إيران تقطع روافد دجلة وأربيل تحمل بغداد المسؤولية!
علاء اللامي*
سأورد في هذا النص تصحيح معلومة للسيد وزير الموارد المائية الاتحادي ضمن خبر قيام إيران بقطع نهر سيروان 100% عن العراق وتحويها نهري الزاب الأعلى والأسفل الى داخل أراضيها: أعلنت وزارة الزراعة والموارد المائية في الإقليم قبل أيام أن إيران قطعت مياه نهر سيروان بنسبة مائة بالمائة، وحولت مجريي نهري الزاب الأعلى والأسفل الى الداخل الايراني، وأن المنطقة تواجه خطرا شديدا بعد ظهور أثر واضح لهذه الإجراءات الايرانية. المتحدث باسم الوزارة في الإقليم قال إن هذا الموضوع من مسؤوليات الحكومة الاتحادية في بغداد وطالبها بالتدخل، وبهذا الصدد يمكن تسجيل الآتي: *لا يمكن بأي شكل من الأشكال تبرير هذه الإجراءات الايرانية وحتى لو كانت ايران – كما يقول البعض – تعاني من ضائقة بسبب شحة المياه -وهو قول صحيح – فحتى في حال كهذه فإن على إيران أن تستجيب لطلب العراق بتطبيق مبدأ تقاسم الضرر الناتج عن ظروف طبيعية كما فعلت السلطات التركية والسورية وعدم تحميل العراق وشعبه تبعات هذا الظرف الاستثنائي واتخاذ إجراءات غير طبيعية تفاقم الكارثة الطبيعية على العراقيين. *صحيح أن تركيا مجبرة على إطلاق كميات من المياه جنوبا لتوليد الطاقة، ولكنها بالنتيجة أطلقت كميات منها لتقاسم أضرار الجفاف والشحة المائية الحالية وهذا ما فعلته سوريا كما قال الوزير الحمداني، وينبغي ان يكون هذا الواقع القاسي حافزا لدفع تركيا لتوقيع اتفاقية دولية ملزمة لتقاسم المياه مع دولتي المصب سوريا والعراق والبدء عراقيا وسوريا بتدويل المشكلة في حال استمرار الرفض التركي. * أما بخصوص إيران التي تتمنع وتماطل في الجلوس الى طاولة المفاوضات كما قال الوزير العراقي – الاتحادي – المختص مهدي رشيد الحمداني، في لقاء معه أجراه التلفزيون الرسمي قبل بضعة أيام وإن نسبة الوارد المائي من إيران بين عشرين وثلاثين بالمائة؛ فينبغي أولا تصحيح المعلومة الأخيرة حول هذه النسبة التخمينية الفضفاضة والتي لا يمكن أن نتوقعها من الوزير المختص بشؤون المياه وذات الفرق الكبير بين حديها 20 و30، إذ تؤكد كل الإحصاءات الموثقة في المراجع العلمية ومنها كتاب الأستاذ فؤاد قاسم الأمير “الموازنة المائية في العراق وأزمة المياه في العالم” هي بين 11.8 و 12% دون حساب مياه الكارون التي اعتبرت هي والنهر ضمن الأراضي الإيرانية بعد أن أهداها صدام حسين للشاه في اتفاقية الجزائر سنة 1975، وفي السنوات اللاحقة “أغلق عملياً مصب الكارون في شط العرب، وحول مساره ليسير في موازاة شط العرب ليصب في الخليج” فلم يعد يعتبر من الأنهار الصّابة في المياه العراقية وهي أصلا، وقبل ذلك، كانت مفيدة فقط في صد اللسان الملحي الصاعد في شط العرب والذي دمر غابات النخيل العراقية على جانبيه، ولم تكن تستغل في الزراعة او الشرب إلا قليلا جدا، وحتى بحساب مياه الكارون، فلن تصل النسبة إلى عشرين بالمائة أما المياه التي تغذي دجلة مصدرها الأراضي العراقي فتصل الى 32%. غير أن نسبة 12% الواردة من إيران هي نسبة مهمة جدا، خصوصا وانها تؤثر بقوة على مناطق محددة وخصوصا في محافظة ديالى والسليمانية، وإذا كان لدى الوزير مصدر آخر للنسبة التي ذكرها فليتفضل ويطرحه على الرأي العام. وينبغي ثانيا، مواجهة إيران دبلوماسيا واقتصاديا بشكل أقوى وعدم الاكتفاء بالتهديد بعرض المشكلة دوليا وانتظار أن تفرج الخارجية العراقية عن مذكرة رسمية نائمة -ضد إيران فقط – في أدراج الوزير بهذا الخصوص، ومن أساليب المواجهة الدفاعية مع إيران وقف أو تخفيض المستوردات الضخمة منها، واتباع أساليب دبلوماسية نشطة وقوية بهذا الصدد، حتى تستجيب لمبادئ الحق والعدل وحسن الجوار فمصلحة العراق وشعبه هي الأولى أولا وأخيرا. إن اكتفاء السلطات العراقية بالتفرج والتلميح بالتدويل لن يفضي الى نتيجة وسيؤدي الى كارثة تلو اخرى وسينتهي النصف الآخر من الزراعة العراقية التي قررت الحكومة انهاء نصفها هذا العام وستحاسب هذه السلطات إذا تفاقم الوضع على تهاونها وفشلها في ادارة هذا الملف الخطير الذي يتعلق بحياة الملايين. *أما اعتبار سلطات الإقليم هذه المشكلة من مسؤولية الحكومة الاتحادية فهو كلام حق يراد به باطل، فهذه السلطات العائلية الإقطاعية الفاسدة التي تشكك حتى بوجود وكيانية العراق وتعتبره كيانا مصطنعا كما قال مسرور البارز اني قبل أيام تتحمل كامل المسؤولية عما آل اليه وضع محافظات الإقليم منذ انفصلت عمليا “سياسيا إداريا وأمنيا” عن الدولة العراقية الاتحادية ولم تُبقِ على شيء منها سوى على المطالبة بحصة الاقليم من الموازنة العراقية العامة المتأتية في مجملها من عائدات نفط الجنوب العراقي فيما تثري العوائل السياسية المتسلطة من نفط الاقليم المصدر بشكل لا دستوري وبالتواطؤ مع الساسة الشيعة الفاسدين المهيمنين على المنظومة الحاكمة بحماية التوافق الاميركي الايراني. استدراك: قبل أن أنشر هذا المنشور بساعات اطلعت على تصريح للمتحدث باسم موارد المائية الاتحادية السيد عون ذياب كرر فيه نسبة المياه الواردة من إيران إلى العراق كما وردت في كتاب الأستاذ فؤاد قاسم الأمير سالف الذكر وقال ذياب (إن 66% من مياه دجلة والفرات تصل من تركيا، وترفد إيران النهرين – الأدق دجلة فقط – بـ 12% والباقي من داخل العراق/ الرابط أدناه). نأمل أن يكون الرقم الذي ذكره السيد الوزير مجرد لِبْسٍ بسيطٍ وزلة لسان بريئة وليس وراءه أسباب أخرى قد تكون سياسية. *الصورة لنهر الزاب الأسفل من تقرير اخباري بعنوان خبراء يحذرون من اختفاء نهر الزاب الأسفل. *رابط لخبر تصريح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية: https://baghdadtoday.news/ar/news/174898/%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%83
Re: مقال