قراءة في كتاب ”مهمة من بغداد”
مهمة من بغداد . Mats Ekman .
محمد السعدي /السويد / مالمو .
ماتس إيكمان … صحفي سويدي وباحث مختص بقضايا الشرق الأوسط وتحديداً العراق وقضاياه . شاع صيته مؤخراً في وسائل الأعلام والتواصل الاجتماعي وتناقل المعلومة عقب صدور كتابه الذي يحمل عنوان ( مهمة من بغداد ) ( På uppdrag från baghdad ) .
الكتاب يتناول حقبة مهمة ومرحلة حرجة من تاريخ السويد وحساسية العلاقة بين جمهورية العراق والملف الأمني حول قضايا الاجئيين العراقيين والمخابرات على حد سواء منذ مطلع السبعينيات . في صباح يوم ٤ أذار العام ١٩٨٥، أستيقظت السويد والسويديين على جريمة قتل مروعة ، هزت الرأي العام ، حيث تشهدها أرض السويد لأول مرة ، هزت وسائل الاعلام وحيرة المعلقيين ودوخت المحللين عبر شاشات التلفزة وأروقة المحاكم والتي ما زالت تبحث عن أدلة وشهود لأنهاء هذا الملف الخطير . في صبيحة ذلك اليوم عثرت الشرطة السويدية عبر مخبر عارض بوجود حقيبتين سوداوتين متروكتين في منطقة ( سودرتاليا ) في جنوب العاصمة السويدية ( أستوكهولم ) . لتجد الشرطة في داخلهما أكياس بلاستيكية لاشلاء أنسان مقطعة بعناية وخبرة الى ٤٨ قطعة حسب وصف المذيع السويدي المذهل لوقع الجريمة . أنها جثة رجل ضابط الاستخبارات العراقي ماجد حسين عبد الكريم ، الذي فر من العراق عام ١٩٨٣ متجهاً الى مملكة السويد طالباً اللجوء السياسي حسب أتفاقية ( جنيف ) المعمول بها وضمن أتفاقيات الدول الموقعه على لائحتها القانونية والانسانية ، أراد أن يكون بعيداً عن أيادي وعيون وخطورة الجهاز الذي ينتمي له ، هكذا كان معتقداً من خلال تصريحه الأول للصحف السويدية ( سفينسكا داغبلادت ) ، مهدداً بهز وفضح أربعة خلايا مخابراتية تعمل على أرض السويد ونشاطهم التخريبي وشبكة العلاقات داخل أوربا ، وتفاصيل لقاء مناحيم بيغن رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق مع برزان التكريتي عندما كان مديراً للمخابرات وقصة ضرب المفاعل النووي العراقي ( تموز ) في منطقة الزعفرانية أطراف العاصمة بغداد العام ١٩٨١من قبل سرب من الطيران الاسرائيلي يضم ١٨ طائرة حربية بناءاً على معلومات حول المكان وهيكلة بنائه وزواياه قدمها لهم عملائهم من الفرنسيين ، الذين كانوا يعملون في موقع المفاعل الذري ، والطيران الذي خرق أجواء دول مجاورة وعطل كل الرادارات عبر الحدود الاردنية الى العاصمة بغداد منطقة ( سلمان باك ) ليحقق مهمته في تدميره ، كان المقتول ماجد حسين حاضراً وشاهداً على هذا اللقاء وهدد بكشف تفاصيله الى وكالات الانباء العالمية ودوائر أستخباراتية . وفي خطوة أستباقية قام النظام العراقي في بغداد بحجز زوجته وأطفاله الثلاثة وسيلة للضغط عليه من أجل عودته الى العراق أو تحييد موقفه في ألتزام الصمت ، لكنه لم يعير أعتباراً لذلك التهديد أو حتى لم يأخذه على محمل الجد . أثارت عملية قتله وطريقتها الهلع والخوف بين صفوف العراقيين على أراضي مملكة السويد والدول المجاورة ، الذين هربوا من العراق بسبب قمع النظام وسياسته وحروبه ودب الهلع والخوف بين أوساط العراقيين وتذمرهم من برودة الموقف السويدي الرسمي في أتخاذ الاجراءات الرادعة والسريعة في حمايتهم من نشاط رجال المخابرات العراقية ، مما زاد من توجساتهم الأمنية ، وأضطر قسم غير قليل منهم ترك الاراضي السويدية الى دول مجاورة ، وقسم أخر أنتقلوا وغيروا عنوانيهم وألقابهم الى مدن سويدية أخرى بعيداً عن متناول أياديهم وهواجس الرعب والخوف تطاردهم في أبسط تفاصيل حياتهم .
أستند إيكمان في كتابه الذي يحوي ٣٤٠ صفحة على وثائق المخابرات السويدية ( سيبو / Säpo ) وعلى ملفات وزارة الخارجية السويدية بهذا الشأن تحديداً ( الشأن العراقي ) . ستة وسبعون صفحة من الكتاب مكرسة للتغطية على أغتيال ضابط الاستخبارات ماجد حسين عبد الكريم وتفاصيل تنفيذها وتداعياتها والتي ما زالت طاغية على المشهد الأمني السويدي . وذكر الكاتب ماتس معاناته بعدم تجاوب المعنيين بهذا الملف من الجانب العراقي حيث خاطب عشرين جهة رسمية ومدنية ولم يتلقى جواباً واحداً مما أحزنه كثيراً ، لهذه اللامبالاة ، بعيداً عن المسؤولية الاخلاقية والتاريخية والقانونية .
السويد كمركز قرار وعلاقات دولية كانت تغض النظر عن نشاطات المخابرات العراقية على أراضيها رغم معرفتها الكاملة والمؤكدة بالتضيق والتجسس على حياة العراقيين ومسببة لهم هلع وخوف في منظومة علاقاتهم وحياتهم الطبيعية أرتباطاً بالمصالح السويدية ( الاقتصادية ) . تنظر السويد لمصالحها الاقتصادية بعين الاعتبار وتضعها في الاولوية ، حيث لها عدة شركات تعمل بالعراق وخبراء ومستشارين فلا تريد تفرط بتلك الميزات والهبات على حساب ضمان حياة جمهرة من الناس الهاربين من جحيم نفس تلك الاجهزة . الدول والانظمة بكل أنماطها وشكل حكمها لا يهمها الا مصالحها وأجندتها الخاصة . في نهاية السبعينيات أصبحت السويد من المحطات المهمة للمخابرات العراقية وثقل دبلوماسي وعلاقات أقتصادية وتجارية ، كان معمل الأسمنت في مدينة ( مالمو ) الجنوبية أعتماده الاساسي على التصدير الى العراق ، وعندما تأزمت العلاقات في السنوات الاخيرة بين البلدين وضعف التبادل التجاري والاقتصادي بينهما، ومن أولويات أسبابها الحرب والحصار أغلق هذا المعمل وتحولت أرضه الى عمارات سكنية للساكنيين ، وشهدت العلاقات والزيارات المتبادلة على مستويات عالية جداً ، حيث زوجة النائب صدام حسين زارت السويد مرتين ، وكان يفترض واحدة من المرات أن تلتقي بزوجة الملك ( كارل السادس عشر كوستاف ) ، لكن يبدو سفرة مفاجئة لزوجة النائب ( ساجدة خيرالله طلفاح ) الى لندن لموعد مهم مع طبيب حال دون ذلك ، وفي العام ١٩٧٩ تقاطر الى مملكة السويد عدد من القادة البعثيين والوزراء محمد عايش وزوجته ومحيي الشمري مشهدي وعائلته وتجولوا في المدن السويدية في أهتمام رسمي وزاروا العاصمة الفلندية ( هلسنكي ) . وفي عودتهم الى بغداد ذبحوا على مسلخ قاعة الخلد الشنيعة بسيناريو معد مسبقاً بأخراج فاشل ومفضوح أنها مسرحية ( المؤامرة ) راح ضحية عرضها ٢٣ وزيراً وقائداً حزبياً أنها مساعي في السيطرة على الحكم وتصفية حسابات . فاغتيال رجل الاستخبارات ماجد حسين عبد الكريم نتاج تلك الارباك في العلاقات العراقية / السويدية وعلى ضوء مساحتها الخضراء تتحرك أجهزة المخابرات بحصانات دبلوماسية ، وحسب وثائق وملفات جهاز المخابرات السويدية ( سيبو / Säpo ) لحين سقوط نظام صدام حسين على يد المحتلين الامريكان عام ٢٠٠٣ يوجد حوالي مئة منتسب للاجهزة المخابراتية العراقية يعملون على الاراضي السويدية . والبعض منهم عاد وتعاون مع الوضع الجديد في العراق تحت عباءة الغطاء الطائفي وأجندة المحتل الامريكي .
يشير ماتس إيكمان في كتابه حول إغتيال رئيس وزراء السويد ( أولف بالمه ) اليساري النزعة والاشتراكي الهوى بعد ثمانية أيام من العثورعلى جثة ماجد حسين عبد الكريم مقطعة ومرمية في شارع بالعاصمة السويدية . أولف بالمه الذي كان وسيطاً دولياً في مهمة أنهاء النزاع العراقي الايراني في العاصمة السويدية ( أستوكهولم ) وممثلاً شخصياً لرئيس هيئة الامم المتحدة ولاعب أساسي في الملف الفلسطيني الشائك , فبعد ساعات من لقائه بالسفير العراقي محمد سعيد الصحاف المعروف لاحقاً ( أبو العلوج ) , عقب إحتلال قوات المارينيز للأرض الوطنية العراقية وموفق مهدي عبود القائم باعمال السفارة العراقية والمتهم بالتخطيط لاغتيال الضابط العراقي ماجد حسين والذي عين سفيراً للعراق في باريس بعد ٢٠٠٤ ولمدة تسعة أعوام , وعندما زار هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي السابق العاصمة السويدية في عام ٢٠٠٧ . طلبت منه الجهات السويدية الامنية عبر القنوات الدبلوماسية بالمساعدة بغلق هذا الملف عبر تسليمهم موفق مهدي عبود أحد المتهمين في أعمال قتل وتجسس على الاراضي السويدية , أو تشكيل لجنة مشتركة من خبراء أمنيين مختصين عراقيين وسويديين لأستجوابه في بغداد . سارع هوشيار زيباري الى تحرير خطاب الى وزارة الخارجية العراقية بنقل موفق من سفارة العراق في فرنسا الى منصب مسؤول دائرة أمريكيا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي في مبنى وزارة الخارجية العراقية وما زال الى يومنا هذا, يشغل هذا المنصب ، وحاولت الجهات السويدية بأستجوابه عدة مرات عن ما حدث عبر وسطاء ، لكنه كان يستغرب من السؤال والاستفسار والتظاهر بعدم معرفته وبدون أي تعاون عراقي واضح حول ملف هذه القضية . تخزن ملفات السويد في أضابيرها حول شخصه وسلوكه تهمة التحرش الجنسي رغم أنه متزوج عدة مرات أحداهن ( جهينه ناصر) أخت القاص العراقي موفق خضر . تمكن بعد إحتلال العراق أن يحشر نفسه مثل عشرات غيره مع طابور جيش من الخونة والمتعاونين مع المحتل ضد بلدهم ، فذهب ضمن لجنة أعمار العراق وأعادة بنائه التي سرقت البلد ودمرته تدميراً . وحسب رواية الباحث ( ماتس إيكمان ) في كتابه الذي صدر في نهايات ٢٠١١ مهمة من بغداد , والذي أثار الآن أهتماماً واسعاً على صفحات تواصل العراقيين وأهتمامهم . يقول تمكنت المخابرات العراقية من تجنيد شرطة سويدية لصالح تحركاتها المشبوهة في أستهداف العراقيين المعارضين لسياسة النظام والهاربين من جحيمه , وكان واحد من هؤلاء يشغل مفوضاً في أجهزة الشرطة السويدية ( هانس ميلين / Hans Melin) , ويعمل في قسم حساس جداً في قضايا اللجوء في السويد ، بل هو مسؤول قسم خطير جداً أستغله بتقديم تقارير الى محطة المخابرات في مبنى السفارة العراقية حول القادمين الجدد والهاربين من العراق أسمائهم وعناوينهم في العراق وفحوى أدعاء أقوالهم في التحقيق أثناء طلب اللجوء ومنافذ خروجهم وطرق وصولهم . وقام شاب عمره ٢٤ عاما ً أسمه ( صلاح سليمان ) يعمل ضمن جهاز المخابرات العراقية والده كان ضابط كبير أصبح فيما بعد سفيراً للعراق في دولة ( سريلانكا ) بدعوته لزيارة العراق مع زوجته بل رافقفهم من العاصمة السويدية ( أستوكهولم ) الى العاصمة بغداد . وفي بغداد توفرت له سيارة وسائق يدعى ( سمير جعفر ) . يعمل أيضاً ضمن جهاز المخابرات العراقية ورافقوهم لمدة عشرة أيام في المدن ( الموصل , كركوك , بابل , أربيل ) أضافة الى العاصمة بغداد في حسن ضيافة مبالغ بها مع هدايا ورعاية كبيرة ، ورداً على تلك الزيارة قام سمير جعفر ( أبو جعفر ) بزيارة السويد وجمعته لقاءات وجلسات مع مستر هانس وعائلته ، وفي ملفات التحقيق السويدية رفض مستر هانس أمام المدعي العام في أروقة المحاكم السويدية بأي لقاء بسمير جعفر في بغداد قد حصل . ووجهت المحكمة السويدية له عدة تهم تتعلق بالتجسس والتعاون مع المخابرات الامريكية ( CIA ) والمخابرات الروسية ( KGB ) لكن محاميه طعن بجميع تلك التهم ، لكن هذا لم يساعده في تبرئته من حكم القضاء فحكمت عليه المحكمة العليا أربعة سنوات سجن بتاريخ ٢٣ أيار العام ١٩٧٩قضى منها ثلاثة سنوات سجن وخرج بعد أن قدم محاميه طعن في القرار . فالمحكمة العليا نزلت الحكم عليه الى ثلاثة سنوات بتاريخ ١٨ أيلول من نفس العام ، فاطلق سراحه في حزيران العام ١٩٨١ بسبب حالته الصحية التي تدهورت في السجن وتوفى عام ١٩٩٣ في العاصمة السويدية . واحدة من الأدعاءات التي قدمها محاميه الى هيئة المحكمة الوضع النفسي لمستر هانس وهو جالس في مكتبه ينتابه الضجر ويحتصر نفسياً من شكل مكتبه ولون جدران غرفته . في نفس هذه الفترة من عام ١٩٧٩ ألقت المخابرات الاسرائيلية في ( تل أبيب ) قبل مغادرته , على شخص سويدي يدعى ( Steg bergling ) يعمل في المخابرات السويدية لكنه أيضاً متعاون ويعمل لصالح المخابرات السوفيتية ( KGB ) وفي التحقيق كشف لهم خطة الدفاع السويدية تجاه تحركات السوفيت ، مما أجبر السويديين بتغير هيكلية وخطة الدفاع والتي كلفتهم الملايين من الدولارات في تغير هيكلتها وخططها . وفي مشهد درامي تقع صدفة عينين الموظفة السويدية في السفارة العراقية على ثمة أوراق مرسلة من دائرة الشرطة الى السفارة العراقية تتضمن عدة أسماء من القادمين الجدد من العراق أو دول الجوار الى السويد طلباً للجوء وبحثاً عن الأمان . فقدمت تبليغ رسمي الى الجهات المعنية وأعتقل وتعرض للتحقيق عدة أشخاص . وبعد شهرين من تلك الجريمة عين الصحاف سفيراً للعراق في ( استوكهولم ) . وقد لعب دوراً في محو أثار الجريمة بقتل الضابط ماجد حسين ، وكافأ مادياً السويديين الذين تعاونوا مع المخابرات العراقية في نشاطاتها المحمومة على أرض السويد . العراق كان يمتلك سلاح المال حيث مكنه تجنيد ناس وشراء ذمم لمصلحة أجهزته في ربوع العالم ، حتى تمكن لسطوة أمبراطوريته المالية أن يشتري مواقف دول وصحف . مازال ملف إغتيال ماجد حسين مفتوحاً في أروقة المخابرات السويدية ( سيبو Säpo ) رغم مضي فترة طويله عليه ويعتبر من الملفات الشائكة . والسويد لاترغب بغلقه قبل ما تكشف الجناة الحقيقيين والمتعاونين معهم والمتسترين . وحاولت في السنوات الاخيرة من العمل المتواصل حوله في كشف حيثيات وتفاصيل الجريمة في الاسماء والوقائع والشهود ، لكنها تصطدم بعدة معوقات هو عدم الوصول الى الفاعلين وسكناهم ، أنهم يختبئون بواجهات سياسية وبأسماء مستعارة وعناوين سرية .
يذكر ماتس إيكمان في طي صفحات كتابه .. أن المخابرات العراقية جندت موظفاً في الشرطة السويدية للتجسس على العراقيين المقيمين في السويد . وفي بداية العام ٢٠٠٠ قامت المخابرات العراقية بتكليف أحد عملاء النظام وهو سويدي من أصل عراقي لتصفية أحد القادة البعثيين ، الذي كان قد أنشق عن نظام صدام حسين منذ عام ١٩٧٥ وأنشأ منظمة معارضة لنظام صدام حسين في لندن المقصود ( أياد علاوي ) . ويستغرب المؤلف ويتساؤل بتعجب ؟ .. كيف أن العراق في تلك الفترة الذي كان يرزخ فيه تحت وجع الحصار المفروض عليه وأثار حروب مدمرة ومستمرة ، ونظامه ما أنفك يخطط لعمليات الاغتيال ضد معارضيه وتحديداً ممن أنشق عنهم ضمن أجهزة وتنظيمات حزب البعث .
في العام ٢٠٠٣ وعلى أثر سقوط نظام صدام حسين وإحتلال العراق حين بحثت قضية مقتل الضابط العراقي المنشق ماجد حسين من جديد ، أذ تم رفع وثيقة تذكير الى البوليس السري تتهم وزير أعلام النظام السابق محمد سعيد الصحاف ، الذي كان سفير العراق في السويد بين عامي ١٩٨٥ / ١٩٨٧ بوقوفه وراء مقتل الضابط العراقي ماجد حسين ، وفي أواخر العام ٢٠٠٧ نشرت الشرطة السرية السويدية ( سيبو / Säpo ) ، ورئيس الادعاء العام ( توماس ليد نستراند ) في صحف عراقية وسويدية وفي بلدان أخرى صورة المرأة ( جميلة الشافي ) المشتبه الأول لضلوعها في جريمة القتل مع شخصين آخرين . أملين الاستدلال عليهم والسبيل في الوصول لهم ، لكن البوليس لم يصل الى نتيجة الى الآن . ويعتقد ماتس إيكمان مؤلف كتاب ( بمهمة من بغداد ) : مخابرات صدام حسين في السويد هي المسؤولة وأن الحقيقة ستظهر فيما بعد وأن تقادم الزمن عليها .
أخيراً .. تمكنت الوثائق السرية السويدية ونشرتها على العلن بتحديد العناصر الذين كانوا وراء تخطيط ومتابعة تنفيذ عملية الاغتيال ومنهم .
< فاضل البراك .. مدير المخابرات العراقية ، الذي أعدمه النظام العراقي بتهمة التجسس لصالح المانيا الشرقية والاتحاد السوفيتي من خلال علاقته المشبوهة مع شخص لبناني يدعى ( صباح الخياط ) بتهريب معلومات مضللة عن نشاط المخابرات العراقية ، وتهمته الثانية إثراؤه المالي وطريقة البذخ في العيش من خلال أمتلاكه قصر كبير في المنصور وكوميشينات من تجار ورجال أعمال عراقيين ، أعدم عام ١٩٩٢ في منطقة ( سلمان باك ) بحضور سبعاوي إبراهيم الحسن عندما كان مديراً لجهاز المخابرات الأخ غير الشقيق للرئيس صدام حسين ، وعندما طلب سبعاوي من أحد الاعضاء العاملين في الجهاز ( عصام شريف ) باطلاق النار من مسدسه ضعف وسقط المسدس من يديه فأتخذ الجهاز قراراً بعقوبته وطرده متهماً إياه بالضعف والجبن ، لكن فيما بعد أعاده الجهاز الى صفوفه ليصبح سفيراً للعراق في دولة تونس ، وبعد سقوط النظام إغتيل في منطقة العامرية ببغداد العام ٢٠٠٤ ضمن حملة التصفيات السياسية بعد سقوط النظام والثارات الاجتماعية والعشائرية ، وفي سنوات لاحقة تزوج برزان أبراهيم الحسن زوجة فاضل البراك ( جنان ) . وأعدم برزان وسبعاوي وفاضل البراك في تهم مختلفة وتحت واجهات سياسية متصارعة وماتت زوجاتهما . وفاضل البراك حاصل على شهادة دكتوراه من معهد الاستشراق السوفيتي عام ١٩٧٣ في رسالته الموسومة عن حركة رشيد عالي الكيلاني ورغم الاعتراض من معهد الاستشراق على فحوى المادة باعتبار المركز متخصص بدراسات الماركسية اللينينية ، لكن طبيعة العلاقات بين الحزب الشيوعي السوفيتي وحزب البعث في العراق مررت على مضض . وقد لفت بتحركاته المريبة وعلاقاته المتنوعة الجانب السوفيتي مما دفعت المخابرات السوفيتية فتاة سوفيتية جميلة أسمها ( لودا ) على علاقة بالمخابرات لترتبط بعلاقة عاطفية معه وأشترى لها شقة وسيارة في موسكو ، وكشفت طبيعة علاقاته للسلطات السوفيتية مع المرحوم خليل الجزائري وحميده سميسم . وعندما عاد خليل الجزائري الى العراق في مطلع التسعينيات عثر عليه مقتولاً في شقته في بغداد .
< موفق مهدي عبود .. القائم بأعمال السفارة العراقية , يشغل حالياً رئيس دائرة ملف أمريكيا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي في مبنى وزارة الخارجية العراقية بعد تسعة سنوات من سفير عراقي في باريس من ٢٠٠٤ / ٢٠١٣ . وهو من أهالي مدينة الكاظمية ينضح طائفية ويلعب على أوتارها الحساسة حسب وصف معرفة القريبين منه .
< فاضل فراق .. مواطن عراقي , كان يصدر جريدة ( الحوار ) في مدينة ( أوبسالا ) السويدية ، ثم أنتقل الى مكتبه الجديد الفاخر في ( إستوكهولم ) . ولم يعد أي أثر له .
< كامل سليم .. الملحق الدبلوماسي في السفارة العراقية ، وهو أيضاً لا ذكر له ومصيره مجهول .
< جميلة الشافي أو الشافجي .. امرأة عراقية وعنصر مخابراتي تحمل جواز لبناني مزور ، وهناك تسريبات ربما تكون مغربية الاصل ، أستخدمت كطعم للايقاع بالضحية ، وهي محور رئيسي في ملفات التحقيق ، والبحث عنها قائم من خلال نشر صورها ومعلومات عنها للاستدلال عليها . تمكنت جميلة وضمن سيناريو معد لها بمتابعة تحركات المقتول ماجد حسين والاماكن التي يرتادها ، فتعرفت عليه بعلاقة أعجاب مشبوهة ، وبعد فترة من الزمن والمعرفة دعته الى شقتها في العاصمة السويدية على وليمة عشاء وخمر وسهر ، بعد ترتيب مسبق لعملية قتله والخلاص منه ، حيث كانوا في انتظاره على الأقل شخصين داخل الشقة ، ونفذوا به مهمتهم بنجاح وسلاسة بعيداً عن أي شبهات محتملة ، وبعد أن أجهزوا على الرجل وقطعوه تركوا السويد بنفس اليوم الذين نفذوا العملية به يوم ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ . وعثرت الشرطة السويدية على جثته يوم ١٧ آذار ١٩٨٥ في العاصمة إستوكهولم .
< علي موفق حسين .. عنصر المخابرات العراقية والقاتل الذي وصل الى السويد في يوم ١٤ كانون الاول ١٩٨٤ وغادر في ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ يوم تنفيذ العملية برفقة جميلة الشافي الى العاصمة الدانماركية ( كوبنهاغن ) ومنها الى مدينة ( نيس ) في فرنسا . وأختفى أثرهما من هناك والى الان .
< علي عبد الحسين .. عنصر مخابراتي والقاتل الذي وصل الى السويد في يوم ١٤ كانون الاول ١٩٨٤ بجواز دبلوماسي كحامل للبريد الحكومي ، وغادر الى اليونان في يوم ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ وأختفى أثره هناك ومصيره مجهول الى الآن تماماً .
أضافة الى محمد سعيد الصحاف سفير العراق في مملكة السويد اللاعب الأساسي في ملف القضية .
< نزار الباز … شاب من أهالي مدينة البصرة وصل للسويد للدراسة وعمل مترجماً في مبنى السفارة العراقية في ستوكهولم براتب ٣٥٠٠ كرونه . عندما أستقر سمير جعفر ( ابو جعفر ) في العاصمة السويدية ، والذي رافق هانس ميلين في بغداد وقام بتنقلاته في المدن العراقية بسيارة ( التاكسي ) . دعا نزار على وليمة عشاء برفقة طبيب الاسنان العراقي ( فائز حطاب ) في مطعم صيني في العاصمة ( إستوكهولم ) . فاجأ أبو جعفر الشاب نزار بوثائق دامغة على عمل المخابرات العراقية وعلاقاتها الواسعة وتحركاتها على أرض السويد فوضعه تحت الأمر الواقع للعمل والتعاون معهم ، وهدده في حالة تسريب أي معلومة سوف تقطع رقبتك ، مثل ما فعلنا مع الآخرين . فلم يكن أمامه خيار الا التعاون مع المخابرات العراقية .
كشف المؤلف ماتس إيكمان في كتابه ( صفحة ٨٤ ) . طبيعة وحجم التعاون الوثيق بين جهاز المخابرات العراقي في بغداد والدكتور ( فوزي طبو ) طبيب من الموصل يعمل في شمال العاصمة السويدية بمدينة ( أوبسالا ) وبالتعاون مع مسؤول تنظيمات حزب البعث في السويد ( عبد المهيمن تقي العريبي ) الذي يشرف على خلايا التنظيم للبعث ومنها خلية ( إستوكهولم ) والتي كانت تضم بين صفوفها ( صلاح سليمان ، نزار باز ، حسين غالب ، هادي حبش طبيب جراح دماغ ، وطبيب بيطري أسمه جبار وآخرين ).
في صفحة رقم ( ٢٠٨ ) يتوقف المؤلف ماتس إيكمان عند نقطة مهمة حول ما يسمى ( إستئصال الرحم ) . كلمة السر في تنفيذ العملية ، وبعد ثلاثة أيام من عملية أزالة الورم الخبيث ، هكذا أطلقوا عليها بعد تنفيذها بنجاح ، أي تنفيذ العملية بنجاح بتقطيع جسد ماجد حسين في العاصمة السويدية في يوم ٤ أذار العام ١٩٨٥ . حصل أتصال هاتفي مع موفق عبود على رقم هاتف البيت الذي يعيش فيه ٦٥٣٠٧٣ . وكان يسكن شقة في الطابق السابع في إستوكهولم وهو يمارس عملاً تجارياً أيضاً، وهو قريب جداً من حادثة القتل المذكورة وهو يعمل بنفس خلية تنظيم البعث مع محمد سعيد الصحاف في بغداد . أجابت زوجة موفق عبود على رنات الهاتف الأرضي ( جهينة ناصر ) ، وبادرتهم بالجواب بأن موفق في الحمام الآن . أذن أبلغيه يتصل بنا بعد خروجه من الحمام فوراً ) . لأمر هام ومهم يتعلق بطبيعة عملنا وشغلنا ، لقد وجدت جثة الرجل الذي أختفى مقطعة ومتروكة في الشارع .
لم يتصل موفق بالجماعة المتصلة في ذلك اليوم ، وانما أتصل في اليوم الثاني ، وكان قلقاً ومتوتراً وصوته مبحوحاً ، وتوالت عليه الأتصالات في الأيام الأخيرة من عدة مؤسسات وجهات مختلفة وبأرقام سرية أحياناً . وأتصل به أكثر من صحفي وصحيفة لمعرفة معلومات عن الموضوع وجريمة القتل لكنه لم يجب ولا يرد على أسألتهم واستفساراتهم ، باعتباره القائم بأعمال السفارة ووجهها المكشوف وممثلها الدبلوماسي المعترف به في السويد ، وظل يلف ويدور ويماطل الا أن وجد له مخرج مؤقت ، حيث أصطحب زوجته في سفرة سريعة داخل أوربا لعدة أيام عسى ولعل تهدأ الامور ، متنقلاً بين عدة بلدان مجاورة لعل الصحافة السويدية ومنابر الأعلام الاخرى تكف عن نشراتها اليومية في متابعة ملف هذه القضية والتي باتت لغة الشارع وحديث المحللين والصحفيين وتساؤلات الناس وحديث الصحافة ومتابعة التلفزة عن تفاصيل ما حدث عن واقعة مروعة هزت هدوء طبيعة المجتمع السويدي ، فمن الطبيعي أن القتلة قد غادروا السويد وبدون رجعة بتخطيط مسبق ومدروس وبوثائق يكفلها العرف الدبلوماسي في تجاوز حدود البلد ، كما تأكد من ملفات التحقيقات السويدية التي أعلنتها فيما بعد بجزئها المهم أمام الرأي العام ، أنهم غادروا بنفس يوم الجريمة ، وتركوا الاراضي السويدية بعدة إتجاهات ومن ذلك اليوم ولم يعد أثراً لهم يذكر ، وما زالت السلطات السويدية تخاطب العراق من أجل تسهيل مهمتها في التحقيق مع موفق عبود لإنهاء هذا الملف الشائك والمعلق في أضابير أروقة الشرطة السويدية ، ومن أجل الحصول على معلومات أضافية حول اللقاء الذي تم بين ( أولف بالمه ) رئيس الوزراء في الحكومة الاشتراكية وبين محمد سعيد الصحاف وموفق مهدي عبود ، الذي صادف بنفس اليوم الى اغتيال رئيس الوزراء ( أولف بالمه ) ومازال ملفه مفتوح ولم يغلق . تحاول الشرطة السويدية بين الحين والآخر بأثارته لكنها لم تحصل على نتائج كافية ومعلومات كاملة بسبب ممانعة العراق في التعاون مع هذا الملف من قبل النظام السابق والنظام الحالي على حداً سواء .
ولد أولف بالمه عام ١٩٢٧ لأسرة من الطبقة الثرية في مدينة إستوكهولم ، وتمكن في بداية مشوار حياته أن يتقن أربع لغات بطلاقة الى جانب لغته الأم السويدية ، وهي الإنكليزية ، الفرنسية ، الألمانية . كما كان ملماً بقواعد اللغة الإسبانية . أصر بالمه على إبقاء النموذج الاقتصادي السويدي مصمماً خصيصاً لتلبية أحتياجات الشعب والوطن ، لذا فقد عارض الدعوات الى عسكرة الاقتصاد السويدي ، ودعا أولف بالمه في عام ١٩٨٢ إلى تطبيق سياساته الاقتصادية الاشتراكية التي تسعى لتحقيق دولة الرفاه الاجتماعية لجميع أبناء الشعب السويدي . كان أولف بالمه كذلك من أشد المعارضين لدخول السويد في مجموعة السوق الاوربية المشتركة مبرراً موقفه بالحفاظ على الحياد الذي تميزت به السويد لسنوات طويلة قبل دخولها الاتحاد الأوربي في منتصف التسعينات من القرن الماضي ، لكن بالمه كان يسعى في نفس الوقت لتمتين أواصر الصداقة والعلاقات الطيبة بين دول السوق نفسها ، لأنه كان يدرك الذنوب الأخلاقية للأنظمة الاستعمارية ، فقد كان من أوائل من طالبوا عبر البرلمان السويدي بدعم الشعوب والدول الفقيرة بمشاريع التطوير والبناء والتنمية . ويتذكر العرب أولف بالمه باعتباره مناصراً للقضية الفلسطينية ومن الأمور التي جلبت غضب قوى غربية له دعوته لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لزيارة إستوكهولم عام ١٩٨٣ . لقد جعل بالمه الولايات المتحدة تغضب عندما أنضم الى تظاهرة ضد حرب فيتنام مع سفير فيتنام الشمالية في ستوكهولم عام ١٩٦٨ ، وليؤكد على مواقفه المبدئية متصدراً مظاهرة شعبية مشابهة في مدينة مالمو ثاني أكبر مدن السويد ، وكانت التظاهرة هذه المرة ضد دخول جيوش الاتحاد السوفيتي مع قوات حلف وارسو إلى تشيكوسلوفاكيا ، كما ساند كفاح شعب أفريقيا لإنهاء نظام الفصل العنصري ، وكان الرئيس أولف بالمه يوصف في أفريقيا بأنه صوت السويد في عالم الرجل الابيض . في منتصف ليل الثامن والعشرين من فبراير ( شباط ) عام ١٩٨٦ وكان أولف بالمه لازال يشغل منصب رئيس الوزراء وزعيم في الحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي يعتبر من أقدم الأحزاب السويدية في مملكة السويد ، وأثناء خروجه من دار السينما في شارع ( سفيافاجين ) ليستقل قطار الانفاق المحلي بالعاصمة إستوكهولم برفقة زوجته ومن دون حراسه ، تعرض أولف بالمه للإغتيال بطلقتين من مسدس قديم عمره أكثر من نصف قرن . القاتل بقى مجهولاً الى يومنا هذا ، وكلما فتح باب الاتهامات والنظريات حول جريمة الاغتيال تعود وتغلق حسب الادعاء السويدي بعدم توفر الأدلة . وأن المتهم الرئيسي في الاغتيال ( كريستر بيترسون ) تم إطلاق سراحه بعد عام من الاغتيال بسبب عدم كفاية الأدلة رغم تعرف أرملة أولف بالمه ( ليزبت ) عليه أثناء المحاكمة باعتباره الشخص الذي أطلق النار على زوجها وهي برفقته ، وحفظت ملامح وجهه وهو يطلق النار على زوجها ، ليلقي مصرعه لاحقاً في ظروف غامضه في عام ٢٠٠٤ ولا سبب يذكر أو أعلان على موته المجهول ، وهذا يدخل ضمن سيناريوهات عمل المخابرات الدولية ونظرية المؤامرة ، أن سياسات أولف بالمه كانت تقف في تلك الفترة الحساسة في العلاقات الدولية بشكل واضح الى جانب الحقوق المشروعة للشعوب حول العالم . مما رجح نظريات المسؤولية عن الاغتيال طابعاً دولياً باتهام جهات عدة صاحبة مصلحة في أبعاد بالمه عن مسرح السياسة الدولية مرة واحدة والى الابد . ويعتبر ملف قتل الضابط ماجد حسين من أقدم الملفات في أضابير الشرطة السويدية الذي لم يغلق الى يومنا هذا بسبب ضياع الخطوط المهمة في الملف ووضع العراق الحالي المرتبك سياسياً زاد من عمليات التعقيد في متابعة الملف وتحقيق خطوات تذكر ، رغم أن هناك أكوام من الاوراق حبيسة في أدراج خزانة المخابرات السويدية ووزارة الخارجية ولنشاط محطات المخابرات العراقية وسطوتها وقوة أنتشارها في أوربا ، الى مستوى من الاهمية طالما أستعانت المخابرات السوفيتية ( KGB ) بالمخابرات العراقية في كشف القواعد الامريكية وحجمها في أسبانيا ، بسبب طبيعة العلاقات المتوترة بين الاتحاد السوفيتي ودولة أسبانيا ضمن سيناريوهات الحرب الباردة والتي كانت تحدد طبيعة وألية العلاقات بين الشعوب والأمم ، كان من الصعوبة على المخابرات السوفيتية التحرك على الاراضي الاسبانية فاستعانت بالمخابرات العراقية لحجم قوتها في أوربا . كان برزان التكريتي مدير المخابرات يتباهى فيما وصل له حال العراقيين في الخارج من مشهد تراجيدي ، وقد نقل على لسان ضابط عراقي عن قول برزان التكريتي عندما كان مديراً للمخابرات العراقية ’’ يكفينا فخراً أن المعارض العراقي الموجود في واحدة من مقاهي باريس أو براغ ، عندما يحاول أن ينتقدنا سيلتفت يميناً أو شمالاً خوفاً من وجود ضابط مخابرات عراقي بجانبه ’’. وهذا هو حال الواقع الذي كان ينتهجه العراق تجاه معارضيه بالقتل والاغتيال وشراء الذمم ، وفي المقابل هناك صمت مطبق عالمياً وعربياً ومن مؤسسات مدنية معنية بحقوق الانسان . السويد نموذجاً كانت تغض النظر عن تلك التحركات ضد حقوق الانسان مقابل المقايضة في مصالح تجارية وأرباح عمل شركات .
الكاتب السويدي ماتس إيكمان، ينقل عن وثائق المخابرات السرية السويدية ، أن أكثر من 100 عميل، كانت قد جندتهم مخابرات صدام ليعملوا في السويد وحدها خلال فترة السبعينيات وحتى سقوط حكم البعث ٢٠٠٣ . ويطرح الكتاب جملة تساؤلات حول تقاعس حكومة السويد في الحد من نشاط شبكة مخابرات صدام، بسبب العلاقات التجارية والمصالح المشتركة .
النظام العراقي السابق بنى منظومته وأجهزته المخابراتية ومحطات القتل بأموال طائلة درت على العراق في مطلع السبعينيات من عائدات النفط المتدفقه بعد تأميمه من الشركات الاحتكارية ، وهذا جاء منسجماً مع عقلية وسياسة النظام ونهجه في الحكم وأساليبه في أدارة دفته . في تجربة شخصية لي العام ١٩٨٧ . كنت معتقلاً في بناية الشعبة الخامسة التابعة الى مديرية الاستخبارات العسكرية لانتمائي الشيوعي ، وكان الذي يجري تحقيقاً معي في ساعات متأخرة من الليل الموحش والمخيف ( خليل العزاوي ) , وكما عرفت لاحقاً ومن خلال الوثائق التي سربت ونشرت بعد إحتلال العراق , كان رجلاً مهماً ومدير الاستخبارات العسكرية في لحظات الخوف والموت بدهاليز الشعبة الخامسة ، ما اعرف الى الان كيف لاح أسمه في ذاكرتي وطفر الى مخيلتي أنه أحمد العزاوي وليس خليل في جلسات التحقيق والتعذيب الليلية الرهيبة . هناك أطنان من الوثائق تركها النظام مركونه ومغبرة في دهاليز الاعتقال والموت فسيطر عليها الامريكان في دوائر القمع ونقلوه الى خارج العراق ، وبعد سنوات من حكرها والأستفادة من المفيد منها رجعوا وعادوها الى العراق مرة أخرى وسلموها الى الاحزاب التي أتت تحت أجنحتهم أنها تحوي على أسرار وصفقات وعمالات خطيرة تهم عمل المعارضة العراقية السابقة وحجم الاندساس ووكلاء أمن ومخابرات واستخبارات داخل تنظيمات أحزاب المعارضة وبعضهم ممن تبوأ مراكز قيادية مهمة وشاركوا في إعدام ناس وتحطيم عوائل كاملة وتدمير عقلية مجتمع كامل وهو يئن تحت سيطرة الخوف والرعب مما حطمو من بنائه الداخلي في قوته الايجابية وبناء مجتمع سليم ومعافى .
لماذا لم تطالب منظمات مجتمع مدني ودوائر حقوق أنسان ولجان نزاهة وأحزاب سياسية بالإفراج عن تلك الوثائق المخفية والمخيفة وفضح محتوياتها الخطيرة امام الملأ ؟؟. مازال محشوراً في يومياتي ذات مساء يوم صيفي رطب ، كنت منهكاً من اليوم الذي سبقه وما لاقيته من تعذيب وحش ومرعب ولئيم ، حيث نقلت الى مديرية الأمن العامة مقيد اليدين معصوب العينين حاملاً معي خيبات الزمن اللعين وأفاق التجربة ، في ذات الغرفة المربعة أجلسوني على كرسي غير مريح ، وظهر أمامي شخصان خلف طاولة خشبية بنية اللون ، تتكدس فوقها أضابير وأوراق مبعثرة على طولها ينظران لي من خلفها بأمعان بعد أن رفعوا الغطاء عن عيني ، كانت عبارة عن خرقة سوداء ونتنة ربما رائحتها النتنة هي التي دعتهم أن يرفعوها عني ، ومباشرة فتحوا معي أضبارة جديدة بتحقيق جديد لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بأساليب ورعب ومعلومات التحقيق في الشعبة الخامسة في مدينة الكاظمية ، فكانت ألية وعمل تلك الاجهزة مركبة على بعضها وتسعى كل واحدة منها على حساب الاخرى بتحقيق أنجازات على حساب قتل الانسان وإرضاء مرؤوسيهم وطمعاً في التكريمات والمناصب والهدايا .
فهذه التركيبة المخابراتية المعقدة في أليات عملها وتحركاتها أمتدت الى محطاتهم المزروعة في دول العالم ، فاكثر من جهاز ومديرية تتحرك على أرض بلد معين ولا هناك حد معين من تنسيق ما بينهم أو نوع من الصداقة والعلاقة بينهم ، بل لايسمح أن يتعارفوا على بعضهم ، وان تمت ذلك سوف يقومون باجراءات التنقلات اللازمة لتفادي الفضيحة وتحسباً لأي طاريء . مره سألت رجل الاستخبارات العسكرية علي منصور الدايني في مدينة مالمو السويدية عن موقع الكاظمية ( الشعبة الخامسة ) ففادني أن في هذا الموقع توجد فيه ١٦ شعبة من مجموع ١٧ شعبة تابعة للجهاز ولم نعرف بعضنا بل لايسمح لنا بإقامة علاقات مع بعضنا وهذا ضمن القسم الذي أقسمنا عليه في أنتمائنا للجهاز ، إضافة الى ذلك في حالة تسريب أي معلومة مهما يكن حجمها أو يبلغ ضررها ستلاقي عقوبة الإعدام في حالة أفشائها .
بعد أن قضيت أيام من التعذيب والخوف في مديرية الامن العامة أعادوني ثانية الى بناية الشعبة الخامسة في مدينة الكاظمية وبنفس الزنزانة رقم ثلاثة ، ألفت تلك البطانية السوداء ورائحتها ودبيب القمل عليها ، وبعد أن أنهوا مجريات التحقيق الأخيرة معي في بناية الشعبة الخامسة ونتائجها التي لم ترضيهم على مؤشرات مرضية لهم ، بدأ الضغط بتهديدهم لي وشد الخناق عليه بسحقي وقتلي مع أهلي ، بعد فترة قصيرة أحالوني الى ( محكمة الثورة ) السيئة الصيت مع مجموعة يقدر عددهم ١٢ معتقلاً من تنظيمات حزب الدعوة ، نقلونا من بناية الشعبة بسيارة مغلقة ومظلله مقيدي الايادي بسلاسل حديدية كل معتقلين مع بعض ومعصوبي العيون ، كانت مجموعة جاسم ونهاد مما تختزنه ذاكرتي من أسماء ، دفعونا الى أقفاص الاتهام وجهاً لوجه أمام رئيس المحكمة ( عواد البندر ) . وبدأوا بقراءة لائحة الاسماء مع كل واحد والتهمة الموجه اليه ، وفي موقف لم يمر على البال أدى الى فوضى مفاجئة عمت قاعة المحكمة صرخ أحدهم سيدي مخاطب رئيس المحكمة .. أشلون يصير ومحكمتكم الموقرة تستند في أدعاءاتها على واحد لوطي وساقط خلقياً ؟. قال عواد البندر .. ولك من هذا الوطي. سيدي جاسم وجاسم هو المعترف على المجموعة في الانتماء لحزب الدعوة والتخطيط في تفجير معسكر عراقي .
بدأ جاسم وبكل جرأ وشجاعة يتحدث عن أنحرافه الاخلاقي وعم الهرج والاستهزاء والتصنيف وقهقهات الضحك ، كنا جزء من العرض المسرحي .. مما دعا رئيس المحكمة الى تأجيل جلسة المحاكمة .. وهنا كتب لي عمر جديد ، أعادوني الى نفس الزنزانة المخيفة والتي تحمل رقم ثلاثة ، وأنا حزيناً لأني كنت أتمنى شهقات الموت السريعة . أنتظر قرار الموت باي لحظة حسب تبليغات الحراس لي ، أنه سيتم أعدامي قريباً ، ولم يعد هناك مخرج ينقذك بعد أن دنت بجريمة خيانة الوطن ، كنت متمسك بموقفين أما الموت وهذا ما كنت أتمناه بأي لحظة أو الخلاص من قبضتهم نظيف القلب واليدين والضمير ، فلم أسبب أذى للعوائل والأصدقاء الذين ساعدوني في الاختفاء والتنقل ولولاهم لم أكون حياً الى الآن ، بيت عبد الخالق مطلك الدليمي في مدينة الشعب ، وعائلة الحاج غازي في مدينة الكاظمية ، وعائلة بيت منصور في مدينة الشعلة ، وعائلة عبد الرحمن دبش في مدينة الحرية الثالثة ، وبيت علي وعالية في مدينة الدوره ، وبيت سعد البياتي في شارع ٥٢ خمسين ، وبيت قصي ( أبو نغم ) في مدينة النهروان وعشرات عوائل أخرى .
قرأت سلسلة حلقات برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين ، والذي رافقه منذ كان عمره ١٢ عاماً في أنقلابات البعثيين المعٌرة في القصر الجمهوري الى أن أصبح رقم مخابراتي مخيف في العراق . يكتب اليوم مذكراته يتنصل بها عن أي مسؤولية لحقت بالعراقيين الحيف والظلم وكأنه ذاكرتهم مثقوبة ، يطلع علينا السيد برزان أنه كان حمامة سلام وسط صقور جارحة ، وكان هو يحلق ضدها أي كان ضد سياسة أخيه صدام ونظامه ، ربما نسى من كان يصدر الاوامر الى المجرم جاسب السماوي في قسم الاعدامات في سجن أبي غريب ، الى الأن برزان لم يتحفنا في أوراقه الغابرة حول ملف الشيوعيين والغدر بهم وقتلهم وشواهد قبورهم . والى الأن لم يكشف لنا ، وهذه مسؤولية أخلاقية وتاريخية حسب ما يدعي كان نهج ممارسات السلطة ورموزها في تعاملهم مع الشعب العراقي . كانت هناك صحف عربية ومجلات مشتراة من البعث وبتمويل كامل لتلميع وجه النظام والاف من العملاء والجواسيس والوكلاء الموجودين في الخارج وشخصيات ومنظمات وأحزاب راحوا مع عورتاهم بذهاب النظام . قرأنا أجزاء مهمة من كتاب ( مهمة من بغداد ) بمساعدة صديق يجيد اللغة السويدية بشكل جيد بمدلولها السياسي ووجدنا في صفحات الكتاب معلومات مبنية على أراء وأحتمالات وتقديرات بعيداً عن الحقائق أي ضمن سياقات حبكة الهدف والاشاعة وتوجد دلائل ايضا تفقأ بها الارض ، سنستمر في متابعتها .
في أكثر من محادثة تلفونية مع الكاتب ماتس إيكمان صاحب كتاب ( مهمة من بغداد ) . كان في البدء متوجساً في الحديث معي بتوجيه اللوم نحوي باعتقاده الشخصي أو ضمن المعلومة الخاطئة التي تسربلت له وهي .. أنا من قمت بترجمة كتابه بدون الرجوع له وأخذ موافقته حسب أصول دور النشر والطبع والقوانيين المعمول بها ضمن العمل الطباعي والنشر وحقوق الناشر ودار النشر ، وبعد أن شرحت له موقفي ونيتي ، أنا لست مترجم وأنما بادرت بقراءة نقدية وبمثابة أستعراض حول ماهية الكتاب والمعلومات المنشورة على جنباته من واقعيتها والسقطات التي تخللته من مبالغات من جملة أحداث مهمة ، وكوني عراقي وسياسي ويعنيني هذا الآمر وعشت تجربة أعتقال وتعذيب ، كادت أن تنهي حياتي بسبب أعتقادي السياسي ( الفكري ).
ومن منطلق تلك الدوافع أني توقفت عند محتويات كتابك ( مهمة من بغداد ) لتسليط الضوء على بعض التفاصيل المهمة لاطلاع القاريء العربي عليها وخاصة العراقيين .
الكتاب رغم أهميته في كنز المعلومات التي يحويها على صفحات جنباته ، لكن هناك سقطات من المعلومات على صفحاته بعيده عن الواقع ومبنية على أفتراضات أساسه الأشاعات والأخطر في تكذيب الاشاعات أو بعض المصادر المبالغ بها رغم أعتماد الكاتب بمادته الاساسية على مديريات مهمة وخطيرة في مملكة السويد المخابرات السويدية سيبو ( Säpo ) . ووثائق في وزارة الخارجية السويدية المتعلقة بالملفات الامنية والعلاقات في السلك الدبلوماسي . شغل الكتاب حيزاً ليس قليلاً من الاهتمام والمتابعة والقراءة والمساءلة وتحديداً في أوساط العراقيين المعنيين بشؤون بلدهم وقضاياه وصناديقه السوداء ، والتي ظلت مغلقة ومحظورة لسنوات طويلة من عمر الدكتاتورية .
أرادت أكثر من دور نشر عراقية في طبع الكتاب وترجمته ، لكن يبدو لي ومن خلال متابعاتي أصطدمت بشروط الكاتب وطلباته المادية الخيالية وطموحه الامتناهي في الحصول على المال ، وكان أخرها في مدينة أربيل العراقية بمبادرة من دار نشر هناك بترجمة الكتاب الى اللغتين العربية والكردية . وذهب الكاتب ماتس الى هناك لغرض توقيع العقود والبدء بالعمل ومنح مبلغاً من المال ليس قليلاً لكنه لم يرضيه فطلب مبلغاً مبالغاً به حسب تلك المصادر وفي الأخير تدخلت جهات عليا مسؤولة في مدينة أربيل ، لكنها لم تفضي الى أتفاق نهائي ، وأنتهى المشروع بالفشل . وأني على تواصل دائم مع الكاتب ماتس أيكمان لآجل الحصول على موافقة قانونية منه ، يسمح لي بموجبها إصدار كتاب رسمي بقراءة نقدية حول صلب الاحداث في متن الكتاب وليس ترجمه حرفية للكتاب لانه لغتي السويدية لم تؤهلني الى هذا الأنجاز ومن قراءتي له وعبر أبنتي بيدر تكونت عندي صورة كاملة عن أهم المحاور في الكتاب ، ومازالت المحاولات قائمة . وأوعدني بمعلومات دسمه بالصورة والأسماء الحقيقية سوف يزودني بها ، لأنه حسب مارواه لي أضطر في بعض صفحات كتابه أن يستخدم أسماء وهمية ، علماً أني لم ألتقيه الى الآن لا لسبب الأ لإنه يقييم في مدينة بعيدة عن سكناي ، وذات مرة دعاني الى محاضرة في جامعة ( نور شوبنك ) ، لكن في يومها ظرفي لم يسمح بذلك ، وهناك نية من الطرفين في اللقاء القريب ربما سيساعد بإنجاز مشاريع مشتركة في الكتابة والنشر ، وبالمناسبة هو من بادر الأتصال بي بعد أن رأى كتاباتي على المواقع حول كتابه .
وفي تقدير الكثير من المتابعين للشأن العراقي يتطلعون الى ترجمة هذا الكتاب وأضافته الى المكتبة العربية ليشكل مصدرمهم وأضافي في المعلومة والدراسة والقراءة ، وحقاً هذا الكتاب يعد مصدراً مهماً لرصد نشاطات المخابرات العراقية لبقايا النظام السابق في الخارج وكشف وفضح من أرتكب الجرم والأذيه وتطفل على حياة الناس الهادئة مشكلاً لهم ولمحبيهم الازعاج والخوف ولا يزالوا بعيدين عن أيادي العدالة وخاصة في البلدان الذي أستقروا فيها كلاجئين سياسيين أو أنسانيين مستغلين أحزاب المعارضة ومؤسساتها وجمعياتها الهشة في الانضمام اليها وتحت ظلها في حماية تاريخهم العتيق في النذالة بتصعيد العداء نحو الأخرين في التوجه الى مهاجمة المعارضين الحقيقيين للنظام السابق الذين كانوا جزء منه ومن ماكنته القمعية لغرض تزكيتهم من قبل تلك المنابر الركيكة والمشرفين عليها . بل ان كثير منهم يحتلون حالياً مواقع مهمة في مايسمى الدولة العراقية من سفراء وضباط في الاجهزة الامنية ضمن قانون الدمج ورتب عسكرية بالجملة ضمن المحاصصات بين الاحزاب والكتل تحت أمرة الاحتلالين الامريكي والإيراني ، موظفون كبار في مواقع وزارة الخارجية العراقية والأجهزة الاخرى .
لاينسى العراقيون تلك السنوات العصيبة والتي مروا بها مراراً وتكراراً منذ نهاية الخمسينات الى يومنا هذا من سنوات قحط وعوز وظلم ورعب كلفتهم أثمان كبيرة في الارواح وقلق دائم وزكم العيش ، حيث مرت عليهم سنوات غيبو بالكامل وغيب وعيهم الجمعي من أثر قسوة الحصار وأثاره وسياسة قمع النظام ومازالت الى وقتنا الحالي المعاناة مستمرة من خلال الأدمان على رداء البكائيات .
ومن خلال مروري على شكل حلقات لمحتويات الكتاب ( مهمة من بغداد ) وزخم المتابعين والمهتمين للاحداث ، يؤكد عطش العراقيين لمعرفة فترات مظلمة مروا بها خوفاً من بطش النظام وسياسته العدوانية تجاه شعبه ووطنه . الملاحظ منذ صدور الكتاب في نهاية ٢٠١١ في العاصمة السويدية ( إستوكهولم ) وكتب ومصادر أخرى محط أهتمام شريحة واسعة وكبيرة من مجتمعنا العراقي . أذن هناك تحول في العقلية العراقية بنبش التاريخ مجدداً وبقراءة متأنية ، بعيداً عن الظنون .
في عشية الاحتلالين الامريكي والإيراني لأرض العراق الوطنية ، أستولت وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاجون ) على ٤٨ ألف صندوق من الوثائق ، ووضعت وكالة الاستخبارات الامريكية ( سي آي ايه ) يدها على ملايين الأوراق ، كما فعلت الاحزاب السياسية العراقية فضاعت تحت ألغام أجندتها الطائفية وصراعات الطوائف ، ليس مثلما حدث في المانيا بعد هزيمة هتلر وجيشه وأعلامه ، حيث تم إختيار لجنة مهتمة ونزيهة ومحايدة لمعالجة وثائق الشرطة السرية ووضعها في نصابها الصحيح لخدمة الشعب الالماني مما أنعكس على بناء المجتمع ومقومات أقتصاده وغلبت روح التسامح والسلام والعفو على لغة الثأر والانتقام . بعيداً عن فساد هيئة الذاكرة العراقية .
ماتس إيكمان يطرح في كتابه جملة تساؤلات حول تقاعس وغض النظر من قبل الجهات السويدية المعنية في حماية الناس الهاربة من جحيم الدكتاتورية وفي الحد من نشاط المخابرات العراقية وهذا يرجح الى مستوى التعاملات والعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وفق المصالح الضيقة على حساب حرية الناس وحمايتهم . يشير الكاتب في كتابه الى أنه المخابرات السويدية بحثت طويلاً في أجتماع محمد سعيد الصحاف برئيس وزراء السويد ( أولف بالمه ) في العاصمة السويدية قبل يوم واحد من أغتياله عام ١٩٨٦ . كانت الدكتاتورية تقبض بقبضة حديدية على أرادة ومشاعر الناس الى حد الخوف من خيالهم . في العام ١٩٨١ المكان الاداب / جامعة بغداد وفي اليوم الذي تلاه من خروج صدام حسين على شاشة التلفزة العراقية ليعلن عن خيانة وزير الصحة العراقي ( رياض حسين ) وعقوبة الاعدام لاستيراده أدوية مسمومة لجرحى الحرب العراقية / الايرانية ، حدثتني زميلتي في الاداب أنعام هنيدي أنكاته حول خيانة الوزير والدعوة الى أعدامه ليكن عبر لمن أعتبر . نحن العراقيون ماهرون في صنع الاشاعة والترويج لها ، وهذه تمتد لسنوات غابرة من التاريخ ، النظام العراقي تمكن من توظيفها وأستغلالها لاجندته الخاصة .
في أتصالاتي المستمرة مع الكاتب ( ماتس إيكمان ) صاحب كتاب ( مهمة من بغداد ) توصلنا الى أتفاق أولي أن يكون ضيفاً على مؤسسة بيدر في حوار مفتوح حول طيات كتابه وتداعياته في أوساط العراقيين ،,من حيث المبدأ رحب بالفكرة وأبدى موافقته الأولية ، فقط متوقفه على آلية التنفيذ ضمن الوقت المسموح به للطرفين .
سيكون حوار مباشر مع النخب العراقية في تداول المعلومة ومدى واقعيتها وردود الافعال حولها والتي مازالت تشغل مساحات ليس قليلة من أهتمام العراقيين في داخل العراق وخارجه من خلال البيانات الاولية في قراءة ومتابعة تفاصيل الكتاب .
ذكر فلاديمير إيليتيش لينين مفجر ثورة أكتوبر ١٩١٧ في معرض حديثه على ضوء مؤتمرات البلاشفة الشيوعيين حول طبقة المثقفين ( الانتليجيسيا ) يصفهم هم الاكثر قدرة على الخيانة لأنهم قادرين على تبريرها .
في تجربتنا العراقية القريبة الأرعن ( بوش الأبن ) وحملته على العراق تحت قانون تحريره السيء الصيت وقع ما يقارب ٥٠٠ مثقف عراقي في تأييد على تلك الوثيقة ( العار ) بتدمير البلد . ومازال المشهد يكرر يومياً في عراقنا وما أريد أن أفيض في ذكر وقائع حقيقية يومية لا تطاق في تدمير مجتمع كامل ، تستهدف الانسان هو نفسه وسط صمت مرعب من قبل الشريحة الواعية في المجتمع والاحزاب العلمانية واليبرالية والمؤسسات المدنية وما تسمى بهتاناً الاتحادات والمنظمات الديمقراطية ، مازالت بدون مراجعة نقدية تذكر ، أمام قدرات تدمير البلد ، نحن بشر ، والبشر بطبعهم خطاؤون ، على حد تعبير فولتير .
يروي ماتس أيكمان في كتابه ( مهمة من بغداد ) . بعدما دفن ماجد حسين في العاصمة ( إستوكهولم ) ، لكن ملفه ظل ساخناً ، وقتل أولف بالمه رئيس وزراء السويد المشهود له في مواقفه مع قضايا الشعوب نحو الحرية والتحرر ، وفي الحقيقة هو قتل تقريباً بعد عام من مقتل ماجد حسين ، لكن الاحتفاظ بالقتيل لمدة عام تقريباً في ثلاجة أحدى المستشفيات في العاصمة السويدية لأجل أكمال التحقيقات حوله قتله وملابساته والجهات المنفذة ، ومازال ملف الجريمة مفتوحاً أمام لجان سويدية قانونية وأمنية مختصة .
ماجد حسين ولد في يوم ٢٧ أكتوبر العام ١٩٥١ والده كان ضابط كبير في الجيش العراقي تقاعد العام ١٩٨١ عن سلك الجيش العراقي لأسباب تتعلق بوضعه الصحي . أنتسب ماجد حسين الى تنظيمات حزب البعث العام ١٩٦٦ ، بعدها دخل دورة مخابرات سرية العام ١٩٧٤ في مطار بغداد ، ومن ثم فيما بعد أرسل الى دولة يوغسلافيا في زمن الرئيس ( تيتو ) للتدريب على أساليب وطرق المخابرات في التعامل وملاحقة وقتل خصومه .
عند وصوله الى العاصمة السويدية وطلبه اللجوء السياسي ، أدعى أنه من المساهمين في أحداث ١٩٧٩ في معارضته لتسلم صدام حسين دفة الحكم من الاب القائد أحمد حسن البكر فيما عرفت فيما بعد بمجزرة قاعة الخلد الشهيرة ، والتي راح ضحيتها مجموعة من أعضاء وكوادر حزب البعث ( العقائديين ) أن صحت التسمية ، بذريعة مؤامرة على رفاقهم والتخاطب مع دولة جارة وشقيقة . مهامه المخابراتية وتحركاته للقتيل ماجد حسين كانت محصورة ومحددة له في أوربا ، ولكن بمعزل عن دول أسكندنافيا . وعندما سأل صدام من سجنه الامريكي حول مجزرة قاعة الخلد وقتل رفاقه ٥٥ كادراً حزبيا ولم ينجو منهم الأ ١٧ رفيقاً بعد أن قضوا سنوات في زنازين رفاقهم . جاوب صدام على سؤال ( جون نيكسون ) المحقق معه والمبعوث من قبل المخابرات الامريكية ، كانوا يستهدفوني لي شخصياً وليس أمن الحزب وكيان الدولة .
ماجد حسين كان مع صدام حسين وبعض رفاق القيادة من ضمنهم طارق عزيزعندما سافروا الى المملكة العربية السعودية بطائرتين يومها ألتقوا بالعائلة المالكة في أحدى القواعد الامريكية وضمن ماطرح في الاجتماع موضوعة الحرب العراقية / الإيرانية وتداعياتها العربية والعالمية أن وقعت . كان مسؤول ماجد في العمل المخابراتي برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام حسين ، والذي كان مدير المخابرات العراقية آنذاك ، وبعد أربعة أيام من نشوب الحرب بين الجارتين اللدودتين الاسلامتيين تلقى ماجد حسين آمراً بالانتقال الى دولة الكويت برفقة ضابط آخر يدعى جبار عبد الراضي الموسوي للعمل سويةً في محطة المخابرات العراقية في دولة الكويت ، وجبار من أهالي الكاظمية وهو شيعي والده أسمه عبد الراضي ، كان ناشطاً دينياً ، لكنه كان يعمل لصالح المخابرات العراقية تحت الغطاء الديني ، حيث كان له علاقة مباشرة مع سبعاوي أبراهيم الاخ غير الشقيق للرئيس صدام حسين . عندما غادروا الى الكويت من بغداد بسيارة مارسيدس تابعة لجهاز المخابرات العراقية ووصلوا أراضيها لم يبلغوا بطبيعة مهمتهم والمهام الملقاة عليهم ، في الكويت وبعد أيام من وصولها تلقوا التعليمات وطبيعة مهامهم على الاراضي الكويتية . الأمر الاول كان أعطاء معلومات كاذبة ومظللة عن عدد ومكانات الطائرات العراقية وقدراتها لرجل دين شيعي يعمل مع المخابرات الايرانية في الكويت وبدوره أعطائها الى السلطات الايرانية ، تحسباً لاستهدافها في حالة نشوب الحرب .
في الكويت ألتقوا برجل يدعى ( عبد ) يعمل في السفارة العراقية ومسؤول محطة المخابرات في الكويت . أعطى هذا الرجل آمر لماجد حسين بأخذ أربعة لترات ويسكي وصندوقين بيرة لأحد العملاء الكويتيين الذي يعرفه ماجد لانه هذه لم تكن السفرة الاولى له ، حيث سبقتها سفرات ومهمات سريعة ، فكان ملماً بتفاصيل عدة حول العمل والتحركات والعلاقات في الكويت . وقال رجل المخابرات عبد الى ماجد حسين (( سوف تعرف غداً لماذا أعطيتك الويسكي والبيرة )) ؟.
برزان التكريتي أتصل من بغداد وآمر رجل المخابرات ( عبد ) ، أن مهمة ماجد حسين سوف يشارك بعملتيين الاولى هي قتل القنصل الايراني في الكويت وذلك خلال حضوره في أحدى ملاعب كرة القدم في بطولة أسيا . ومهمة ماجد حسين في العملية هي تسهيل دخول المنفذين الى الملعب عن طريق الجاسوس الكويتي الذي منحوه الويسكي والبيرة .
العملية الثانية لمهمة ماجد حسين هي تفجير أنبوب نفط كويتي وأعطاء فكرة وبث الاشاعة عبر عملائهم أن المنفذين إيرانيين وذلك عن طريق أستعمال السلاح الايراني في العملية وآمرهم برزان بقتل المنفذين بعد تنفيذ العملية بنجاح لابعاد أي أحتمال سيء يتهم العراق به وأحراجه أمام المجتمع الدولي .
رفض ماجد حسين بتنفيذ العملية الثانية ولذلك حسب أدعائه لعدم تلقيه الأوامر قبل الذهاب الى الكويت ، وبلغ بوضوح أذا لم ينفذ العملية يحول ملفه الى حاكمية المخابرات العامة في شارع ٥٢ في بغداد بتهمة عدم تنفيذ الأوامر وبعد أن عصي عن التنفيذ بلغ بعودته حالاً الى بغداد , وبعد تلقيه هذا الآمر قرر ماجد حسين بعدم العودة الى بغداد وهروبه الى أوربا ووجهته كانت مملكة السويد ، الذي ألقي مصيره الآخير في عاصمتها .
البعثيون … في أستيلاهم على السلطة ، أي عودتهم ثانية العام ١٩٦٨ وفي تداعيات وضع سياسي مربك ، الوضع الداخلي والصراع الدائر بين الاحزاب حول الظفر بكرسي الحكم ونتيجة وضعهم الصعب وخوفهم من فقدان هيبة الكرسي ثانية ، ألتجأؤوا الى مغازلة الشيوعيين رغم حمامات الدم بينهم ، كانت مازالت دماء الشيوعيين ملطخة على حيطان اللجنة الاولمبية وسراديب قصر النهاية ومركز المأمون بمشاركتهم برجلي الكرسي من أجل تثبيته ، حيال خطوات ونيات أراد بها البعثيين التخلص من عقدة الماضي الدموي في الذاكرة الشعبية العراقية . تمكنوا وبسرعة قياسية من بناء منظومة قمع كاملة بميزات وخبرات متفردة في التعامل مع الملفات الأمنية لقوى وتحركات خصومهم السياسيين ، وملفات دول الجوار .
كانت أجهزتهم القمعية تتعامل مع قوى المعارضة بنفس طويل وهاديء ، وينم عن تجربة وتخطيط وتوجيه ودراسة ، ومن خلال تجربتي البسيطة والمحدودة في العمل الحزبي السري ، كانوا يتعاملون معنا بدراية ومعرفة حيث يتابعوا الخطوط الحزبية الى آخر نفس ، حتى وأن فلتت من بين أياديهم ، ومتابعة الرفيق الناشط ، أي يصبرون عليه ويتحملون تحركاته وعلاقاته وأن كانت مؤذيه لهم ، لحين معرفة كل خطوطه وتحركاته ولا يعني شيء لهم أذا أختفى عن دائرة سيطرتهم وتمكن من تجاوز الحدود أو ألتحق الى الجبل مع الثوار حامل السلاح ضدهم .
كان موضوع الاندساس ودس رجالهم داخل تنظيمات القوى المعارضة لهم ، من أولويات أجهزتهم القمعية والامنية داخل قوى المعارضة لتفتيتها من الداخل ، وفعلاً أخترقوا بعض التنظيمات وجندوا قادة وكوادر ، ومنهم ما زالوا يعملون ويزاودون للتغطية على ضعفهم في الهجوم على المناضلين وألحاق الحيف بهم ضمن وضع عام مربك وخطير .
بعد سقوط نظام البعث في العراق على يد الاحتلال وعملائه ، روى لي رفيق ( عتيق ) بالنضال والعمل السري ، العمر المديد له من نهاية الخمسينيات الى أيام سقوط البعث نيسان العام ٢٠٠٣ ، وفي هذا الشهر والسنة بادر بعض الشيوعيين من خلال تلقيهم معلومات مهمة عن مكان ملفات الشيوعيين المخبأة وقصص أعتقالهم في وضع أمني وسياسي متداعي ، تمكنوا في الاستيلاء على أرشيف مديرية المخابرات العامة المدفون في مخازن الأسواق المركزية في المنصور ، وكانت الاوراق التي تخص أرشيف حزبنا الشيوعي يقدر وزنها الى ( طن واحد ) من الاوراق المنضدة والمرقمة ، نقلت بعناية الى مقر الحزب العام الجديد في ساحة الأندلس ، وكان الحديث الشائع أن تنقل الى مدينة شقلاوة في بيوت الشيوعيين وتختار لجنة للتدقيق في المعلومات والاسماء وتشخيص المتعاونيين ، ولكن الذي حدث خارج أرادة العقل والمنطق والضمير، حيث شاهدوا تلك الوثائق في اليوم الثاني تحترق في ساحة متروكة خلف مقر ساحة الأندلس ؟ .
يروي ماتس إيكمان على صفحات كتابه ( مهمة من بغداد ) ، حول حياة ضابط المخابرات العراقية ماجد عبد الكريم في السنتيين الاولتين من وصوله لمملكة السويد ، حاول تهديد المخابرات العراقية بفضح ملفاتهم من خلال أعطاء معلومات عنهم لحكومة السويد ، وذلك أعتقاداً منه سوف يخلص عائلته من الخطر ويحررهم من قبضة النظام العراقي في بغداد ، هدد بفتح ملف الحرب ، ومن بدأ بها ، وكيف ، وعن تجهيزات العراق للحرب ، والعلاقات الدولية ضمن هذا الأطار ، والدول المانحة والداعمة لمشروع الحرب ، والحديث عن موقعه داخل جهاز المخابرات والمهام التي كلف بها ، وحيثيات أسرار أعدام رجل الدين الشيعي محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة العام ١٩٨٠ ، وقربه من عملية الاغتيال ضمن المجموعة التي أشرفت على التحقيق معه وتعذيبه ومن ثم أعدامه ، كما تحدث قبل أسبوع من مقتله من أعطاء المخابرات السويدية وعد له بمنحه اللجوء السياسي ، أذا أدلى بمعلومات عن نشاط المخابرات العراقية في السويد وأوربا ، كما ذكر من خلال تصريحاته لاحدى الصحف مقابل ٦٠٠٠ دولار أمريكي . في بداية قدومه الى السويد سكن بشقة مشتركة في أستوكهولم مع شخص عراقي أسمه ( مراد ) ، وكانت فاتورة التلفون للخط الارضي للشقه ب ٤٣٠٠٠ كرونه سويدي ، في الوقت الذي كان راتب ماجد عبد الكريم ب ١٤٠٩ كرونه سويدي ، في الوقت ذاته وصل له مبلغ من جهة مجهولة ب ٤٠٠٠ دولار ، الاعتقاد السائد أنذاك أن هذا الثمن مقابل تسريب معلومات الى صحف وقنوات ، أي بيع معلومات سرية الى جهات مختلفة ومجهولة . كان القتيل ماجد عبد الكريم يقضي جلٌ وقته مع صديقه مراد وبعض العراقيين في منطقة ( Märsta ) في أستوكهولم ، في خضم تلك الاحداث زار ماجد عبد الكريم السفارة الانكليزية في العاصمة السويدية من أجل منحه فيزة الى لندن ورفض طلبه . كما أن ماجد عبد الكريم ، كان يرتاد النوادي الليلية في العاصمة السويدية ، وفي أحدى الحفلات ألتقى بأمرأة سريانية أسمها ( ماريا ) ، وأقام علاقة عاطفية معها ، وحدثها عن خلفيات علاقاته مع الحكومة العراقية ومشاكلها ، لكن ماريا شكت به وبأحاديثه ، وحاولت مرة التفتيش في أغراضه وملابسه عندما كان في الحمام ورأها وقتها ، لكنها وضحت له ، أنها تشك به أذا كان على علاقة مع أمرأة أخرى . بدأ ماجد يزداد قلقه يوماً بعد يوم من وجوده في السويد ، وكان مع صديقه مراد عندما يخرجوا من الشقة يتركوا علامات في باب الشقة وزواياه للتأكد من أن لم يدخل أحد الى الشقة في غيابهم ، ودائما كان مراد يدخل الى الشقة أولاً ، من أجل أطمئنان أكثر .
في شهر أيلول من العام ١٩٨٤ قاموا بسرقة ستة بناطيل بقيمة ٧٧٤ كرونه سويدية في سنتر ( سودرمالم ) من محل ( H.M ) ، هنا الجالية العربية في السويد تطلق على تلك المحلات ( حجي محي ) . المدعي العام في محكمة سويدية صدر حكم بحقهم بتاريخ ٢٩ آذار ١٩٨٥ ، وفي يوم أصدار القرار ، كان ماجد عبد الكريم مقتولاً ، أما صديقه مراد ألقي القبض عليه بسرقه أخرى في محل ( Domus ) في منطقة ( Kista ) ، بتاريخ ١٧ تموز ١٩٨٥ . روى عن ماجد عبد الكريم أنه ألتقى بشخص أسمه عصام خضير الجميلي في العاصمة السويدية , وقال لصديقه مراد ، أن هذا الشخص خطر جداً ، ووقتها عرف أن فاضل البراك مدير المخابرات وضع ماجد عبد الكريم في لائحة خاصة لقتله .
أستطاع الكاتب ماتس إيكمان في كتابه ( مهمة من بغداد ) ، أن يوثق بعض الوقائع الواقعية حول نشاطات المخابرات العراقية من خلال حصوله وأطلاعه على الملفات السرية للمخابرات السويدية ووزارة الخارجية السويدية وملفات الصحافة وجهات أخرى مطلعة تمت صلة بالموضوع ، وهناك تجارب أخرى للمخابرات العراقية في بلدان عدة لم يميط اللثام عنها الى يومنا هذا بعد ١٨ عام على رحيل النظام العراقي .
عبر لي ماتس عبر الرسائل المتبادلة ، أنه يملك خزين كبير من الرسائل والصور والوثائق حصل عليها من خلال بحثه في أرشيف المخابرات السويدية ( سيبو ) ، وملفات وزارة الخارجية وتحقيقات الشرطة السويدية بعد أن سمحوا له في الأطلاع عليها لأجل إنجاز مشروعه ( مهمة من بغداد ) . وفي تقديري الشخصي بهذه الخطوة أرادت تلك الأجهزة من تلك الفعالية أثارت الموضوع للرأي العام ربما يدليها على بعض الخيوط المقطوعة والتي عجزت عن ربطها .
محمد السعدي
مالمو/السويد ٢٠٢١