الجفاف والعطش يهددان العراق ويُهيمنان على شبكات التواصل العربية
لندن ـ «القدس العربي»: هيمن الصيفُ الساخن في العراق على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي واستفز الكثيرَ من النشطاء والمعلقين الذين أطلقوا حملة تدعو لإنقاذ العراق من العطش وتُسلط الضوء على أزمة المياه التي تعاني منها البلاد، وهي الأزمة المائية التي يعاني منها العراقيون على الرغم من أن بلادهم تضم اثنين من أهم وأكبر وأشهر الأنهار في المنطقة.
ويوجد في العراق نهر دجلة الذي ينبع من جبال طوروس، جنوب شرق الأناضول في تركيا ويعبر الحدود السورية التركية، ويسير داخل أراضي سوريا بطول 50 كلم تقريباً ليدخل بعد ذلك إلى أراضي العراق ويمتد فيها مساحة واسعة قبل أن ينقسم إلى فرعين، كما يوجد في العراق نهر الفرات وهو أحد أكبر الأنهار في جنوب غرب آسيا، كما أنه أكبر نهر في المنطقة العربية، وينبع نهر الفرات من جبال طوروس في تركيا ويمر في الأراضي السورية قبل أن يجري في الأراضي العراقية ويلتقي بنهر دجلة في منطقة كرمة علي ليكون شط العرب الذي يصب في الخليج العربي، ومن خصائص نهر الفرات أنه هو ونهر النيل يعدان أغزر نهرين في الوطن العربي.
وأطلق النشطاء العراقيون حملة على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو لإنقاذ العراق من العطش والجفاف، كما تدعو لإنقاذ المصادر المائية من الإجراءات التي يعتبرونها جائرة بحقها، والتي أدت إلى تصحر الكثير من الأراضي وتلف الكثير من المحاصيل والمزروعات بسبب جفاف البحيرات والممرات المائية التي كانت تغذي هذه الأراضي.
وسرعان ما تصدر الهاشتاغ «#العراق_يموت_عطشاً» والهاشتاغ «#أنقذوا_دجلة» قوائم الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً في العراق والعديد من الدول العربية، وذلك للمطالبة بوقف الاعتداءات المائية التي يتعرض لها العراق، والتحذير من حالة الجفاف التي تضرب البلاد، فيما سارع الكثيرون إلى تحميل دول الجوار، وخاصة تركيا وإيران، مسؤولية الأزمة المائية التي يعاني منها العراق بسبب بعض الإجراءات الجائرة التي تؤثر على منابع الأنهار ومساراتها.
وكتبت الإعلامية العراقية مروة الخفاجي تغريدة على «تويتر» قالت فيها: «تعجز الحلول السياسية عن إيقاف كارثة جفاف نهر دجلة بسبب تأثير الشد والاختلاف السياسي الذي أدى إلى عدم وجود موقف موحد وقوي ازاء تركيا وإيران.. إلى متى يحتضر دجلة؟».
وغرّد الصحافي علي المحمود: «مياه العراق هي حق شرعي وقانوني لم تستطع الحكومات المتعاقبة الحفاظ عليه. من الواجب على حكومات البلد المتعاقبة التي لم تبنِ السدود ولم تحافظ على هذه المياه أن تصحح مسارها. وطننا فيه من الأبطال من يستطيعون أن يأخذوا حق مياهنا من دول الجوار.. العراق يموت عطشاً.. أنقذوا بلدي».
وقال الناشط من محافظة الأنبار، عبد الله الذبان، إن «كل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لم تول مسؤولية مياه العراق الاهتمام الحقيقي، الحكومة الحالية بكل قياداتها أمام تحد كبير، في استرداد حقوق العراق المائية، لأننا أمام كارثة حقيقية تنذر بعواقب وخيمة ما لم يتم اتخاذ خطوات جدية لتجنب الأزمة».
وغرد الكاتب الإماراتي إبراهيم بن حاتم الأفندي: «ذهبتُ إلى الطبيب أشتكي من ألمي، فقال بأن الوجع في شرايينك، لم أعرف حينها بأنه يقصد دجلة».
أما الإعلامي الفلسطيني عدنان حميدان فقال: «ورد في بعض التقارير أن العراق سيفقد أنهاره بشكل كامل في ظرف ثماني سنوات مع استمرار المشهد بالصورة القائمة حاليا من استخدام جائر للمياه في منابعها قبل وصولها العراق، وفي ظل حكومات متعاقبة تنخرها الولاءات الخارجية واتهامات الفساد والشللية».
ونشر ناشط عراقي يُطلق على نفسه اسم «جيتار» فيديو يظهر فيه الهبوط الحاد في مستوى نهر دجلة، واقترابه من الجفاف التام، وكتب معلقاً: «في العراق بلد الرافدين تتمكن من السير على المياه وأن تعبر نهر دجلة على قدميك.. الفيديو بمنطقة الكريعات.. من نترحم على السيد الريس يضوجون» في إشارة إلى أن هبوط مستوى النهر أصبح يمكن الناس من قطعه سيراً على الأقدام، أما كلمة «السيد الرئيس» فيشير بها إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي أطاحت به القوات الأمريكية بعد احتلال العراق في العام 2003.
ونشر أحد النشطاء صورة لأحد المواقع الجافة من نهر دجلة في العراق، وكتب معلقاً ببيت من الشعر يقول فيه: «حيّيْتُ سفحكِ عن بُعد فحييني.. يا دجلة الخير يا أم البساتين».
أما الناشط العراقي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور قصي محبوبة فكتب يقول: «بدون تهويل وعويل.. العراق موقفه أقوى من تركيا دولياً بهذه القضية.. وتركيا تصدر للعراق 8 مليار دولار بضائع، وهناك 2 مليون عراقي يزور تركيا سنوياً.. دجلة لن يجف، ونحتاج إلى مفاوضين بارعين واتفاق استراتيجي لمئة سنة.. نحتاج إلى رجال دولة وليس إلى مهووسي سلطة».
ونشرت ناشطة عراقية تُطلق على نفسها اسم «أم وطن» صوراً يظهر فيها الجفاف التام لبعض النواحي من نهر دجلة داخل العراق، وكتب تقول: «لأول مرة ومنذ فجر التاريخ نهر دجلة يتوقف عن جريانه، من يتحمل مسؤولية هذه الجريمة النكراء؟ سيسجل التاريخ أننا أسوأ شعب لأننا سلمنا مصيرنا وقدرنا بيد حثالات البشر وفي زمنهم توقفت الحياة في موطن الحضارات بلاد ما بين النهرين.. والآن أصبح بلاد بلا نهرين؟».
وغرد حسين الطائي: «تركيا ساهمت في تدمير مدينة الموصل والآن تقوم بتجفيف مياه دجلة التي تمر بمدينة الموصل» فيما كتبت الدكتورة سمرقند: «وينهم المطبلين الذين صدعو رؤسنا؟ ها هي إيران وعمتنا تركيا قد قطعوا الماء عليكم ولم يبالوا لعواطفكم، يالسخافة عقولكم». وقالت هبة ديفيد: «بدأت ملامح العراق بالاختفاء تدريجياً».
واكتفى بلال الدليمي بنشر صورة قديمة بالأبيض والأسود لنهر دجلة وهو يفيض ويُغرق ما حوله من الأراضي والمنازل، وكتب معلقاً: «هذا فيضان نهر دجلة في بغداد 1954.. ما الذي حدث يا دجلة الخير؟».
وقال أحد النشطاء ويُطلق على نفسه اسم «الخنفشاري البغدادي» يقول: «صدقوني، حتى لو نشف دجلة والفرات، ونشفت آبار النفط، ونشف دماء الشعب، فلن تتحرك أحزابكم وتوج رؤوسكم الذين انتخبتوهم طالما الموضوع بعيد عن مصالحهم الشخصية.. عقاراتهم وأرصدتهم وعوائلهم بالخارج».
وعلق آخر قائلاً: «لا تنتظروا شيئآ من سياسيينا فقد جفت ضمائرهم قبل ان يجف دجلة» فيما كتب خليل الرفاعي: «الله وحده هو من حفظ العراق كل هذه السنين. وليس سياسيوه المنافقون. إن الخلل في السياسة المائية العراقية وليس عند الأتراك. أسالكم بالله في أي المجالات نجح هؤلاء؟ شاهدوهم يلهثون خلف المناصب والامتيازات كالكلاب السائبة المسعورة. بينما تلك الدول منشغله بإعمار بلدانها».
وكتبت زهراء جاسم: «لنعطي فرصة للحكومة بضعة أيام للنظر في مسألة الماء والكهرباء، والإ فافسحوا لنا المجال للعمل من أجل إرجاع حقوقنا».
وقال صباح الآغا: «حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا أكثر من 10 مليارات دولار، وبين العراق وإيران أضعاف هذا المبلغ، وبالرغم من ذلك إيران وتركيا تحرمان العراق من حقه المائي بسبب الضعف الكبير لوزارة الخارجية العراقية وعدم وجود حلول من وزارة الموارد المائية.. محافظات ميسان وذي قار وشمال البصرة ستجف».
ويقول أحد المعلقين: «يبدو أن قرار قطع المياه عن العراق هي لعبة تركية إيرانية من أجل الضغط على تشكيل حكومة بارادتهم، شاهدوا كمية الحقد وكيف يلعبون بالعراق منذ سنين طويلة».
وكتب بدر علي مقبل: «أرض نهري دجلة والفرات يغرقونها بالأوبئة والصرعات المذهبية، لماذا؟ هل هو الإنتقام من شعب العراق لأن قائده العظيم الشهيد صدام حسين وقع بكمين الإستخبارات الأمريكية ليغزو جيرانه؟ أم هو تدمير للشعوب الوطنية لنهب ثرواتها كما حصل سنة 1994م في الجنوب العربي وما زالت تُنهب؟».
وغرد برزان العساف: «بلاد النهرين يموت عطشاً فلا إنسهُ سلموا، ولا حيوانته سلمت، الأساليب التي تفرضها إيران وتركيا بحق العراق لا تمت للإسلام والدين بصلة فكل مصلحتهم خزن الماء ولا يهمهم الإنسان والحيوان إن مات عطشاً، وحكومة العراق بلا حكومة. لله درك ياوطني».
يشار إلى أنَّ أزمة المياه في العراق تسببت بتزايد معدلات نزوح المزارعين من مناطق الجنوب إلى المدن خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، وذلك بفعل اتساع رقعة الجفاف وانخفاض منسوب المياه وجفاف مسطحات الأهوار المائية بشكل غير مسبوق منذ إعادتها للحياة عقب الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003.
وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قد حثت جيران العراق على بدء حوارات حول تقاسم المياه، في ظل أزمة مائية ضربت البلاد منذ العام الماضي، نتيجة تراجع الإيرادات المائية التي تأتي من إيران وتركيا، محذرة من أن «التخفيض النشط لتدفقات المياه من البلدان المجاورة إلى العراق يمثل تهديداً خطيراً آخر».