طموح شيرين
عبد الحميد الصائح
ماهو طموح شيرين أبو عقله وهي تعمل صحفية ومراسلة تلفزيون لمدة تجاوزت الخمسة وعشرين عاماً؟ ماهو طموحها وهي تنقل وقائع أكثر الأحداث دموية ومرارة من أهم الاماكن التي تشهدُ زوراً وقسوة وظلماً في العالم؟ … كم من الارواح التي ازهقها الغزاة المتوحشون على عدسات كاميرات شيرين؟ ما صودر منها وما تكسّر وما نجا لينقل الحقيقة التي يغمض الاقربون قبل الابعدين عيونهم عنها ؟.
ما هو طموحها؟! .. هل كانت الفلسطينية الخالصة تحلم بان تتكاثر اموالها وتبني بيتاً اضافيا لبيتها؟ وان تقتني ملابس واكسسوارات من متاجر عالمية .؟ أن تملك سيارات وعقارات وأطياناً وارصدة في بنوك اجنبية؟ .. ماهو طموح شيرين بعد هذا الزمن الطويل من العمل والكد وركوب المخاطر ؟ ..
هل كان في ذهنها وهي تهرم أمام الشاشة كل هذا العمر ان تتقاعد يوما وتشاهد تقاريرها القديمة عن فلسطين وعن ضحاياها ورسالتها التاريخية؟
.
اذا لم يكن شيء من ذلك فماذا كانت تريد وتعمل وهي تموت مع الموتى وتهرب مع الهاربين وتبكي مع امهات الشهداء وتضمد بايديها الجرحى خلال مئات المعارك والاف الشهداء ومئات المؤتمرات والمؤامرات ؟
، اليست المراة تعرف جيدا انها مشروع لرصاصة جبانة يوماً ما . ؟ وانها يوما ما ايضا ستكون ثقيلة وملحاحة على رعاية السماء وحفظ رقبتها من افاعي التاريخ الذين اغتصبوا ارضاً والغوا شعباً ورسموا خرائط ادعوا ان الله صممها لمساكنهم على أرض ليست ارضهم .؟
فماهو طموحها الذي كان يجول في مخّها ياترى ؟ هل هي ضحية الحرب ام ضحية الصحافة ام ضحية مؤسستها ام ضحية نفسها ؟
كل هذه الاسئلة الخائبة الآن لاجواب لها سوى أن شيرين مرسلة لتكون شاهدة على جبن المجتمع الانساني وظلم الاحتلال الصهيوني وشراسة الغرباء الخائفين من اطفال فلسطين بل من الأجنّة التي في الارحام، والنطف التي في الظهور .
أن ينطبع صوتها الوديع وملامحها الحزينة على قلوب ابناء الامتين العربية والاسلامية، اولئك الذين يلوذون بحكامهم ويحارون بثقل ايامهم وخراب بلدانهم مغمضين اعينهم عن فلسطين؛ الحقيقة التاريخية التي لن تتقدم عليها حقيقة في الوجود حتى لو باعها حكامها وغزت عقول البشرية ثقافة الاستسلام لنسيانها ، اغماضة طويلة وسبات مديد ..كان له ان يكون أبديا لو لا صحوتهم مفزوعين كل يوم على صوت شيرين ابو عقلة .