هواجس الضياع
الروائي/عبد الجبار الحمدي
أشعر بالصخب، رأسي يكاد ينفجر.. الشوارع فارغة إلا من أعمدة النور، أفرك رأسي بشدة محاولا إفراغه من وهم الصخب فالعالم الذي دخلت مجبرا أن احتذيه بجميع جنونه وعقده ههههههههه حقيقة أشعر اني على حافة الجنون من خوفي الذي حبلت فيه أوهامي دون ان تلده فقد رامت ان يكون في بطن هواجسي التي لا تنفك تعيش الوحدة… فجأة وإذا بشيء يمسك بتلابيب ثوبي قائلا: توقف الى اين انت ذاهب؟؟ أنظر حولك ها هي باريس خيالك ترقص التانغو هناك حيث البرج هيا عنف نفسك أدفع بمخاوفك بعيدا إن ليالي باريس عارية لا يمكن إلا لمجنون ان يعيشها… فالحب فيها قشعريرة أو قرسة برد، لا يمكن ان تتكرر، اما إمتاع النفس فذلك هو المرام الذي ترى فيه فتيات باريس تقف عند تلك الاعمدة لتضيء رغبتها في ان تكون دثارك ولو لساعات.. هيا جد في السير..
لم استطع ان أتحمل ترهات هواجسي فأنا جئت من عالم كل شيء في حرام… حتى الهواء الذي اتنفسه يجب ان يكون مدفوع ثمنه إما بخُمس او زكاة، النظرة حرام بتوليفة إن كانت بشهوة، الانصات الى حديث خارج عن المألوف تقريع لمعايير الدين… التحدث بلسان حال غير ما تعرف او غير مألوف فسق… أما ما تدفع بي إليه إنها دعوة لولوج جهنم… جريمة وعقاب… وأنا بغنى عن ذلك
الهاجس: إذن لم جئت الى هنا؟ فعالمك لا يمكن ان يسير حافيا عاريا وهو يرى تساقط وفر الثلج او تضارب كؤوس خمر بين اصحاب او قبلات في ختلة مكان او حتى ممارسة الجنس دون دثار في شارع معتم… هذا ما يحدث هناك لو ارسلت بنظرك حيث تلك البقعة… انظر
أوه… إبتعد لا اهتم لذلك فأنا جئت ابحث عن الجمال في الأشياء التي يمكن ان تعكسه الأماكن، بريئا غير ملوثا او شارب خمر، فأنا يا هذا لا اطيق ان ألوث أفكاري فلا زلت افكر بالمحرمات… ولعل من قبل فكر بها وناقشها الفلاسفة فعقدة أوديب او حب كاليغولا لأخته او عقدة هاملت او أيا كانت تلك العقد التي حاولت العقول ان تجعل منها طريق حرير ملبد كما عندنا بلحى ذات قياسات عقدية، إنك يا هذا تعيش الحياة كما هي بقانون يعطيك الحق في ممارسة الجنس حتى مع الحيوانات… لا البشر فقط، نحن نمارس كل ما تفعلون بمسميات غير معرفة ربما انتم تفعلونها علنا لكننا من خشية الخالق نمارسها خفية… خوفا من القانون الديني المعنون بثوب قصير ولحية طويلة… أتراك تعلم وتريد ان تختبرني؟؟
لا أعرف كيف تفكر!؟ أرى أنك تتخبط… أنظر هناك ستهب بعد قليل عاصفة ثلجية هلم معي الى كوخِ الخشبي ذو النافذة ذات الستارة الحمراء إني اعشقه حد جعله ملاذِ في كل شيء، لا تخف لا أريد اغتصابك كما تظن، فأنا بداخلك منذ زمن بعيد أعيش ما تستشعره في الكثير من القادمين الى باريس الرغبة والجنس، الضوضاء والسكون، الفن والموسيقى، العهر والمجون… باريس الحضارة والإرث الفوضوي الفنتازي دعني احيط بما لا يمكنك البوح به أو لعلك تخاف ان تقوله… إنك من عالم أستأجر الجاهلية كفتاة عارية تسير في الربع الخراب وهي تدرك انها لا تملك ثياب لستر عورتها إلا بكلمات، رضيت ان تُدَس بالتراب لتواري عورتها حتى وإن كانت في المهد، عالمك الذي امتلك الفصاحة مليء بالجهل، يبيع ويشتري النساء في الاسواق اما السبايا فتوزع هذه لك وهذه لي… الحرية لا تتعدى عند جاهليتكم سوى لِعَبد يُضرَب في الليل والنهار إن عصى أمر سيده… والادهي ان ذلك السيد الشريف حين يشتري العبد يخصيه خوف طمع زوجته او أمه أو اخته في مطارحته… أي حياة تقول عن باريس في خيالك تنتقدها بالدعارة وانتم من كنتم تبتدعون الدعارة بأشكال وألوان… لا اريد ان اطيح بقيم أنت تؤمن بها لكنها الحقيقة… الفجور بات علني حتى عبر الفضائيات يوزع مثل العصير في حفل مساء كان أم نهار… لكنكم انتم الآن ابتدعتم حتى بعد أسلامكم صور للفجور والدعارة نقلتم عادات وتقاليد باريس وأمريكا، كل دول الغرب وأوربا إليكم بكل سلبياتها، فَجَرّتم ثورة التطور الجنسي ضمن محيط بعنوان اسلامي وفَجَرتم بأنفسكم وبكل القيم التي لا تؤمنون إنتقاما من الاختلاف في الرأي، إلا بالبعض منها تلك التي تبيح لكم ان تتعروا ونسائكم بفتوى مشروعة من رجال دين ساقوا الاسلام عبدا مخصي يباع ويشترى… عد الى عالمك يا هذا ولا تستحي بكونك من عالم يضرب به المثل عندنا بالمتخلف… أقسم لك أن ما تظنه تخلفا هو بصيص أو رمق لميت لا يحيا إلا على أجهزة تنفس أجنبية… إنكم تعيشون حالة الموت السريري…
هيا يا عزيزي أتبعني وانزع عنك ترهات عقلك فالإنسان يعيش لمرة واحدة، إنها لك كيف تشاء لكن أحياها ضمن قوانين تمكنك ان ترضي من تعتقده ربا دون خوف فالحياة الدنيا لهو ولعب فأكثر الذين وقفوا على حافة تضاريسها مثل جبل افيرست لم يستطيعوا فك طلاسمها، لا تعول على ما يقال باريس هي لك إن أردتها بثياب او عارية…
إننا نعيش عالم الخداع البصري، الدين والعدالة والحق والباطل ما هي إلا مسميات تقيدك كون نفسك ترغب العكس… لذا كان الاختيار والنزعة، فالنزعة هي من تحيط بك وبعالمك، تدفع بك الى النزق، تهمس في اذنك لنذهب حيث الخلوة عش لحظاتك مع من ترغب، حرك حلمتي ثدييها لتشعر بالدفئ، قَبِل شفاهها المرتجفة… أشعرها باللذة إنها ترغب بك هذا هو حالها الدنيا عاهرة تقف مع الكثيرات من بائعات الهوى… لا تخف اسدل الستارة وتذكر ان فوق رأسك سقف يحميك كما رجال الصحراء… في بيوتات شعر وخيم.. ناموا بعيدا عن عيون تجردهم الحياء والخوف… إنكم من طينة غير طينة الخلق… فلا ترهقني بترهاتك فأنا بداخلك منذ صرختك الأولى التي اوردتك العالم المخصي كالعبد، تواضب على الصلاة وتسرق، تدفع الزكاة وتنهب، تحج البيت وتزني ليُكَفَر عنك حجك، تأكل السحت ومال اليتيم بفضاضة… أنك لا تخدع سوى نفسك هيا أخرج عن عالمي فقد طلع النهار.. قم أستيقظ
ولا تنسى ان تنظف أسنانك فرائحة فمك منتنة كما هي افكارك وهواجسك التي تعيش وحشة الضياع وتشرد باريس.
القاص والكاتب
عبد الجبارالحمدي