نتائج البكالوريا في الجزائر والثمن الباهظ… مواقع التواصل الاجتماعي وانحراف الفتيات
بيدر ميديا.."
نتائج البكالوريا في الجزائر والثمن الباهظ… مواقع التواصل الاجتماعي وانحراف الفتيات
عندما يقتل الفرح صاحبه. مثله مثل القلق تماما في بكالوريا الجزائر (2022) التي أرقت الجميع وبقيت تؤرقهم حتى بعد النتائج. وكل شيء في هذه الشهادة التي تعتبر مصيرية، شكل جدلا بين الأسر والأفراد. وعلى التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي.
فبعد انتظار وإشاعات وترقب أفرج عن النتائج مساء أول أمس. والكثيرون علموا بنتائجهم قبل ذلك الوقت بساعة أو أكثر بقليل. وهذا خارج من نجحوا وتفوقوا ممن تلقوا مكالمات هاتفية من وزير التربية شخصيا للتهنئة. هذا من بين أسباب القلق الذي أدى للوفاة.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بنقلها لخبر وفاة تلميذة في مدينة ميلة شرق الجزائر ليلة قبل نتيجة البكالوريا. كما نقلت العديد من الصفحات، فجيعة والدة أحد التلاميذ، الذي تحصل على البكالوريا، لكن توفاه الله في حادث مرور: «رسالة حزينة من أم التلميذ المرحوم «حيوني أنيس» من بسكرة، الذي نجح في شهادة البكالوريا، لكنه توفي في حادث مرور قبل شهر قائلة: «يا أنيس. يا ولدي من قبرك. افرح راك أديت واجبك. ربي يرحمك ولدي».
ونشرت صفحة «بسكرة نيوز» الرسمية على الفيسبوك:» بسكرة: نتيجة المرحوم حيوني أنيس، الذي وافته المنية قبل شهر تقريبا بعد تعرضه لحادث أدى إلى وفاته. «التلميذ حيوني أنيس يدرس في متقنة محمد قروف العالية، في بسكرة نجح في شهادة البكالوريا…الله يرحمه ويجعل مأواه الجنة».
كل الصفحات نشرت صورة التلميذ وبجانبه نتيجة نجاحه. وكذلك الأمر لـ»التلميذ بن يامينة علاء الدين، رحمه الله، من مدينة تيبازة، «تحصل على بكالوريا آداب ولغات بمعدل 15.03. حدثوني عن ألم الفراق الذي يعتصر قلب الأم والأب في هذه الليلة بعد أن كانا ينتظران فرحة فلذة كبدهم بفارغ الصبر». كما جاء في صفحة «جديد التربية التشكيلية الجزائر». وهناك من توفي بعد إعلان النتيجة «فرحا»، بل من تراكم التوتر والضغوطات المختلفة على الممتحنين. مثل الطالب حداق أحمد، شعبة تسيير واقتصاد، الذي وافته المنية بعد يوم من إعلان نتيجة نجاحه، مثله مثل الطالبة أمينة من سوق هراس، التي توفيت «إثر فرحتها بحصولها على شهادة البكالوريا». أكيد القائمة طويلة وحوادث النجاح كثيرة.
وعن الاشاعات والوفيات كتبت «الشروق» مقالا عنونته بـ»الاشاعات أربكت العائلات وتسببت في وفاة المترشحين»، فحسب «الشروق»: «لم يمر الهدوء والسلاسة اللذان عرفتهما شهادة البكالوريا لعام 2022 بسلام، فمع غياب ظاهرة الغش وتسريب المواضيع المترافقين، غالبا مع امتحانات البكالوريا، ومع ترحيب الجميع بنجاح الدورة. تفاجأت العائلات أياما قبل إعلان النتائج بموجة إشاعات كانت «قاتلة» للبعض، فلأول مرة أخذ الجدل أبعادا كبيرة وأحدث جدلا «إلكترونيا» حول موعد إعلان النتائج، أدخل الطلبة في حالة تيهان ورعب». وبعد إعلان النتائج فرح الفائزون ودخل الراسبون في نوبة حزن وحسرة. والمؤسف أن الطلبة الناجحين والراسبين على حد السواء عاشوا أياما سوداء قبل إعلان النتائج، بسبب كم الاشاعات، الذي ظهر في هذه الفترة من أطراف مجهولة». وهناك من تم إبلاغ المترشحين برسوبهم حتى قبل الإعلان عن النتائج». وتضيف «الشروق» « وفي خبر مؤسف، أكدت لنا سيدة من العاصمة، أن قريبتها مترشحة في البكالوريا، توفيت منذ يومين بسكتة قلبية، بعدما أخبرها زملاؤها برسوبها في نيل الشهادة. والغريب أن نتائج البكالوريا لم تظهر وقتها، فمن ينشر مثل هذه الأخبار الكاذبة؟
تتساءل الجريدة. وأرجعت أستاذة علم الاجتماع مونيا بن سالم سبب ذلك في تصريح لـ»الشروق» إلى الرقمنة. وتدفق الكم الهائل من الأخبار. وإتاحتها للجميع. و»الاشكالية في الأخبار المتداولة عبر الأنترنت، إننا لا نكلف أنفسنا عناء البحث عن صحة مصدرها، بل نتقبلها ونصدقها ونتفاعل معها»!؟ وبشأن تضارب المعلومات حول نتائج البكالوريا التي أربكت العائلات، تأسفت المختصة الاجتماعية للموضوع، واستغربت من المواطنين الذين انجروا وراء تلك الأخبار». هذا رغم أن وزارة التربية الوطنية لم تصدر أي خبر عن الموضوع وتبرأت من الصفحات التي تنشر أخبارا كاذبة بشأن موعد إعلان النتائج، الذي روجت له بعض الصفحات بتاريخ 12 الشهر الجاري، وأخرى قالت إنه يوم 14 الشهر، ومهما يكن من أمر المروجين للإشاعات ممن «يعانون من عقد اجتماعية ونفسية. وممن فشلوا في حياتهم الدراسية، حسب المختصة الاجتماعية»، إلا أنه من المفترض أن تعطي الوزارة تاريخا رسميا محددا لا رجعة فيه للإعلان عن النتائج. وكان سيكفي الجميع من الارتباك والإشاعات القاتلة وهوس الفشل والنجاح.
كما شكل الإعلان عن معدل النجاح المخفض من 10 إلى 9.50، تهكما وجدلا، والذي صرح به الوزير ساعات قبيل النتائج. فعلى صفحة «بيوتي الجيريانز»
يمكن قراءة درجة التهكم والسخرية على المعدل الجديد «شعبة جديدة في الجامعة رسميا للمتحصلين على معدل 9.50 . اسم الشعبة: ضياف ربي»! وارفقت التدوينة بصورة، مماثلة لما يكتب على شهادة البكالوريا بالبيانات التالية: المعدل: 9.50، التقدير: نويجح (تصغير ناجح)، الملاحظة: غضتنا نجحناك (أشفقنا عليك فنجحناك)، التخصص: نجحناك وتزيد تتشرط. وهناك من يعتبر الأمر سيان، سواء كان المعدل 9 أو 10، مثل الأستاذ عبد الحق شعلان، الذي من بين ما كتبه على صفحته على فيسبوك: «يجب إعادة النظر في المنظومة التعليمية في الجزائر، بداية من المراحل التعليمية الأولى، بحيث تكون برامج تتوافق مع البيئة الفكرية والسوسيولوجية والنفسية للتلميذ. إن هذا اللغط المثار حول معدل القبول في امتحان البكالوريا، هو مجرد زوبعة في فنجان. ما دمنا لا نتعامل مع التلميذ على أساس أنه مشروع إنسان ورأسمال (يجب) الاستثمار فيه، فإننا نعيش في التخلف (جميعا). إن الكثير ممن لم يتمكنوا من الحصول على البكالوريا – عبر تاريخ البكالوريا في الجزائر- لو تم الاستثمار فيهم كقيمة، لكانوا قدموا للجزائر أكثر مما يقدمه بروفيسور في الجامعة»!
رسالة جامعية حول «انحراف الفتيات» تحدث ضجة
بعد تلك الرسالة التي ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي سخطا على رسالة تقدمت بها طالبتان لنيل شهادة الماستر (وليس الماجستير كما كتبت هذه الصفحات وقتها) بعنوان: «تسول اللاجئات السوريات في المجتمع الجزائري»، دراسة ميدانية لعينة من اللاجئات السوريات في كل من ولاية الجزائر العاصمة وعين الدفلى». منذ عامين أو يزيد. ها هي رسالة حول «مواقع التواصل الاجتماعي وانحراف الفتيات.. التيك توك نموذجا. تثير جدلا». فكتب السيد يونس رحمون على صفحته الرسمية على فيسبوك ما يلي: «ضجت مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك + تويتر» تحديدا بسيل من التعليقات، بسبب صورة من غلاف مذكرة تخرج في العلوم الاجتماعية، تخصص علم اجتماع الانحراف والجريمة، لنيل شهادة الماستر من جامعة «العربي التبسي»، رحمة الله عليه ولاية تبسة، والتي حملت عنوان: «مواقع التواصل الاجتماعي وانحراف الفتيات» التيك توك والواتساب أنموذجا». الصورة من غلاف المذكرة طارت بها الركبان – إن صح التعبير- وانتشرت في مواقع ومنتديات وصفحات في مصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين، وتحولت إلى مادة دسمة للنقاش والجدال والنقد والسخرية والتهكم. الطريف في الموضوع أن المذكرة تم طرحها من طرف طالبتين جامعيتين، يعني من نفس العينة محل الدراسة التي تناولتها المذكرة، وهذا ربما ما سبب هذه الموجة من الانتقادات خاصة من طرف النسويات، أعداء الأنثى! شخصيا (يضيف السيد رحمون) «أحيي الطالبتين على شجاعتهما الأدبية في التطرق إلى هذا الموضوع، الذي زهد فيه البعض، وسخر منه البعض، وزعم آخرون أنه ليس أهلا لأن يدرس أو أن يناقش، أو أن يطرح كمذكرة تخرج. وكأن هؤلاء ومن على شاكلتهم لا يرون الآثار السلبية لهذه المنصات، خاصة منصة «التيك توك» التي تحولت حرفيا إلى مستنقع ضحل لشتى أنواع الرذيلة والفسق، وبابا عظيما للشر يستقطب الفتيات من مختلف الأعمار والمستويات. في ظل غياب الرقابة الأبوية وذهاب الحياء، وانهيار الوازع الديني الاخلاقي»، بينما نجد أن للسيد «صلاح دبوز» رأيا آخر، كما جاء على صفحته، حيث كتب: « هل ممكن أن يكون مستوى الجامعة قد انحدر إلى هذا الحد؟ هذه مذكرة تخرج ماستر؟ هل يمكن طرح موضوع بعنوان (مواقع التواصل الاجتماعي وانحراف الفتات) في تخصص العلوم الاجتماعية وفي المستوى الجامعي؟ ومن أجل نيل شهادة ماستر؟ ويديرولها مشرف ولجنة تناقشها؟ ما هذا؟ اللوم ليس على الطالبتين بكل تأكيد. لكن على المشرف واللجنة بالدرجة الأولى». يبدو أنه، علينا إعادة النظر في كل المنظومة التعليمية والتربوية وفتح نقاش جاد وتقييم حقيقي للإنتاج المعرفي، خارج كل الاعتبارات والصرعات. وأيضا وجوب أن يبقى النقاش العلمي بين أهل الاختصاص، لكن هي ثقافة «التيك توك» ومختلف المنصات التي أصبحت المروج للمعلومات ومصدر التغيرات الاجتماعية والسلوكية والاستهلاكية، فكان الموضوع حتما سيكون أكثر عمقا وفائدة لو تم تناول الظاهرة لدى الجنسين. وحتى يتم حسم الجدل ويبطل التهكم والهجوم»!
كاتبة من الجزائر