اضربوا المرأة قبل الغداء وبعد العشاء و«ضرب الحبيب زي الزبيب»
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بحادثة بشعة ومهينة بحق المرأة المصرية. قد تكون كلمة مهينة أقل ما يمكن قوله في وصف بشاعة الموقف.
حادثة تحولت خلال ساعات قليلة لقضية رأي عام صارخة.
تفاعل معها رواد السوشيال ميديا والعديد من مشاهير العالم العربي.
فما هي القصة؟
عروس مصرية من الإسماعيلية كانت تستعد لعرسها. ذهبت إلى أحد مراكز التجميل لتصفيف شعرها كأي صبية في يوم يقال إنه من أجمل أيام العمر .
جاء «فارس أحلامها» ليصطحبها إلى جلسة التصوير ومن ثم حفلة العرس. خرجا من المركز معاً وهو يمسك بيدها. كانت في أبهى حالاتها، تمشي كملكة تتوج على عرشها، تختال في فستانها الأبيض، لكن تلك اللحظات المبهجة لم تستمر.
ولم تكن كافية لتسكر العريس لأقل من دقائق معدودة. لقد كان على أكمل الاستعداد لحرق لحظات العمروالتحول من عريس إلى شبيح واستبدال الزغاريد بالصراخ وشن معركة بسبب سوء تفاهم بسيط بين العروس وأخت العريس «أبو عضلات».
الله يحيي «غرندايزر» العرب!
هكذا انهال عليها بالضرب المبرح. حاولت أن تختبئ منه داخل السيارة لكنها لم تنجح. لحق بها وأصر على «تأديبها» على الرغم من تجمع الأهل والأصدقاء ومحاولاتهم الفاشلة لتهدئته. ألا يحق له أن يعيد تربية الزوجة؟ ما المشكلة في ذلك؟
«كفين عالماشي». ألا تعرفون الأمثال الشعبية التي تعكس «قيمة» المرأة في مجتمعاتنا «المتحضرة»: اضرب المرأة قبل الغذاء وبعد العشاء وضرب الحبيب زبيب واكسر للمرة ضلعا بيطلعلها 22 ضلع. أمثال تعكس واقعنا المزري!
ما الجديد في هذه القصة؟
لا شيء على الاطلاق. نساء كثيرات يعنفن داخل بيوتهن ولا يجرؤن على المواجهة أو الشكوى خوفاً من الزوج أو الأهل أو نظرة المجتمع لهن. وتكون النتيجة تكدس وتفشي أمراض وعقد مجتمعية خطيرة.
لكن كيف تتوقعون أن تنتهي القصة بعد «العلقة»؟
عادت العروس إلى حضن زوجها «الدافئ» بعد أن تعلمت الدرس في الرضوخ والطاعة والانسياق. قال العريس «غرندايزر العرب أبو لكمة» في مقابلة معه إن العروس ابنة عمه. يعني «حلوا عنه». اتركوه يضرب على مزاجه. الضربة «أهلية بمحلية» ما حدا غريب!
سمنة على عسل
أثارت تلك الحادثة غضب العديد من الإعلاميين والمشاهير. فقد علّقت الممثلة سمية الخشاب في حسابها على تويتر: «المفروض يكون في مادة تتدرس في المدارس والجامعات خصوصاً للبنات اسمها كيفية الدفاع عن النفس وتكون بتعلم الناس ازاي يدافعوا عن أنفسهم قدام الحيوانات البشرية اللي كترو أوي اليومين دول»!
لكن في المقابل كان هناك من تفهم تلك الحادثة وبرر تصرفات غرندايزر أبو لكمة. من بين تلك المجموعة «المستنيرة» المذيعة «الفذة» ياسمين عز.
فقد خرجت بتصريح «ذكي» وينم عن «وعي» و»فهم عميق» لحقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص من منبرها في قناة «أم بي سي مصر».
تصريح يصلح بين الأزواج ويلم شمل العائلات. ولا يسعنا إلا نقله حرفياً لأهميته. قالت وهي تبتسم ابتسامة عريضة جداً بعرض المسافة التي تبعد بين الاحترام والإذلال. بين التحضر والتخلف، بين القيمة واللاقيمة: «تصالحوا وبقوا سمنة على عسل» بالإشارة إلى العريس أبو لكمة وعروسه.
ثم تكمل :»لو كل واحدة جوزها قلها كلمة أو لمسها لمسة راحت قالتله طلقني. يبقى مش حيكون في ستات متجوزة عندنا.»
وتعلل لنا الأسباب التي تبرر ضرب الرجل لزوجته ومميزات العروس التي تقبل التعنيف» :الرجل طبعه حامي وحمش وعلى المرأة أن تحتويه . دي عروسة بنت ناس وأصيلة لمت دنيتها ودارت على شمعتها واحتوت الموقف ومش معقول حتبوظ فرحها وحب 13 سنة عشان موقف احنا مش عارفين تفاصيله. «
يا سلام على «الاتزان» !
لقد حان الوقت لنضع حداً لنشاطات الجمعية والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان.
فما حاجتنا إليها بعد التوضيحات «المبتكرة» و»المقنعة» التي قدمتها عز؟
لكل ضربة أسبابها التي لا أحد يعرفها سوى الضارب والمضروب ..
انتشرت قصة عروس الإسماعلية، ربما لتذكرنا بواقع مأساوي ما زلنا نعيشه بفعل السلطة الذكورية.
قد نحتاج لمئة سنة ضوئية للخروج من مستنقع الأعراف الاجتماعية المبنية على معايير مؤذية وغير منطقية!
إنها ثقافة خاطئة تتطلب أعماراً لإعادة تصويبها، زمنا لإعادة تصحيح التربية المنزلية والعمل على المناهج الدراسية التي تلقي الضوء على العنف وأخطاره، وبذل جهود جبارة لتفعيل قوانين حماية المرأة، ومحو الأمية وتعليم المرأة وتثقيفها لمعرفة أدنى حقوقها. حق العيش بكرامة!
والأهم تفعيل الرقابة الشديدة على وسائل الإعلام التي تلعب دوراً في نشر المفاهيم الخاطئة كما فعلت عز من خلال منبرها الإعلامي.