علي حسين
لم أضحك منذ مدة طويلة قدر ضحكي على قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء عضوية مشعان الجبوري في البرلمان، وضحكت أكثر وأنا أقرأ رد مشعان الجبوري وهو يتوعد بـ”التداعيات”، ولأنني أعرف السيد مشعان الجبوري منذ انطلاقته في قناة الزوراء ثم صرخته المدوية في قناة الشعب لنصرة عزة الدوري،
ثم تحوله إلى أحد أبرز رجالات السيد نوري المالكي، وبعدها سيتحول إلى ركن من أركان تحالف بناء، ثم ينقلب على الجميع ويذهب لنصرة محمد الحلبوسي، وقبل هذا وذاك كنا نشاهد مشعان الجبوري يجلس ضيفاً دائماً في الفضائيات يخبرنا بأنه حصل على رشوة صغيرة “ملايين من الدولارات”، وفي كل هذه المسيرة الظافرة التي دخل فيها قبة البرلمان خمس مرات لم يتحرك القضاء، ولم يسأل كيف يتسنى لنائب الاعتراف بتلقيه الرشوة ثم يذهب مطمئناً إلى بيته ؟ .
قبل عشرة أعوام استطاع عزة الشابندروبشطارته المعهودة أن يعيد مشعان الجبوري إلى الواجهة بعد صدور أحكام بسجنه بتهم مالية وأمنية، وبطريقة الشابندر، شيخ التجار، أصدرت المحكمة قراراً ببراءة مشعان الجبوري من جميع التهم، وأخبرتنا مشكورة بأن الذي كان يظهر في قناة الزوراء يشيد بالتفجيرات ويحرض على العنف لم يكن مشعان الجبوري وإنما شبيهه. هل انتهت الكوميديا؟ لا ياسادة فإن بديل مشعان الجبوري في برلماننا العتيد سيكون النائب قتبية الجبوري صاحب المقولة الشهيرة “كورونا فايروس سياسي، مهمته تخريب اقتصاد العراق”.
مشهد مشعان الجبوري وهو يزوّر شهادته المدرسية اعتبره البعض غريباً على بيئتنا، فنحن مجتمع يخلو من المزورين ومحصنون ضد الساسة الذين تحولوا من الابتدائية إلى الدكتوراه برمشة عين، ولا توجد عندنا آلاف الشهادات العليا “ماجستير ودكتوراه” تم شراؤها من جامعات لبنانية غير معترف بها.
منذ اخترعوا مسمى ديمقراطية التوافق الوطني أصبح الفساد في بلاد الرافدين محمياً بقوة الأحزاب والقانون والسلاح، وأصبح الفاسد والمرتشي مدللاً ونجماً، تفتح له الفضائيات أبوابها ليقدم دروساً في الوطنية والنزاهة حتى أننا فتحنا أبواب لجنة النزاهة البرلمانية ليدخلها النائب مثنى السامرائي صاحب ملفات فساد المناهج الدراسية ، ولم يُعرف عن نظامنا السياسي الديمقراطي أنّه ضد الفساد، بل على العكس من ذلك، هو نظام يتيح أحسن الفرص للسراق والانتهازيين والمتلونين، ليتحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب قنوات فضائية ومشاريع تجارية ومولات وجامعات وأرصدة في بنوك الخارج والنماذج موجودة داخل قبة البرلمان وبمختلف الاطياف والشعارات .
يريدون منا أن نصدق أن المحكمة التي صمتت كل هذه السنوات العجاف على المزورين، تحارب الفساد ، عن طريق طرد مشعان الجبوري، والذي يمثل نموذجا مصغرا لكارثة اكبر استطاع فيها الخراب ان يصعد إلى الأدوار العليا في البلاد.