رجل الموساد رئيسا لجمهورية يعاقب قانونُها المطبعين بالإعدام ويقودها مَن ينادي برفض التطبيع! قلت في تعليق لي يوم أمس إنني لم أعد أتابع المهزلة البائسة المتمثلة بالعملية السياسية الأميركية الطائفية في العراق، فلا جديد فيها وكل ما يصدر عنها بائس وباطل وما قام على باطل باطل. ولكني اليوم مضطر للتعليق على حدث رمزي خطر ومعيب وفاضح ألا وهو قرب تنصيب مرشح حزب البارزاني روبير بارزاني رئيسا للجمهورية من قبل التحالف الثلاثي بقيادة التيار الصدري. صحيح، أن هذا المنصب فخري ولا صلاحيات مهمة لمن يتقلده ولكنه يبقى منصباً شديد الحساسية فهو يمثل ويرمز إلى الدولة العراقية والشعب العراقي ككل، ووصول هذا الشخص إلى هذا المنصب يلحق عارا كبيرا وتاريخيا بمن وراءه ومن يدافع عنه.
لقد قيل الكثير عن العلاقة الخاصة التي تربط هذا الشخص بالدولة الصهيونية وأجهزتها الأمنية وخاصة الموساد، سواء صحَّت بعض الوثائق التي نشرت في هذا الصدد في مواقع التواصل أو لم تصح، وهي أقوال ووثائق لم ينفها الطرف البارزاني حتى الآن، فإن مسؤولية روبير بارزاني عن العلاقة بهذه بإسرائيل وقيامه بعدة زيارات إليها بديهية بحكم وظيفته الأمنية المخابراتية كوزير لداخلية الإقليم وقبلها رئيس لجهاز البارستن “الاستخبارات” في حزب البارزاني، وعليه فمن البديهي أن يتولى هو إدارة هذه العلاقة والقيام بالزيارات الى الكيان كما قيل.
ستبقى مسؤولية هذا الحدث إنْ تمَّ فعلا وسيبقى عاره التاريخي يلطخ جباه أهل النظام جميعا فهم الذين أقاموه وحموه وقتلوا المئات من شباب العراق من أجل بقائه، وجاؤوا بأمثال عبد المهدي والكاظمي وبرهم صالح والحلبوسي إلى الحكم وهم الذين لا يقلون سوءا ومشبوهية عن روبير بارزاني، ولكن تبقى المسؤولية الأكبر والعار الأثقل على عاتق أطراف التحالف الثلاثي وكل النواب الحزبيين أو المستقلين الذين سيصوتون لمصلحة انتخاب هذا الشخص رئيسا للعراق المستهدف صهيونيا أكثر من أية دولة عربية أخرى، رئيسا لجمهورية العراق التي يحكم قانونها بعقوبات ثقيلة تصل إلى الإعدام على كل من يتعامل مع الكيان الصهيوني ويروج له وللصهيونية.
ويبقى تملق الطرفين المتصارعين “الثلاثي والإطار” على غنيمة الحكم للمستقلين أمر متوقع. وعلى كل من يقول أو يزعم أنه مستقل فعلا عن العملية السياسية الطائفية أن يكون مستقلا فعلا فلا يدخل في أي تحالف مع أي طرف ويحضر أو يقاطع الجلسات ويصوت انطلاقا من موقفه المستقل ومن مصلحة الشعب العليا التي لا يمثلها لا التحالف الثلاثي ولا الإطار التنسيقي؛ وعلى هذا فإن تصويت أي نائب يزعم أنه مستقل لمصلحة تنصيب بارزاني رئيسا للجمهورية أو يكتفي بعدم التصويت عارا وخيانة، وأي نائب يحضر جلسة التنصيب في مجلس النواب ولا يصوت ضده سيكون عرضة للإدانة الشعبية اليوم وغدا وإلى الأبد.
*أعتقد أن النتائج التي أفرزتها مهزلة الانتخابات الأخيرة بيَّنت أن هناك وزن للأصوات المستقلة وهذا الوزن سيتضاعف ويقوى في الدورات الانتخابية القادمة خصوصا إذا ترافق ذلك مع ولادة وتمكن القطب الوطني المستقل والساعي لإنهاء العملية السياسية الأميركية الطائفية وإطلاق عملية سياسية عراقية قائمة على المواطنة والمساواة والسيادة الوطنية الحقيقية.