الدراما الصينية .
علي حسين
يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي تُرتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات “صاغراً” لانتخاب من يمثله طائفياً، لا وطنياً.
وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية، وأحيانا فقهاء في لباس المرأة ومكياجها. الكثير من هؤلاء يضحكون علينا في مواقف غير مضحكة، من عيّنة ما يخبرنا به جماعة “طريق الحرير” الذين يوهمون الناس بأن الصين أرادت أن تغرق العراق بمئات المليارات من الدولارات إلا أن احتجاجات تشرين أجهضت المشروع الذي كان من المؤمل أن يتحول فيه كل عراقي إلى مليونير!.
إذن علينا أن نشتم الاحتجاجات ليل نهار، ونترحم على بيانات عبد الكريم خلف التي حذرتنا من المؤامرة، وأن المجازر التي حدثت بحق شباب الاحتجاجات كانت، ولاتزال، من أجل أن تضع العراق على سلم الدول المتقدمة اقتصاديا، ونزيح سنغافورة عن عرشها الذي جلست عليه بسبب انشغال عادل عبد المهدي بالتظاهرات الامبريالية .
لعلّ أسوأ أنواع العاملين في السياسة، هم الذين يصرون على الضحك على النساء البسيطات، ففي الوقت الذي نُهبت فيه مئات المليارات ووزعت الإكراميات والعطايا والرواتب المليونية، يخرج علينا مناضل “هولندي”، ظل يقبض أكثر من راتب شهريا، يبكي على العراق بالمراسلة، ويصرخ في الفضائيات بأن إقامة معرض للكتاب في البصرة ما هو إلا محاولة لمنع بناء ميناء الفاو وقطع طريق الحرير !!
بدأت الصين قبل أكثر من ثلاثين عاماً عملية الإصلاح الكبرى والتي قادتها إلى مصاف الدول الكبرى بعد أن كانت تعاني من مشاكل في السياسة والتنمية، فالصين بعدد سكانها الذي يقترب من المليار ونصف المليار لا تعاني من مشاكل أو أزمات اقتصادية، لعل هذا التطور الذي حصل خلال العقود الماضية أصبح لغزاً يحير العالم، كيف استطاعت الصين أن تحقق كل هذا التطور؟
كانت أولى خطوات الصين في السنوات الأخيرة، حملة لمحاربة الفساد التي أطلق عليها اسم “النمور والذباب” وشملت محاكمة وسجن أكثر من مليون شخص من كبار وصغار مسؤولي الحزب.. فيما نحن نعيش مع حملة الحفاظ على الفساد وتنميته وتسمينه، تريليون دولار أهدرت في مشاريع وهمية، ولا يستطيع البرلمان أن يستجوب رؤوس الفساد الكبيرة، لأنها خط أحمر ممنوع تجاوزه.
يقول الرئيس الصيني جين بينغ للصحفيين: “في شبابي كنت أقرأ كونفوشيوس كثيراً وظلت في ذاكرتي عبارته التي يقول فيها “إن السياسة هي الإصلاح، فإذا جعل الحاكم نفسه أسوة حسنة لرعيته، فلن يجرؤ أحد على الفساد”.
وبينما نحن نبكي على الاطلال ، تعرض الصين مسلسلا تلفزيونيا تكشف من خلاله قُبض على عدد كبير من الكوادر الشيوعية، إثر حملة الرئيس شي جين بينغ لمكافحة الفساد خلال السنوات الأخيرة.