الجنة تحت أقدام الأمهات … لكن القوانين في بلداننا تحت أقدام الرجال
أي قانون عادل وأي عرف إنسانيّ يمنع أما عن رؤية أبنائها؟
أليس الهدف من نص القوانين تحقيق العدل بين الناس؟ أين العدل في حرمان أم من معانقة أطفالها وشمّهم ولو لساعة واحدة؟
انتشر مؤخراً بين رواد التواصل الاجتماعي فيديو لأم لبنانية تدعى كوثر، وهي تواجه طليقها، الذي منعها من رؤية أطفالها، كانت تصرخ بملء صوتها:
ما فيك تمنعني شرعاً أخلاقياً دينياً ما فيك. ما فيك تمنعني!
يرد عليها باستفزاز وبمنتهى القسوة والتحدي: «فرجيني كيف بدك تاخديهم»!
من أين له هذه القسوة وهذا الجبروت؟
إنه المجتمع الذكوري، الذي أنجبه وقدم له على طبق من ذهب امتيازات اجتماعية غير مستحقة قط، لأنه ينتمي لنوع بشري وجنس «متفوق». هكذا يغفل حقوق المرأة ويأكلها حتى الشبع ويقرمش بقاياها حتى يكمل عليها حين يشعر مجدداً بالجوع.
تعود وتصرخ مجدداً: بدي آخدهم. بدي أقعد هون… بدي يناموا بحضني. أي شرع هيدا؟ شو عملتلك؟ شو ساويتلك؟!
افترشت الأرض عشرة أيام، علها تلمح أطرافهم، ولكن صراخها وألمها لم يحركا في طليقها شيئاً، بل زاداه عنجهية وتحديا: «روحي اشتكي علينا»!
كرر جملته مرتين، وكأنه يضمن القانون في جيبه الصغير. وكأنه متواطئ والقانون ضد الأمومة، ضد العدل والعدالة.
وأكمل بصلابة الظالم: مش رح نعطيك ياهم. هولي (هؤلاء) أولادنا مش أولادك.
ولكنها استخرجت من ضعفها قوة ولم تستسلم، بل واجهته قائلة: هم اولادي. أنا من أنجبتهم. أنا من سهر على تربيتهم.
وانتهت المعركة بإقفال الوالد باب المنزل في وجه الأم، هي اليوم لا تعرف متى سترى أولادها من جديد. أو الأصح، هي لا تعرف إن كانت ستراهم من جديد!
كوثر أم لبنانية تشبه الكثير من أمهات لبنان والبلدان العربية، وقصتها ليست فريدة من نوعها ولن تكون، في ظل قوانين بالية لا تنصف المرأة. وإن أنصفتها يتم بقوة سحرية تعطيل تحقيق قرارات المحاكم والقوانين.
حسب قول كوثر، التي وثقت كلامها صفحة «ميغافون» في انستغرام، حكمت لها المحكمة الجعفرية بعد طلاقها برؤية طفليها خلال أيام العطلة، لكن قرار المحكمة لم يكن كافياً.
كانت سلطة زوجها – وللأسف – أقوى من سلطة القانون.
إذاً ما نفع القوانين إن لم يتم تطبيقها!؟
إنها شريعة الغاب، حيث تكون القوانين كلها تحت تصرف «الجنس الأقوى». والوجع والقهر من نصيب النساء اللواتي يعانين من التمييز.
وإن تجرأت الأم ورفضت التخلي عن ابنها فقد تسجن لسنتين وتدفع غرامة، وفقاّ للمادة 496 من قانون العقوبات!
القدس عاصمة فلسطين
ومن لبنان إلى فلسطين المقهورة، وكأن القهر وراثي في بلادنا وينتقل بالعدوى. فلسطين التي تغتصب أرضها يومياً على مرأى من العرب كلهم، لن يتوقف أهلها عن الدفاع عنها بكل ما أوتوا من قوة.
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مؤثر لسيدة عجوز، وهي تحاول وبكل قوتها مواجهة مستوطنين.
إنها عائشة المصلوحي، مرابطة فلسطينية تصدت لشبان إسرائيليين يحاولون استفزازها برفع علم المغتصب الصهيوني خلفها أثناء تصويرها مقابلة مع «أخ عربي» في يوم مسيرة الأعلام، لكنها رفضت أن تجري المقابلة وخلفها العلم الإسرائيلي قائلة: لا لا ما أتصور.
وطلبت منهم أن يخلوا المكان كي تكمل حديثها مع الصحافي، ولكن الشبان رفضوا الرحيل وأصروا على رفع العلم بهدف إغاظتها.
قالت لهم إنه علمكم وحدكم. هذا ليس علمنا.
رد عليها المستوطنون، وبكثير من الوقاحة: في أي دولة تعيشين؟ أنتِ تعيشين هنا في اسرائيل.
لم تسكت لهم طبعاً، ورددت بقوة: أنا اعيش في القدس. في مدينتي. أحب مدينتي القدس. ثم صرخت: إذهبوا من هنا. لا أعرف من أين أتيتم!
فأجابوها بوقاحة مضاعفة: إنها بلادنا.
ضحكت طبعاً وكيف لا تضحك، وهناك من يزور التاريخ. يكذب. ثم يصدّق كذبته «على عينك يا تاجر». إنه الجنون الذي يدفعنا للضحك عالياً. فشر البلية ما يضحك.
ولكن المسرحية لا تنتهي هنا. يطل عليها «بطل» هزلي بدين. تكاد بطنه تنفجر، وكأنه أكل قبيلة ولم يتسن له هضمها. ينفخ بطنه قليلاً إلى الأمام كي يتمكن من الكلام مردداً: هذه أرض اليهود ليست فلسطين.
تغضب السيدة العجوز وتصرخ: تعلم أنها فلسطين ولن تكون أبداً اسرائيل. هذه القدس عاصمة فلسطين!
لقد بدأت المسرحية في 6 ديسمبر/كانون الأول عام 2017 حين قرر ترامب إهداء مدينة القدس للصهاينة، كي تكون عاصمة موحدة لإسرائيل وكأنها ملك لأبيه ويحق له التصرف بها. وجاء حينها في نص الإعلان: «من الكونغرس هذا القانون بأغلبية ساحقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وأعيد تأكيده من قبل مجلس الشيوخ قبل 6 أشهر فقط، لذا، قررت أنه حان الوقت للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل»!
وقام بعدها بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
نعم إنها مسرحية فاشلة «يحكيها معتوه ملؤها الصخب والعنف ولا تعني شيئا»، كما يقول شكسبير.
*كاتبة لبنانيّة