علي حسين
قارئ عزير أرسل رسالة يسأل فيها صاحب العمود الثامن هل هو متضامن مع الناشط ضرغام ماجد الذي تعرض إلى هجمة “نووية” بالعصي والسيوف والحجارة، أم يخشى من غضب التيار الصدري إن تجرأ وكتب عن مناصرة نواب التيار الصدري لزميلتهم النائبة، واعتبارهم ماجرى “جرة إذن” لكل من تسول له نفسه الاقتراب من نواب التيار؟ ياسيدي أنا متضامن مع قارئاتي وقرّائي فقط..
ولهذا أتمنى عليك أن لا تصدق كاتباً يقول لك أنا حيادي، وأيضا لا تصدق كاتبا يقول لك أنا أحب العراق وعينه على “كيس نقود” إحدى دول الجوار. كان محمد الماغوط يعاني من اليأس والغربة في وطنه، وفي لحظة من الغضب هتف عالياً “سأخون وطني”، فهو عاش الحزن، وذاق مرارة السجون، وكان أجمل ما فيه سخريته من كل شيء، من الوطن الذي أراد له الساسة أن يتحول إلى سجن كبير، لكنه في النهاية سيكتب عن محبوبته دمشق: “من يلمس زهرة فيها.. يلمس قلبي”.
في منتصف الستينيات أطلق كاتب اسمه ريتشارد باخ نشيداً للعدالة والحرية أسماه “طائر النورس ليفنجستون” قرأناه في الثمانينيات، يروي باخ في كتابه الصغير، مغامرات نورس صغير، يتمرد على حياة النوارس الرتيبة ويقرر أن يحلّق عالياً ليجرّب فنون الطيران السريع، بدلاً من السعي وراء السفن انتظاراً لما تُلقيه في البحر من بقايا وفضلات الطعام كما يفعل أقرانه كل يوم. حيث يكتشف أنّ السعادة الحقيقية في الحرية، وأنّ الحرية لا تمنحه القدرة على التحليق عالياً فقط بل منحته حياة أفضل بكثير، شيء واحد كان ينغّص عليه حياته الجديدة، هو سوء الظن الذي يحمله بعض النوارس تجاهه، وقد تنامى سوء الظن هذا حتى يُفاجأ بأن الجميع غاضبون منه،لأنه تجرّأ على مخالفة تقاليد مجتمعه! ويصرخ بهم: “يا أصدقائي تتهمونني باللامسؤولية؟، مَنْ يمكن أن يكون مسؤولا أكثر من نورس يبحث عن طريقة ترفع مستوى حياة قومه مراتب أرفع من مجرد الأكل والنوم؟ أعواماً طويلة قضيناها لا نفكّر إلاّ بأكل الفضلات، أما الآن فلدينا سبب جديد نبيل لنحيا.. لنتعلم، ولنكن أحراراً.. إمنحوني فرصة أُعلّمكم فيها معنى أن نحلّق باتجاه الحرية
هل نحن نكتب من أجل أن يكون لدينا في حكومتنا القادمة نماذج ترفع في وجوهنا شعار ” انا وحزبي على الغريب ” والغريب بالتاكيد هو المواطن ، الذي لا يجد من يناصره في زمن تغول احزاب السلطة ، بالتاكيد لا نحلم ببلد مثل فرنسا يُضرب فيها المرشح الرئاسي بالبيض الفاسد ، ولكننا ياسادة نحلم بنواب يحترمون القانون ، وان لا يكون لدينا نائب يعتقد ان وجوده في حياتنا “هبة” ربانية، وأنه ثروة وطنية، لا يمكن مقارنتها بمئات المليارات التي نهبت .