علي حسين
عام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا موارد تجارية، ولا طبيعية، فأجاب لي كوان:
“سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ يُنهب في الطريق”. كان الناتج السنوي يعد بملايين الدولارات، ويوم ودع لي كوان الحياة عام 2015، كانت الأرقام التي نشرتها الإيكونومست عن مؤشر جودة الحياة، على النحو الآتي: “حصلت سنغافورة على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن الذي يصل إلى 60 ألف دولار سنوياً، مع اقتصاد يتجاوز الـ 500 مليار دولار سنويا”.
سيقول البعض يارجل مالك تعيد وتزيد في حكاية سنغافورة، ولا تريد أن تلاحق المثير وتلقي الضوء على ما يجري من مهازل في هذه البلاد، تترك باسم خشان ولعبة الجري وراء المحكمة، وتتحدث عن بلاد لا تحترم القانون وليس عندها محكمة اتحادية مثلنا، لانزال كل يوم نباهي الأمم بقراراتها، مرة قرار ثوري عن الكتلة الأكبر، ومرات تدهشنا باختراعها الثلث المعطل. ولا ندري ماذا تخبئ لنا المحكمة الاتحادية من مفاجآت ؟ . مات لي كوان بعد أن ترك وراءه بلاداً صغيرة لكنها تنعم بالاستقرار والرفاهية، وبمنافسة كبرى مع الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، والأهم أصر على تأسيس نظام “حكم الأكفأ” الذي يبدأ من رياض الأطفال إلى الجامعة وما بعدها، ما يفضي لخلق النخبة الإدارية والسياسية. أما نحن ياسادة فلا نزال نستمع إلى الأخبار الصادرة من البرلمان والتي بشرتنا أن أعضاء اللجنة المالية في البرلمان جميعهم من كبار خبراء الاقتصاد بدءاً بحسن الكعبي وليس انتهاءً بمشعان الجبوري.
هل قرأتم البيان الذي أصدره الإطار التنسيقي بعد أن رمى التيار الصدري كرة الحكومة في ملعبهم؟، فقد أعلنوا أنهم لن يتنازلوا عن تشكيل الكتلة الأكبر، ومتى ياسادة ؟ لا أحد يدري؟.. هل أنتم مثلي ضربتم كفاً بكف؟ في هذه الزاوية المتواضعة كتبت أن من أبرز الأخطاء التي ترتكبها القوى السياسية في هذه البلاد المغلوبة على أمرها، أنها لا تريد أن تخرج من عباءة المصلحة الشخصية، ولهذا ظلّ الجميع بلا استثناء طوال الوقت يصرّون على أن لهم الحق وحدهم في إطلاق سراح العملية السياسية.
كانت الحاجة تبرز إلى تشكيل نخبة سياسية فاعلة ومسؤولة، غير عاجزة عن قيادة حركة تعبِّر عن صوت الناخب، وتحترم معاناته وتستجيب لتطلعاته.. نخبة تنشغل بالبرنامج الوطني، للناخب الذي سرقت أحلامه وأمواله، أكثر من انشغالها بإرضاء قوائمها الحزبية !.