احتفالاً بالزفاف قتلوا العريس!
ثمة عادة ذميمة لم أجد ما يشبهها في الغرب.. لم يحدث مرة أن أطلق أحدهم الرصاص الاحتفالي تعبيراً عن الفرح لا في لندن، ولا نيويورك، ولا باريس حيث أعيش منذ وقت طويل. أما حين أكون في بيتي البيروتي وأسمع صوت إطلاق الرصاص، اختبئ لأنني لا أدري أهو رصاص احتفالي بفوز زعيم فئة ما (في الانتخابات مثلاً إذا حدثت!) أم أن معركة ما بين ميليشيات متعادية شبت تحت شرفتي…
وهذه العادة الذميمة تسببت مؤخراً في قتل عشرات الضحايا برصاص الفرحة لانتصار رياضي.. في اليمن، أو إصابتهم. ومرة تزوج أحدهم في لبنان وأطلق أصحابه الرصاص الاحتفالي فأصابت العريس رصاصة فقتلته، وتحول العرس إلى مأتم! وقرأت مرة أنهم في الأردن منعوا إطلاق الرصاص الاحتفالي تحت طائلة العقوبات حتى بالسجن، وهي خطوة حضارية أتمنى أن تنتقل إلى البلدان العربية كلها؛ فالرصاص (الاحتفالي!) يقتل أحياناً الأطفال على الشرفات لفضولهم لمعرفة ما يدور. في الغرب يحتفلون، لكن بالألعاب النارية الجميلة دون أن تصيب رصاصة رأس العريس في عرسه وتقتله!
شعار حياة الأسود غالية/ والفلسطيني؟
يكاد الخبر يصير روتينياً: الإسرائيليون يهدمون بيوت الفلسطينيين في القدس لسرقة عقاراتها وتهويدها، حتى أن وزيراً إسرائيلياً اعترف بـ»عنف المستوطنين» ومسؤول يطالب بهدم 95 ألف منزل فلسطيني في محاولة مستمرة لسرقة عقارات القدس. وقرأت أن وزيراً إسرائيلياً قال معلقاً معترفاً بـ»عنف المستوطنين»!.. أهو عمل سرقة أمام أعين العالم كله وعملية قتل معنوي؟ ما شعورك إذا جاء إسرائيلي وطردك من بيتك وهدمه؟ ذلك ما يحدث مؤخراً 95 ألف مرة في فلسطين المحتلة. وتوقعت أن يستفز ذلك (على الأقل) الصحافة العربية، لكن يبدو أن التطاول الإسرائيلي صار روتينياً، ويكاد يألفه بعض العرب للأسف! ما زلت أتذكر أنني كنت طفلة صغيرة حين انضم خالي الدكتور أمين وريحة (ابن اللاذقية) إلى «جيش الإنقاذ» بقيادة فوزي القاوقجي، وذلك في الأيام الأولى للهجرات الإسرائيلية إلى فلسطين، أما اليوم فقد تم تهجير الكثير من أبناء فلسطين، وصاروا يدعون (اللاجئين) بعد سرقة بيوتهم واحتلالها.
أنجب أطفالاً لبيعهم كبضاعة!
ثمة أخبار لا يمكن أن أصدقها لو لم أطالعها في منابر محترمة أثق بما تنقله من حكايات، حتى ولو كانت لا تصدق.. ومنها أن عراقياً باع طفله (3 سنوات) مقابل 30 ألف دولار! ماذا عن الأم المسكينة لهذا الطفل الذي صار سلعة؟ وماذا عن الطفل الذي حين يكبر وسيعرف أن والده ليس حقاً والده، بل قام آخر بشرائه كأي حذاء! لذا، أعترف بأن القضاء العراقي سرني بإصداره حكماً بالسجن على الأب البائع! فالأطفال ليسوا مادة للتجارة، وإلا لتزوج الرجل من أربع نساء (لتفريخ) البضاعة (الأطفال) كل تسعة أشهر من الحمل! هل يستطيع القلب البشري أن يكون بهذه القسوة أمام إغراء المال؟ كتبت ما تقدم كأم روعها الخبر كما روع بيع الطفل المسكينة أمه، فما من أم في العالم إلا وتفضل التسول على بيع طفلها، أو العمل كخادمة في بيوت الأثرياء.. وقلما سرني الحكم على رجل بالسجن عشرة أعوام، لكن والد ذلك الطفل (المباع) كان يستحق ذلك بالتأكيد.. واللعنة على الفقر، العنصر الأول في السلوك الأبوي غير الإنساني لبعض البشر الذين يضعفون أمام إغراء الدولار.. وأنا واثقة أنه لو تم بيع الطفل لندم والده… ولات ساعة مندم!
اللوحة المبدعة مقابل صحن الحساء!
أحزن كلما قرأت خبراً عن بيع لوحة للفنان الكبير بحق فان غوخ بملايين الدولارات. فهذا الفنان الذي عاش حياة مضطربة توّجها الفقر، باع ذات يوم إحدى لوحاته مقابل صحن حساء للعشاء.
وأعترف أنني معجبة بأعمال المبدع فنسنت فان غوخ وليس بحياته، وبالذات يوم قطع أذنه بنفسه، وقيل إنه أراد أن يهديها لغانية كما قيل، وفعل ذلك انتقاماً من صديقه المبدع الآخر. وها هي لوحة فان غوخ تباع مؤخراً بمبلغ يقارب 40 مليون دولار، وهو الذي عاش أيامه الأخيرة في فرنسا في بلدة «واوفيرسورواس» معدماً، وقد زرت قبره مصادفة حين كنت في رحلة سياحية، كما شاهدت الحقل الذي انتحر فيه بإطلاق الرصاص على رأسه في سن السابعة والثلاثين. وفان غوخ مدفون إلى جانب قبر شقيقه ثيو، الذي كان يمده بالمال رغم غضب زوجة شقيقه من ذلك، ولم يخطر لها ببال أن هذا الفنان المجنون الذي قطع أذنه بنفسه سيصير مليونيراً لو ظل حياً! وأعتقد أنه لم يكن يبالي حقاً بالمال، بل كان يريد أن يرسم فقط. هذا هو المبدع الحقيقي!
«كتلة الوفاء».. لبيروت!
كلما قرأت خبراً عن انتحار شاب لبناني يأساً من الأوضاع المالية والسياسية وسواها، أشعر بانضمامي إلى «كتلة الوفاء لبيروت» لو وجدت على وزن «كتلة الوفاء للمقاومة».
فقد أضحى اللبناني بحاجة إلى «مقاومة» حالات الاكتئاب التي تُسوّل له الرغبة في الانتحار أو الذهاب إلى عيادات الطب النفسي. لكن بيروت، عاصمة لبنان الذي كان سويسرا الشرق، قدمت الكثير لكل من جاء إليها لاجئاً.
وها هو لبنان يدفع الثمن دون أن يتذمر..
إنه وطن الكرماء (وأولاد الحلال) الذي يفتح أبوابه لكل عربي هارب من القمع. ويبقى ألا يكون ثمن ذلك الإكرام «حرباً أهلية» ثانية لبنانية أخشاها.
وشكراً لك يا لبنان، فأنا من «كتلة الوفاء» لك!