في ظل غياب قوانين حماية المرأة: مصري يعنّف زوجته بـ«الشبشب» ولبناني يتوعد شقيقته بـ«القتل» غسلا للعار!
بيدر ميديا.."
في ظل غياب قوانين حماية المرأة: مصري يعنّف زوجته بـ«الشبشب» ولبناني يتوعد شقيقته بـ«القتل» غسلا للعار!
«انهال عليّ بالضرب بالشبشب وبالحزام أمام أهلي»!
جملة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعلقوا عليها بكثافة، بعد انتشار تقرير مصور أجرته «بي بي سي» عربي عن آفة العنف المنزلي في مصر تحديداً.
إنها خلود المرأة الوحيدة التي قبلت أن تظهر على شاشة التلفزيون وتحكي عن وجعها.
لقد انتهى زواجها بعد عام واحد فقط، بسبب عنف الزوج وضربه المتكرر لها. ضرب يجد فيه نوعاً من التأديب لأنه يؤمن وببساطة بأن تهذيب الزوجة هو أحد واجباته، الذي سيحاسب عليها، في حالة التقصير ، أمام دائرته المتخلفة، خصوصاً إن كان منحدراً من أسرة تمتهن الضرب بهدف التربية.
أين الغرابة إذاً في الموضوع؟ كفين على الماشي وبربيها من جديد.
ألا يقول المثل: المرأة تتربى مرتين مرة في حوش (بيت) بوها ومرة في حوش راجلها؟
إنه الوجع الصامت، الذي تعيشه نساء كثيرات في العالم أجمع وفي عالمنا العربي تحديداً.
لكنهن يمتنعن عن التحدث عنه لأسباب كثيرة منها: الخوف من الفضيحة وجلب العار للعائلة، فالمرأة، حسب عاداتنا وتقاليدنا، ستر وغطاء زوجها. حتى وإن كان معنفاً. موتي على السكت!
وبعض النساء يخشين العقاب الذي قد يطالهن من قبل الزوج أو أفراد العائلة لمجرد الوقوف ضد العنف. ولا يثقن في العدالة. فكم من امرأة لجأت إلى الشرطة وعادت إلى بيتها منكسرة؟
تقول خلود: ركضت إلى قسم الشرطة وقدمت بلاغاً.. هكذا أخذت حكماً بالطلاق وعوقب الزوج بالسجن لمدة أسبوع واحد. لكن العقوبة لم تنفذ بسبب تعقيدات إجرائية.
هنا نتساءل أين العدل بأن يحكم عليه بأسبوع واحد فقط؟
وكيف تحول أي إجراءات دون تنفيذ العدالة؟
خلود عاشت في دائرة من الخوف.
تقول بصوت يملؤه الوجع: «كنت أخاف أن أتكلم في أي موضوع.
وأفكر مليون مرة بردة فعله..».
إذاً لم يكن تعنيفاً جسدياً فقط. بل كانت تعاني من آلام نفسية وتعيش حالة من الرعب في كل لحظة.
ومع ذلك هناك نساء يرضخن للعنف ويبررنه على أنه حق من حقوق الرجل في حالات معينة وهذا يعود لثقافة مسرطنة يعيشها عدد لا بأس به من أفراد المجتمع.
هل هناك من أنصف خلود؟
نعم… وبشدة!
لقد بسّط لها المحامي»الفذ» كل التعقيدات قائلاً: إنها فقط «كدمات» .
فما الحاجة إلى سجن الزوج؟ هو لم يقتلها بعد. إنها «كدمات بسيطة» لا تستدعي فتح قضية.
أما الكارثة الحقيقية فهي القاضي «العادل» الذي أتحفنا أثناء الجلسة معلقاً: إنه مجرد شجار بين زوج وزوجة.
وكأنه ضمنياً يشجع الزوج على الاستمرار في تعنيف زوجته. بل يشجع الرجال على تعنيف النساء بعدم تجريمه لتلك الأفعال الوحشية.
إن أغلب ضحايا العنف هم من النساء والأطفال. ولا توجد إحصاءات منتظمة ودقيقة لرصد تلك الظاهرة. كما تغيب القوانين المتخصصة لمواجهة هذه الجرائم في بلدان عربية عديدة.
لذلك نحتاج لقوانين واضحة للعقاب وإثبات الجريمة.
يقول الدكتور مجدي حلمي، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر: «إن العمل جار لحماية ضحايا شتى أنواع العنف الأسري.
لدينا مراكز استضافة النساء المعرضات للعنف أو المعنفات.
هذه المراكز تقدم الدعم النفسي والاجتماعي والجسدي والقانوني.
وهناك مطالبة بزيادة أعدادها لأنها لا تغطي كل المحافظات.
يبقى السياق الثقافي والاجتماعي والقانوني السائد هو الذي يقف في طريق الحد من آفة العنف.
قد نتمكن مع الوقت من تغيير القوانين، لكن التغيير الثقافي سيأخذ زمناً طويلا. قد لا نشهده في حياتنا وحياة أبنائنا…».
زلمي نظّف شرفه!
قصة خلود ليست قصة العنف الوحيدة، التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي.
لقد نشر موقع» درج» حكاية فتاة من لبنان هددها أخوها بالقتل إن نفذت قرارها بالانتقال للعيش والعمل في بيروت بمفردها.
قال لها بكثير من الاستهتار إنه سيخلّص عليها ولن تكون العقوبة أكثر من ستة أشهر وبعدها سيخرج كأي «زلمي نظف شرفه»! هذا طبعاً ما قرره هو بنفسه.
قمع وعنف لفظي وجسدي وتهديدات متتالية تلقتها الفتاة ثمناً لأفكارها التحررية ورغبتها بالاستقلالية قبل أن تتمكن من الهروب من منزلها.
تقول إنها عانت الكثير . لقد تركت بيتها ولم يكن في جيبها سوى 140 ألف ليرة لبنانية. نامت ليالي عدة من دون عشاء، لأنها لم تملك المال حتى لشراء رغيف خبز.
وكانت مكبلة بالخوف والتردد والضياع، خافت أن يجدها أخوها. خافت من مستقبل مظلم. خافت أن تبقى عاطلة عن العمل. لا مأوى لها. كانت تمشي باحثة عن محل في شارع ما فقط لتدخل حمامه وتبكي حالها. بكت طويلاً.
لكن، رغم كل ذلك لم تيأس بل تواصلت الناجية مع منظمة أمنت لها المأوى والدعم المادي إلى أن عثرت على وظيفة. هي اليوم طباخة في أحد مطاعم بيروت. وترغب بتحسين مهاراتها في الطبخ، لكن شبح المعنف يطاردها. ما عادت الفتاة تعرف الإحساس بالأمان قط.
وكل ذلك بسبب معتقدات بالية جعلت بعض «الذكور» يعتقدون أن المرأة هي مواطنة درجة ثانية يمكنهم التحكم بها والسيطرة عليها.
إن اللوم الأكبر لا يقع على المعنف وحده، بل على التربية الخاطئة التي تلقاها في منزله وفي مجتمعه. تلك البيئة الذكورية هي المحفزة على الاستهتار بالمرأة وعلى تهميش دورها الرئيسي في المجتمع واعتبار الرجل وصياً عليها.
لقد أجرت منظمة «أبعاد» تحقيقاً أوضحت فيه أن حوادث العنف المنزلي ارتفعت 198 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فيما 96 امرأة من أصل 1800تعرضن للعنف ولم يبلغن عنه.
حان الوقت لنرفع جميعاً أصواتنا قائلين: «لا للعنف بكل أشكاله»… لا صمت بعد اليوم.