أساليب التفكير السلبي
ثلاثة أساليب للتفكير السلبي عليك تجنبها , و ما ينبغي القيام به في المقابل . .
فالتفكير الاجتراري و الارتيابي لن يوصلك الى مقصدك .
إن كيفية تفكيرك في الاحداث و الاشخاص من حولك بأمكانها إما مساعدتك في إعادة صياغة المواقف بطرق اكثر ايجابية و بالتالي تكسبك القدرة للتغلب على الظروف و مواجتها , او قد تؤدي بك الى الأختباء لتطمرك في جحر الافكار السلبية , مؤدية الى شعورك بالسوء حيال نفسك و امكاناتك او الاستياء من الاخرين.
فالطرق غير الصحية في التفكير و ما يتبعها من ردود افعال غير ملائمة تجاه الاشياء يمكن ان يسبب الأكتئاب و القلق , او الضغوط المتواصلة التي تؤدي بك الى الاجهاد العصبي المزمن , و ما ينجم عنه من تأثير في اضعاف صحة القلب و جهاز المناعة لديك.
قد لا يكون بمقدورك دائما السيطرة على ما تفكر فيه , و لكن في المقابل يمكنك تعلم كيفية تحديد الاسلوب الفكري الذي تنتهجه في لحظة ما و بالتالي تمييز السلبي منه , و السعي لأعادة توجيهه و تنظيمه بالشكل الذي يكون فيه بناء و اكثر تفاؤل .
فاذا تمكنت من الاستمرار لمدة اشهر او سنوات في اتباع هذه الستراتيجية لأعادة تنظيم و توجيه افكارك , ستتمكن في المحصلة النهائية من تغيير أنماط الوصلات العصبية في دماغك , و ما يتبعها من تغيير في اسلوب استجابتك للمواقف الحياتية بطرق اكثر ثباتا و منطقية و اقرب للواقع , و التقليل من الخوف و القلق و اصدار الاحكام سواء نحو الذات او الأخرين.
تبدو مهمة تحديد او تمييز اساليب التفكير السلبي امرا شائكا و صعب للقيام به , ذلك لعدة اسباب منها ان افكارنا عادة ما تكون انية و لحظية و تبدو لنا حقيقية و صائبة , فنحن قد اعتدنا القبول و التسليم بها دون تمحيص او تساؤل .
او قد تعتقد بأن قلقلك حيال ما يمكن ان ينجم عن فعل ما هو احدى السبل للسيطرة و التحكم في الاحداث و الطريق الامثل للمساعدة في حل مشكلاتك , حتى و ان كنت تدرك بأنك تسيء لنفسك بأستغراقك في هذا النوع من التفكير .
فأن العديد منا قد يعتقد بأن اتباعه لأسلوب تفكير سلبي مثل الافراط في التفكير overthinking يشعره بالسيطرة و التحكم في الظروف , او تجعله يشعر بالسيطرة على ما يمكن ان يحدث في المستقبل من امر سيء و تجنبه .
و لكن الحقيقة هي ان معظم الضغوط الحياتية و المشكلات تكون غير قابلة للتحكم و السيطرة , و بالتالي فأن تركيز تفكيرنا عليها سيؤدي فقط الى استنزاف طاقاتنا العقلية و العاطفية و يزيد من تعرض اجسادنا لأجهاد بدني و عصبي لفترات طويلة.
في التالي سأذكر ثلاثة اساليب للتفكير السلبي علينا تجنبها , و في المقابل ما علينا القيام به بدلا منها :
الأجترار السلبي “Negative Rumination“
على الرغم من ان التقييم الذاتي قد يكون امرا طبيعيا و حتى صحي , الا انه يتحول الى اشكالية عندما يكون بشكل سلبي , و مفرطاً و اجترارياً , و الاجترار النفسي هو نوع من التفكير السلبي الذي يحدث عندما نعلق عقليا و نستمر في ادارة عجلة افكارنا دون احراز اي تقدم , تماما كما هو حال سيارة عالقة في الثلج. يمكن للتفكير الاجتراري ان يؤدي بك الى المزيد و المزيد من القلق و بالتالي الى الكثير من المخرجات و النتائج السلبية غير المناسبة .
على سبيل المثال أذا ما فكرت بالوحدة , فأنك ستفكر بأحتمالية بقائك وحيدا الى الابد , و عدم امكانية ايجادك للشريك المناسب او أنك لن تمتلك اطفال مطلقا , و ستخسر جميع اصدقائك لينتهي بك المطاف وحيداً في خندق !
يدفعك الاجترار ايضا الى الشعور بالاكتئاب , و ربما يرغمك على التركيز على شعورك بالسوء , و السبب وراء شعورك بهذا الشكل , و ما الخطأ الذي اقترفته لتصل الى هذه الحالة , او كم سيسوء الحال و اين ستوصلك هذه الفوضى ؟ و قبل ان تتمكن من الاجابة او معرفة سبب كل ذلك سيتملكك الشعور بأنك شخص فاشل , و هذا بدوره سيتعارض مع دافعيتك و يصدك عن محاولة أتخاذ الخطوات العملية لحل المشكلة.
ما يجب القيام به بدلاً عن ذلك :
ابقي انتباهك مركزا على طريقة تفكيرك , فعندما تلاحظ انك بدأت الاجترار و ان اسلوب تفكيرك بدأ يميل الى ان يكون تكراريا او مفرط او سلبي , بادر الى كسر هذه الحلقة و اقطع سلسلة الافكار السلبية , كأن تنهض على الفور و تشغل نفسك بعمل اخر , او ان تذهب للتنزه او لقاء صديق ( لكن احذر ان تعاود الاجترار بصوت مرتفع هذه المرة من خلال الشكوى و التذمر امام الاخرين ).
لا تلجأ الى الافراط في الاكل او الشرب من اجل الهروب و تجنب الافكار السلبية , بل حاول ان تغير من تفكيرك بأتجاه حل المشكلات و بطريقة استراتيجية و اكثر اتزان و ثبات ( اتبع استراتيجية التأني و الروية في حل المشكلات).
فرط التفكير “التفكير الزائد عن اللازم” overthinking
يحدث فرط التفكير عندما تفكر بالكثير من الخيارات مرارا و تكرارا لغرض اختباراها ذهنيا في محاولة منك لتخيل كل الاحتمالات و النتائج او الاحداث التي يمكن ان يترتب حدوثها في المستقبل على هذا الخيار او ذاك , لتتأكد من انك تتخذ القرار الصائب و تعتمد الخيار المثالي , اذ تصب جل تركيزك على تجنب الاخطاء و المخاطر.
ان المشكلة في التفكير المفرط تكمن في أنك تحاول من خلاله السيطرة على ما هو غير قابل للسيطرة و التحكم , أنك لا تملك كرة سحرية تمكنك من التنبؤ بالمستقبل فمعظم الخيارات تقع في حيز اللامعرفة و عدم القدرة على التوقع , على سبيل المثال عند اختيارك لشريك الحياة , انك لا تعلم ما هي الظروف و التحديات و المواقف التي ستعترض مساركما و ما هي المشكلات التي ستواجهكما , او كيف ستكون ردة فعل و استجابة الشريك تجاه كل موقف او تحدي.
كما ان التفكير المفرط يمكن ان يمنعك الاستمتاع في الكثير من المواقف , مثال ذلك لحظة اختيارك للكلية المناسبة او الاقبال على الزواج او عند تغيير وظيفتك او لدى شراء منزل . . الخ .
إذ يضعك في حالة من التجنب الدائم للخطر و الخوف المزمن من الاقدام و الفعل , انه يمكن ان يجعلك غير قادر على مغادرة علاقة سيئة مثلا او السعي لأختيار مسار مهني اخر مناسب و مختلف .
ما يجب القيام به بدلاً عن ذلك :
حدد الوقت الذي تقضيه في التفكير لاتخاذ القرار قبل الأقدام على الفعل , امنح نفسك مدة زمنية محددة للتفكير في الامر و اتخاذ القرار المناسب , حتى و ان كان ذلك يشعرك بعدم الارتياح .
اسمح لنفسك البحث في عدد محدد و قليل من البدائل و الخيارات المتاحة و ليس في كل واحدة منها .
لا تقسو كثيرا على نفسك , كذلك فأن فرط التفكير ينتج عن القلق , لذا عليك ممارسة اليات ادارة الضغوط , كاليوغا , و الجري , و التنزه في الطبيعة , و التأمل .
العداء التهكمي cynical hostility
العداء التهكمي هو طريقة في التفكير و الاستجابة تتميز بعدم الثقة في الاخرين و السخط و الغضب منهم , فأنك تدرك الاخرين كمصادر تهديد , و ترى بأنهم قد يخدعونك او يغشونك او يخذلونك , و بعبارة اخرى يسببون لك الالم و الاذى.
العداء التهكمي ينطوي على ترجمة سلوكيات الاخرين و تصرفاتهم تجاهك بأسوأ الطرق , فقد تعتقد ان السائق الذي يتقدمك يسير ببطيء فقط لأغاضتك و ايذائك , او ان تشعر بأن صديقك يكن لك نوايا خفية او يحيك مكائد ضدك.
فا بإمكان هذا النوع من التفكير تدمير و افساد علاقاتك و التسبب في ارتفاع ضغط دمك , إذ تشير البحوث الى ان هنالك علاقة وثيقة بين كل من العداء التهكمي و امراض القلب من جهة و قصر ” التيلوميروس “Telomeres ” من جهة اخرى ( و التيلوميروس هي اغطية واقية تقع في نهاية الكروموسومات و التي تقصر و تضعف مع التقدم في السن ) , التيلوميرات الأقصر هي علامة على الشيخوخة الخلوية .
تعرب التيلوميرات الى “القسيم الطرفي او القطعة النهائية” و هي تسلسلات مكررة من الحمض النووي في نهاية كروموسوماتنا , يقصر مع كل انقسام و حينما تصبح قصيرة جدا فأن الانقسامات تتوقف و الخلايا تموت.
ما يجب القيام به بدلآ عن ذلك :
حاول ان تبتعد او تتوقف عن اصدار الاحكام على الاخرين , و انتبه عندما تبدأ التفكير الارتيابي , فعليك ان تفكر بتأن و روية في طرق بديلة لترى الموقف من خلالها , مثلا ان تتسائل ما هي الدوافع الخيرة و النوايا الاقل سمية و كراهية وراء سلوكيات الاخرين ؟
تعلم كيف تتجنب اصدار الاحكام و ابحث عن البدائل و المبررات قبل وَسم الناس .
لاحظ كيف لسلوكك ان يكون الحافز في حث الاخرين لمعاملتك بأسلوب سيء و سلبي.
المصدر :
Melanie Greenberg Ph.D.