علي حسين
لا تزال الناس تذكر زهد ونزاهة عبد الكريم قاسم، ولا يزال كبار السن يتحدثون عن الرجل الذي لم يكن يحمل في جيبه أكثر من خمسة دنانير، ربما سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم دكتاتور عسكري، لا يفقه في السياسة شيئاً، وسيصر آخرون على أن سياساته أدت إلى نزاعات وصراعات دموية قادت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم،
وسيُتهم بأنه السبب في القضاء على النظام البرلماني في العراق، وإذا سألت عن رأيي فيه سأقول كلاماً لا يرضي محبيه. منذ 2003 والبعض يريد ان يجعل من حاضر هذه البلاد ومستقبلها وقودا وحطبا من اجل الماضي، فهناك فريق، مدفوعا بكره العهد الجمهوري ، لا يرى في عبد الكريم قاسم سوى مشهد مقتل العائلة المالكة ، وهو مشهد مدان بالتاكيد . وهناك من يرى في عصر عبد الكريم قاسم قمة الكمال ويقارنه بما يجري الآن من خراب وغياب للوطنية .
لم يسرق عبد الكريم قاسم او ينهب ولم يكن يمتلك ثروات مهربة، ولم يكتب اسمه يوماً في احد البنوك ، ولم يشتر الشقق في بيروت ولندن، ولم يخصص لنفسه منافع اجتماعية بلغت ملايين الدولارات، ولم يشرع قانوناً لزيادة راتبه، ولم يذكر أحد أنه كان شريكاً من الباطن في شركات للمقاولات، ولم يتردد اسم أحد من أقاربه في مشروعات استثمارية غامضة تخطف أموال الناس في وضح النهار، فلماذا اذن في كل مناسبة نجد من يحمل الرجل ما جرى من خراب خلال العقود الماضية ؟ لا اريد ان ادخل في سجال حول هل الملكية اصلح ام الجمهورية ؟ لكن الذين يقرأون التاريخ جيدا يعرفون ان هناك صفحات سوداء وقاتمة ايضا اثناء الفترة الملكية .
قبل ايام خرج علينا الشيخ عدنان الدنبوس القيادي في تحالف العراقية والنائب السابق ليعلن ان سبب المشاكل العشائرية وانتشار ” الدكة ” وسيطرة المسلحين على مناطق كاملة في الجنوب ، واستخدام القاذفات في حل النزاعات العشائرية يعود الى قرارات عبد الكريم قاسم ، كيف ؟ ، يجيبنا الشيخ قائلا : لأن عبد الكريم قاسم الغى الاقطاع والغى الالقاب واصدر قانون الاصلاح الزراعي ووزع الاراضي على الفلاحين ، وكل هذه القرارات كما يقول الشيخ الدنبوس ساهمت في تفكيك المجتمع العراقي .. بل ان الشيخ يضع لنا نظرية سياسية خلاصتها ان المواطن العراقي انتهازي بطبعة ولهذا فان الديمقراطية لاتصلح له .. ولم يخبرنا الشيخ هل نحتاج الى عصر ” قائد ضرورة ” جديد .. وفي النهاية لم ينس الشيخ الدنبوس ان يذكرنا ان ” المد الشيوعي ” ساهم في خراب العراق .