ما نقوله . . قد يعيق من تواصلنا
” مراعاة لغتنا بأمكانه فتح الباب لتواصل أكثر عمقاً “
كيف ستكون إستجابتك عندما يثني عليك صديقك , أو يقدم لك معروف ما , أو حين سماعك لمفردات الأعجاب و التقدير ؟ هل تتلقاها عادة بأمتنان و بهجة , أم يتملكك أحساس بالحرج و عدم الارتياح ؟
غالباً ما نضيع فرصة الأنتفاع من المتع البسيطة الناتجة عن علاقاتنا بالاخرين و التي بأمكانها تطويرنا , فنحن كثيراً ما نصد الاخرين و لا نسمح لهم بدخول حياتنا.
إذ ندع اللحظات تمضي متجاهلين إمكانية إغناء تواصلنا و تحويله الى تواصل مثمر , حتى و ان كان بشكل مقتضب و مختصر.
لذا فأن الانتباه إلى المفردات و اللغة التي نستخدمها خلال حديثنا , و إلى كم السعادة التي تمنحنا اياها المعاملة الطيبة و الحسنة من قبل الاخرين , كل ذلك من شأنه مساعدتنا في تقليل الأحساس بالوحدة و دفعنا بالتالي الى ان نكون اكثر تفاعلا و تواصلا مع المحيطين بنا.
هنالك من الامور الشائعة , نتفوه بها و التي من شأنها عرقلة التدفق الممتع و الرقيق في الأخذ و العطاء.
لا مشكلة على الاطلاق No Problem
في الكثير من الاحيان أستمع الى الناس و هم يقولون “لا مشكلة” عندما أشكرهم على أمر ما , هذا المصطلح قد رسخ نفسه بقوة في قاموسنا اليومي و على الخصوص بين فئة الشباب من المجتمع , لدرجة قد بات من غير المقبول او غير المرحب به توجيه النقد إليه من قبلي !
سألت أحد أصدقائي تقديم معروف لي في احدى المرات التي احتجت فيها الى مساعدته , و قد عاود الاتصال بي على نحو سريع , دفعني الى الثناء عليه و تقديم امتناني له بعبارة ” أنا أقدر و اثمن معاودتك الاتصال بي على هذا النحو السريع ” , و لكن ما كان منه في المقابل الا إن أجاب بمفردة ” لا مشكلة ” .
عندها تسألت و أين هي المشكلة في الامر ؟
حسنا , لنتناول الامر من وجهة نظري , فأنا كنت سعيد و مبتهج بأنه عاود الأتصال بي على هذا النحو السريع , و لكن رده بمفردة ” لا مشكلة” توحي بشيً ما و تلمح لأمر مخفي : أنها تدفعني للتساؤل ما اذا كان اتصالي يمكن ان يكون مشكلة او قد سبب له اشكالية ما , الامر يبدو لي كما لو كان بوده القول ” انا منشغل للغاية يا رجل , و لكني على اية حال سأحتمل اتصالك”.
في العادة يتم تدريب موظفو خدمة العملاء على تجنب استخدام مثل هذا المصطلح لمثل هذه الاسباب و غيرها , فكلمتي ” لا ” و ” مشكلة ” لا تعبران عن مشاعر الود و التعاطف في التعامل , كما يوضح ذلك مستشار خدمة العملاء “Micah Soloman” مصرحاً بأنه ” حتى و ان قيل مصطلح لا مشكلة على نحو عفوي و بمرونة تامة , إلا أنها لا تزال تلمح الى الكثير من الاحتمالات , فالرد على العميل بمفردة ” لا مشكلة ” تشير الى أن العميل أو ما يطلبه و يسأل عنه . . يشكلان مشكلة !
عندما يعاود صديق الاتصال بنا او يستجيب لطلبنا في المساعدة , و نبادره نحن بالشكر , كم سيكون من اللطيف أن أجبنا ” بأنني سعيد لمعاودة الاتصال بك ” أو ” انه لمن الرائع ان اسمع صوتك ” أو ” لقد مر وقت طويل لم اسمع عنك , و انه لمن الجميل ان اعرف عنك “.
هذه التعديلات البسيطة في لغتنا اليومية رغم انها قد تبدو طفيفة او حتى غير ذات أثر , لكن في الحقيقة بأمكانها أن تؤدي الى تواصل أكثر دفئاً و ودية خلال أحاديثنا و نقاشاتنا , أنا لا أدعو هنا الى تزييف مشاعرنا او المبالغة فيها , بل ادعو الى التعبير عن ما نختبره من مشاعر و أيصاله الى الاخرين .
للأسف , فنحن لا نظهر ما يعنيه لنا اصدقائنا حقيقة , فتغيير طفيف في حديثنا و مفرداتنا من شأنه تعميق صداقاتنا و تعزيز علاقاتنا.
لم يكن بالشيء المهم It Was Nothing
إذا ما قدم لنا شخص ما معروف او جميل , فمن الممكن ان نقلل من أهميته أو نهزأ به بقولنا ” لم يكن بالشيء المهم ” أو ” و أن يكن , ليس مهماً No Big Deal” .
قد تكون نيتنا وراء ذلك هو محاولة التخفيف من وطأة الحرج للشخص الطالب للمساعدة , و لكن من الممكن ان نكون قللنا من شأن تقديرهم لنا و ثنائهم و امتنانهم لمساعدتنا بهذه المفردات, فأننا بذلك قد نخسر فرصة لتواصل اعمق و اكثر ثراء.
في المقابل بدلاً من قولنا ليس بالامر المهم , يمكننا تعزيز مشاعر الدفء و الايجابية اذا ما قلنا ببساطة ” على الرحب و السعة ” أو ” اسعدني جدا القيام بذلك من اجلك” أو ” من دواعي سروري”
ذلك يولد لدي شعور بالاتصال و القرب اكثر عندما أحس بأن الشخص الاخر أستقبل امتناني له بسرور و سعادة , بدلا من التقليل و الاستخفاف و عدم الاهتمام او تجاهل كلمات الشكر التي اقدمها له.
اذا ما وجدنا الشجاعة في السماح لأنفسنا في ان تكون اكثر أنفتاحا و قدرة على التعبير عن الامتنان و تقبله من الاخرين , ربما سنكافىء بتواصل اكثر حميمية و تفاعل اكثر ودية في حياتنا.
انه لشعور جميل ان تساعد شخص ما , راقب شعورك عندما تُقدم لك المساعدة من شخص ما ,
هل أشعرك بعدم الارتياح و العبء ؟ أم رفع معنوياتك , أم ولدَ احساسا محايدا ؟
هل شعرت بالرضا عند مساعدتك شخص ما ؟
إذا كان خيارك الاخير , فكيف إذاً ستعمل على التعبير عنه ؟
نشرت المؤسسة الوطنية للعلوم مؤخرا تقريرا يفي بأن في امريكا وحدها هناك اعداد لا نظير لها من الناس الذين يشعرون بالوحدة و العزلة.
و على الرغم من ان هناك العديد من الأسباب وراء ذلك , إلا أنه من المهم ملاحظة الطرق التي تؤدي بنا الى إبعاد الناس عن حياتنا في تعاملنا اليومي , بدلا من جذبهم نحونا.
من خلال مراقبة يومية للفرص و الاحتمالات المتاحة للتفاعل مع الناس , بطرق اكثر ثراء و أعمق معنى , يمكننا التقدم بخطى صغيرة لخلق المزيد من العلاقات الحميمية في حياتنا و مجتمعنا.
المصدر :
John Amodeo Ph.D., MFT
https://www.psychologytoday.com/us/blog/intimacy-path-toward-spirituality/201710/things-we-say-block-contact