(المستشار أولاف شولتس في خطاب بجلسة خاصة للبوندستاغ حول الغزو الروسي لأوكرانیا)
الدكتور/ضرغام الدباغ.
وكان الرئیس الأمیركي ا ّ لسابق دونالد ترامب قد وجھ انتقادات حادة للمستشارة الألمانیة السابقة أنغیلا میركل
ّ ّ ّ على خلفیة عدم تقید ألمانیا بالنسبة التي یحددھا حلف شمال الأطلسي للاستثمار في القطاع الدفاعي، مما عكر
لسنوات العلاقات بین ضفتي الأطلسي.
5
ّ بید أن شولتس اعتبر أنھ مع الھجوم ال ّ ذي یشنھ الرئیس فلادیمیر بوتین بات من الواضح أنھ ” ّ یتعین على ألمانیا
أن تستثمر أكثر في أمن بلادنا”. وقال إن “الھدف ھو التوصل إلى جیش قوي وحدیث ومتطور قادر على
حمایتنا بشكل یعتمد علیھ.” ّ ّ والتحول المعلن في التوجھ لافت جدا نظرا إلى تشكیلة الحكومة الألمانیة الحالیة.
فبعد 16 عاما على تولي المحافظین الحكم في ألمانیا، انتقل الحكم إلى الاشتراكیین الدیموقراطیین مع شولتس
المنتمي إلى یسار الوسط والذي یرأس حكومة ائتلافیة مع الخضر واللیبرالیین.
وفي حین یناھض الخضر على الدوام تصدیر الأسلحة ُ ّ ّ ، وجھت اتھامات إلى الحزب الاشتراكي الدیموقراطي
ُ . لكن وزیرة الخارجیة أنالینا ّ بمحاباة روسیا فیما یتھم اللیبرالیون غالبا بإعطاء الأولویة للمصالح الاقتصادیة
ّ د من ضبط ّ بیربوك المنتمیة إلى حزب الخضر قالت “ربما تتخلى ألمانیا في ھذا الیوم عن شكل خاص وفری
النفس على صعید السیاستین الخارجیة والأمنیة”. وأوضحت أن ” ّ القواعد التي حددناھا بأنفسنا یجب ألا تحید
بنا عن مسؤولیتنا. ّ ّ فإذا تغیر عالمنا یجب أن تتغیر سیاستنا.”
وأعلنت ألمانیا أنھا بصدد تسلیم أوكرانیا ألف صاروخ مضاد للدبابات و500 صاروخ أرض-جو من نوع
“ستینغر” من مخزون الجیش الألماني ّ ، في توجھ یشكل قطیعة مع الحظر الذي تفرضھ البلاد على تصدیر
الأسلحة الفتاكة إلى مناطق النزاع. كما أعلنت أنھا ستعزز قواتھا المنتشرة شرقا في إطار حلف شمال
ّ الأطلسي، لا سیما في سلوفاكیا، وفق شولتس الذي أبدى أیضا استعداد بلاده للمشاركة في الدفاع عن المجال
الجوي للحلف بواسطة صواریخ مضادة للطائرات.
ّ یعاني الجیش الألماني منذ سنوات من الإھمال، وقد سلط قائد القوات البریة ألفونس مایس الضوء على ذلك في
الیوم نفسھ الذي أمر فیھ بوتین قواتھ ببدء الھجوم على أوكرانیا. وجاء في رسالة كتبھا عبر شبكة “لینكد إن”
للتواصل الاجتماعي أن “الخیارات التي یمكننا أن نعرضھا على السیاسیین في إطار دعم حلف شمال
قواتھا من 500 ألف عسكري (حین ّ الأطلسي محدودة للغایة.” ومنذ انتھاء الحرب البادرة قلصت ألمانیا عدد
أعید توحید البلاد) إلى نحو مئتي ألف حالیا.
مسؤولو القطاع الدفاعي في البلاد مرارا في السنوات الماضیة من متاعب الجیش على صعید ّ وسبق أن حذر
التجھیز حیث ھناك نقص كبیر في صیانة الطائرات المقاتلة والدبابات والمروحیات والسفن.فالتاریخ الأسود
ّ نھ بات أشبھ بالسذاجة مع غزو ّ لألمانیا دفع بالبلاد إلى اتباع نھج سلمي، لكن منتقدي ھذا التوجھ یشددون على أ
روسیا أوكرانیا. وفي الأسابیع التي كانت تتأجج خلالھا الأزمة، تجاھلت ألمانیا مرارا مطالب كییف والحلفاء
بإرسال أسلحة إلى أوكرانیا.
وبقیت مساعي أستونیا لتسلیم كییف ثمانیة مدافع ھاون قدیمة اشترتھا من ألمانیا الشرقیة السابقة عالقة لأسابیع
في عراقیل بیروقراطیة في برلین إلى أن حظیت الأحد بالموافقة. وفي الفترة التي سبقت اندلاع النزاع
المیداني اقتصرت المساعدة العسكریة الألمانیة لأوكرانیا على 500 خوذة، في واقعة استدعت كثیرا من
السخریة.
ّ ُّواتھمت ألمانیا بأنھا تعطي الأولویة لاقتصادھا ومصالحھا على صعید الطاقة بتمسكھا بادئ الأمر بمشروع
خط أنابیب الغاز “نورد ستریم 2 ّ “الذي یضخ الغاز الروسي إلى أوروبا، إلى أن قررت ھذا الأسبوع تعلیق
العمل بھ. ّ لكن شولتس تعھد تغییر واقع اعتماد ألمانیا على دول أخرى لتأمین احتیاجاتھا على صعید الطاقة،
وقال إن التأزم ا ّ ّ لحالي السائد في أسواق الطاقة یشكل مؤشرا یدل على ضرورة المضي قدما في التحول إلى
ّ مصادر الطاقة المتجددة. وقال وزیر الاقتصاد روبرت ھابیك إن “إمدادات الطاقة أصبحت قضیة أمن قومي.”
ع.أ.ج/ أ.ح (أ ف ب