العنصرية التركية: حان وقت الكراهية… أين السينما في لغة عبد اللطيف عبدالحميد؟ و«الميادين» تتجرأ على مستهلكي الكبتاغون.
بيدر ميديا.."
العنصرية التركية: حان وقت الكراهية… أين السينما في لغة عبد اللطيف عبدالحميد؟ و«الميادين» تتجرأ على مستهلكي الكبتاغون
آخر فصول الاعتداءات العنصرية على السوريين في تركيا جدلٌ بخصوص شركة ملابس تركية أصدرت قميصاً كُتبت عليه عبارة باللغة العربية، وهوجمت من أتراك متشددين توعّدوها بالمقاطعة. الشركة أزالت إعلان المنتج من مكانه على إحدى صفحاتها على الشبكة العنكبوتية، مع توضيح يقول إن الشركة تبيع في ستة وخمسين بلداً، وتقدم منتجات مناسبة لثقافات ولغات تلك البلدان، وأنها نشرت بالخطأ إعلان قميص يحمل عبارة باللغة العربية في مكان مخصص للبيع في تركيا (حيث اللغة العربية غير مرغوبة كما نفهم من التوضيح). حاصِلُه؛ أُزيل الإعلان، فاندلع الجدل، وربما الردح.
للوهلة الأولى لن تصدّق أن الأمر يحدث فعلاً في تركيا، حيث اللغة العربية مكوّن أيضاً من لغة وتاريخ تلك البلاد. لا تغيب عن مفردات اللغة التركية، ولا من زخرفات مساجدها وأبوابها. لكن يبدو أن المشكلة هي هنا بالذات، إذ يقول مجادلٌ، ما معناه: «لقد انتهينا من السلطنة العثمانية، ومن الدعوة الإسلامية، ولا نريدها أن تعود». ليجيب آخر: «ليست مشكلتنا في اللغة، بل في السوريين الذين في الشوارع». أما الصوت الأعقل فسيكون الأكثر انتباهاً للمؤامرة: «هذا (الجدل بين سوريين وأتراك) مشروع غربي يريد أن يخلق العداء بين العرب والأتراك»!
العنصري التركي الطامح إلى طرد عبارة تقول بالعربية «حان وقت اللعب» من قميص طفل، قد يجد نفسه مضطراً إلى طرد نصف مفردات اللغة التركية، المتحدرة من أصل عربي، وأن يعيد الأرابيسك المعفّش من القاهرة ودمشق وبغداد
إذن لا بدّ من تصديق النبأ، ولمَ لا، ما دامت بلدية اسطنبول (المعارضة لأردوغان)، على سبيل المثال، تحدّد نسبة الحروف العربية المسموح بها في فضاء المدينة.
العنصري التركي الطامح إلى طرد عبارة تقول بالعربية «حان وقت اللعب» من قميص طفل، قد يجد نفسه مضطراً إلى طرد نصف مفردات اللغة التركية، المتحدرة من أصل عربي، وأن يعيد الأرابيسك المعفّش من القاهرة ودمشق وبغداد وسواها، وأن يفكك زينة الجدران والسقوف والمحاريب في المساجد.
هل سأل التركي المتطرف، المستقوي على السوريين اللاجئين، نفسه مرة كيف يعيش مواطنوه في ألمانيا على سبيل المثال، أي غيتوهات بُنيت هناك، متاجر خاصة، مصالح، كم يُسمح لهم من صنبور اللغة، وفي ما إن كانوا يعانون من أي تضييق بخصوص اللغة وطرائق العيش وحتى الصلوات.
العنصري والمتطرف والقومجي أعمى، إنه مليء بالحقد الذي لا يستطيع أن يتسامح حتى مع عبارةٍ طفلة تحثّ على اللعب، لا إلى الحرب والكراهية ورفض الآخر.
ليست لغة سينمائي
دون أن نفكّر كثيراً في فن السينما، أو نقارن مع الأفلام التي تستحق أن يقول عنها المرء تلك هي أفلامي الأحب، يصعب أن ننكر أن فيلمي المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد «ليالي ابن آوى»، و«رسائل شفهية» يحتلان موقعاً ما في الذاكرة السورية (سيكون بحثاً مشوقاً في أسباب بقاء رسائل شفهية ستة عشر شهراً في صالات العرض، في ظل هجرة السينما والجمهور بعيداً). ليس في الإمكان تجاهلهما عند الحديث عن سينما هذا البلد. وعلى أي حال، ومهما كان الخلاف، قد نتفق، على الأقل، على أنهما أفضل أفلام المخرج. بعدهما لا شيء يذكر، ربما سوى بعض مشاهد مؤثرة متناثرة هنا وهناك، كما في فيلم «نسيم الروح».
يصدّق المرء نفسه مخرجاً لا يشق له غبار، ويكون أول ما يفعله حينها أن يصادر فرص الزملاء، وإن اشتكوا سيقول لهم إنها الغيرة والحسد، أو لعله الكسل!
أفلامه، خصوصاً بعد الثورة والحرب هي محض هراء، ليست المسألة على الإطلاق في موقف المخرج أو موقف أفلامه مما حدث في سوريا، بل في سوء الصنعة، الذي بلغ حد الكارثة. قد يقول المرء إنه شيء متوقع ممن تعوّد على الغزارة والاستسهال، لكن عندما تشاهد مقابلته في برنامج «المختار» منذ أيام ستعرف الجواب؛ هذا الرجل لا يمكن أن يكون سينمائياً. قد يكون مضحكاً أحياناً، مسلياً، ومؤثراً عندما يتحدث عن وفاة قريب، لكن مستوى الكلام وفحواه لا يقبل به ممثل من الدرجة الخمسين.
لطالما تخيّل المرء أن السينمائي في جوهره شاعر، روائي، تشكيليّ.. ولعله مزيج من كل ذلك، لكنك أمام مقابلة عبد الحميد تحار حقاً ما تقول. هناك ما يعزز القناعة بأن الفيلمين الأولين قد صنعا بجهد جماعي، وهذه ميزة سينمائية سورية؛ كان محمد ملص يخرج فيلماً، فيأتي بالزملاء المخرجين، الذين بلا عمل غالباً، ليتوازعوا الأدوار بين متعاون فني ومساعد مخرج ومخرج مساعد.. ثم يأتي دور أسامة محمد ليأتي بزميله كمخرج مساعد وبزميلته كسيكريبت، وهكذا.
هكذا إلى أن يصدّق المرء نفسه مخرجاً لا يشق له غبار، ويكون أول ما يفعله حينها أن يصادر فرص الزملاء، وإن اشتكوا سيقول لهم إنها الغيرة والحسد، أو لعله الكسل.
أقطاب صناعة الكبتاغون
فيديو لقناة «الميادين» يتحدث بصوت عال عن تجارة الكبتاغون في السعودية: «ليست رملاً ولا قمحاً. إنها حبوب أبو هلالين، كما يسميها الشباب السعوديون». تتحدث القناة، الناطقة باسم النظام الممانع، الإيراني السوري اللبناني، عن تجار الكبتاغون من الأمراء السعوديين، وتزعم أنه بسببهم تمرّ البضاعة من نقاط التفتيش بلا تفتيش.
من باب أولى أن تدين “الميادين” مصنع الكبتاغون الكبير الذي ينتج البضاعة قبل أن تصل إلى يد التجار والمستهلكين من أبناء الخليج.
طيب، ليس في واردنا أن ندافع عن الأمراء التجار، لا سمح الله، لكن من باب أولى إدانة المصنع الكبير الذي ينتج البضاعة قبل أن تصل إلى يد التجار والمستهلكين من أبناء الخليج. لا تستطيع «الميادين» أن تغمض عينيها عن مصنع الكبتاغون بشقيه السوري واللبناني. بديهي ألّا يطالبها أحد بنفي كل التحقيقات العالمية حول تلك الاتهامات الموجهة لحزب الله والنظام السوري، فهي من عظام الرقبة، ولا أن تساهم في فضح الصناعة والمصنّعين، لكن أن تتفصحن بلوم التجار السعوديين، فهذا كثير!
مع «الميادين» تكتمل أقطاب المصنع؛ ميناء اللاذقية، الفرقة الرابعة، حزب الله، مسلسل بأجزاء عديدة لتمجيد مهربي السلاح والممنوعات والخروج عن القانون اسمه «الهيبة» (تأليف هوزان عكو، إخراج سامر برقاوي، وبطولة تيم حسن)، وقنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية تلقي باللائمة بعيداً، على السوق الخليجية المستهلكة.