألت رجل الاستخبارات العسكرية علي منصور الدايني في مدينة مالمو السويدية عن موقع الكاظمية ( الشعبة الخامسة) ففادني أن في هذا الموقع 16 شعبة من مجموع 17 شعبة تابعة للجهاز ولم نعرف بعضنا بل لايسمح لنا بإقامة علاقات مع بعضنا وهذا ضمن القسم الذي أقسمنا عليه في أنتمائنا للجهاز ، إضافة الى ذلك في حالة تسريب أي معلومة مهما يكن حجمها أو يبلغ ضررها ستلاقي عقوبة الإعدام في حالة أفشائها . بعد أن قضيت أياما من التعذيب والخوف في مديرية الامن العامة أعادوني ثانية الى بناية الشعبة الخامسة في مدينة الكاظمية وبنفس الزنزانة رقم ثلاثة ، ألفت تلك البطانية السوداء ورائحتها ودبيب القمل عليها ، وبعد أن أنهوا مجريات التحقيق الأخيرة معي في بناية الشعبة الخامسة ونتائجها التي لم ترضهم على مؤشرات مرضية لهم ، بدأ الضغط بتهديدهم لي وشد الخناق علي بسحقي وقتلي مع أهلي ، بعد فترة قصيرة أحالوني الى ( محكمة الثورة ) السيئة الصيت مع مجموعة يقدر عددهم 12 معتقلاً من تنظيمات حزب الدعوة ، نقلونا من بناية الشعبة بسيارة مغلقة ومظلله مقيدي الايادي بسلاسل حديدية كل معتقلين مع بعض ومعصوبي العيون ، كانت مجموعة جاسم ونهاد مما تختزنه ذاكرتي من أسماء ، دفعونا الى أقفاص الاتهام وجهاً لوجه أمام رئيس المحكمة ( عواد البندر ) . وبدأوا بقراءة لائحة الاسماء مع كل واحد والتهمة الموجه اليه ، وفي موقف لم يمر على البال أدى الى فوضى مفاجئة عمت قاعة المحكمة صرخ أحدهم سيدي مخاطبا رئيس المحكمة .. أشلون يصير ومحكمتكم الموقرة تستند في أدعاءاتها على واحد لوطي وساقط خلقياً ؟. قال عواد البندر .. ولك من هذا اللوطي. سيدي جاسم وجاسم هو المعترف على المجموعة في الانتماء لحزب الدعوة والتخطيط في تفجير معسكر عراقي . انحراف اخلاقي بدأ جاسم وبكل جرأ وشجاعة يتحدث عن أنحرافه الاخلاقي وعم الهرج والاستهزاء والتصنيف وقهقهات الضحك ، كنا جزء من العرض المسرحي .. مما دعا رئيس المحكمة الى تأجيل جلسة المحاكمة .. وهنا كتب لي عمر جديد ، أعادوني الى نفس الزنزانة المخيفة والتي تحمل رقم ثلاثة ، وأنا حزين لأني كنت أتمنى شهقات الموت السريعة . أنتظر قرار الموت باي لحظة حسب تبليغات الحراس لي ، أنه سيتم أعدامي قريباً ، ولم يعد هناك مخرج ينقذك بعد أن ادنت بجريمة خيانة الوطن ، كنت متمسك بموقفين أما الموت وهذا ما كنت أتمناه بأي لحظة أو الخلاص من قبضتهم نظيف القلب واليدين والضمير ، فلم أسبب أذى للعوائل والأصدقاء الذين ساعدوني في الاختفاء والتنقل ولولاهم لم أكن حياً الى الآن ، بيت عبد الخالق مطلك الدليمي في مدينة الشعب ، وعائلة الحاج غازي في مدينة الكاظمية ، وعائلة بيت منصور في مدينة الشعلة ، وعائلة عبد الرحمن دبش في مدينة الحرية الثالثة ، وبيت علي وعالية في مدينة الدورة ، وبيت سعد البياتي في شارع 52 ، وبيت قصي ( أبو نغم ) في مدينة النهروان وعشرات العوائل أخرى قرأت سلسلة حلقات برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين ، والذي رافقه منذ كان عمره 12 عاماً في أنقلابات البعثيين المعٌرة في القصر الجمهوري الى أن أصبح رقما مخابراتيا مخيفا في العراق . يكتب اليوم مذكراته يتنصل بها عن أي مسؤولية لحقت بالعراقيين الحيف والظلم وكأنه ذاكرتهم مثقوبة ، يطلع علينا السيد برزان أنه كان حمامة سلام وسط صقور جارحة ، وكان هو يحلق ضدها أي كان ضد سياسة أخيه صدام ونظامه ، ربما نسى من كان يصدر الاوامر الى المجرم جاسب السماوي في قسم الاعدامات في سجن أبي غريب ، الى الأن برزان لم يتحفنا في أوراقه الغابرة حول ملف الشيوعيين والغدر بهم وقتلهم وشواهد قبورهم . والى الأن لم يكشف لنا ، وهذه مسؤولية أخلاقية وتاريخية حسب ما يدعي كان نهج ممارسات السلطة ورموزها في تعاملهم مع الشعب العراقي . كانت هناك صحف عربية ومجلات مشتراة من البعث وبتمويل كامل لتلميع وجه النظام والاف من العملاء والجواسيس والوكلاء الموجودين في الخارج وشخصيات ومنظمات وأحزاب راحوا مع عورتاهم بذهاب النظام . قرأنا أجزاء مهمة من كتاب ( مهمة من بغداد ) بمساعدة صديق يجيد اللغة السويدية بشكل جيد بمدلولها السياسي ووجدنا في صفحات الكتاب معلومات مبنية على أراء وأحتمالات وتقديرات بعيداً عن الحقائق أي ضمن سياقات حبكة الهدف والاشاعة وتوجد دلائل ايضا تفقأ بها الارض ، سنستمر في متابعتها في أكثر من محادثة تلفونية مع الكاتب ماتس إيكمان صاحب كتاب ( مهمة من بغداد ) . كان في البدء متوجساً في الحديث معي بتوجيه اللوم نحوي باعتقاده الشخصي أو ضمن المعلومة الخاطئة التي تسربت له وهي .. أنا من قمت بترجمة كتابه بدون الرجوع له وأخذ موافقته حسب أصول دور النشر والطبع والقوانين المعمول بها ضمن العمل الطباعي والنشر وحقوق الناشر ودار النشر ، وبعد أن شرحت له موقفي ونيتي ، أنا لست مترجما وأنما بادرت بقراءة نقدية وبمثابة أستعراض حول ماهية الكتاب والمعلومات المنشورة على جنباته من واقعيتها والسقطات التي تخللته من مبالغات من جملة أحداث مهمة ، وكوني عراقيا وسياسيا ويعنيني هذا الآمر وعشت تجربة أعتقال وتعذيب ، كادت أن تنهي حياتي بسبب معتـــقدي السياسي (الفكري).