أفكار ميكافيلية في الإمارة
ضرغام الدباغ
يتحدث ميكافيلي هنا عن إيطاليا المجزأة، وكان كثير الاهتمام بوحدة إيطاليا، ومن يحب بلاده يحبها موحدة عزيزة، ويقدم الولاء لها على أي اعتبار آخر، فهو يريد القول أن الأمير عليه أن يتصرف بطريقة تكون مقبولة من شعب الإمارة التي صار الاستيلاء عليها.
” الممتلكات التي اكتسبت بهذه الطريقة (أي بالضم) إما أنها قد ألفت حكم أمير آخر فيما سبق أو كانت ولايات حرة يلحقها الأمير بممتلكاته.. إما بقوة أسلحته هو أو بقوة أسلحة غيره أو يسقطها في يده حسن الطالع أو قدرة خاصة “.(13)
وتصريف هذه المقولة تصلح في حال إعادة الاتحاد لقطرين، كالوحدة الفيثنامية، أو الوحدة اليمنية، أو مشاريع الاتحاد والوحدة عليها أن تراعي هذا الجانب.
ولكن إن شئنا أن نبحث المقولة في العلاقات الدولية غير حالات الوحدة والاتحاد، فنذكر أن فكرة الضم والإلحاق هي فكرة استعمارية تكاد تختفي بصيغها التي عرفت بها منذ الثورة الصناعية والفتوحات الاستعمارية وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن القوى الكبرى ما تزال تمارس ذات السياسة ولكن بصيغ حديثة، فحشد كبير من الدول النامية هي دول شكلية فحسب، لها مقعد في الأمم المتحدة ولها علمها ونشيدها الوطني وإذاعة رسمية، لكن الدول الكبرى تتدخل حتى في صغائر الأمور تبعاً لمصالحها السياسي والاقتصادية والاستراتيجية، وفي سائر شؤونها حيثما عن لها ذلك. فالتبعية الاقتصادية ما توال في أقسى أشكالها، وهو ما أفضى إلى تبعية سياسية، والأنكى من كل ذلك، أن القوى العظمى تحاول اليوم (وهي تصادف النجاح والمقاومة)، فرض أنماط من الثقافات وصيغ الحياة والدخل في دقائق الحياة اليومية ومفرداتها، بل هي سمة العصر وأحدى ملامحه الرئيسية.
وقد تخفي الدول العظمى أساليب تدخلها وراء عدة أقنعة: كالديون وال(المساعدات) وبرامج التنمية، وما إلى ذلك من العلاقات المشروطة على الأرجح، والتي تمثل المدخل للتدخل في الشؤون الداخلية، انتهاء بفرض المعاهدات غير المتكافئة التي تلب حاجات الدولة العظمى، ونادراً ما تهتم بهموم وهواجس الدولة الصغيرة، الطالبة للمساعدة.
ــ عن الملكيات المتوارثة يكتب “ إن الصعوبة في المحافظة علي الدول الوراثية التي الفت حكم أسرة حاكمة أقل بكثير منها من حكم الملكيات الجديدة لأنه يكفي ألا نتجاوز أوضاع السلف وان نتهيأ للطوارئ المقبلة ”
ومن النادر في الأنظمة المتوارثة، أن يستمر نظام الحكم على ذات السمت الذي كانت عليه، بسبب اختلاف القدرة الزعامية لوارثي الزعامة، من جهة وتغير الظروف والمعطيات السياسية والاقتصادية من جهة أخرى، ناهيك عن أن الوارث لا يجد ذات البواعث التي كانت لمن سبقه.
ونجد أن أفكار أبن خلدون في هذا المجال أكثر علمية ونضجاً، فميكافيلي يرى هنا ولكن دون أن يتوصل لذلك كما فعل أبن خلدون، أن الدول تتعرض للشيخوخة، بسبب فقدان العصبية التي دعت لنهوضها، وهو في ذلك ينتقد الأنظمة الملكية، ومن هنا وصفت أفكار ميكافيلي بأنها جمهورية مبكرة.
ويحاول مفكرون رجعيين أمثال: صامؤيل هنتغتن، وفرانسيس فوكوياما، أن يخلقوا عناصر شد جديدة بإشاعة مشاعر التخوف من هذه الجهة أو تلك، والهدف الرئيسي هو الإبقاء على حالة الشد العصبي، والالتفاف، عن طريق اختراع مخاطر موهومة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي الكسندر هيغ، قد صرح أن لا بد من إيجاد المبررات لحلف الناتو، وابتكار جبهات ومواجهات. وأحدث تلك الأساليب، هو مشروع الدرع الصاروخي التي تحاول الولايات المتحدة تأسيسه في أوربا، هي تدعي أنه لحماية شرق أوربا من مخاطر وهمية(الصواريخ الإيراني) وعلى الرغم من أن هذا المبرر هزلي، ولا يصدقه أحد، إلا أن إجراءات تتخذ وتداعيات تحدث، وهناك ملامح أزمة تلوح في الأفق، الغاية منها إبقاء الأوربيين تحت شعور أنهم تحت حماية الولايات المتحدة القوية والضامنة للسلم والأمن على حافتي الأطلسي.
ـ كتب مكيافيلي ” ولكن حين نستولي علي ممتلكات في منطقة تختلف معنا في اللغة والقوانين والعادات فإن الصعوبات التي لابد من التغلب عليها عظيمة “.
هذا خطاب يصلح لدعاة الإمبريالية والعولمة اليوم، وما لم يقله ميكافيلي لأنها لاحقة لعصره، أن الاستعمار هو مشروع اقتصادي / سياسي، والإمبريالية نموذج أعلى للاستعمار القديم (Colonialism)، أما العولمة فهي أعلى أشكال الإمبريالية، وهي مشروع اقتصادي / سياسي / ثقافي، أكثر تكاملاً من أي مشروع استعماري سابق، لأن التوسع الثقافي وسبله قد بلغت شأواً كبيراً، في ثورة شاملة رفيعة المستوى في جميع وسائل النقل والمواصلات (Communication System) من أبرز ملامحها: استخدام الأقمار الصناعية، وانتشار الحاسوب(الكومبيوتر) والهواتف النقالة، وآلات التصوير الديجتال وغيرها، وسهولة الانتقال بالطائرات، وهي أدوات تستخدمها دوائر العولمة في نشر ثقافة موحدة، عابرة للقارات والأمم، يملي فيها الأقوى إرادته ومعتقداته الثقافية، كما هي وسيلة لشعوب العالم الثالث في تحسين أدائها الثقافي، واستخدام هذه المعطيات لمصلحتها.
ــ ” أن من لم تؤخذ أرضه منه لإقامة مستعمرة عليها سيحتفظ بالولاء له أي للأمير والخوف من أن تؤخذ منه أرضه مثلهم “.
ويكاد مكيافيلي يشير إلي أسلوب الدعاية بالترهيب، ولو عاصر ميكافيلي عالمنا اليوم، لأشار إلى أشهر واقعة تهديد وترهيب وابتزاز في التاريخ الحديث والقديم والحديث، ولأدرك أن تهديد القوي المتغطرس ليس على الدوام تأتي بثمارها، ونعني بها الجلسة التي هدد فيها وزير الخارجية الأمريكي بيكر وزير الخارجية العراقي طارق عزيز، بقوله سنعيد بلدكم إلى القرون الحجرية ما لم تقبلوا إنذارنا (Ultimatum). وقد رفض الوزير العراقي الإنذار، إذ لم يكن أكثر من استسلام كامل.
بوسع الدول العظمى اليوم بما تملكه من قوة هائلة، نقل جيوش جرارة خلال ساعات إلى أي بقعة في الكرة الأرضية وزجها في معارك قد تحرز النصر في صفحاتها الأولى، بيد أن هذه القوى سوف لن تكسب النتائج سياسياً، أو لنقل، أنها لن تستطيع التحكم في المسارات اللاحقة سياسياً بالدرجة الأولى، ولكن عسكرياً أيضاً، وسف تحتاج هذه الدولة العظمى، إلى مساعدة وجهود سياسية / عسكرية / أخلاقية لدول أخرى في معركتها.
ـ ويقول مكيافيللي “ إن إهانتنا لإنسان لابد أن تكون إهانة تعنينا عن أن نخشي انتقامه “
ويريد ميكافيلي هنا القول أنك عندما تلحق الإهانة كضرر معنوي، أو إلحاق الضرر بطرف ما، عليك أن تتوقع ردود فعله إن عاجلاً أو آجلاً، وربما بطريقة تختلف عن تلك التي أقدمت عليها.
وفي السياسة المعاصرة، ورغم ضعف العوامل الأخلاقية، إلا أن هزيمة الولايات المتحدة في فيثنام خلقت عقدة نفسية لدى صناع القرار السياسي في هذه الدولة العظمى ما تزال تعاني منها، وقد أضافت العمليات الحربية في العراق الدائرة منذ سبعة سنوات المزيد من العقد السياسية، بعد الخسائر الكبيرة في الأفراد والمعدات التي منيت بها القوات المسلحة الأمريكية بخاصة.
ـ (من كان سببًا في قوة غيره هلك )..
كتب نيقولا مكيافيلي تحت عنوان (لماذا لم تثر مملكة داريوس علي خلفاء الاسكندر عقب وفاته). يقول: ” الممالك التي عرفها التاريخ قد حكمت بطريقتين.. إما حكمها أمير وأتباعه يساعدونه في حكم المملكة كوزراء بفضله وإجازة منه.. أو حكمها أمير ونبلاء يتبوءون مراكزهم بدون مساعدة من الأمير.. ولكن لقدمهم.. ولمثل هؤلاء النبلاء ولايات ومواطنون لهم خاصة يعترفون بهم سادة عليهم بطبيعة الحال.. وللأمير في تلك الولايات التي يحكمها أمير وأتباعه سلطان أكبر من سلطان الأمير الثاني.. لأنه لا يوجد فوقه سواه “.
وفي السياسة المعاصرة نفهم ذلك أن القوى العظمى تدير أزمات، أو ملفات معينة، أو ربما مناطق كاملة بواسطة وكلاء تعمل على إمدادهم بمصادر القوة، أو تسمح لهم أن يكونوا مراكز قوى ليخدموا سياستها في نهاية المطاف، ولكن الولايات المتحدة كقوة عظمى تستخدم هذا المبدأ، تحرص أن تخلق قوى لتكون في مصلحتها وتحت قيادتها، وليس خلق قوة من أجل المطالبة بشراكة. وهناك فرق قانوني / سياسي كبير بين مصطلحي: تحت إشراف أو تحت كنف (Supervision) ومصطلح شراكة (Partner).
ـ يطرح مكيافيلي ثلاثة أساليب لإخضاع المستعمرات الجديدة التي لا نتفق معها في لغة أو جنس.. وهي التخريب، نقل السلطة إليها، تتويج حكومة عملية. وتمارس القوى العظمى هذه السياسة منذ عصر الاستعمار، وبكثافة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وشيوع أساليب الاستعمار الجديد. وتنصيب حكومات عميلة خيار محبب للمستعمرين القدامى والجدد، وكذلك في عصر العولمة.
وتنصيب حكومات متعاونين من أبناء البلاد وسيلة التجأ إليها كل المحتلون عبر العصور في محاول لإيجاد عناصر / شريحة تقبل بوجود المحتلين مقابل الحصول على مغانم فردية / فئوية لا ترتقي إلى مصلحة الوطن، وسرعان ما سيلحق التناقض التحالف الهش بين المتعاونين والمحتلين، المتعاونين على تعدد أطرافهم، والمحتلين على صعيد تقبل مسرح العلاقات الدولية لعملية نهب معاصرة تجري تحت أنظار العالم.
ــ (في الإمارة الجديدة التي استولي عليها بقوات غيرنا وخطه) يقول مكيافيلي: ” إن أولئك الذين يرقون من أفراد عاديين ليصبحوا أمراء لمجرد الحظ، لا يعانون عناء كبيرًا في الصعود.. لكنهم يقاسون كثيرا في توطيد ولايتهم.. هم لا يقابلون في الطريق إلي الإمارة أية عقبات لأنهم يطيرون فوقها) ويضيف (وهؤلاء يعتمدون اعتمادا مطلقاً علي حظ أولئك الذين يرفعونهم وإرادتهم الخيرة) ويعلل (وهم غير قادرين علي المحافظة علي أنفسهم لأنهم لا يملكون قوات صديقة وموالية لهم “.
والترجمة العصرية لهذه الأفكار هي أن وضع أشخاص في موضع المسؤولية دون تدريب وتأهيل لمهماتهم، قد يتعود بالنتائج الوبيلة على البلاد والحكم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن القوى الكبرى المخلصة لاستراتيجيتها وليس لاعتبارات أخلاقية، تتعامل بواقعية: أنت لم تعمل لنا مجاناً، والآن قد حان وقت غيرك. والواقع والأحداث تشير أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد استغنتا مرات عديدة عن كثيرين ممن تعاملوا معهم، لأن الحاجة استدعت التعامل مع وجوه جديدة.
ــ يعتبر ميكافيلي أن ” الدول التي ترمي شباكها وقواعدها سريعاً لجميع الأشياء الأخرى ذات البدايات والنمو السريع لا تستطيع أن تتجذر بعمق. هي تتشعب في أماكن رحبة حتى أن أول عاصفة تهب تدمرها “.
والغرب الاستعماري لم يستفيد من هذه المقولة الميكافيلية، لجهة كسب تعاطف الشعوب، بل كان جل سعيها، نهب أقصى قدر من القدرات الاقتصادية، وفي هذا السبيل فإن العناصر المحلية التي تعاونت مع الغاز المحتل، اتهموا من شعوبهم بالخيانة العظمى، ولم يعد مهماً في هذه الحالة البرنامج الذي يتقدمون به للشعب.
أما القصص التي يسردها مكيافيلي أن أميراً لكي يستجلب محبة الناس ولي عليهم قائدا فظا ولما جأروا من بطشه قاوم بالقبض عليه وقسمه بالسيف نصفين وعلقه في الميدان. فهذه تدخل في نطاق الحيل والأحابيل السياسية التي يتبعها المحتلون أو حتى الحكام المحليين، لإظهار مزايا السطوة والمبادئ الضائعة التي يريد المحتل أن يشرعها. كما يروي ميكافيلي الكثير من الأحداث التي تشير أن الأمراء كانوا يحيكون الدسائس والمؤامرات من أجل الاحتفاظ بالسلطة أو توسيع النفوذ، ويذكر أحداثاً كثيرة أم المؤسسة الدينية (الكنيسة ـ البابا) غالباً ما كانت تشارك في المؤامرات، لقاء صفقات ومكاسب.
ــ ويطرح مكيافيلي عدة نقاط يطلب مراعاتها من الأمير(النظام) الذي يصل للحكم بالحظ أو بأسلحة غيره:
- تأمين نفسه ضد الأعداء.
المقولة كمبدأ عام صائبة، ولكن أن لميكافيلي أن يعيش عصرنا هذا ويشاهد أعلى أشكال البراغماتية (Pragmatsim) تطبق في عالم السياسة، بل وحتى العقائديين الدوغماتيون (Dogmatism) صاروا برغماتيين يسلكون أكثر الوسائل انفضاحاً من أجل مصالح لا تداني المصداقية (Credibility) العقائدية ولو حتى بالقليل. عالم اليوم يقبل ويدعو لإقامة التحالفات، والائتلافات بهدف حلحلة الموقف ودفع العملية السياسية.
- استعمال القوة أو الخديعة.
يؤمن ميكافيلي باستخدام القوة عند الحاجة لها، وحينما يمتلكها دون هوادة ولا شفقة، وعندما يتفوق طرف ما فعليه أن يستخدم معطيات التفوق بلا تراجع أو تردد لدرجة سحق الخصم بحيث قطع أمكانية أن يعود ذو حجم مؤثر. أما مبدأ الإيهام(Camouflage)، والاستتار خلف أي ستارة تؤمن تأجيل المواجهة الحاسمة، أو دفعها إلى الوراء سعياً وراء أهداف سياسية قد تكون مؤثرة بمجموعها. ميكافيلي يعتقد أن واجب السياسي أن يحافظ على الدولة ومصالحها فحسب.
- أن يكون محبوبا ومهيبا للشعب.
ميكافيلي لا يقبل بالطغاة، وقوله هذا وإن كان الحاكم أو النظام يتسم بالقوة، ولا أمل يلوح لخصومه وأعدائه، إلا أن عليه أن يجعل وجوده مقبولاً، بل وخياراً محبباً. ولكن أي نوع من المحبة، إنها المحبة الممزوجة بالاحترام والتقدير، وهو ما يسعى الحاكم أو النظام أن يشيعه بين صفوف الشعب لا أن يفرضه قسراً.
- التخلص من كل مكامن الخطر.
الحاكم إن تمتع ببصر وبصيرة ثاقبة، وبقدرة ضرورية للتنبؤ، عليه أن يدرك بعمق أي المخاطر ينطوي عليها إقدامه على هذه الفعلة أو تلك. وأن يتنبأ أي المخاطر هي أمامه وبأية درجة. والتخلص من الخطر في عرف ميكافيلي فهو قد يعني ربما التآمر، أو أتباع ما من شأنه تلبية الغرض، ولكن في علم السياسة المعاصر، فإن النظام / الحكومة ينبغي لها أن تنصت لرأي الخبراء، والخبراء هم علماء السياسة والقانون الذين ينيرون طريق الإجراءات بالأفكار السديدة، واستجلاء لعواقب القرارات ونتائجها المحتملة.
5 ـ يقوم بتجديد كل ما هو قديم.
هذه مقولة رائعة، وثورية حقاً، ربما قالها ميكافيلي دون معرفة وافية للديالكتيك(Dialectic)، ربما كان قد أطلع على مقولات هيروقليطس، بيد أن الديالكتيك لم ينضج إلا على يد هيغل وماركس وهما لاحقان لمرحلة ميكافيلي بعدة قرون. التجديد ببساطة يعني استمرار الحياة، بل قل قابلية استمرارها، وأنها السبيل الوحيد لفهم التطور وحركة التاريخ، من يتخلف عن فهمها، يصبح للأسف كالشجرة اليابسة لا أمل بالثمار منها، وستكون عائقاً أمام من يريد مواصلة المسيرة.
6 ـ يجمع بين القسوة والشفقة.
القسوة دليل الحزم، وإشارة للقاصي والداني أن من يخطأ يعرض نفسه للمساءلة، وستكون قاسية إن كان الخطأ جسيم، ولكن عليه أيضاً أظهار العطف حين توفر ظروفه، ففيه يؤكد الحاكم (النظام) أن المواطن هو أبن الدولة، وفسحة العطف موجودة، إن توفرت ظروفها، ومنها تنزع الدولة (الحاكم) صفة السطوة والطغيان.
7 ـ نبيل الخصال.
هذه قالها كل علماء العلوم السياسية، فمن يتصدى لقيادة الناس، لن يكون مقنعاً ما لم يتمتع بخصال متميزة. وبعض من هذه الخصال هي مكتسبة، والأخرى هي لصيقة به كأن يكون كريم المحتد.
وقد يختلف علماء السياسة حول من هو النبيل أو كريم المحتد ..؟
في عصر ميكافيلي، لا بد أنه لا يمكن له أن يتصور أميراً دون أن يكون سليل عائلة إقطاعية، واسعة الثراء كبيرة العدد، تمتلك الأراضي الشاسعة، وهي صفات تؤهل العائلة على إقامة تحالف عائلات مع عائلات أخرى، وتتمكن بذلك أن تشكل القوة السياسية والاقتصادية والسياسية الأكبر. أما في عصرنا الحالي، فالقائد السياسي ينبغي له أن يمتلك كاريزما قيادية، وليس سوى ثقافة ممتازة تجعله محدثاً يستحق الانصات له، وتجربة مهمة في العمل السياسي، وله إطلالة طيبة على الجمهور.
فما لذي يجعل الفرنسيين ينتخبون رئيساَ مثل ساركوزي، وهو المهاجر أبن المهاجر، تمتد جذوره لديانة غير المسيحية، سوى كفاءته في وزارة الداخلية التي أقنعت حزبه أولاً ومن ثم الجمهور أن بوسعه قيادة البلاد.
8 ـ رحب التفكير.
هي نصيحة طيبة من ميكافيلي في ذلك العصر الذي كانت الدولة تفتقر فيه للمؤسسات الدستورية القوية، وبالتالي كان الشعب يرجو، وليس أكثر من الرجاء أن يتسع صدر الأمير لرأي غيره.
في عالم السياسة المعاصرة، فإن حرية التفكير والاستماع خاصة لرأي المعارض هو من بديهيات الأمور، ولكن أي حاكم وأي حكومة وأية معارضة، فذلك هو الشأن الجوهري في الواقع.
فالحاكم كسلطة تنفيذية، ومجلس النواب كسلطة تشريعية إنما سلطات تعمل بنصوص القانون، وهي مقيدة بشكل حازم بالدستور، وهناك محكمة دستورية تنظر في كل حالة يشتبه بأنها خالفت الدستور أو روح الدستور ..!
9 ـ يبقي علي علاقة بين الملوك والأمراء تفرحهم إذا نفعوه ويخافونه إذا أضروه.
ـ ثم يقرر مكيافيلي بأن: المنفعة الحديثة لا يمكن أن تمحو أثر الإساءة القديمة من نفوس العظماء. ولعلنا في هذا الباب قصدنا الإطالة لمأثورات مكيافيللي نظراً لما تراءي لنا من أهمية تلك الملحوظات في عصرنا الحالي.. وما يمكن أن نلاحظه يوميا في حياتنا علي أي مستوي من مستويات السلطة.
في السياسة المعاصرة نعلم أن الدول كالأشخاص. فمنها ما هو محترم الجانب، لأن الدولة وبصرف النظر عن حجمها(للحجم والسكان دور لا ريب في ذلك)، إلا أن الدول تستطيع أن تثبت للدول الجارة محلياً وقارياً، أنها ذات منفعة، وأنها تتحرك في أي اتجاه يكون مفيد للعلاقات الثنائية والدولية.
10ـ ويؤكد أن الشدة الصالحة (لو أمكن استبدال الشر خيرا) لا يجب أن تستعمل سوي مرة واحدة لتأمين مصير الأمير.. كما لا يجب استخدام الشدة في تلك الحالات التي سوف تتلاشي مع الزمن تلقائيا.
لعل ميكافيلي يريد أن ينصح أن لا يسرف الأمير(الحاكم / الدولة) في استخدام القوة، وإظهار الجبروت. وفي ذلك يلعب الاقتصاد في القوة دوراً في تقرير أين ينبغي أظهار القوة والتشدد، وأين تكون إبداء المرونة واجبة. والإسراف في القوة قد يؤدي أن يكون ذاك الطرف مرهوب الجانب، بيد أن القوى المناوئة له سوف تتحالف ضده متى ما بدا أنه خطر محدق على الجميع.
11 ـ ويشير إلي: أن الفاتح الذي يستولي علي ولاية جديدة عليه أن يهيئ الأمر لكي يقترف ضروب قسوته مرة واحدة حتى لا يضطر إلي أن يمارسها كل يوم ويعلل ذلك بأنه (سيضطر دائما أن يقف والخنجر في يده ولا يستطيع أن يركن إلي رعاياه بتاتا لأنهم لا يستطيعون أن يطمئنوا إليه بسبب أذاه الذي يتجدد لأن الإساءة يجب أن تكون جميعها دفعة واحدة حتى أنه كلما قل حدوثها قل ضررها).
في السياسة المعاصرة لا توجد ولايات تفتح بالمعنى القديم، بيد الأمريكان على سبيل المثال كغزاة في القرون المعاصرة، لا ينفكون عن استخدام القوة المفرطة ولسنين طويلة، بل هم يتبعون حزمة أساليب عديدة في آن واحد، وكلها تنطوي على الشدة أكثر مما تعتمد على الحوار السياسي مع خصومهم، وهذه دلالة أن الدولة العظمى التي تتمتع بقدرات اقتصادية وسياسية كبيرة، لكنها تعتمد على القوة بالدرجة الأولى، رغم أن دراسات استراتيجية أمريكية تنصح بعدم وضع القوة المسلحة في المقام الأول، بل السياسة المدعومة بالمال، ويستشهد استراتيجي أمريكي معاصر بالقول: أن المال لم يخلق من أجل قيماً أفلاطونية ..! (14)
12 ـ في الإمارات المدنية تحت هذا العنوان كتب: (وبلوغ هذه الولاية لا يتوقف بتاتاً علي الجدارة أو الحظ ولكنه يعتمد بالأحري علي المكر يعينه الحظ لأن الأمير يبلغها برغبة الشعب أو بإرادة الطبقة الأرستقراطية)
يريد ميكافيلي بالصياغات السياسية المعاصرة، والمكر عنده العمل السياسي / الدبلوماسي الذكي، يريد القول: أن ترسيخ السلطة لا يعتمد فقط على المعطيات القانونية، التي يفترض أن الكفاءة والجدارة عمادها، بل أن على الحكومة اللجوء إلى أساليب أخرى، هو يطلق عليها المكر، بيد أنها الذكاء والحصافة التي تتمتع بها الحكومة، والحاكم، من خلال سياسة داخلية وخارجية منسجمة، وبجهاز إعلامي متطور يفسر عمل الحكومة بطريقة ذكية للشعب.
13 ـ وإذا كان نيقولا مكيافيلى ينصح الأمير العاقل بأن (يبحث عن وسائل يكون رعاياه بها في حاجة إلى حكومته دائما وفى كل ظرف ممكن وحينئذ سكونون أوفياء له على الدوام).
الحكومة ينبغي لها على الدوام أن تكون حججها وأسانيدها في العمل الشرعي، وأن تكون حائزة على ثقة المواطنيين، وليس فقط قلوبهم واحترامهم، المهم هنا الولاء للدولة قبل الولاء للحكومة القائمة هذه أو تلك.
14 ـ كيف يجب قياس قوة كافة الإمارات ؟ تحت هذا العنوان كتب مكيافيلى (أعتبر الذين في حاجة إلى غيرهم دائما هم أولئك الذين لا يقدرون أن ينزلوا أعدائهم في الميدان ولكنهم يضطرون إلى الانسحاب داخل مدنهم ويدافعون ) و ( ليس ثمة قول سوى أن تستنهض هذا الأمير لتحصن مدينته تحصينا منيعا ويهاجم بإحجام شديد وذلك لأن الناس يعافون دائما المشروعات التي تنبئهم بمصاعبها ولا يمكن أبدا أن تبدو مهاجمة أمير له مدينة منيعة ولا يناوئه شعبه أمرا هيناً )
في السياسة المعاصرة ليست هناك قلاع وحصون، إنما هناك فهم عميق ودقيق لقضايا الأمن القومي، ولتلك معطياتها وركائزها على الصعيد الداخلي والخارجي. فعلى الصعيد الداخلي يعد الأمن الغذائي والاقتصادي عامة، والوحدة الشعبية، والسلم الاجتماعي من أهم مرتكزاتها، فيما على الصعيد الخارجي، علاقات الدولة الخارجية، محلياً وقارياً ، والدور الذي تلعبه في الحياة الدولية سياسياً واقتصادياً، وثقافياً.
خاتمة
برأينا :
* المفكر أبن عصره.
* المفكر يستخدم مفردات من القاموس السياسي لعصره.
* لا يمكن مقارنة أعمال أي مفكر إلا بمن سبقوه من المفكرين أو المعاصرين له.
* ينبغي أن يتذكر من يتصدى للتقييم أو النقد، الظروف التاريخية لذلك العصر.
* لا يجوز اقتباس مقطع صغير من أعمال المفكرين، فقد يختفي المعنى في النص بأكمله.
هذه بتقديرنا عناصر مهمة، ينبغي للكاتب، الناقد أن يتذكرها عند تصديه لمهمات تحليل أو تقييم عمل أحد المفكرين. وقد تعرض ميكافيلي لحملة تشويه واسعة، بل ووضعت كلمات لم يقلها في فمه، من تلك مثلاً مقولة انتشرت كالنار في الهشيم، لم يقلها ميكافيلي مطلقاً، وقد أطلعت على عمل لباحثة ألمانية مختصة بأعمال ميكافيلي، تذكر أن هذه المقولة موضوعة، ربما هي استنتاج توصل إليه أحدهم لأفكار ميكافيلي، إلا أنه لا يوجد نص في أعماله، والمقولة هي: الغاية تبرر الواسطة.
من له مصلحة في تدمير سمعة ميكافيلي العلمية والشخصية ..؟
الكنيسة كانت قد ناصبته وناصبها العداء، هذه حقيقة مؤكدة.
الكنيسة رمت ميكافيلي بأنه من أشياع الوثنية. المؤسسة الدينة اعتادت أن ترمي من يعاديها أو يسعى لإبعادها عن أنشطة السياسة والحكم بالزندقة، بالهرطقة، بالفسق، بالكفر ..الخ .
ولكن ميكافيلي كان متديناً، بمعنى أن كان مؤمناً وموحداً، ولكن الكنيسة تريد الاستسلام الكامل الشامل وليس أقل من ذلك، وهو ما لم يكن ميكافيلي ليقبله، لأن الزمن كان قد تجاوز مثل هذه الفكرة، بل وميكافيلي وآخرون غيره كانوا قد توصلوا إلى حقيقة أن الكنيسة عائق أمام التقدم، عائق ضد الوحدة الإيطالية، الكنيسة كان لها المصلحة أن تبقى إيطاليا مقسمة إلى دويلات، على أن تتحد، لأن في التجزئة ضمان لتفوقها على السلطة الزمنية(الدولة)، وأن الوحدة ستقود إلى قوة الدولة والحكومة والقوانين الوضعية وهو سيعرض نفوذها للتقلص التدريجي وربما لاختفاء.
هل تقبل المؤسسة الدينية أن تحصر عملها بين جدران الكنيسة ..؟
هل الأمر يتعلق بإطاعة أوامر إلهية بالقيادة والحكم ..؟
في غالب الأحيان لم يكن تلك الفقرة الوحيدة في رسالة الكنيسة (Argumentation)، الكنيسة كانت ثرية، بل المالك الأعظم للأراضي ووسائل الثروة. وقد تمتع رجال المؤسسة الدينية دائماَ بالوجاهة الاجتماعية إضافة إلى المقدرة الاقتصادية.
لذلك فإن المؤسسة الدينية لا تحبذ أن تكون الدولة قوية. لأن قوة الدولة يعني الدستور، ويعني بالتالي سائر القوانين الوضعية، الذي تضمن الفعاليات الاجتماعية، القانون ينبغي له أن يلبي حاجات الأنشطة الاجتماعية، والأنشطة الاجتماعية تتضمن فعاليات لا ترضى عنها الكنيسة أو تقف منها موقفاً سلبياً.
الحياة تطرح منطقاً، يؤدي لاشتداد نفوذ الدولة بالنظر للتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي دارت في نهاية القرن الخامس عشر يصفه جورج سباين بأن كان لها عواقب اجتماعية وسياسية بعيدة الغور، وكلها تؤدي إلى تقوية نفوذ السلطة الزمنية (الملوك والأمراء) قادت في نهاية المطاف إلى نهاية النفوذ القانوني للكنيسة. (15)
كانت الكنيسة قد أفلست إفلاسا تاماً، لم تنقذها الحركات الإصلاحية (اللوثرية)، ولا محاولات التوفيق بينها وبين الفلسفة (السكولاستية) التي يمتد جذور نفوذها إلى 300 عام قبل الميلاد، إي قبل حلول المسيحية وانتشارها في أوربا بما لا يقل عن 700 عام.
كانت رياح التغيير قد هبت لا محالة، الاكتشافات الفكية كانت أكثر من أن يطمسها حرق العلماء، أو إعدامهم، الفنون اجتذبت عقول الناس وأفئدتهم معاً، الشعراء والفنانون عامة قد أقنعوا الناس، أن الحياة جميلة، ويمكن أن تصبح أكثر جمالاً. التغيرات كانت تدب فوجدت هذه آثارها في فكر مفكر ألمعي مثل ميكافيلي، الذي أستشف بوضوح لم يجاريه أحد، أن المستقبل هو الدولة، وبالدولة فقط يمكن إحراز مكتسبات تعزز من كيان الشعب، تجمع إرادة الناس، ولا تفرق بينهم، لذلك لا بد من إنهاء دور الكنيسة، مقابل تقوية سلطة الدولة متمثلة بالملوك والأمراء، ومن خلال منح الفرص للعمل السياسي. (16)
ـ وكان عداء ميكافيلي للكنيسة ناجم عن اعتقاده أن لا تقدم مع هيمنة الكنيسة الثقافية / الاجتماعية، كتب يسخر من الكنيسة بقوله: ” نحن الإيطاليين مدينون لكنيسة روما (الفاتيكان) ولقساوستها بأننا أصبحنا (بفضل فسادها وتخلفها) غير متدينين واشرارأً، ولكنا ندين لها بدين أكبر وسوف يكون سبب خرابنا، ألا وهو أن الكنيسة أبقت ولا تزال تبقي على انقسام بلدنا، ومن المؤكد أنه لا يمكن لبلد أن يصبح أبداً موحداً وسعيداً إلا إذا أطاع تماماً حكومة واحدة، سواء كانت ملكية أم جمهورية “. (17)
ـ ويصف سباين أعمال ميكافيلي بقوله: إن كتاباته وأعماله في الدبلوماسية، مزاياها ونقائصها المميزة لها، فيها أذكى بصر بنقاط الضعف والقوة في موقف سياسي، ألأوضح وأرزن حكم على موارد خصم ومزاجه، وأكثر تقدير موضوعي للقيود التي تحد من سياسة ما، واسلم إدراك في التنبؤ بمنطق الأحداث ونتيجة المجرى الذي يسير فيه بالفعل، وهي صفات جعلت منه محبباً لدى الدبلوماسيين من عصره وإلى الآن.(18)
ــ أمتلك ميكافيلي بصيرة ثاقبة، وإخلاصا لا حدود له للعلم، ولمستقبل بلاده، فعمل بكل قواه على إعلاء شأنها، وفي ذلك ناهض القوى الكبرى في مجتمعه: الكنيسة والأمراء الفاسدين(الميديتشيين الذين عادوا للسلطة بحراب المحتلين الأسبان) وبإخلاصه بدت مواقفه وأفكاره غريبة مشايعي الكنيسة، والمتملقين للأمراء بدفع من مصالحهم الشخصية. وأفكاره المتحررة بدت جريئة في ” مجتمع كانت بقايا الفكر الإقطاعي، ولا سيما فرديته ونفاقه، تطغي علي عقول الجانب الأكبر من أصحاب الكلمة والفكر فيه. فقد كان ضعاف النفوس من أقرانه يحسدونه ويحاولون النيل منه عن طريق خلق المشاكل له وإشاعة الرذائل عنه والطعن في إخلاصه، فلم يجد من الأصدقاء المخلصين، لا سيما بعد نفيه، سوي الذين كانوا علي مستوي تفكيره أو من كانوا في أخلاقهم ارفع من أن يسمحوا لأنفسهم بالتحلل والانحطاط، ويأتي علي رأسهم المؤرخ المعروف كويجارديني والدبلوماسي الفلورنسي فرانسيسكو فيتوري. وبحق قال عنه أحد المؤرخين: كان وحيدا لكنه كان ارفع من الآخرين. (19)
ـ وميكافيلي شأنه شأن معظم عباقرة التاريخ، يموتون منفيين جياع، يدفنهم الغرباء. ولكن التاريخ يحترمهم، ولئن قاسى ميكافيلي في عصره، فذلك لأنه كان سابق بفكره، وقد شاء له طالعه أن لا يستطيع الحديث عن توافه الأمور التي تسعد وتبهج بعض الحكام، عن فن صناعة الحرير، ولا عن فن نسج الصوف ولا عن الربح أو الخسارة، فقد كان لا يجيد الحديث إلا عن أمر واحد بل عن موضوع واحد هو قضايا الدولة.
لذلك بتقديرنا:
الدولة:
هي الخلاصة الحقيقية وزبدة أفكار ميكافيلي هي، الدولة، والدولة فقط، ومن أجل أن تكون كلمة الدولة هي العليا، ناصبته الكنيسة (المنافس التقليدي للدولة) العداء، فشهرت به واستخدمت كافة وسائل الإسقاط بحقه شخصياً ولم تنج حتى عائلته من التشهير.
وقد توصل ميكافيلي لقناعاته تلك عبر قراءات لأفكار فقهية / قانونية (شيشرون ـ سينكا ـ سولون)، كذلك من خلال التجربة التي عايشها شخصياً وكان وفياً لها ودونها في أعماله: الكنيسة خطر على الوحدة الوطنية، لا تقدم مع هيمنة الكنيسة، فالدولة بنظر ميكافيلي كيان يمكن السيطرة عليه عبر القوانين، ويمكن توجيه اللوم لها واتهامها بالتقصير ومحاسبتها، ولكن من الذي يجرأ على اتهام الكنيسة والمؤسسة الدينية ..؟
حتى القس مارتن لوثر الذي قاد انتفاضة ضد الانصياع الأعمى، وضد صكوك الغفران، وضد معصومية البابا، وقف إلى جانب الأمراء في قمعهم لثورة فلاحية، وانتهى الأمر به ليكون مسالماً للقياصرة والملوك، ليقول مقولته الشهيرة: لا يجوز لمسيحي أن يثور ضد القيصر.
ومن أجل إعلاء شأن وكلمة الدولة، قبل ميكافيلي أن يخوض المعارك دون هوادة، وكان قبلها قد قبل أن يفعل السياسي كل شيئ من أجل الحفاظ على أهم مكتسب يمتلكه أي مجتمع:
الدولة ـ النظام ـ القانون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
- سيد أمين: أمريكا الميكافيلية / دراسة تطبيقية(المقولات مقتبسة من المقال)
- بالدوين، هانسون: استراتيجية للغد، ص295
- سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص467
- سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص471
- سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص473
- مظهر، د. كمال: ميكافيلي والميكافيلية، كراس
- مظهر، د. كمال: نفس المصدر