علي حسين
أُبشّركم أنّ هناك محاولات “مستميتة” لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فنحن في زمن لمّ “الكراسي”، ومثلما سمحنا لـ”أبو مازن” أحمد الجبوري بأن يصبح قائداً “صنديداً”، ولعالية نصيف أن تصنف ضمن قائمة أقوى “النساء” صراخاً،
وأن يحدثنا نعيم عبعوب عن المدن الذكية وهو ينافس طوكيو ويناطح دبي ويسخر من سنغافورة، لكن للأسف اختفى في ظروف غامضة، واختفت معه أحلام إقامة دولة على طراز ألمانيا واليابان، واكتفى عبعوب “مشكوراً” بشراء فيلا في إحدى المنتجعات الأوروبية ليطبق عليها نظريته في غزو الفضاء، بعد أن احتل “اشباهه” كل مفاصل الدولة العراقية.. ولأننا اليوم لا نريد أن نتحدث عن القادة “العظام” سنكتفي بالحديث عن البشر الذين لا يصرون على استعباد الناس وقهرهم تحت شعارات الوطنية والقومية ، بشر مثلنا لا يسعون الى فتح أبواب التنكيل والتهميش والإقصاء والقتل، ويغلقون نوافذ التسامح والمحبة والعفو. ومن هؤلاء البشر الصالحين والبسطاء البابا فرنسيس، الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه ويعيش معه العالم كل يوم صورة من صور المحبة . الرجل الذي تجاوز عقده الثامن ، حمل سنينهُ المتعبة وحط الرحال في مخيم للمهاجرين في جزيرة ليسبوس اليونانية من أجل الدعوة إلى دمج أفضل للاجئين في أوروبا.. ساهدنا البابا وهو يتالم على معاناة الهاربين من بلدانهم. قال إن على العالم أن يعامل اللاجئين بإنسانية أكبر. ربما سيخرج علينا البعض، ممن يضربون كفاً بكف وهم يقرأون أن الرجل الثمانيني قطع مئات الكيلومترات متحدياً فايروس كورونا لأنه يريد أن يواسي المساكين، في الوقت الذي يريد ساستنا أن يثبتوا للعالم أنهم أقوى من مشاهد العطف وأن لا مكان للضعف في هذه البلاد، فالبقاء للأقوى والذي يملك النفوذ والسلاح ومعه الأموال التي نهبت في وضح النهار.
أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء المستقبل العظيم الذي سيصنعه لنا خميس الخنجر، وبتقلبات حنان الفتلاوي التي تصر على أن نظرية 7 × 7، باقية وتتمدد.
قداسة البابا أرجوك أن تحدّثهم عن الإنسانية والمحبة. ذكِّرهم بكلمة اسمها التسامح، وبمفردة اختفت من قاموس السياسة العراقية اسمها العدالة الاجتماعية، عسى أن يعرفوا أنّ صور البلدان الغارقة بالعبث والخراب لن تستمر طويلا ، وسينتهي زمن السياسي الذي يحمل الوطن في جيبه ، لا في قلبه .
صحيح أنني صدّعت رؤوسكم بالحديث عن التسامح ونسيان الماضي، نعم أنا مع نسيان الماضي وقد اخترت الكتابة عن التسامح الذي يصنعه رجال دولة حقيقيون لا تجار صفقات في الغرف المغلقة، للاسف المواطن العراقي دفع ويدفع ثمن غياب المسؤولية الوطنية .