علي حسين
ما قائمة الكتب المفضلة عند بعض سياسيينا؟، مَن قرأ منهم غائب طعمة فرمان أو الرصافي أو وضع هوامشه الشخصية على مؤلفاتعلي الوردي؟ سيقول البعض ساخراً يارجل إنهم يعشقون ميكافيللي من خلال السماع وطبقوا مبادئه المخادعة في السياسة من دون أن يقرأوا كتابه الشهير”الأمير”.
يخبرنا مؤلف سيرة الرئيس الفرنسي الراحل ميتران، بأن الرجل كان دائماً ما يستشهد بمقولات لكبار كتّاب فرنسا وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سأله أحد الصحفيين يوماً: لماذا يردد مقولات قديمة، في زمن وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر؟ قال وهو ينظر إليه متعجباً: “يفقد الإنسان اتصاله بالمستقبل إذا لم يكن محاطاً برجال مثل روسو ولم ينصت إلى فولتير”، بينما فقد معظم ساستنا اتصالهم بالواقع لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية والأهم بالإنصات إلى أهل الثقة والابتعاد عن أهل المعرفة والكفاءة.
لا يعترف السياسي “الأمي” بالخطأ ويعتقد أن “الخطأ والصواب” لا علاقة لهما بالفشل.. حين تحول العراق، من أغنى دولة عربية إلى بلد مفلس يخضع لحكم “الأهل والعشيرة”، فالأمور لا تتعدى “تجارب تخطئ وتصيب” وحين نتقدم سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام، فإن الأمر يدخل أيضا في قائمة “تجارب الهواة”، فلا مشكلة أن يتدرب “الفاشلون” لإدارة مؤسسات الدولة! وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب الفلسفة؟.
كان السنغافوري لي كوان عندما يتحدث مع أصدقائه يشير إلى تأثير مذكرات الجنرال ديغول على مسيرته السياسية، وعندما رفع شعار من أجل حكومة نظيفة، كتب في مذكراته التي أسماها “من العالم الثالث إلى العالم الأول”: “لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من أجل الحرية لشعوبهم تحوّلوا إلى نهّابين لثرواتها، ولهذا حرصت من أول يوم تولّيت فيه السلطة على إخضاع كلّ دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقّين من القاعدة الشعبيّة من دون أن يُنهب في الطريق”.
منذ أعوام ونحن نكتب عن الفساد ومئات المليارات التي أُهدرت وسُرقت، دون ان يخرج علينا مسؤول ليقول : ياجماعة اعرف !
كلّ العالم ينظر اليوم إلى العراق ويضرب كفّاً بكفّ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب عامر الكفيشي وتقلّبات سليم الجبوري إلى الوراء، إلى مجرد دولة تضحك على المواطنين بمانشيتات كوميدية عن توزيع “قطع سكنية” في كوكب المجرة !
أتمنّى واعرف ان التمني بضاعة المفلسين من امثاللي أن يقرأ ساستنا مذكّرات لي كوان أو يذهبوا باتجاه شارع المتنبي للبحث عن يوميات مهاتير محمد، ، ليعرفوا أن هناك قادة يختارون بناء المستقبل، فيما ” جنابي ” سيظل ينتظر مذكرات النائبة حنان الفتلاوي ” من التوازن الى الخراب ”