حول الجنسية المثلية في اوربا.
الدكتور/ضرغام الدباغ .
في الولایات المتحدة خاصة، وبلدان الغرب عامة، یصرون على اعتبار الجنسیة المثلیة (قضیة المثلیین)
(homosexuality ، (وبإلح ً اح بطریقة تبدو أنھا فقرة أصبحت ھامة جدا في السیاسة الدولیة، فما ھذا
الأمر وما السر في التركیز والإلحاح علیھ، لدرجة مدھشة، فحین قدموا للمحاكمة في القاھرة / جمھوریة
مصر العربیة، مجموعة من الشبان المصریین كانوا یقیمون حفلة مثلیة إباحیة في طقوس جنونیة، احتجت
السفارات الغربیة الولایات المتحدة في المقدمة، بل وحضر سفراء بضعة دول غربیة قاعة المحكمة في
محاولة للتأثیر على سیر المحاكمة … ً ومثل ھذا مؤشرا على التدخل في الشؤون الداخلیة لدولة عربیة
مھمة.
ترى ما ھو السر في الإصرار على طرح قضیة المثلیین بوصفھا قضیة رئیسیة في سیاسة الولایات
المتحدة والدول الغربیة مع الدول الإسلامیة بوجھ خاص …؟
المثلیة انحراف في السلوك الإنساني وھكذا یتعامل في الموضوع العلماء النفسیون، والأطباء، وعلم
الأدویة، الفاراماكولوجي(Pharmacology .(وقد اعتبرتھا الدیانات السماویة كافة سلوكیة شاذة، وفي
. وحتى في المجتمعات الغربیة كانت حتى ً بعض المجتمعات أدینت أخلاقیا، بدرجات متفاوتة من الشدة
وقت غیر بعید، أمرا معیبا ولا یشرف المبتلون بالمثلیة الجنسیة، ولطالما قرأنا أن شخصیات سیاسیة
أبعدت عن مناصبھا لأنھا عرف عنھا ممارستھا الجنسیة المثلیة، ولكن ومنذ نھایة السبعینات، ونرجح أن
ذلك كان في المراحل النھائیة لأختتام الحرب الباردة وسریان حقبة جدیدة في العلاقات الدولیة تتمیز
بھیمنة الولایات المتحدة كقائدة للعالم الرأسمالي، لذلك بد الأمر أنھا من المستلزمات الثقافیة لدخول الحقبة
الجدیدة.
من مؤشرات ھذه الحقبة بدأ الرفع التدریجي للتجریم عن الجنسیة المثلیة، وبدأت لا تصنف على أنھا
ظھرت حركة (تبدو منظمة) تھدف للاعتراف بالمثلیین وممارستھم العلنیة للعلاقات ً مرضا، وبالمقابل
المثلیة بما فیھا الزواج بین المثلیین، وتبني الأطفال وإقامة الأسر كنظام قانوني (رغم أن ذلك لم یمر بدون
.ً
معارضة)، والخدمة في القوات المسلحة، وحق المثلیین بالشمول بالتأمین الطبي، وحمایة المثلیین قانونا
والمثلیون فئات عدیدة، قد تصل عند بعضھم المیل بشدة لتغیر جنسھ عبر عملیات جراحیة، ولكن بعض
الإجراءات الحكومیة قد تؤدي إلى تشجیع المثلیة، ومن البدیھي حتى لمؤیدي ھذا التیار الشاذ، أن المثلیون
3
لا یصلحون للكثیر من الوظائف والمراتب لا سیما تلك التي تتعلق بالمراتب السیاسیة وتلك التي تتعلق
بالمفاصل المھمة في سیر عمل الدولة كالعمل في القوات المسلحة (الجیش والشرطة والأمن).
تبدي كثیر من الدول قبولھا لمعالجة الشذوذ كحالة صحیة، وربما ما ینجم عنھا من أمراض وبیلة، ولكن
أن تشجع على أنھا قضیة اعتیادیة أمر یشوبھ الكثیر من القلق والتساؤلات المشروعة. وفي احصاءات
أولیة لتكلفة المثلیة والمخدرات، والتدخین والكحول في الولایات المتحدة (الإحصائیة قدیمة 2010 🙁
تناول الخمور في امیركا كلفت دافع الضرائب ربع ترلیون (250 ملیار) دولار.
علاج المرضى الناجم عن التدخین 300 ملیون دولار
المثلیین : بعد دراسات أن المثلي یتعرض لعدد كبیر من الامراض، مثل الایدز، وأدمان
المخدرات والكحول، أنواع السرطان البروستات والقولون، والكآبة كلفت 16 عشر ملیار دور
عام 2010
مطالبة المثلیین بأنشاء اسر عن طریق التبني أو تأجیر الأرحام ..! ستقود إلى فوضى في الأنساب
واختلاط غیر حمید لأسر قد ینجم عنھا أمراض خطیرة یصعب السیطرة علیھا. ومشكلات في
الارث وإثبات النسب.
اتفاقیة أستامبول … الأبعاد الحقیقیة
عقدت في مدینة أستامبول التركیة في 11 مایو/ أیار 2011 ، ،مؤتمرا تم التوقیع في ختامھ على اتفاقیة،
سمیت ” اتفاقیة المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري”. وتتضمن الاتفاقیة:
التزامات قانونیة، تشمل الاستثمار في التعلیم.
وجمع البیانات حول الجرائم المتعلقة بالنوع أو الجنس.
وتقدیم خدمات الدعم للضحایا.
وتم التوقیع على الاتفاقیة من قبل 45 دولة أوروبیة، فضلا عن توقیع الاتحاد الأوروبي أیضا
كمنظمة.
وقد ورد في البیان أن المادة 80 من الاتفاقیة تسمح لأي من الأطراف الانسحاب من خلال إبلاغ
المجلس الأوروبي.
والاتفاقیة لا تشیر في مظاھرھا العامة سوى إلى “حمایة المرأة من العنف الأسري” ولكن شخصیات
وھیئات وحكومات أوربیة، وجدت أن مواد وفقرات الاتفاقیة ومضامینھا یمكن أن تفسر وأن توحي إلى
ً ً أبعاد أخرى غیر الأھداف الواضحة، كأن تكون مدخلا یفضي إلى شرعنة دولیة للجنسیة المثلیة واعترافا
بالأسرة القائمة على العلاقات الشاذة، وبالتالي لتصبح اعترافا رسمیا بوجود أجناس أخرى عدا ” الذكر
والأنثى ” ً ، وقبولا متزا ًید بعملیات التحول من جنس لآخر، وظھور أجناس أقرب للذكورة، وأجناس أقرب
للأنوثة، وأصناف أخرى متوافرة الیوم في المجتمعات المنفتحة بلا حدود، حتى بدأت تعاني من ظھور
مشكلات اجتماعیة غیر مألوفة من قبل (في تحدید الجنس)، معقدة في التعامل معھا، وأن الانفتاح بلا
حدود بدأ یظھر سلبیاتھ ویتسبب في مشكلات عمیقة، تفوق حدود مبدأ الحریة الشخصیة بتصرف الإنسان
بجسده، إلى منح سمات وأبعاد غیر معروفة، ومنھا ما یلحق الضرر بأعضاء في الھیئة الاجتماعیة.
لماذا تثیر الاتفاقیة الجدل الآن؟
یرى المعترضون من المحافظین أن الاتفاقیة تروج لحقوق وتعالیم المثلیة الجنسیة بما یتناقض مع ما
یسمى بقیم الأسرة التقلیدیة، إلى جانب إشارة البعض لكیفیة تعریف الاتفاق لمفھوم النوع باعتباره فئة
موجھة اجتماعیة إلا أن تلك المسمیات المذكورة في الاتفاقیة یتم استخدامھا بھدف الإشارة للتأثیر غیر
المتكافئ الذي یخلفھ العنف على المرأة، فضلا عن عدم المساواة المتوارثة بین الرجل والمرأة. ولكن من
4
وجھة نظر بعض المتشددین تتجاوز تلك المسمیات الغرض منھا، بالرغم من محاولات مجلس أوروبا
المتكررة لتفنید تلك الإدعاءات. ویقول الخبراء إن الاعتراض على الاتفاقیة یعود لتصاعد المشاعر
المضادة للغرب والمضادة للمثلیین في البلدان التي تحكمھا حكومات ذات توجھ یمیني.
وقد أثار الانسحاب التركي من الاتفاقیة، الحدیث عنھا. ففي بولونیا، شجع المسؤولین بالحكومة
المحافظة في بولندا العام الماضي على الانسحاب من اتفاقیة إسطنبول، والذي صدقت بولندا علیھ في
وقت سابق عام 2015 .ووفقا لوثیقة رسمیة مسربة ظھرت بتقریر صحفي منشور حدیثا لشبكة البلقان
للتحقیق الاستقصائي BIRN ،تسعى الحكومة البولندیة لاستبدال الاتفاقیة بأخرى یمكن أن تمنع زواج
المثلیین والإجھاض.
كما تعمل كل من بلغاریا والمجر أیضا على البقاء بعیدا عن اتفاقیة إسطنبول. فبالرغم من توقیعھما
علیھا، اتخذت الدولتان تدابیر توحي بتخطیطھما لعدم التصدیق على الاتفاقیة. حیث وافق البرلمان
المجري العام الماضي على إعلان برفض التصدیق على اتفاقیة إسطنبول، بینما أصدرت المحكمة
الدستوریة في بلغاریا في عام 2018 حكما بعدم دستوریة الاتفاقیة. وجدیر بالذكر، تبقي سلوفاكیا كذلك
الاتفاقیة مجمدة.
ما مدى نجاح الاتفاقیة؟
وترى باحثة بمنظمة أمنستي الدولیة(international Amnesty ،(أن من “الصعب للغایة” قیاس
الصلة المباشرة بین اتفاقیة إسطنبول والتدابیر التي یتم العمل بھا على أرض الواقع لمواجھة العنف ضد
المرأة. ولكنھا أشارت للدنمرك كنموذج حدیث، حیث مررت في شھر دیسمبر الماضي إصلاحات تعتبر
ممارسة الجنس بدون رضا أي من الطرفین بمثابة اغتصاب، ما یعد تمسكا باتفاقیة إسطنبول كواحدة من
أسس تغییر التشریعات القانونیة. ولكن الانتباه إلى أن “كیفیة التطبیق عملیا ھي مسألة أخرى” حیث أن
القوانین تحتاج لتطبیقھا على أرض الواقع. كما أطلقت فرنسا سیاسة “الدبلوماسیة النسویة” للدفع نحو
تحقیق المساواة، مع اتخاذ اتفاقیة إسطنبول كواحدة من ركائز السیاسة الجدیدة.
بدوره أكد وزیر الداخلیة التركي، أن غیاب الاتفاقیات الدولیة لا یقلل من مسؤولیات الحكومة في حمایة
مواطنیھا ضد كافة أشكال الجرائم. وأن “وجود أو عدم وجود اتفاقیات دولیة لا یقلل أو یزید من
مسؤولیاتنا لمنع أي شكل من أشكال الجریمة (المحتملة) التي سیتعرض لھا مواطنونا”. وأوضح وزیر
الداخلیة التركي في بیان أن قوات الأمن تستمد صلاحیتھا من الدستور والقوانین في ضمان السلام
والنظام والأمن ومكافحة الإرھاب والسرقة والجریمة المنظمة والجرائم الإلكترونیة والمخدرات والعنف
وجمیع أنواع الجرائم. ولفت إلى أن قرار تركیا انسحاب من الاتفاقیة یستند إلى ھذا السبب، وھي لیست
الدولة الوحیدة التي لدیھا ھواجس كبیرة بشأن الاتفاقیة، فھناك 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وھي
بلغاریا والمجر والتشیك ولاتفیا ولیتوانیا وسلوفاكیا، لم تصدق على ھذه الاتفاقیة. ّ ً وأكد أن بولندا أیضا
اتخذت خطوات للانسحاب من الاتفاقیة مستشھدة بمحاولة مجموعات المثلیین فرض أفكارھم حول
الجنوسة (النوع) الاجتماعیة على المجتمع ككل.
وما یضعف الحملة الإعلامیة ضد تركیا، أن انسحاب 6 دول (بلغاریا والمجر والتشیك ولاتفیا ولیتوانیا
وسلوفاكیا) لم یثر أي إشارة في الإعلام والاحتجاج الذي أثیر بوجھ تركیا، كما یستحق التساؤل ھل تنھي
الاتفاقیات العنف بصفة عامة، والقوانین لا تمنع الجرائم بل تعالجھا وتعاقب القائمین بھا، فالجرائم في
ً العالم في تزاید رغم وجود القوانین، كما أن القوانین الجنائیة تمنع الاعتداء على الرجال والنساء معا
وحتى الأطفال، والحیوان، فلماذا قانون خاص بالنساء …؟
وعندما تبدي 7 حكومات أوربیة قلقھا من أبعاد أخرى في الاتفاقیة فلماذا لا یحترم ھذا القلق …؟
5
والمدھش في الأمر أن المحتجون یعتبرون الحكومات التي وافقت على الاتفاقیة یساریة، والرافضة لھا
یمینیة …! مع أن الأنظمة في الاتحاد الأوربیة كلھا ذات توجھ اجتماعي متشابھ وھي كلھا أنظمة رأسمالیة
وغریب أن تعتبر المثلیة الجنسیة وتعدد الأجناس قضیة یساریة …! ً ففرنسا مثلا لھا قوات مسلحة نظامیة
تقاتل في عدة دول في العالم … وتشن حملات عرقیة ودینیة ولكن بقبولھا زواج المثلیین تصبح یساریة ..!
ھل أصبح الیسار معني بالعري والتعري والانحرافات الجنسیة ولیس بالصراع الاجتماعیة / الطبقیة …!
ھذا ما یسمى بالرقص على الكلمات والمصطلحات.
یزعم المروجون لھذا القانون، وغیره من التشریعات التي تھدف إلى إشاعة المثلیة الجنسیة، ویروج أیضا
إلى تخفیف المساءلة على جریمة الزنا بالمحارم، ویسھلون العملیات الجراحیة لإزالة المعالم الجنسیة،
وإحداث تغیرات كبیرة في الجسد، في حین یتجھون لمنع عملیات الختان بتحریم تام لأولاد المسلمون،
ویعتبرونھا تغیر غیر مقبول في البدن.
ولكن إلى ماذا تھدف ھذه التوجھات ..؟ ھذا ھو السؤال الذي یستحق البحث فیھ…!
وفق إحصاءات في دولة أوربیة غربیة، یبلغ عدد الشواذ (homosexuality (بین 6 ــ 8 % من الإناث
والذكور، وھو رقم كبیر، وبالطبع ھؤلاء لا ینجبون، ویضافون إلى نسبة غیر قلیلة من السكان یعزفون
عن الإنجاب، والمرضى والمعاقون، وھذا یفسر تراجع سكان أوربا وحتى الولایات المتحدة، واعتمادھم
على المھاجرین كقوة عمل لإدامة التقدم الصناعي في بلدانھم.
بتقدیراتنا الأولیة أن الغرب الرأسمالي یرید العالم بدون تقالید، وبدون ھویة، لكي تسھل السیطرة علیھ.
وھذه قضیة منافیة لحقوق الإنسان وحریاتھ الدیمقراطیة في خیاراتھ الثقافیة. وفي الماضي (القرن
راكیة وعقائدھا وخطورتھا على المجتمعات البشریة ً العشرین) صدعوا العالم طویلا بتوجھات الاشت
واتھموھا بالكفر والإلحاد، وتجاھل العناصر القومیة والدین لدى الشعوب، ولكن البلدان الاشتراكیة لم
عشر معشار ما تفعلھ الولایات المتحدة والنظام الرأسمالي، والقضیة لیست ً تفعل خلال أكثر من 60 عاما،
حقوق إنسان ودیمقراطیة، فھذه مھدرة في البلدان الرأسمالیة بدرجة مؤلمة، فھم یعترضون على لونك
ودینك وطعامك ولباسك ولغتك وعلى كل نشاط تمارسھ فئات ھم یقصدونھا ، وھذا لیس ً ً أمرا عشوائیا، بل
في سیاق خطة منظمة ….!
وھذه ملاحظات تنبئك أن ھنا ً ك أمرا أكثر من الدفاع عن المثلیین والنساء إلى فرض واقع اجتماعي / ثقافي
من تلك الحروب العبثیة …. والأیام ً واحدا فقط في حرب مفتوحة ً … إنھا فصلا ً ً جدید تجعلھ أمرا مألوفا
ستنبئنا ما ھو ً یزید الصورة وضوحا …..!