شاكر الناصري/عبر الفيسبوك
أُعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية في جمهورية تشيلي حيث فاز اليساري الشاب غابريال بوريك “35 سنة” بمنصب رئيس الجمهورية بنسبة 55,9% مقابل 44و1% لمنافسه اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست.
فوز غابريال بوريك ينهي حقبة مريعة ومدمرة في تشيلي وسكانها، الحقبة التي أعقبت إسقاط حكم الاشتراكي سلفادور ألندي وهيمنة نظام الفاشي بينوشية من (1973-1990) واستمرار الأحكام التي اقرها والتي تمنع ذهاب السلطة إلى اي جهة أخرى غير القوى اليمينية والفاشية، وكما مثبت في الدستور المعمول به ويسعى سكان تشيلي لتغييره من خلال الاحتجاجات المتواصلة والمصادمات مع السلطة واجهزتها القمعية وتقديم تضحيات كبيرة، وكذلك احتجاجهم على غياب العدالة والمساواة عندما يتعلق الأمر بين غني وفقير من عامة الناس، وهيمنة الشركات وأصحاب رؤوس الأموال، وتسخير القوى العاملة من أجل انتاج المزيد من الارباح. ساعات العمل في تشيلي ووفق القانون المعمول به 45 ساعة أسبوعيا.
جاء فوز اليسار عبر مرشحه غابريال بوريك بعد الوعود الانتخابية التي قطعها، وكلها تصب في صالح العمال والفقراء من خلال تقليل ساعات العمل الأسبوعية إلى 40 ساعة، وتقليص الفجوة بين الاغنياء والفقراء من خلال فرض الضرائب، وتقنين الاجهاض وتسهيله، وجعل التعليم مجانياً وتوفير الضمانات الصحية. وهذا الفوز سيضع تشيلي على أعتاب حقبة تاريخية جديدة وأهم الآمال المعلقة عليها أن تنفض غبار حقبة بينوشية وقوانينه الفاشية.
بوروك وخلال حملته الانتخابية قال: “إذا كانت تشيلي مهد النظام الليبرالي في أمريكا اللاتينية فهذه المرة ستكون مقبرته”. إذ انه يدرك تماماً، وإسوة بالملايين من التشيليين مخاطر النظام الليبرالي ومخاطر استمراره وعاش الكوارث التي تسبب بها هذا النظام في بلد يزخر بالثروات لكن كل ثرواته تذهب بعيداً ولم تصل في يوم ما لأحياء الفقراء والفلاحين والعمال.
فوز المرشح اليساري الشاب يدفع كل متتبع لحركة القوى اليسارية والعمالية والاشتراكية في أمريكا اللاتينية للبحث عن أسباب فوزها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية رغم التدخلات الأمريكية المتواصلة، بشكل مباشر من خلال السي آي إيه، أو من خلال القوى والاحزاب وأصحاب رؤوس الأمول والشركات في تلك الدول من أجل إعادة ربطها بالهيمنة الأمريكية وإعادة تعريفها كحديقة خلفية تمارس فيها كل أنواع الجرائم والتصفيات وتشويه الأفكار وتسقيط الاحزاب اليسارية والاشتراكية وتقديمها عبر وسائل الاعلام كقوى دكتاتورية ومعادية للإنسان.
مايميز قوى اليسار في أمريكا اللاتينية هو مشروعها السياسي الداخلي وانشغالها بقضايا تمس حياة العمال والفقراء والطلاب والتعليم والضمانات الصحية وتوفير السكن اللائق ومحاربة الجريمة والمخدرات والاهتمام المباشر بحقوق النساء. عندما فاز لولا دا سيلفا بمنصب الرئيس في البرازيل 2002 أقدم على اتخاذ قرارات حاسمة ساهمت في الارتقاء بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي لعشرات الملايين من البرازيليين. كان مشروعه دعم التعليم المجاني وتقديم منحة شهرية من الدولة لكل طفل يدخل المدرسة ويواصل تعليمه. وكذلك توفير السكن المناسب للعوائل الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود. وفي عهده حققت البرازيل قفزات اقتصادية كبيرة جداً خصوصاً وأنها من الدول المصدرة للنفط لكن عوائد النفط لم تخصص قط من أجل تحسين حياة الفقراء والارتقاء بأوضاعهم الاقتصادية والمعاشية.
Zaid Nuaman, Karim Alnajar och 32 andra
6 kommentarer
Gilla
Kommentera