هل يكشف التحليل الجيني مزاعم النسب العلوي الفاطمي؟
علاء اللامي*
شاعت في العراق وبشكل واسع ظاهرة الانتساب إلى النسب النبوي وادعاء اللقب والنسب العلوي والحسيني والحسني والموسوي والهاشمي وتفرعاتها، منذ عدة عقود. ولكن هذه الظاهرة تفاقمت كثيرا بعد قيام حكم المحاصصة الطائفية العرقية بعد الاحتلال الأميركي وهيمنة الأحزاب السياسية الإسلامية الشيعية على الحكم، ونشوء الإقطاع الديني كمقاولات وشركات ومزارع انتاج تابعة لجهات دينية وعتباتية مستقلة عن الدولة ماليا ولا تدفع لها أية ضرائب وتتمتع بحمايتها وتتطفل على إمكانياتها وأدواتها وكوادرها مجانا، واقترنت هذه الظاهرة بظاهرة أخرى هي تكاثر الأضرحة والقبور المنسوبة إلى سيدات وسادة هاشميين لم يسمع بهم أحد من قبل ولها سدنتها وإداراتها وحراسها.
وقد صمتت الدوائر الحكومية والدينية والعشائرية ذات العلاقة بهذا الموضوع ولم ترتفع – إلا ما ندر – أصوات قليلة تحذر من هذه الظاهرة المنفلتة والمسيئة إلى النسب النبوي والعلوي واتخاذهما مصدرا للارتزاق والمتاجرة، وصار تنظيم ورسم وبيع مشجرات الأنساب المزورة تجارة رابحة، ولكن يبدو أن سلاحا فعالا يلوح في الأفق في دول عربية أخرى وقد جربت فاعليته في جمهورية الجزائر، فهل يمكن أن نشهد حركة في هذا الاتجاه في العراق تستهدف كشف المسيئين للنسب العلوي والنبوي المحترم وتردع المتاجرين به والمتربحين بانتحاله عن طريق إجراء تحليلات جينية لعينات من مناطق مختلفة؟
*هذه فقرات من مقالة حول الموضوع بقلم الكاتب الجزائري محمد بلقاسم العدناني التلمساني، يرصد هذه الظاهرة والتحليلات الجينية المتعلقة بها، تجدون رابطا يحيل إليها في نهاية الفقرات:
*”المرابط” في الجزائر خاصة وفي شمال افريقيا عامة، هي تسمية أشهر من نار على علم، ولا تجد عائلة جزائرية إلا وتقول إن أحد أجدادهم كان (مرابط) ولي صالح، ذا كرامات وخروقات وذا صيت حسن واحترام كبير من بقية السكان، وهو مصطلح مستعمل في كل مناطق الجزائر، فلا تخلوا مدينة جزائرية من عوائل (مرابطية) بل الكثير منها كانت تُكنى بأسماء أشهر مرابطيها المدفونين فيها.
* حتى المدن التي لا تحمل أسماءهم مازالت تحوي على (قـباب) أجداد هؤلاء المرابط – فلا تخلو مدينة أو بلدية أو قرية جزائرية من قـبة مدفون فيها أحد هؤلاء المرابط … وهي قـباب ارتبطت سابقا بعادات وممارسات صوفية من طلب التبرك بأصحابها واقامة (الوعدات = القوم) بالقرب منها بمناسبة سنوية متكررة لنيل بركة ورضى هذا المرابط الولي الصالح. وتصل بهم أحيانا في بعض المناطق إلى العنصرية التي ما أنزل الله بها من سلطان، فلا يتزوجون من بقية الجزائريين ولا يزوجون بناتهم لغيرهم حفاظا على نسبهم كما يقولون.
* النقطة المشتركة بينهم هي عامة ما تجد أحفاد هؤلاء المرابط يدعون أنهم أشراف من نسل علي وفاطمة الزهراء -رضي الله عنهما- من آل بيت النبي -ص- وفي حوزتهم أو داخل قبابهم أو زواياهم وثائق حديثة أو قديمة تربط نسبهم بآل النبي “ص”… فهل يمكننا التحقق اليوم أن كل هؤلاء المرابط هم فعلا من نسل رجل واحد؟ كأنهم مثلا: كلهم أدارسة (نسبة إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب) كما تقول مشجرات أنسابهم؟
*بعد ذلك يستعرض الكاتب نتائج التحليلات الجينية لعدد كبير من العوائل والعشائر “العروش” المذكورة بالاسم مع تحديد المنطقة التي تعيش فيها ليصل الى الاستنتاجات والخلاصات التالية:
– لاحظنا من خلال نتائج جينات أحفاد ونسل هؤلاء (المرابط) في الجزائر أنهم من أصول أبوية عرقية مختلفة جدا، ونتائجهم تتوزع على مختلف السلالات والتحورات. فلا يصح إطلاقا من ناحية علمية ربط (مسمى المرابط) بالنسب النبوي الشريف، فهناك شروط لابد أن تتحقق حتى نستطيع القول إن جينات طيف منهم هي جينات بني هاشم من قريش.
– أول من نبه إلى حُمى التشرف المرتبطة أساسا بمسمى مرابط في الجزائر هو العلامة بلبكار، مفتي مدينة معسكر الذي وضح قبل قرنين، أن غالبية هؤلاء المرابط في عصره ليسوا أشراف، وأن العامة هم من شرفوهم، بينما في الأصل لا صلة نسب لهم ببيت النبوة الهاشمي، وأن هذا المصطلح هو في الأساس (مصطلح ديني) ولا علاقة له بنسب معين، كان يطلق على كل منتحل العبادة.
– كل من ذكرناهم آنفا، يحتفظون بمشجرات تربط أجدادهم (كلهم) ببعضهم إلى إدريس من بني هاشم من قريش، رغم أن جيناتهم بينت بوضوح تام، أن لا علاقة تربط معظمهم ببعضهم، فهم جينياً فيما بينهم أبعد بكثير عما تظهره تلك المشجرات، فكل فئة منهم على سلالة مختلفة، بل حتى التي تتكتل في نفس السلالة نجد جيناتهم على تحورات مختلفة، وهو ما يثبت أن لا صلة أبوية مشتركة بين عمومهم إلا في النزر القليل.
*الصورة: قبة ضريح المرابط سيدي علي بن يحيى – بلدية العمامرة – ولاية غليزان.
*رابط يحيل الى النص الكامل للمقالة: