علي حسين
منذ أن اختفى” العلامة ” إبراهيم الجعفري، لم نعثر على عبارة مثيرة تزيل الغم وتبهج النفوس مثلما كانت تفعل عبارات وجمل وزير خارجيتنا الاسبق، عندما أخبرنا “مشكوراً” أن نهري دجلة والفرات ينبعان من إيران، وأن بغداد بناها نبوخذ نصر،
وأطرب أسماعنا بكلمات لن تغادر ذاكرة هذا الشعب مثل “الفسيفساء والبوتقة والقمقم وتهشيم الزجاجة وشهونة العقل وعقلنة الشهوة، والانصهار”. وكنت أتمنى لو أن السيد إبراهيم الجعفري بيننا اليوم ليسمع ما يقوله المسؤولون الإيرانيون حول الصواريخ التي أرسلوها إلى العراق، فقد عرفنا “والحمد لله” أن هذه الصواريخ انطلقت لمصلحة العراقيين، وانها حتما تريد الحفاظ على الفسيفساء العراقية .
تقول لكم إيران: ” لن نسمح بتشكيل حكومة من دون موافقتنا” ثم تطرح عليكم سؤالاً: “منذ متى كان القرار بأيديكم؟”. وفي كل مرة تخبركم أنقرة بأنها حامية لحمى السنّة في العراق، وفاضت واستفاضت وهي تحذر من الاقتراب من قواتها المتواجدة في العراق.
كثيرة هي المآسي في بلاد الرافدين وكان أبرزها ما قاله شاعر العراق معروف الرصافي:
هذي كراسيّ الوزارة تحتكم
كادت لفرط حيائها تتقصَّف
أنتم عليها والأجانب فوقكم
كلّ بسلطته عليكم مُشرِف
وكثيرة ايضا المشاهد الكوميدية في العراق وكان آخرها “طلة” سفير العراق في بيروت “حيدر شياع البراك” وهو يسحب مسؤولاً عراقياً من يده ويمنعه من التصريح لقناة العراقية.. وكعادتي في السعي وراء كل غريب وعجيب، بحثت عن السيد السفير لأعرف متى تخرّج من سلك الدبلوماسية ؟ ، فوجدت أن الرجل يملك شهادة تؤهله لأن يتولى أكبر المناصب، شهادة فتحت له أبواب وزارة الخارجية ووضعته على كرسي السفير فوق العادة، وتتلخص بكونه شقيق العراقي أحمد شياع البراك عضو مجلس الحكم.
في كل مرة تعد الحكومة قائمة بسفراء جدد، لأنها تؤمن أن اشقاء ، وأقارب السياسيين ، افضل “كفاءات” يمكن لها انتحوّل سفاراتنا إلى ملتقيات سياسية وفكرية تشرح للعالم كيف استطعنا أن نبني بلاد للمستقبل، وأن نتفوق في الصناعة والعلوم والتعليم والصحة .
منذ أن ترك ساستنا “المعارضة” وجلسوا على كراسي السلطة، كان واضحاً للمواطن أنهم لن يتخلوا عن مقاعدهم، وأنهم يعدون أبناءهم وأقاربهم وأصحابهم لمناصب جديدة، لذلك تراهم يتقافزون في الفضائيات، يتبادلون الشتائم واللعنات، لكنهم يجلسون تحت قبة البرلمان لكي يفصّلوا ثوباً جديداً لمؤسسات الدولة على مقاسهم .
من الدفاتر العتيقة لهذه البلاد أن شقيق عبد الكريم قاسم، واسمه عبد اللطيف، كان نائب ضابط قبل الثورة وأصبح شقيقه رئيساً ولم يحصل على ترفيع واحد .
أيها السادة ليس هناك في أي مكان في العالم بلد على هذا المستوى من الخراب ، ومع هذا ما زلنا نبحث عن مكان لشقيق ” فلان ” واقارب علان “.