علي حسين
عاش الفيلسوف الفرنسي رولان بارت حياته مولعاً بالصور وعلاقتها بالسياسة، ونجده يكتب : “هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور”.
في كل مرة أعتذر للقراء الأعزاء لأنني “أتفلسف برؤوسهم” وأرطن بأسماء فلاسفة وكتاب في عمود يومي مهمته تقديم الحقائق إلى الناس، لكن ماذا أفعل ؟ ، فقد تعلمت من هذه المهنة أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو تذكير الناس مرة ومرتين وثلاثاً بما يجري حولهم، ولهذا تجدني مضطراً لتكرارالأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى الصور الجديدة التي يتحفنا بها أصحاب المعالي والفخامة.
بالأمس امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي ومعها بعض الوكالات والفضائيات بصور السيد نوري المالكي وهو يذهب لزيارة السيد خميس الخنجر، وقبل أن يتهمني البعض بالتصيد في الماء العكر، ونحن نعيش في ظل ظروف “عكرة”، تتطلب التشاور والاجتماع والتباحث من أجل أن يتم تقاسم “الكعكة” العراقية بسلام، أود أن أطرح سؤالاً بريئاً ربما يسأله الكثير من العراقيين، كيف تحوّل السيد خميس الخنجر من متّهم مطلوب للقضاء بتهمة الإرهاب، ولا تسأل ما حكاية قرار مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة التي بشّرنا بها القضاء قبل أربعة أعوام، ولا تسأل لماذا أصدر حزب الدعوة قبل اعوام بياناً ثورياً أكد فيه أن “الأمين العام لحزب الدعوة نوري المالكي حريص وضمن ثوابته على عدم التواصل أو اللقاء أو دعم أي شخصية مطلوبة للقضاء أو متورطة بدعم الإرهاب، خاصة الشخصيات التي كانت سبباً في إثارة الفتن ودخول داعش إلى العراق وأن لا نية للقاء الخنجر أو الوساطة له للعودة إلى العملية السياسية”؟.. ولأنني مثل كثير من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره، لا نعرف بالضبط لماذا أخبرنا خميس الخنجر ذات يوم بأن “كل ما حدث في العراق هو بسبب الأداء الظالم لحكومة المالكي”. سيقول البعض إنه من العبث أن تتوقع من سياسيين ساهموا في نشر الخراب، أن يؤسسوا خطاباً وطنياً يرفع لواء القانون لأنهم يبنون “سلطاتهم” على تغييب القانون وامتهانه واحتقار عقول الناس.
أعرف كما يعرف ملايين العراقيين أن المصيبة فادحة، وأن ما جرى بحق هذه البلاد فوق الاحتمال، اليوم نتساءل هل نصدق الصورالتي يبتسم فيها الخنجر المالكي أم نصدق البيانات التي كانت تتطاير علينا من كل الجهات ؟ أم سنكتشف، ولو متأخراً، أن ما جرى هو طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة؟ هل نصدق أن مؤتمراً يعقد بين أصحاب الصورة سيزيل آثار الحريق؟، وسيعيد البسمة إلى وجوه العراقيين وهم يسمعون أن المصالحة المستدامة التي رفع لواءها عامر الخزاعي حققت نتائجها “العظيمة”؟ وما هي الصورة الجديدة التي ستوزع فيها الابتسامات.