الاشتراكية ( احتفالات ) رأس السنة الميلادية .
طلال الربيعي .
بقلم: انطونيو غرامشي
نشرت لأول مرة في Avanti! في 1 يناير 1916 وترجمها ألبرتو توسكانو الى الانكليزية لمجلة Viewpoint Magazine
ترجمة وتعليق: طلال الربيعي
——-
هذا هو السبب في أنني أكره (الاحتفال ب, ط.ا.) رأس السنة الجديدة التي تهبط علينا مثل آجال الاستحقاق الثابتة، والتي تحيل الحياة والروح الإنسانية إلى اهتمام تجاري برصيدها النهائي الأنيق، ومبالغها المستحقة، وميزانيتها للإدارة الجديدة. انه يحملنا على ان نفقد استمرارية الحياة والروح. ينتهي بك الأمر بالتفكير بجدية أنه بين سنة والسنة التي تليها هناك استراحة، وأن تاريخًا history جديدًا قد بدأ؛ إنك تتخذ قرارات، وتندم على عدم اتخاذك لبعضها، وما إلى ذلك، وهكذا دواليك. هذا بشكل عام هو الخطأ في التواريخ dates.
يقولون أن التسلسل الزمني هو العمود الفقري للتاريخ history. حسنا. لكن علينا أيضًا أن نقبل أن هناك أربعة أو خمسة تواريخ dates أساسية يحتفظ بها كل شخص جيد في دماغه، والتي شكلت حيلا سيئة في التاريخ history. ومنها أيضا رأس السنة الجديدة. رأس السنة في التاريخ الروماني أو العصور الوسطى أو العصر الحديث.
وقد أصبحت (عادة الاحتفال. ط.ا) متطفلة ومتحجرة لدرجة أننا أحيانًا نلجأ إلى التفكير في أن الحياة في إيطاليا بدأت في 752, وأن اعوام 1490 أو 1492 تشبه الجبال التي قفزت عليها البشرية، ففجأة وجدت نفسها في عالم جديد، تعيش غمار حياة جديدة. لذا يصبح التاريخ date عقبة، حاجزا يمنعنا من رؤية ذلك التاريخ history الذي يستمر في التحقق على طول نفس الخط الأساسي غير المتغير، دون توقف مفاجئ، كما هو الحال في السينما حيث يتمزق الفيلم ويكون هناك فاصل من الضوء المبهر.
(إني لست مؤرخا ولكن بحثي في الأنترنيت عن مغزى هذا التاريخين يشير الى إن:
752 هو عام انهاء النفوذ البيزنطي بشكل دائم في معظم إيطاليا.
European Kingdoms
Italian Peninsula
https://www.historyfiles.co.uk/KingListsEurope/ItalyKingdom.htm
واعوام 1490s هي أعوام انحلال الإمبراطورية الرومانية المقدسة
Category:1490s disestablishments in the Holy Roman Empire
https://en.wikipedia.org/wiki/Category:1490s_disestablishments_in_the_Holy_Roman_Empire
وأرحو من المؤرخين المتخصصين في تاريخ أوربا او إيطاليا تصحيح معلوماتي هذه اذا كانت خاطئة او غير دقيقة. ط.ا.)
لهذا السبب أكره احتفالات رأس السنة الجديدة. أريد أن يكون كل صباح عامًا جديدًا بالنسبة لي. كل يوم أريد أن احاسب نفسي، وأريد أن أجدد نفسي كل يوم. لم يخصص يوم للراحة. أختار وقفاتي المؤقتة بنفسي عندما أشعر بالسكر بخمرة الحياة وأريد عيشها بطولها وعرضها للتنقيب عن قوى متجددة.
لا تخدم (الاحتفالية) الوقت الروحي,
(او الزمن الوجودي بعرف الفيلسوف هينري بيركَسون
Why philosopher Henri Bergson rejected the word “time
https://bigthink.com/thinking/henri-bergson-time/
ط.ا.)
أود أن تكون كل ساعة في حياتي جديدة، على الرغم من ارتباطها بالساعات الماضية. لا يوجد يوم للاحتفال بإيقاعاته الجماعية الإلزامية لمشاركتها مع كل الغرباء الذين لا أهتم بهم. لأن أجداد أجدادنا، ومَن قبلهم، احتفلوا، يجب أن نشعر أيضًا بالحاجة إلى الاحتفال. هذا مقزز.
(الحاجة الى الاحتفال الإلزامي هو مفهوم مقارب لمفهوم طغيان السعادة: أفعالي يقررها شعوري بالسعادة من عدمه عند الأقدام عليها مما يؤدي الى هوس مرضي بملاحقة السعادة, وينتج, على النقيض, اللاسعادة, كما تشرح ذلك عالمة النفس من جامعة هارفارد Susan David
The Tyranny of Positivity: A Harvard Psychologist Details Our Unhealthy Obsession With Happiness
https://bigthink.com/plus/the-tyranny-of-positivity-a-harvard-psychologist-details-our-unhealthy-obsession-with-happiness/
وإذا كانت السعادة تعني تحقيق الرغبة فإنها مستحيلة لأن الرغبة لا يمكن إشباعها (حسب التعاليم المسحية)
Just as Death and Destruction are never satisfied, so human desire is never satisfied
Why Desire Is Never Satisfied – and How to Control It
https://www.christiantoday.com/article/why-desire-is-never-satisfied-and-how-to-control-it/99018.htm
والرغبة في الديانتين التوحديتين الأخريتين, اليهودية والإسلام, قد لا يكون لها وجود لأنها خاضعة للرغبة الإلهية او مشيئة الله-“إن شاء الله”: وهي ستكون عقيدة فاسدة بعرف سارتر لأنها تلغي المسؤولية الفردية. كما إنها تعني, ولا بد, تحقيرا وإهانة للرب لأنها تحيله من فاعل, كما تفترضه قواعد الفقه او اللاهوت, الى مفعول به. ولكن مقولة “إن شاء الله” هي اطروحة لازمنية-غير امبريقية. وهي مقولة سقيمة لان كلا الطرفين, البشر والآلهة, يجري تقزيمهما او محوهما, وهي بالتالي لُعْبَة الأطفال
I am not ok, you are not ok
-أنا لست بخير, انك لست بخير-
بموجب علم نفس Eric Berne
Im Not Ok And Youre Not Ok Either
https://www.slideshare.net/manumjoy/i-am-not-ok-you-are-not-ok-get-nowhere-with
وكذلك بموجب تعاليم التحليل النفسي, لأن رغبتنا هي ليست رغبتنا وإنما رغبة الآخرين
Our desires are not our own, they are the Other’s
What Does Lacan Say About… Desire?
https://www.lacanonline.com/2010/05/what-does-lacan–
say-about-desire/
ط.ا)
أني اترقب الاشتراكية لهذا السبب أيضًا. لأنها ستلقي في سلة المهملات كل هذه التواريخ dates التي ليس لها صدى في روحنا، وإذا كانت ستخلق أُخريات، فستكون على الأقل ملكنا، وليست التواريخ التي يتعين علينا قبولها دون تحفظات من أسلافنا السخفاء.
