اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا
زهير كاظم عبود
افتقرت الدساتير العراقية التي تنظم الحياة الدستورية والقانونية في العراق الى وجود محكمة قضائية تختص بالفصل في النزاعات الدستورية والقانونية ٫ او تختص أيضا بتفسير النصوص الدستورية ٬ وبقيت الأمور تحت رحمة الحاكم او السلطات القابضة على السلطة ٬ حتى قيام النظام الحالي في العام ٢٠٠٣ ٬ والسبب آن جميع تلك الأنظمة التي مرت على العراق سابقا لم تكن تسمح بوجود جهة قضائية تتدخل في شكل شرعية قوانينها ومشروعية قراراتها ٬ بالإضافة الى الهيمنة المطلقة على جميع السلطات رغم الإشارة صوريا الى استقلالية السلطة القضائية .
وخلال تلك الحقبة كان العراق الحديث بحاجة ماسة لتشكيل هيئة قضائية تآخذ على عاتقها ضمان احترام الدستور باعتباره الوثيقة الأعلى والاسمى في البلاد ٬ وان تقوم بتقويم المخالفات التي تصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ٬ وحين صدر قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية نص في المادة ( ٤٤ ) منه على تشكيل محكمة باسم المحكمة الاتحادية العليا ٬ وباشرت بعملها تحت هذا التشكيل ٬ الا انه وبعد صدور الدستور العراقي في العام ٢٠٠٥ تم الغاء قانون إدارة الدولة حيث تمت الإشارة الى اختصاصات وتشكيل المحكمة الاتحادية العليا ضمن المواد (٩٢ و ٩٣ و ٩٤ ) ٬ وبالرغم من ان الفقرة الثانية من المادة ( ٩٢ ) اشارت الى هيكل تشكيل المحكمة من ناحية عدد القضاة والخبراء وفقهاء القانون وطريقة الاختيار وتفصيل عمل المحكمة حيث اوجبت المادة المذكورة صدور قانون ينظم عمل المحكمة يتم تشريعه بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ٬وعلى ضوء ذلك صدر قانون برقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ يتضمن قيام مثل هذه المحكمة التي استمرت بعملها ٬ وبرزت خلافات سياسية حول إعادة تشكيل المحكمة بالشكل الذي نص عليه الدستور ٬ وخلافا لتشكيلها الأول ٫ وعلى هذا الأساس تم تشكيل المحكمة من عدد من قضاة الصنف الأول الذين اخذوا على عاتقهم استمرار عمل المحكمة والفصل في القضايا المعروضة امامهم ٫ ولم يسلم تشكيل المحكمة من التصنيف الطائفي والقومي في اختيار القضاة العاملين فيها للأسف ٬ واصبح الامر لازما وضروريا لإصدار قانون جديد للمحكمة الا ان التطاحن السياسي والخلافات بين الكتل والأحزاب السياسية لم يتم التوصل الى نتيجة للاتفاق على اصدار هذا القانون ٫ وبقي ضمن القوانين التي يشتد عليها الخلاف كلما يتم طرحه فيتم تأجيله او ركنه حتى اشعار آخر .
وحيث ان المحكمة الاتحادية العليا تعد من مكونات السلطة القضائية وفقا لنص المادة ( ٨٩ ) الا انها تعد الجهة القضائية العليا التي تختص بالقضاء الدستوري ٬ وكانت المادة ( ٩٣ ) من الدستور اشارت الى اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وهي :
الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة .
تفسير نصوص الدستور .
الفصل في القضايا التي تنشا عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ٬ ويكفل القانون حق الطعن المباشر لدى المحكمة لكل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الافراد وغيرهم .
الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية .
الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم او المحافظات .
الفصل في الاتهامات الموجهة الى رءيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء .
المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب .
الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم .
الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم او المحافظات غير المنتظمة بإقليم .
وتأتي أهمية هذه المحكمة من خلال هذه الاختصاصات ومن خلال اعتبار قراراتها الصادرة باتة وملزمة لكافة السلطات ولايمكن الطعن او الاعتراض عليها ٬ ولهذا فان هذه القرارات تفصل في القضايا التي تقع ضمن اختصاصها ما يستوجب ان تكون رصينة ومستوفية لكافة شروط الاحكام القضائية التي ينص عليها قانون المرافعات المدنية وكافة القوانين الأخرى ولهذا فان ما يتم التعويل عليه ان تتمسك المحكمة باستقلاليتها وان لا سلطان عليها في قضائها لغير القانون ٬ كما لا يجوز لأية سلطة التدخل في عملها او التأثير علي قضاتها في احكامهم واعمالهم باي شكل كان .
ان صدور قانون ينظم عمل المحكمة وتشكيلها وعدد القضاة العاملين بها وطريقة اختيارهم وطريقة اختيار فقهاء القانون وفقهاء الفقه الإسلامي يعد ضرورة ملحة لترصين البنيان الدستوري والقانوني في العراق