علاوي والتطبيع ومَن يستثمرون في هرائه!
علاء اللامي
شخص فاشل ومفضوح كإياد علاوي، صاحب مقولة “أنا تعاونتُ مع ستة عشر جهاز مخابرات في العالم”، ولكي يسجل حضوره في المشهد السياسي المهترئ والذي كان من مؤسسيه، علق على موضوع التطبيع مع الكيان الصــهيــوني فقال حرفيا: “التطبيع أصبح ضرورة فحين كنا شباب كنا نريد تشكيل 16 فرقة في الجيش ونتعرض لإســرائـيل ونرميهم بـالبحــر وما قدرنا نسويها لهاي “لهذه المهمة”، فإذن التطبيع واجب، ولكن ضمن مفردات وشروط واضحة من العرب في مقدمتها حل الدولتين الذي اتفقت عليه كل الأمم بدون استثناء ودولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية…/ رابط الفيديو في أول تعليق”!
واضح أن هذا التصريح ليس إلا هراء محضاً وتخليطاً غير متماسك، فعلاوي يكرر فيه الأكذوبة الصهيونية الملفقة حول “الرمي بالبحر” والتي لا يوجد مصدر موثق واحد يؤكد أن زعيما أو مصدرا عربيا رسميا قالها، ويعيد تكرار الموقف الرسمي للدولة العربية القائم على حل الدولتين مقابل التطبيع الشامل.
وعن اكذوبة “الرمي بالبحر”، أذكر هنا بالتوثيق الذي نشره قبل سنوات قليلة الصديق نصير المهدي لمنشَأ ومصدر هذه الأكذوبة، وكيف اختلقها الإعلام الصهيوني من جواب للملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، على سؤال لأحد الصحافيين خلال حرب 1948 يقول “كيف سيكون مصير اليهود في فلسطين؟” فقال له الملك: “يعودون عن طريق البحر الذي جاؤوا منه” في إشارة إلى الهجرة اليهودية التي تفاقمت بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يقل برميهم في البحر، ثم أعيد السؤال على أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية قبيل نكسة حزيران في مؤتمر صحفي فكرر نفس الكلام، ولكن صحافيا فرنسيا نقله بطريقة محرَّفة وكاذبة فزعم أنه قال “سنرميهم في البحر”، وبين التاريخين كان الكيان الصهيوني يريد المشاركة في مؤتمر عدم الانحياز في بلغراد، وهو الأول بعد تأسيس الحركة رسميا في مؤتمر باندونغ سنة 1955، وقد أثار الاعلام الصهيوني آنذاك رغبة في السلام “مقابل تهديدات عبد الناصر برميهم في البحر” فطلب عبد الناصر من الرئيس اليوغسلافي تيتو تشكيل لجنة من المؤتمر تحقق في المزاعم وبعد التحقيق خرجت اللجنة بأن هذه المزاعم هي أكذوبة ومختلقة .
إنَّ علاوي هنا يقدم دليلا تطبيقيا على جهلة السياسي المدقع بخلفيات هذه الأكذوبة الصهيونية التي يروجها في كل مناسبة، وهذا أمر غير مدهش، ولكن المدهش أشد الدهشة هو بعض التعليقات البذيئة والمفعمة بالسوقية والذكورية المتخلفة، حاولت الاستثمار في تصريحات علاوي هذه لتوظيفها ضد قانون تجريم التطبيع من الكيان الصهيــوني وضد من أيده ودافع عنه سواء كان من أيده من نواب البرلمان من التحالف الثلاثي السابق ومعهم الإطار التنسيقي والمستقلين أو حتى من خارجه إضافة الى أطراف فلسطينية منها حمــاس والجبهة الشـعبــيــة وأطراف عربية استبشرت خيرا في قانون يعاقب دعاة التطبيع بعقوبات تصل الى الإعدام والسجن المؤبد. وهناك من أيدوا القانون من حيث المبدأ، ولكنهم سجلوا تحفظاتهم عليه وخصوصا على فقرة استثناء الزيارات الدينية، ولهذا كان ينبغي على من علق على تصريحات علاوي بتلك اللغة الجنسية الفاحشة أن يميز بين الأمور ولا يفقد وعيه ونظافة لسانه إلى هذه الدرجة المعيبة. ثم إنَّ علاوي لم يخترع اللبلبي حين ربط التطبيع بتطبيق الكيان لحل الدولتين فهذا هو الموقف الرسمي لجميع الدول العربية بلا استثناء بما فيها الدول التي ترفض التطبيع حتى الآن كسوريا والجزائر وتونس والعراق والكويت والسعودية فهي تحتج بعدم حل القضية الفلسطينية لرفض التطبيع، وعلاوي لأنه جبان ويخاف من أن يحاكمه خصومه فعلا استدرك بحل الدولتين! وحين يتحدى أحد المعلقين على تصريح علاوي أهل الحكم في العراق أن يكونوا “رجالا” ويحاكموه لأنه يدعو إلى التطبيع فهو يعترف ضمناً بأن القانون المذكور والذي يقف ضده ينطوي على عقاب للمطبعين، أما إذا كان الحاكمون لا يطبقون القانون فهذا موضوع آخر يدينهم ولا ينال من الجوهر الإيجابي للقانون رغم تسجيلنا لبعض التحفظات عليه.
وتفاديا لسوء الفهم، أختم بالقول أن الموقف العربي الرسمي المتمثل بـ “حل الدولتين” والقائم على ما سمي المبادرة السعودية في مؤتمر بيروت سنة 2002، والتي لم يبق منها شيء بعد الكوارث التي حدثت عربيا وعالميا، وهو موقف لا يعنيني في شيء، فأنا ضده تماما، وقلت رأيي فيه علنا في أكثر من مقالة منذ سنوات، لأنه لم يعد حلاً ممكناً بعد أن سلب الكيان قرابة تسعين بالمائة من أرض فلسطين، وطوَّق ما تبقى بالمستوطنات، وقطع التواصل بين أجزائه في الضفة والقطاع، ولأن الحل الحقيقي والإنساني في رأيي هو تفكيك الكيان الصهيوني وقيام دولة فلسطينية ديموقراطية واحدة لجميع سكانها بعد حل الإشكالات التي ترتبت على تأسيس هذا الكيان، وإزالة الإجحاف الذي لحق بالشعب الفلسطيني بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم دون قيد أو شرط.
رابط المقابلة مع إياد علاوي: