فن الذرائع في إشعال الحرائق
ضرغام الدباغ
الولايات المتحدة تلعب دور مشعلة الحرائق … انتهى العالم من الفاشية والنازية والعسكرتاريا اليابانية في تموز / 1945، ولكن الولايات المتحدة لم تكتفي من ملايين الضحايا المدنيين والعسكريين ممن ذاقوا ويلات الحرب العالمية الثانية …(نحو 50 مليون ضحية) فبدأت الولايات المتحدة مباشرة بالابتزاز النووي، ولكن بعد أن كسر الاتحاد السوفيت ألاحتكار النووي، اخترعت الولايات المتحدة مبدأ ” الحروب بالوكالة “. ثم اخترعت مبدأ آخر، ” العصا والجزرة “، ثم مبدأ اللعب على حافة الهاوية “، وقامت بربط العالم بشبكة معقدة من الأحلاف العسكرية (ناتو، سنتو، سياتو) التي تحمل صراحة شعارات التوسع، رافضة مبدأ التعايش السلمي، إلي يتقبل تعايش أنظمة مختلفة سياسياً في إطار من التعاون الإنساني، وشرعت تمارس سياسات العقوبات، والحصار، والحملات السريعة والتهديد والابتزاز.
وحين قبل الاتحاد السوفيتي خيار السلام على هذه السياسات، وأقدم على حل اتحاد الجمهوريات السوفياتية وحلف وارسو، ولكن الولايات المتحدة واصلت تعزيز حلف الناتو، وإظهار نواياها التوسعية، رغم أن روسيا والصين تحولتا للنظام الرأسمالي، ترى ما هو سبب مواصلة أجواء التوتر الدولي …؟ لماذا تظهر الولايات المتحدة حالة العداء الشديد مع الصين وروسيا لدرجة اللعب على تخوم الحرب الباردة واحتمالات تحولها لحروب ساخنة ..! ترى هل هناك سبب جوهري كبير وحاسم لهذه الدرجة ..؟ هل هو تقاسم نفوذ سياسي واقتصادي جديد …أم تحقيقاً لنبوءة فوكوياما وهنتغتن في رؤيته لصراع حتمي عرقي/ عقائدي مع الصين والكونفوشيوسية .. وهل تستحق هذه الذرائع حرباً عالمية جديدة وملايين من الضحايا الأبرياء ..؟
الولايات المتحدة والغرب عموماً يتذرعون بشعارات من قبيل ” حقوق الإنسان ” والديمقراطية ” وحقوق الأقليات والمجاميع العرقية والدينية”، وتوفير الحياة الكريمة للمرأة وأخيراً الحرية التامة لمثليي الجنس ..! ..وبكل بساطة شديدة هذه نكات سياسية مضحكة جداً ولكنها شديدة المرارة، وتسيل منها الدماء …. وأي تمساح مفترس في نهر الكونغو ومستنقعات الأمازون له الحق في الحديث عن حقوق الإنسان أكثر من الولايات المتحدة .. إذ توجد إحصائية فلكية عن عدد ضحاياها في جميع قارات وبحار العالم، بل هم لوثوا حتى المياه والسماء وأضروا البيئة، وانتهاك البشرية عندهم مشرع بالقوانين وأكثر من 25% من شعبهم (من السود) يتعرضون للتميز العنصري بوسائل شتى، ويندر أن يمر عام ما لم تقم انتفاضات للسود تقمع بالقوة المسلحة، ولا يوجد مجتمع يمتهن كرامة المرأة بقدر مجتمعاتهم، فالمرأة لها وظيفة أساسية هو التعري بسبب وبدون سبب إثارة الرغبة والشهوة، ومهنة الدعارة لها فروع وشركات وعصابات ووظائف فرعية يعتاش منها الملايين …وحتى البنات حين يمارسن المسابقات الرياضية في الملاعب يدخلن الملاعب شبه عاريات … وكأن السباق يدور في التعري لأكبر جزء من أجسادهن .
ـ حقوق المرآة: شاركن النسوة في البلاد العربية في الوزارات قبل الولايات المتحدة وقبل الكثير من الدول الأوربية، ففي 1958 كانت في العراق وزيرة، وكذلك في مصر، وسوريا ولبنان والأردن، والكويت، ودولة الأمارات العربية، والمغرب، وموريتانيا، والجزائر وتونس، وفي البرلمانات، وهناك كادر علمي كبير من النسوة في الجامعات، وفي كافة أوجه الحياة الفنية والسياسية والاجتماعية، بما في ذلك نسوة تعاطين الأعمال في التجارة والصناعة، وفي البلاد الإسلامية الأخرى تقلدن حتى منصب رئيس الوزراء كما في أندونوسيا وباكستان وبنغلادش. ربما هناك بعض من الاختراق لحقوق المرآة، ولكن مثل هذه الحوادث تحدث في مجتمعات كافة الدول حتى في بلدان الغرب كأمريكا وكندا وفرنسا وبريطانيا، وهذه الأرقام بعض من ذلك تتحدث عن نفسها.
ــ في الولايات المتحدة الأمريكية هناك 79% من الرجال يضربون النساء، وهناك 17% من النساء يدخلن غرف الإسعاف نتيجة لذلك الضرب. ونشرت مجلة التايم الأمريكية أن حوالي 4 آلاف زوجة من حوالي ستة ملايين زوجة تنتهي حياتها نتيجة لهذا الضرب. وأشار مكتب التحقيقات الفدرالية إلى أن 40% من حوادث القتل ضد السيدات يرتكبها الأزواج، وفي إحدى الدراسات في إحدى المستشفيات الكبرى الأمريكية جاء أن 25%من محاولات الانتحار التي تقدم عليها الزوجات يسبقها ماض حافل بضرب أزواجهن. أي أن ذلك الضرب عامل هام من عوامل الأقدام على التخلص من الحياة. وتبعا لتقرير الوكالة الأمريكية المركزية للفحص والتحقيق F.P.T فأن هناك زوجه يضربها زوجها كل 18 ثانيه. ومحاولات الانتحار التي تقدم عليها الزوجات يسبقها ماض حافل بضرب أزواجهن.
ــ وفي فرنسا: نقلت صحيفة (فرانس سوار) في تحقيق لها حول الموضوع أن 92.7 % من عمليات الضرب بين الأزواج في المدن، و 60% من استغاثات الليل من نساء يسيء أزواجهن معاملتهن. ويقول الكاتب الفرنسي الكسندر دوما: إنهن كرقائق اللحم كلما ضربتهن كلما أصبحن أكثر طراوة، ومع ذلك لم يحل أحد الكاتب دوما لمحكمة الجنايات الدولية.
ــ وفي بريطانيا: ظهر أن 10% من المشاركات في أحد الاستفتاءات يضربهن أزواجهن، و 70% منهن يشعرن بالمهانة في حياتهن الزوجية، وفي تقرير بريطاني ذكر أن 77% من الحالات يضرب الزوج زوجته دون أن يكون هناك مبرر لهذا الضرب.
ــ وفي كندا: مائة وخمسون ألف رجل يضربون نساءهم، ونشرت مجلة (التايم) الأمريكية أن حوالي ( 4000 ) زوجة من حوالي ستة ملايين زوجة تنتهي حياتها نتيجة لهذا الضرب.
ـــ حق تقرير المصير
لمن يمكنه فتح الكومبيوتر، فليكتب على الغوغل (أنتشار الجيش الأمريكي)، أو (أنتشار الجيش الفرنسي)، ومنها سيعلم كم يحترم الغرب الحريات الديمقراطية وتقرير المصير، ويكتشف أن هذه المصطلحات تستخدم فقط لأغراض سياسية، أو ليحاول من يبحث عن الحقائق، أن الحروب الأمريكية في القارات، وسيشاهد بنفسه، أنه قليل هي تلك البلدان التي لم تنال الموت من الجيش الأمريكي.
ــ الحريات الديمقراطية /
هل هناك تميز عرقي في الغرب والولايات الامريكية خاصة …………….. نعم وبشدة.
هل هناك تميز على أساس الدين في الغرب والولايات المتحدة خاصة ……. نعم وبشدة.
هل هناك تميز على أساس الطائفية المسيحية …………………………..نعم وهذه تشد في المرحلة الراهنة.
ـــ حقوق الإنسان ..
.مصطلح من كلمتين فقط، تستخدمه الولايات المتحدة خاصة والغرب عموماً، حين يضعون دولة ما أو حتى شعبا ما تحت المطرقة، وينهالون عليه بحسب درجة سخطهم أو رضاهم عن ذلك الشخص أو الحكومة. وقد يتهم شعباً بأكمله أنه لا يحترم حقوق الإنسان. جوهر حقوق الإنسان عندهم هي أن يرقص زعيم أي دولة وحكومة على موسيقاهم السياسية، وإذا فعل ذلك فهو عظيم …!
بالأمس كتبت، أن الغرب حين يتخبط بين الإنكار الساذج، والكذب، والتغافل، وتزوير الحقائق، ورفضه رؤية الحقائق رغم كونها ساطعة، ويعاند كي لا يضطر مرغماُ للقبول بالحقيقة، فهذه بداية التخبط والانحدار في إعلام كان أحترافياً، وسياسيون كانوا رغم وساختهم، إلا أنهم يضيفون على أنفسهم هالة من الاحترام، فالفرق بين ونستون تشرشل وتوني بلير ليس كبيراً، والمسافة ليست بعيدة جوهرياً، ولكن بلير يكذب علناً كالذباب، ويصعر خده، ويكذب أمام مجلس العموم بقلة حياء لا يفعلها أسقط الساقطون، راح زمن يرؤساء الدول وزعماء كشارل ديغول، وجاء زمن يتمرقص فيه ولد ويعرب عن سخطه لأن عن فئة واسعة فقط لأنهم لا يأكلون لحم الخنزير ..! ويصدر أوامره، إما أن تمارسون دينكم كما أمركم أو أغلق مساجدكم … ولا يقول له أحد أنك ضد حقوق الإنسان ..يحق لي أن أقلل الأدب أو أفرش مظلة القانون حماية لمن يقلل الأدب، ويحق لي أن أتجاسر وأشتم وأسخر، وأنت لا يحق لك إلا القبول، وهذه من جملة مبادئ حقوق الإنسان..!
وزير الدفاع الحالي لويد أوستن أعلن قائلاً أن الحروب التقليدية استنزفت أميركا وقد ولى عهدها بعد أن أفقدت الولايات المتحدة آلاف البشر ومليارات الدولارات. منذ إعلان استقلالها في الرابع من شهر يوليو/تموز 1776، خاضت الولايات المتحدة الأميركية العديد من الحروب في مختلف دول العالم. هذه الحروب أفقدت الولايات المتحدة آلاف البشر ومليارات الدولارات، فكان من الطبيعي أن يعلن وزير الدفاع الحالي لويد أوستن أن “الحروب التقليدية استنزفت أميركا وقد ولى عهدها”.
ـــ يرسلون جيوشهم ليقتل الناس في دول أخرى …. في نحو عشر دول يقصف ويقتل ويغتصب… وأنت الإرهابي ولسنا نحن … بل إذا قاومتني أنت إرهابي .. هم أبطال تاريخ العالم الأسود في القتل والنهب والاغتصاب، ومع ذلك يتهمون غيرهم. (على مدار تأريخها منذ استقلالها عن بريطانيا (246 عاما) غاب تورط الجيش الأميركي في مغامرات عسكرية بالخارج 17 عاما فقط).
ـــ لدولةٍ كأميركا تبلغ نسبة نفقاتها العسكرية 45% من الإنفاق العسكري العالمي ولديها 725 قاعدة عسكرية في الخارج، ويتحكّم صانعوا الأسلحة فيها بالدولة العميقة ويحددون السياسة الخارجية المسؤولة عن 20 مليون قتيل منذ سنة 1945. في هذا الصدد يقول مارتن لوثر كينغ : “إن حرب فييتنام هي أحد أعراض المرض الذي يضرب الذهنية الأميركية التي تقوم على دعائم ثلاث هي العنصرية والمادية والعسكرة.”
ـــ وإذا أضفنا إلى ذلك أن العجز التجاري مع أوروبا والمكسيك وكندا وروسيا قد تفاقم أيضاً، يمكننا قياس الصعوبات التي تضرب القوة العظمى المتداعية. لكن ذلك ليس كل شيء. إذ أنه بالإضافة إلى العجز التجاري، فقد تعمّق العجز في الميزانية الاتحادية (779 مليار دولار مقابل 666 مليار سنة 2017). لقد ارتفعت النفقات العسكرية بشكلٍ مذهل. حيث أن ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2019 هي الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة وقد وصلت إلى 686 مليار دولار. بينما أنفقت الصين في السنة ذاتها 175 مليار، رغم أن عدد سكانها يبلغ أربعة أضعاف الولايات المتحدة. وليس من المفاجئ أن تضرب الديون الاتحادية رقماً قياسياً بلغ 22175 مليار دولار. أما الديون الخاصة بالشركات والأفراد فهي تصيب المرء بالدوار إذ بلغت 73000 مليار دولار.
ـــ لا مشكلة لي شخصيا مع الهولوكوست، فهي فضيعة بأحداثها، وأكثر فضاعة بنتائجها، ولكن لاحظ أنهم يعوضون اليهود من مال غيرهم، ثم يحكمون بالسجن 8 سنوات لمن ينكرها ويذكر خلاف ذلك … هذه حرية الرأي عندهم ..!
ـــ يشتمون رموزا دينية ويعتدون عليها بالكلمة والرسم والفعل، ويعتدون عليك بأسم حرية الرأي ..!
ـــ العالم بأسره يعبر عن اشمئزازه عن معتقل غوانتنامو … ولكنهم لا يعتبرونه خرق لحقوق الإنسان.
ـــ أقاموا سجوناً سرية في أوربا (افتضح أمرها)، ولكن من غير المسموح الكتابة عنها …
ــ ولماذا نذهب بعيداُ .. فالعراقيون والعرب يعرفون تفاصيل يندى لها حتى من كان جبينه من الخشب … من أحداث جرت في سجن أبو غريب على أيدي الأمريكان، شكليا قدمت الفاعلة الرئيسية للمحاكم وأدينت شكلياً، إلا أنها نال عفواً وتولت مناصباً أعلى …
ـــ بموجب معطيات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” (كانون الثاني / 2022) خلال خمس سنوات، شن الجيش الأمريكي أكثر من خمسين ألف غارة جوية في أفغانستان وسوريا والعراق. وقد اعترف بقتل 1417 مدنياً خطأ في غارات جوية في سوريا والعراق منذ 2014. والعدد الرسمي للقتلى في أفغانستان 188 مدنياً سقطوا منذ 2018. ” وتفيد وثائق وزارة الدفاع الأمريكية أن 4 % فقط من الأخطاء في تحديد العدو أدت إلى سقوط مدنيين. لكن التحقيق الميداني الذي أجرته الصحيفة يدل على أن نسبة هذه الحوادث تبلغ 17 % وسقط خلالها ثلث القتلى والجرحى المدنيين.
ــ الشرطة الأمريكية أسوء شرطة في العالم من حيث أطلاق النار الحي بدون إنذار على أي مواطن لا يمتثل لأمر الوقوف. أفاد تقرير لصحيفة الواشنطن بوست أن عناصر الشرطة الأمريكية قتلت 86 شخصا على الأقل، وأن هذه الحوادث وقعت في عامي 2015 و2016.
ــ يندر أن يمر يوم في الغرب، أن يقتل فيه شخص مسلم، أو ملون، أو من عناصر الأقليات، وتهاجم دور عبادة ومراكز ثقافية، وهناك سجل مذهل يوثق جرائم العنف والقتل، ولكن هذا ليس بإرهاب … تهمة الإرهاب توجه فقط للمسلم، أما الآخرون … فهم مختلون عقلياً، أو يعانون من أزمة نفسية أو صدمة عائلية … يستحقون العناية الصحية والاجتماعية وليس المحاسبة …!