بعد أربع سنوات من هزيمة «تنظيم الدولة الإسلامية» أو ما اصطلح على تسميته تنظيم «داعش» ما زالت تداعيات انهيار التنظيم المتطرف مستمرة إلى يومنا هذا على مختلف الصعد. حيث دمرت «الحرب الدولية على الإرهاب» مدناً تاريخية كالموصل والرقة، وهجرت سكانها، وخلفت آلاف المفقودين وعددا من مخيمات النازحين في العراق وسوريا. هذه المخيمات مليئة اليوم بالأطفال والنساء الذين يشكلون الفئة الأضعف في الصراعات، التي أفرزتها طبيعة «الأنظمة المستبدة» في الشرق الأوسط التعيس.
ما يزيد الأمر صعوبة وتعقيداً أن هذه الحروب تم خوضها من خلال الاستعانة بميليشيات محلية وأخرى أجنبية ذات بعد طائفي وقومي.
والطابع العام لسلوك هذه الميليشيات قد أخذ شكلاً أنتقامياً في بعض الأحيان. هكذا يعاني سكان المخيمات عموماً من سوء معاملة القائمين على أمنها، ورميهم بتهم التواصل مع خلايا تنظيم «داعش». إضافة إلى استغلال الأطفال بهدف الإدلاء بمعلومات عن ذويهم ومعارفهم، ناهيك عن التحرش الذي تتعرض له النساء، وسوء الخدمات الطبية، وتجاهل الدعم النفسي لضحايا هذه الحروب.
بالأمس نشر موقع درج الإلكتروني خبراً موجزاً لكنه كان صاعقاً بما يكفي ليحوز على اهتمام رواد وسائل التواصل الاجتماعي. يقول الخبر» وسط ظروف سياسية واجتماعية قاتمة، أصدرت «مفوضية حقوق الإنسان المستقلة» تقريراً يُظهر أرقاماً صادمةً تفيد بأن 5 ملايين يتيم في العراق يشكلون نحو 5 في المئة من إجمالي الأيتام في العالم. كما أشارت إلى انخراط مليون طفل عراقي في سوق العمل، إلى جانب وجود 45 ألف طفل بلا أوراق ثبوتية رسمية، لانتماء آبائهم إلى تنظيم «داعش».
هذا الواقع المزري لا يسري على الأطفال فقط، إذ إن نسبة الفقر بلغت 25 في المئة من مجموع السكان. أما أمنياً، فبلغ عدد المفقودين 8 آلاف شخص، منذ عام 2014، فيما لا تؤدي السلطات واجبها حيالهم لجهة إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة مصيرهم، أو تعويض عائلاتهم مالياً».
نتساءل هنا، إن كان هذا واقع الحال في «عراق اليوم». العراق الذي يعوم على بحر من النفط، فماذا يمكننا أن نقول عن سوريا -المفكرة – ومخيم الهول الذي يؤوي – وفقا للأمم المتحدة – 2.6 مليون طفل مشرد داخل البلاد، و2.5 مليون طفل يعيشون لاجئين في البلدان المجاورة. و5.5 مليون طفل بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
بالطبع يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان الاحتجاز التعسفي لعائلات بأكملها من نساء وأطفال في المخيمات بسبب جرائم ارتكبها ذووهم. لكن ما يحصل اليوم في العراق وسوريا هو أن المنتصرين في الحرب على الإرهاب فرضوا عقوبات جماعية على هذه العائلات والمجتمعات المحلية التي ابتليت قبل غيرها بالتنظيم المتطرف. إذ يتم تأثيم سكان المخيمات وحرمانهم من أبسط حقوقهم في التعليم والحياة بذريعة تورط بعض أفراد عائلاتهم بالانتساب إلى هذا التنظيم أو ذاك. كما لو أن المنطقة التي عانت ويلات الاستبداد السياسي والتنظيمات المتطرفة موعودة بالجهل أيضاً. ألا يعتبر حرمان الأطفال المتعمد من الأوراق الثبوتية والتعليم خطوة أولى نحو تفخيخ المجتمع بالجهل والتطرف؟ ألا يحق لهؤلاء الأطفال- من باب العدالة أولاً- أن ينالوا القسط المطلوب من التوعية والعناية النفسية ليتسنى لهم النمو السليم والمساهمة مجدداً في بناء مجتمعاتهم؟
ما أحوج بلداننا اليوم لحكومات وطنية- لا تتحكم بها الميليشيات- لاحتضان ضحايا الحروب وتأهليهم ومنحهم فرصة العيش بشكل يليق بالإنسانية. لكننا قبل ذلك بحاجة ماسة لتأهيل السياسيين نفسياً ووطنياً كأولوية في مشروع العدالة الانتقالية الموعودة.

«الشغل مش عيب!

منذ أيام صدمنا الإعلامي اللبناني تمام بليق المعروف بطريقته الساخرة والجارحة في محاورة ضيوفه وببرامجه التافهة، بحلقة من العيار الثقيل على قناة الجديد.
وصف الحلقة بالعيار الثقيل هو أقل ما يمكن قوله عند مشاهدة جزء بسيط من حواره مع الفنانة اللبنانية «زينات».
وهو جزء الممسحة والسطل.
مقطع انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وسبب استياء كبيرا لدى المتابعين.
لقد أراد «الإعلامي المشهور» تذكير الفنانة بعمل امتهنته في الماضي حين كانت مقيمة في أوروبا. عمل لا يعيبها إطلاقاً.  لقد اجتهدت لتكسب لقمتها بعرق جبينها. كانت تهتم بكبار السن. تطعمهم وتنظف مكان إقامتهم.
لكن يبدو أن بليق وجد في مهنتها مادة خصبة للسخرية.
هكذا  أراد إذلالها وكأن ذلك النوع من الشغل فضيحة كبرى . أحضر لها سطلاً وممسحة وحاول إرغامها على مسح الأرض قائلاً بكثير من التعالي والعنجهية المقيتة: «أول شي بدي منك تشلحي سكربينتك.. بذكرك بشي هيدا السطل؟»
وكرر مجدداً: «شلحيلي سكربينتك»!
أي إخلعي حذاء الكعب العالي…
بكل بساطة وعفوية خلعت الفنانة حذاءها.
لكنه لم يكتف بإصدار الأوامر للضيفة بل توجه إلى الفريق العامل معه قائلاً: «عطونا الممسحة».
وعاد إلى ضيفته متسائلاً من جديد وكأنه يرغب بتحطيمها نفسياً:
السطل والممسحة بذكروك بماضيك؟
أجابته:
طبعاً وشرف كبير!
لكن وقاحته لم تتوقف عند هذا الحد بل أصر على طلبه التافه:
«فرجيني قديش قوية بالمسح!
عليلي هالفستان ورجعي زينات»
حاولت الضيفة أن تتهرب بلطافة.
لكن الإعلامي «الفذ» لم يستسلم:
بدك تمسحي!
رغم محاولات الضيفة الفاشلة إقناعه أن «الشغل مش عيب» ..
تمسك بطلبه حتى فاض الكيل وخرجت زينات من الغرفة منهارة.
هل هذه هي مهمة الإعلام اليوم إحضار الضيوف وإذلالهم على الهواء مباشرة والتعامل معهم بطريقة خالية من الإنسانية والاحترام لكسب مزيد من المتابعين وتصدر الترند؟!
أين الرقابة؟ وكيف تسمح قناة «الجديد» بمهزلة كهذه؟
رغم كل تعليقات المشاهدين المدينة لتصرف تمام بليق لم تحذف قناة الجديد المقطع المنشور عن موقعها وكأنها متواطئة ضد الإنسانية والأصول المهنية.
إنه زمن الرداءة دون منازع!