عبد الحميد برتو.
إتسمت كل الإنتخابات البرلمانية في العراق، بما فيها الاستفتاء على الدستور عام 2005، تحت إشراف ورعاية الإحتلال الأمريكي والدعم الإيراني، بضعف المشاركة الشعبية، التزوير الواسع، معايب وانحرافات قانونية وتنظيمية، شراء ذمم، تهديدات متنوعة، مال سياسي وإستغلال الإمكانيات الحكومية في التجهيزات المادية والإرشاء والإعلام لصالح الأطراف والأشخاص المهيمنين على القرار السياسي في البلاد بدعم خارجي، وغير ذلك بكل ما هو مشين.
لكن هذه المرة، هناك إجماع بين الأطراف المشاركة في الإنتخابات أنفسهم والمراقبين المحليين والدوليين، بأن الإنتخابات الأخيرة عام 2021 أقلها سوءاً، بالمقارنة مع نظيراتها الأخرى. من مميزات هذه الإنتخابات، أنها أسفرت عن بعض المتغيرات في موازين القوى المشاركة فيها. من بينها أو أبرزها، أنها حققت خسارةَ أتباعِ إيران جزءاً مهماً من نفوذهم.
يعتقد أتباع إيران، عن وجه حق، أنهم إذا خسروا الهيمنة على السلطة، سوف يخسرون تسلطهم على أتباعهم، الذين كسبوهم بالإرشاء والإمتيازات، مكحلة ببعض الرتوش الطائفية أو العرقية أو الإثنية. ليس هذا الأمر هو الأهم عندهم، إنما يخشون المحاسبة، خاصة وإن جميع جرائمهم المالية وغيرها معلنة ومحسوبة ومكشوفة.
خلال أكثر من سبعة أشهر مضت، لجأوا الى الحيل الكلامية والمراوغات والتهديدات المبطنة، مستخدمين كل مهاراتهم ومهارات مرشديهم في هذا المجال. لكن النتيجة أنهم تعروا أكثر فأكثر. لم تبقى عندهم قبل اللجوء الى سفك الدماء غير حلية القضاء عبر قضاة هم عينوا أغلبهم.
يدار الصراع في طوره الأخير حالياً من جانب الولائيين من أتباع المدرسة الإيرانية، عبر البرلمان نفسه، وعبر المحكمة الإتحادية، التي عُينت من قبل أجنحة إيران المسلحة والسياسية، بإستثناء ما أفرزته المحاصصات الطائفية والإثنية لبعض الأعضاء. تدار اللعبة في البرلمان، من خلال عدم حضور أتباعهم، للإخلال بالنصاب. إخترعت هذا النصاب المحكمة العليا نفسها، بإجتهاد موحى به. يُفترض أن البرلمان أعلى هيئة تشريعية، وليس ملحقاً تديره المحكمة الإتحادية. أن المعضلة المطروحة حالياً ليست شأناً قضائياً حسب، إنما هي قضية كبري تمس مصير وسلامة بلد بأكمله.
تتخذ المحكمة الإتحادية قرارات خطيرة في مجال التشريع، وليس في مسألة النظر بالخلافات أو الجزئيات ذات الطبيعة التشريعية أو القضائية. إستطاعت المحكمة من خلال ولاءاتها تحقيق نقطتين:
1 ـ تعطيل دور الحكومة (الفاسدة أصلاً) إتجاه مسؤولياتها المباشرة عن تمشية شؤون حياة أبناء الشعب في ظل تنامي الغلاء والفقر والمخاوف الأمنية.
2 ـ ترك الباب مفتوحاً أمام نشوب قتال خطير بين القوى المتنفذة. سواءً كانت متنفذة من خلال قوة أتباعها، أو من خلال نفوذها في الأجهزة الحكومية العسكرية والأمنية منها والمليشياوية.
في ظل الوضع الملموس هناك فوارق أساسية بين منهج التيار الصدري، الذي يدعو الى تغليب الوطنية العراقية على الإعتبارات الأخرى. ويطرح صيغة جديد للتحالفات، وبين الإطار التنسيقي الذي يسعى للسير على ذات المسير الفاسد منذ 2003 الى يومنا هذا. تبقى المناظرة الموضوعية بين التيار والإطار قد تحقق خطوة مهمة في فهم الواقع الراهن وقواه المحركة. خاصة في ظل الضعف والخيبة، التي تعاني منها القوى، التي تصف نفسها بالعصرية وغيرها.
لمن يريد معرفة تفصيلة أكبر حول رأيي عن مسار العمليات الإنتخابية منذ إحتلال عام 2003 الى الآن، يمكنه الإطلاع على سلسلة مقالات نشرتها سابقاً، منها:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709448
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709713
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709953
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=710316
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711091
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711735
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712292
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712503
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712865