علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن المسكين “بوريس جونسون” رئيس وزراء بريطانيا الذي وجد نفسه في ورطة ولم ينفعه تقديم اعتذاره فاعضاء في حزبه المحافظ يطالبونه بأن يستقيل، وقبل أن أقرأ تفاصيل الخبر تصورت أن السيد جونسون راودته نفسه على المال البريطاني العام فحول لحسابه بضعة ملايين من العقود الوهمية ،
أو أنه استخدم نفوذه فقرر مطاردة شباب وقنصهم لانهم طالبوا بالتغيير، لكن حين قرأت الخبر اكتشفت أنني أتجنى كل يوم على سياسيينا “الأكارم” حين أتهمهم بالفساد ولفلفة المال العام والترويج للطائفية، فالبريطاني جونسون ارتكب جرماً أشد وأقبح، فقد أقام حفلاً في حديقة مقر الحكومة، أثناء فرض البلاد إغلاقاً لمواجهة فايروس كورونا عام 2020، ورغم أنه خرج على الناس يعتذر ويقول إن الاجتماع كان اجتماع عمل رسمي، إلا أن حالة الغضب تحاصره من كل جانب، فكيف تسنى للمسؤول الأول أن يخالف القانون؟، ومثلما حيرتني قضية رئيس وزراء بريطانيا، فقد أصبت بحالة من الدهشة وأنا أشاهد “القامة التاريخية” بهاء الأعرجي، جالساً في أحد برامج الشو وهو يعلن بكل ثقة أن لا قرار للعراقيين بتشكيل الحكومة. سأطلب منكم أن لا تتجهموا قليلاً، وتتركوا السيد بهاء الأعرجي منشغلاً بتحليلاته وتنظيراته عن النزاهة ونكاته عن محاربة الفساد، ونظريته في أن المحاصصة هي السبيل الوحيد لإنقاذ العراق، ومقولته التي قالها في برنامج السيد أحمد الملا طلال إن على المكونات الأخرى أن تأكل من “جوه الجدر”، واسمحوا لي وانا اتذكر برامج التوك شو ان اتحدث عن واحداً من أبرز مقدمي البرامج الذي رحل عن عالمنا قبل اشهر اشتهر بأكمام قميصه الملفوفة، وربطات العنق متعددة الألوان التي كان يضعها، والحمالات والنظارات الكبيرة، لاري كينغ الثمانيني كان قد عمل لأكثر من ستة عقود متواصلة تنقل فيها بين الإذاعة والتلفزيون، أجرى خلالها 60 ألف مقابلة ارتبطت بأحداث العالم الذي صار جزءاً من برنامجه التلفزيوني، في شبابه كان يحلم بوظيفة صغيرة يعيل بها أمه وشقيقه، لكن حب المغامرة سيدفعه باتجاه الإذاعة، هناك سيُطلب منه تغيير اسمه، فمن يستطيع نطق اسم “لورنس هارفي زايغر”؟ قال إن اسمه الجديد لاري كينغ كان بشارة خير عليه. المذيع المتفرس في وجوه ضيوفه كان يعشق الكوميديا، قال في حوار نشرته معه قبل سنوات صحيفة الشرق الأوسط “لو لم اكن إعلاميا لاخترت الكوميديا الارتجالية”، عندما تستمع إليه تتصور أنك تقرأ نصاً ادبياً ممتعاً، أو تشاهد فيلماً مشوقاً، فيه البطل وضيوفه يحافظون على رزانة الإعلام، ولا يلقون دروساً في الوطنية على المستمعين مثلما يفعل “الآن” أحمد الملا طلال، ولا يدخلون في منازعات لا تحترم مهنة الإعلام، ولن يجد المشاهد نفسه أمام صرخات، ولوثات لضيوف يناصبون الشعب العداء لأنه يتآمرعلى رموز العملية السياسية .