طالبات مغربيات يكسرن الصمت حول فضائح «ابتزاز جنسي» في الجامعات
الدار البيضاء (المغرب) ـ أ ف ب: تخلصت الطالبة نادية من الشعور بأنها ضحية منذ أن تمكنت من كسر الصمت حول تعرضها «لابتزاز جنسي» من أحد أساتذتها كما تقول، في واحدة من فضائح مماثلة عديدة تفجرت مؤخرا في جامعات مغربية.
وتقول الشابة بثقة «كنت ضحية عندما لزمت الصمت (…) لم أعد كذلك الآن» مؤكدة أن حديثها للإعلام بعد تردد، ليس للتأثير على القضاء «بل فقط لأقول لأي ضحية أخرى أن عليها ألا تصمت فهناك قوانين تحمينا».
وأضافت بحزم «يجب وضع حد لهذه الممارسات».
قبل عام فصلت هذه الطالبة (24 عاما) وزميلة لها من الدراسة في كلية الحقوق في مدينة سطات قرب الدارالبيضاء بداعي الغش في امتحان. لكنها تؤكد أن القرار كان انتقاميا «بعدما رفضنا الخضوع لابتزاز جنسي» من أحد الأساتذة.
إلا أنها لم تلجأ إلى القضاء، كما هو شأن غالبية ضحايا الاعتداءات الجنسية عموما في المغرب.
لحسن حظها تفجرت القضية بعد أشهر في أيلول/سبتمبر إثر نشر وسائل إعلام محلية محادثات على «واتساب» وشهادات لطالبات، يتهمن أساتذة في هذه الكلية بالتحرش بهن أو ابتزازهن مقابل السخاء في منحنهن نقاطا.
الحلقة الأضعف
فضلا عن الأحكام السلبية التي غالبا ما تمنع ضحايا الاعتداءات الجنسية من اللجوء إلى القضاء، يشير ناشطون حقوقيون إلى «الخوف من الانتقام» الذي قد يهدد المسار الدراسي للطالبة التي تعد «الحلقة الأضعف» في هذا النوع من الاعتداءات الجنسية، على حد قول الناشط محمد العماري، الذي يساند نادية وزميلتها.
لكن طالبات أخريات وجدن في مواقع التواصل الاجتماعي منفذا لكسر الصمت حول تعرضهن لحالات مشابهة، عبر شهادات مجهولة استجابة لنداء أطلقته على صفحتها في «انستغرام» الناشطة سارة بنموسى المتخصصة في الدفاع عن حقوق المرأة.
تقول بنموسى أنها تلقت مباشرة بعد إطلاق المبادرة أواخر العام الماضي «نحو ثلاثين شهادة من طالبات في عدة مدن وحتى سيدات تخرجن منذ مدة لكنهن أردن البوح أخيرا عما تعرضن له» مؤكدة أنها تأمل في اتساع دائرة الفضح.
وتوضح أنها نشرت فقط الشهادات التي أرفقت بأدلة. وبفضل إحدى تلك الشهادات لطالبة في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير في وجدة (شرق) كشفت لجنة تحقيق لوزارة التعليم العالي «تورط» أستاذ جامعي في ابتزاز طالبة والتحرش بها.
وقررت توقيفه وإقالة عدد من المسؤولين، مع التحقيق في اتهامات ضد أساتذة آخرين. لكن دون أن تفتح بعد أي ملاحقة قضائية في الملف.
بعد أسبوع على ذلك قرّرت النيابة العامة ملاحقة أستاذ جامعي آخر في مدرسة الملك فهد للترجمة في طنجة (شمال) وضع في التوقيف الاحتياطيً على ذمّة قضية مماثلة، وفق عائشة كلاع محامية المدعية.
وتتواصل اليوم الاثنين محاكمة أربعة أساتذة جامعيين في قضية سطات، يواجهون تهما خطرة منها «الحض على الفجور» و»التمييز على أساس جنساني» و»العنف ضد النساء» بينما أدين أستاذ آخر ابتدائيا قبل أسبوع وحكم عليه بالسجن عامين، في محاكمة منفصلة.
تضيف كلاع التي ترأس جمعية للدفاع عن ضحايا الاعتداءات الجنسية في ندوة حول الموضوع مؤخرا «بلغنا أيضا وجود نحو 70 شكاية في جامعة تطوان لكن الإدارة لم تتحرك».
ووجهت نداء إلى النيابة العامة لتحقق في أي شكاوى من هذا النوع، متسائلة «لماذا هذا الصمت؟ لفائدة من؟».
أعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في بيان عن «استغرابه تجاهل شكايات الطالبات من طرف عدد من إدارات المؤسسات الجامعية وعدم أخذها بالجدية الضرورية».
تشير الطالبة بحسرة
وبعدما قررت نائبة العميد في كلية الحقوق في سطات أمسم إرجاع نادية وزميلتها إلى صفوف الدراسة، تشير الطالبة بحسرة إلى إن إدارة الكلية «لم تستمع إلي حتى» عندما تم فصلها قبل عام.
وحذرت من خطورة «الضغوط والتهديدات والمغريات التي يتعرض لها الضحايا أو أسرهن للتنازل عن الملاحقات».
فضلا عن التضامن الواسع مع الضحايا وتحية إقدامهن على كسر الصمت، أكدت جمعيات نسائية وحقوقية عدة على ضرورة حماية مسارهن الدراسي، وتسهيل اتصالهن بالقضاء. والقوانين موجودة «لكن الأهم هو مساعدة الضحايا في الوصول إلى القضاء حتى لا تكون هذه الحملة عابرة» كما تقول كريمة نادر، الناشطة في إئتلاف «خارجة عن القانون» المدافع عن الحريات الفردية والذي أطلق أيضا نداء لفضح هذه الاعتداءات.
وأعلنت وزارة التعليم العالي عن فتح خطوط خضراء وخلايا استماع في الجامعات لتمكين الضحايا أو الشهود من الإبلاغ عن أي تحرش أو ابتزاز.
كما أكد الوزير عبد اللطيف ميراوي، في حوار تلفزيوني مؤخرا «ألا تسامح مطلقا» مع أي شكوى، مشددا على أن الأمر «يتعلق بأقلية قليلة من الأساتذة».
وكان المغرب بدأ العمل في 2018 بقانون يعاقب بالحبس على ممارسات «تعتبر شكلا من أشكال التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي». لكن الجمعيات النسائية اعتبرته «غير كاف».