علي حسين
في كل عام تتآمر علينا “الإمبريالية” اللعينة وتضع العراق في مؤخرة الدول التي في مجال التعليم والتربية، لكنها هذا العام تمادت أكثر وكشرت عن أنيابها الاستعمارية فأخرجتنا ومعنا القوى الكبرى “اليمن والسودان والصومال” من قائمة جودة التعليم التي يضعها مؤشر دافوس ،
وهذه المؤامرات هدفها بالتاكيد الاستهانة بجهود كوكبة من العلماء على رأسهم خضير الخزاعي وعلي الأديب والعلامة عبد ذياب العجيلي ولا ننسى بالتأكيد “أبو القنبلة النووية العراقية” حسين الشهرستاني، ومهندس الطفر على الكراسي قصي السهيل، فبجهودهم استطعنا أن “نرفس” التصنيفات الدولية، فنحن أمة علمت العالم الكتابة والقوانين، واليوم تعلم البشرية كيف يصبح السياسي مليونيراً في سبع دقائق.
عام 1892 كتب القاص الروسي تشيخوف وصفاً لرجل التعليم قال فيه: “أن يكون مثقفاً وفناناً وإنساناً مغرماً بعمله، أما المشرفون على التعليم عندنا فهم بسطاء سذج، أنصاف متعلمين. يجب أن يحتل التعليم المركز الأول وأن يكون متاحاً للجميع”. توفي تشيخوف قبل أكثر من مئة عام ويبدو حديثه هذا معاصراً تماماً لما نعيشه اليوم في العراق، وكلماته هذه تليق أن توضع في واجهة أية مدرسة في العراق، أحلام تشيخوف هي أحلام المخلصين لبناء بلدانهم وهي نفس أحلام الشيخ محمد رضا الشبيبي الذي كان مسؤولاً عن التعليم في العهد الملكي لمرات عدة من عام 1924 إلى عام 1948 نراه يكتب في رسالة يوجهها للملك فيصل الأول حول فهمه لدور التربية والتعليم في المجتمع: “الفقر والجهل من أشدّ الأمراض الاجتماعية ألماً وأكثرها ” اليوم يطرح السؤال بوضوح كيف يمكننا تطبيق هذه الأحلام في العراق، ونحن نجد أن بعض القائمين على شؤون التربية والتعليم، تداخلت عندهم السياسة مع ألعاب الفساد مع المحاصصة مع زمرة المنتفعين في أن يتولوا مناصب مهمة في هذا القطاع لتكون النتيجة واضحة؟ لا أمل على الإطلاق في محاولة إصلاح النظام التعليمي. بعد سنوات من نهاية النظام الدكتاتوري، نجد أن القائمين على أمور البلاد، ينظرون إلى التربية والتعليم باعتبارهما كماليات، زائدة عن الحاجة، لا يشغلهم التدهور الذي أصاب هذا القطاع، بل أن وزارة التربية عانت ما عانت بسبب اختيار أشخاص لا يمتون بصلة إلى قطاع التربية والتعليم، فتحولت الوزارة العريقة في النهاية إلى حقل تجارب يسعى من خلالها صاحب المنصب إلى تنفيذ سياساته الخاصة ورؤاه الشخصية على قطاع حيوي في حياة الشعوب، ومن الغريب أن نجد اثنين من وزراء التربية في عراقنا الجديد، فلاح السوداني وخضير الخزاعي، كانا يستحرمان الفنون بل إن أحدهما طالب بإزالة التماثيل التي في واجهة معهد الفنون الجميلة كي يستطيع زيارته. أخطاء تكاثرت حتى أصبحنا لا نفرق بين التربية باعتبارها منهجاً في تنشئة الأجيال وبين الأجندات الحزبية التي تريد أن تحول هذا القطاع إلى ساحة صراع طائفي وانتهازي .