هل تعرفون اسم وزير الثقافة أيام شكسبير؟
يشكو إريك زيمور (الحلاق) اضطهاده والعاملين معه لمجرد تشابه اسمه مع اسم أريك زيمور المرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية والمكروه من قبل الكثيرين لأنه كما يقال «عنصري». والطريف أن حلاق الشعر وصاحب الصالونات في موناكو ونيس وسواها من مدن جنوب فرنسا لا يشبه شكلاً أريك زيمور المرشح للرئاسة، فهو كث الشعر الأسود (وليس مصاباً بالصلع مثل سميه المرشح للرئاسة)، وله لحية سوداء (ضخمة)؛ أي أن شكله الخارجي لا يشبه زيمور المرشح للرئاسة. لكن يحمل اسمه لسوء حظه! ومعاناة زيمور، حلاق الشعر، لم تعد تتوقف عند تكسير واجهات صالوناته التي تحمل اسمه، بل صارت (كما يشكو لمجلة «كلوسر» الباريسية) تطال العاملين معه الذين يتم صب الأذى حتى الجسدي عليهم، وصاروا يخشون من العمل معه، والرجل بريء إلا من تشابه الأسماء. ولدي حكايات كثيرة غير هذه عن ضحايا تشابه الأسماء واستغلال البعض لذلك مثل قصة أتركها لوقفة أخرى مع الحكايات مع الحياة.
بين قوة الحبر الأدبي وقوة الحاكم!
يبدو أن الكثير من الحكام الأقوياء يحلمون بنجاحاتهم كأدباء.
فقد جاء في موسوعة «ويكيبيديا» الأدبية من أقوال الأديبة السورية الكبيرة كوليت خوري، أن من أقوالها الشهيرة في أدب العقيد معمر القذافي، قولها: «كتاب القذافي القصصي هو عمل إبداعي فعلي، وهو في رأيي مجموعة أدبية غنية ضمت القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية. وكان الكاتب متألقاً في كل هذه المجالات».
أتساءل: المبدعة الكبيرة كوليت خوري، هل كتبت أو قالت ذلك حقاً؟
نزار قباني وأدب صدام حسين!
وجاء في زاوية (المقالة) ممدوح عزام، نشرت في «العربي الجديد» ـ لندن بتاريخ 26 تموز (يوليو) 2016 تحت عنوان «شرف المثقف» قوله إن نزار قباني كتب يقول حرفياً قبل حرب الخليج: «لقد جئت إلى بغداد مكسوراً فإذا بصدام حسين يلصق أجزائي، وجئت كافراً بممارسات العرب فإذا بصدام حسين يرد لي إيماني ويشد أعصابي، شكراً (مرة أخرى) لصدام حسين الذي «قطر في عيني اللون الأخضر»! ويقول ممدوح عزام في مقالة (العربي الجديد ـ 29ـ7-2016): «أظهرت السنوات الخمس الأخيرة كيف تواطأ عدد من المثقفين العرب مع أنظمة الطغيان.
لم أمدح حاكماً!
ومن طرفي، أفخر بأمر واحد هو أنني لم أمتدح يوماً أي حاكم سواء كان يستحق ذلك أم لا، لأن مديح الحاكم يقوم بتنمية الشعور بالاستغناء عن الديمقراطية، وأنا من رعاياها وأحب الاشتراك في الرأي ولا أرتاح للحاكم الأوحد.
الأستاذ حسام الدين محمد، كتب في جريدة «القدس العربي» حول ذلك كله وحول مجموعة القصص القصيرة لمعمر القذافي «القرية القرية الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء مع قصص أخرى»، مضيفاً: «وحسب تذييل الروائي الليبي الراحل أحمد إبراهيم الفقيه للمجموعة، فإن القذافي كتب قصة تنتمي إلى الحداثة، لأنه قائد ثوري يمتلئ بهاجس تحطيم القوالب القديمة». وهناك مثال الزعيم الراحل صدام حسين، الذي نسبت إليه أربع روايات: «زبيبة والملك» التي تقع أحداثها في تكريت في القرن السابع أو الثامن بين حاكم قوي وفتاة من عامة الشعب تدعى «زبيبة»، ورواية «القلعة الحصينة» عن زفاف مؤجل لبطل عراقي يقاتل الإيرانيين، و»رجال ومدينة» عن ظهور حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق.. إلى آخره! وكتب الأستاذ حسام الدين محمد مقاله تحت عنوان معبّر هو «فنانون وأدباء من ماو وهتلر إلى ترامب مروراً بالقذافي (25ـ 4 ـ 2020).
أكرر: من طرفي، أفخر بأنني لم أكتب يوماً عن حاكم يحاول فرض نفسه على نحو ما..
شكسبير ووزير الثقافة يومئذ!
كلنا نذكر اسم الأديب الكبير شكسبير، لكن هل بينكم من يعرف اسم وزير الثقافة يومئذ في بريطانيا؟
وذلك ينسحب على عشرات المبدعين التاريخيين في الحقول كلها. من الذي كان وزيراً للثقافة في زمن أمير الشعراء الشاعر شوقي، أو حتى سعيد عقل اللبناني.
أظن أن على أي أديب أن يدرك سطوة الأدب وقيمته الإنسانية قبل أن يخضع لإغراء أي حاكم ويمتدحه ربما دونما قناعة.
وسأظل دائماً أفخر بأنني لم أمتدح في حياتي كلها، أي يوم، أي حاكم أو (أدبه) كمبدأ.
الكبيرة فدوى طوقان
لطالما اعتذرت عن قبول أي دعوة من أميرات خليجيات أو أمراء، لكنني أندم لأنني لم أقبل دعوة من أميرة لزيارة بلد عربي وكانت في ضيافتها الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان.. وكنت مغرمة بأدبها ورحلتْ ولم ألتق بها.
لكنني ما زلت حين أقود سيارتي على أي شاطئ بحري أتذكر قصيدة الرائعة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان، وأرددها:
هناك على شاطئ كم حواك
وكم ضم من ذكرات هواك
تململ قلبي فوق الرمال
يعانق ذراتها في ابتهال
ويلثم فيها رسوم خطاك!
ولا أعرف أي حاكم غربي أو عربي كتب شعراً رائعاً كــهذا!