كيف تم تخريب الاقتصاد العراقي تحت راية “الليبرالية الجديدة”!
علاء اللامي*
في كتابه المرجعي المهم “رأسمالية الليبرالية الجديدة -النيوليبرالية” يناقش الباحث فؤاد قاسم الأمير واقع الاقتصاد العراقي بعد الاحتلال الأميركي سنة 2003، وماذا فعلت به السلطات الجديدة. ويكشف المؤلف عن التزوير والأكاذيب الكثيرة التي رُوِّجت من قبل ساسة وإعلامي واقتصاديي المنظومة الحاكمة لليبرالية الجديدة، حيث احتجوا زورا بالدستور الاحتلالي لتبرير جملة الإجراءات والقوانين والتطبيقات المدمرة للاقتصاد العراقي. إن من يريد أن يفهم واقع الاقتصاد العراقي المزري ومستقبله المظلم وأسباب التدمير والخراب الحالي لا بد له من فِهم الجذور العميقة لهذه الأسباب ولهذا الواقع، وكتاب الأمير يقدم لنا فرصة ممتازة لفهم كل ذلك بأسلوب علمي وموثق ومبسط؛ فهو يكتب، وسوف أورد الفقرات أدناه بشيء من الاختصار، ويمكن للقارئ أن يراجعها نصا في نسخة الكتاب الإلكترونية، فثمة رابط يحيل الى تحميلها مجانا وبسهولة في نهاية المنشور، كتب:
*يقول العديد من السياسيين والاقتصاديين العراقيين إن الدستور العراقي الذي أقرَّ سنة 2005 ينص وفي أكثر من موضع فيه على وجوب تحول الاقتصاد العراقي إلى “الليبرالية الجديدة”، وأحيانا يستخدمون مصطلحات “تحرير الاقتصاد” أو ” لبرلة الاقتصاد” أو “تحول الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد السوق”. إن الدستور، رغم تلك الفخاخ فيه، إلا أنه لا يسمح مطلقا- مثلا – بخصخصة النفط كليا أو جزئيا – من خلال عقود المشاركة في الإنتاج، ويؤكد على مركزية القرار النفطي الرئيسي وحصر التصدير بيد السلطة الاتحادية.
*لا يوجد في الدستور العراقي فيما يتعلق بهذا الموضوع – الاقتصادي – عدا ما جاء في المواد (25) و(26) و(27). فالمادة (25) نصت على أن “تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة بما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته”. والمادة (26) تنص على أن “تكفل الدولة تشجيع الاستثمار في القطاعات المختلفة وينظم ذلك بقانون”. والمادة (27) تنص على “أولا: للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن”. ثانيا: تنظم بقانون الأحكام الخاصة بحفظ أموال الدولة وإدارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الأموال“.
يرجح المؤلف أن تكون المادة (26) هي التي شجعت على ربط الموضوع بالليبرالية الجديدة، أو ربطه بتعابير “السوق الحرة” أو “اقتصاد السوق” أو “تحرير ولبرلة الاقتصاد” – وسيشرح المؤلف جميع هذه المصطلحات وغيرها وبشكل مبسط ومسهب في كتابه، ليس دفاعا عنها، أو عن الدستور الذي يصفه بالملغوم، بل كشفا لأكاذيب مروجي الليبرالية الجديدة التابعين للاحتلال الأميركي باستعمال نصوص دستورية. وهذه كلها، كما يقول “تعابير حديثة بُدء باستعمالها في ثمانينات القرن الماضي لتشير بشكل أو بآخر إلى رأسمالية الليبرالية الجديدة، وهذا التفسير غير عملي أو منطقي، إذ على الدولة بموجب هذه المادة الدستورية “إصلاح الاقتصاد العراقي” والليبرالية الجديدة هي “تخريب للاقتصاد“.
*إن “أسس الاقتصاد الحديثة” الواردة في الدستور، حسب فهمي، هي تلك التي تلائم حاجات ومتطلبات الشعب العراقي، وقد تكون هذه السياسات الاقتصادية اشتراكية أو رأسمالية منضبطة، ولكن بالتأكيد لن تكون رأسمالية الليبرالية الجديدة المنفلتة على مصراعيها، والتي تعمل على خصخصة المال العام، ولا تعمل على تحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية للشعب العراقي.
*”أن ما جاء في المادة (25) حول تشجيع القطاع الخاص وتنميته هو أمر مطلوب وواجب في كل الاقتصادات، وليس فقط في الرأسمالية الليبرالية الجديدة، ولكن ما نلاحظه أن الاحتلال الأميركي والحكومات التي تلته لم تقم بذلك، بل أن ما تم عمليا هو العكس تماما، إذ دُمِّرَ ما كان موجودا من قطاع خاص، وتم فتح السوق العراقية لكل البضائع الأجنبية”. ويوضح المؤلف أن تشجيع القطاع الخاص المفيد والإيجابي هو في القطاعات الاقتصادية الحقيقية “المنتجة” والاستثمار في داخل العراق وليس لقطاع “تجاري” مشوه يعمل على التحايل وتهريب الأرباح والثروات إلى الخارج. وأعتقد أن الأمير يقصد هنا المتاجرة بالعملة رسميا عبر “نوافذ بيع العملة” التي نُهبت من خلالها أموال العراق من قبل المسؤولين ومحدثي النعمة النافذين في المنظومة الحاكمة!
*ثم يسهب المؤلف في موضوع الاستثمار فيوضح “أن المفهوم منطقيا من المادة الدستورية “26” هو أن الاستثمار المقصود هنا هو الاستثمار الحكومي والخاص والأجنبي، ولا يوجد اعتراض على الاستثمار بحد ذاته فهو ضروري للتنمية الاقتصادية، وكان الاستثمار الصناعي موجودا في العراق قبل الاحتلال من خلال الدولة والبنك الصناعي وكان يسد هو والقطاع المختلط جزءا كبيرا من المنتجات الاستهلاكية الصناعية والزراعية التي يحتاجها المواطن، ولكن المرفوض والذي يثير التحفظات في الاستثمار المحلي والأجنبي هو أولا خصخصة القطاع العام باسم الاستثمار، وثانيا محاولة إنهاء دور القطاع العام وبيعه بسعر التراب وهذا ما تريده رأسمالية الليبرالية الجديدة، وأن المسألة المهمة التي يجب إدراكها هو حتمية أن يكون القطاع العام هو القائد في الاستثمار في العراق لأن جميع موارد البلد وثرواته بيد الدولة“.
*لقد استخدم بعض السياسيين والناشطين المناهضين لرأسمالية الليبرالية الجديدة تعبير “رأسمالية الكوارث” لوسم هذه الرأسمالية في إشارة إلى عقيدة ” الصدمة والترويع التي تبناها جورج بوش الابن في حرب احتلال العراق…إن استخدام هذا التعبير في تطبيق رأسمالية الليبرالية الجديدة هو أمر اعتمده منظرو هذه الرأسمالية ومناهضوها على حد السواء، وطالب منظرو الليبرالية الجديدة بتطبيقها في الاتحاد السوفيتي… وإن استغلال الكوارث من الحروب والحروب الأهلية والمجاعات والكوارث الطبيعية هو امر مطلوب للتطبيق السريع لهذه الرأسمالية بحجة الحاجة إلى الأموال والإنقاذ السريع ومساعدة الدول الفقيرة وغيرها من الحجج. إن “الكوارث” هي النتيجة الحتمية لتطبيق هذه السياسات!!”
*رابط أول لتحميل كتاب “رأسمالية الليبرالية الجديدة” لفؤاد قاسم الأمير”، يتطلب هذا الرابط بعض الانتظار: #تحميل_كتاب_علاء :
https://www.elsiyasa-online.com/2020/07/Capitalism-of-neoliberalism-neoliberalism-free-book-pdf.html
*رابط ثان لتحميل الكتاب: