علي حسين
باتت مواعيد البكاء على الأطلال تتكرّر كثيراً هذه الأيام، وكأن البعض يريد استعادة لحظة السيدة أم كلثوم وهي تصدح بصوتها: “إسقني وأشرب على أطلاله”، الجميع يعتقد أن العراقيين خذلوه وأن أيامه كانت كلها خير ورخاء.
منذ أيام وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي تذرف الدمع على عصر عادل عبد المهدي الذهبي، وقبل أيام خرج علينا من يطالبنا بأن نتذكر الخير الذي كنا نعيش فيه أيام حكم نوري المالكي وهناك مَن يجد أن العملية السياسية فشلت لأنها لا تريد أن تعطي رجلا بحجم محمود المشهداني حقه، فمنصب رئيس برلمان، وعرّاب صفقات “المالات” فمكانه دائم في قلوب العراقيين.
ليست هذه المرة الأولى التي ببكي فيها أحزاب وشخصيات على الاطلال ، وايضا ليست المرة الاولى التي تساهم هذه الكيانات في بث الخراب ، فقد فعلتها قبل سنوات حين مهّدت الطريق أمام نهب مئات المليارات، وحين صمتت على الخراب، وعندما كافأت حسين الشهرستاني على ضياع أموال الكهرباء، ومهدت الطريق أمام رحلة سعيدة قام بها ماجد النصراوي إلى أستراليا .
في كل مرة يجد المواطن نفسه على موعد مع أسوأ الخطابات التي تبرر الفشل وتحلل نهب المال العام، وفي مجتمع يراد له أن يعيش البؤس والحرمان، وأحزاب تغذّي نفسها من أموال السحت الحرام، نجد المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمّن له حياته وحاجياته وينشر الأمل والتسامح.
بالأمس أيضا ضحك العراقيون، بعد أن كان العالم يضحك على ما يجري في بلاد الرافدين، ضحكوا على نواب يفترشون الارض امام بيت نائبة يطالبونها بمحاسبة افراد حمايتها الذين اعتدوا بـ ” التواثي ” على شاب عراقي جريمته الوحيدة انه يحب العراق ، وبدلا من ان يذهب النواب الاهعزاء الى البرلمان ليطالبوا بمحاسبة النائبة ، اكتفوا بان فرشوا الحصران تنديدا بالجريمة التي تم اهمالها من الجميع
أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات النقاش الذي يعلو كل يوم مجالس سياسيينا حول “كنز علاء الدين المدفون تحت كراسي البرلمان “، وأسوأ أنواع العاملين في السياسة، هم الذين فقدوا الإحساس بروح المواطنة، لأنهم سوف يفعلون ما يشاؤون أو ما تشاء لهم المحاصصة.
لست مطالباً بأن أكتب بحثاً عن سنوات الخراب، أنا لا أملك سوى هذه الشرفة المتواضعة التي أريد أن أقول من خلالها، إن مثل هذه الألاعيب هي المسؤولة عن ما فقدنا من نفوس وثروات وعن الزمن الذي أضعناه في صراع طائفي وصل إلى كرسي الفراش، وعن الدعوة إلى نبذ العلم ومطاردة الكفاءات، والخروج من سباق التنمية ومنافسة بلدان العالم المتحضر.