كارمن شماس هي الأصل … حجاب مينة حربلو… وثورة فراس ابراهيم
لا نحسب أن ديناً ما يمكن أن يعترض على حِمْيَتِك النباتية التي قد تتبّعها لألف سبب وسبب، وبالعكس، بل إن هناك ما يسوّغ الحضّ على نظام من هذا النوع. كم سيكون رهيفاً وممتلئاً بالنبل أنك ستنصت موجوعاً ومفجوعاً، عندما تتحول فجأة إلى النظام النباتيّ، إلى صراخ كل تلك القطعان التي قتلتَها، والتهمتَها من دون رحمة، فيما تقيم (هي) الآن في أعمق خلاياك. ويحك، تقبع في جسدك الآن كل تلك اللحوم الميتة والجثث. فيك مجازر مروّعة لن تقدر على تطهيرها ألف مسرحية من نوع «ماكبث» .
سيكون مفهوماً أن هذا يكون النبيل أعلاه شاعراً مثل طاغور أو أبو العلاء المعري، مفكراً، فناناً، مرهفاً.. لكن النموذج سيسقط على الفور بمجرد معرفة أن الكلام إنما يخص صاحب الفيديوهات نشأت مجد النور، على الأقل سيسقط في اختبار الصوت، إذ لا يمكن أن تكون هذه الخامة لرسول من السماوات العليا، أو لنبي، أو حتى لشاعر (يصعب أن نقبل بصوت أقل من صوت وحيد جلال أو محمود سعيد). وآمل ألّا يحسب ذلك عنصرية تجاه أصحاب الأصوات المماثلة لصوت نشأت. ثم إننا لا نقول إن الصوت منكر والعياذ بالله، فقط هو لا يليق بمكانة رسول سماوي.
على الأقل سيسقط نشأت مجد النور في اختبار الصوت، إذ لا يمكن أن تكون هذه الخامة لرسول من السماوات العليا، أو لنبي، أو حتى لشاعر (يصعب أن نقبل بصوت أقل من صوت وحيد جلال أو محمود سعيد).
بعد معضلة الصوت شاهدنا مجد النور كيف يتراجع عن رسالته معتذراً، منسحباً من موقع النبي إلى موقع المعلم في مدرسة ابتدائية، الرجل الذي هدّد غير المؤمنين برسالته بالزلازل والأعاجيب خرّ فوراً أمام تهديد بالمحاكمة والسجن، فما بالك لو تحدثنا عن تلويح بسلخ الجلد.
نشأت في ذاته ليس مشكلة تماماً (أساساً مدّعو النبوة يحيطون بنا أنى التفتْنا، مع العبارة الشهيرة: ألم نقل لكم!) لقد كان مسلياً، ولا نحسب أن من لديه نتفة من عقل لم يضحك لهذا الفاصل الطارئ على حياتنا الصاخبة. اللافت هو السيدة التي صاحبته في كل فيديوهاته، وتعود إليها مسؤولية تقديمه على هذا النحو، وهي الإعلامية الفلكية العتيقة كارمن شماس.
ظهرت شماس أخيراً في في برنامج «المجهول» في مقابلة تلفزيونية أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها تثير الشفقة، محزن حقاً حال كارمن في استماتتها في الدفاع عمّن تسميه «المعلم الحكيم» ، وعن عجيبته، والأشباح الذين بإمكانها رؤيتهم حولنا، وإمكانية ارتقاء أتباع أفكارها إلى سماء أولى وثانية وثالثة وصولاً إلى عالي السموات، فيما ترسل الآخرين من قتلة الحيوانات إلى جهنم. حزنت عند الحديث عن أن ابنتها من بين المعترضين على «رسالتها» ، ورحت أتخيل حيرة البنت بأمها في هذه الأثناء.
محزن أكثر انكشاف هؤلاء الإعلاميين المخضرمين المكرسين عن كل هذا الهزل، هم الذين يُخَصص لهم برامج وزوايا يقودون المشاهدين المطمئنين إلى تخاريفهم إلى مصائر لا يعلم بها أحد.
واضح أن الأمر لا يتوقف عند أصحاب برامج الفلك والأبراج.
حجاب مينة حربلو
ظهور مراسلة «الجزيرة» في لندن مينة حربلو بالحجاب منذ أيام على الشاشة بات حدثاً تتداوله الصحف والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، لو لم يكن الأمر كذلك لكان تعليق المذيع عبد الصمد ناصر إثر ظهورها الأول كفيلاً به. قال لها المذيع، وعلى الملأ: «هنيئاً لك ارتداء الحجاب، زادك بهاء وإشراقاً على الشاشة». ابتسمت حربلو، وعاد المذيع إلى نشرته، واشتعلت دنيا الميديا.
قد يعني الأمر تحوّلاً كبيراً في حياة صاحبته، تعبيراً عن انتقال من طريقة تفكير وحياة إلى أخرى غيرها، وقد يكون أبسط من ذلك بكثير، إنما يظل في كل الأحوال شأناً شخصياً لا يستحق أن يخترق نشرة الأخبار. كيف تقبل «الجزيرة» ومذيعتها ومراسلوها أن يتحول هذا الشأن الشخصي إلى جزء من نشرة أخبار يفترض أنها موجهة لعموم الناس، من أديان وأعراق وأجناس وأعمار! لماذا نعتب إذاً على الصحافة الصفراء عندما تتناول الملابس والأشياء الحميمية، ماذا تركنا لها!
كيف تقبل «الجزيرة» ومذيعتها ومراسلوها أن يتحول هذا شأن شخصي إلى جزء من نشرة أخبار يفترض أنها موجهة لعموم الناس!
لماذا نعتب كذلك على حكومات الغرب العلمانية عند اعتراضها على حجاب! وغالباً ما يكون جوابنا إنه شأن شخصي، ألا يعني احتفال «الجزيرة» أنه الوجه المقابل الذي يؤكد حق الغرب في التعاطي مع الحجاب كشأن يهم الجميع؟
ربطة العنق، ساعة اليد، لون الطقم، تسريحة الشعر، وماركات الثياب، شؤون شخصية تماماً، إن كان من حق المذيع الإشارة إليها في نشرة الأخبار يصبح من المقبول تناول الحجاب، وبكل الأحوال لن يصل الأمر حدّ الاحتفال، فالـ «هنيئاً» تعني أن الآخرين بائسون، معذبون، ضالّون. على الأقل؛ ليس عمل قناة إعلامية إصلاح أحوالهم مع الخالق. «إن الله يهدي من يشاء» .
الفيل يا ملك الزمان
للفنانين السوريين ثوراتهم الخاصة، كل فترة يظهر أحد أبطالهم مشهراً سيف العتب على انقطاع الكهرباء وأسعار السلع المرتفعة، إلى ما هنالك من شؤون الحياة اليومية. يعتب الفنان، فترتفع السيوف الأكثر تشبيحاً ليظهر من جديد موضحاً أو معتذراً أو معلناً انسحابه من المشهد الذي لم يعد يتحمّل قولة آخ. بعد أيمن زيدان وشكران مرتجى وعدنان أبو الشامات وبسام دكاك وأمل عرفة هنالك اليوم ثورة فراس إبراهيم (عَيَّناه بدور أحمد أبو عدس في مسلسل قادم عن الرئيس رفيق الحريري).
سيكتب فراس ابراهيم: الفيل يا ملك الزمان في حاجة إلى فيلة، تخفف عنه وحدته، وتنجب له عشرات بل مئات الفيلة.
مفاجئ تماماً أن يكتب الفنان السوري الموالي، على صفحته في فيسبوك، انتقادات للوضع، هو الذي لا يعرف له اهتمام بالسياسة وبالشأن العام إلى من باب المسلسلات وضرورات ترويجها. لكن فراس لم يتحمّل طويلاً، سرعان ما أعلن الاستسلام، يعد في آخر كتاباته بعدم التطرق للشأن العام، مؤكداً أن هناك من يتمنى التخلّص منه.
في المرة المقبلة سيكتب فراس: الفيل يا ملك الزمان في حاجة إلى فيلة، تخفف عنه وحدته، وتنجب له عشرات بل مئات الفيلة.